سيِّدُ الشهداء، وسيِّدُ شباب أهل الجنة، وثالث أئمة الهدى، وأحد الخمسة أهل الكساء،هو الإمام الحسين(عليه السلام)!
قال النبي(صلى الله عليه واله وسلم):الحسن والحسين ابناي مَن أحبّهما أحبّني،ومَن أحبّني أحَبَّه الله،ومَن أحبَّه الله أدخلَه الجنة،ومَن أبغضهما أبغضني ومَن أبغضني أبغضه الله،ومَن أبغضه الله أدخله النار))مستدرك الصحيحين.
رأى الإمام الحسين(عليه السلام)..كيف يُطارد الناس،ويُجوَّعون، ويُضطهدون،ويُنكّل بهم،لأنهم يخالفون السلطة.
ورأى كيف يُحرَّفُ الإسلام،وتُزوَّر مبادئه القرآنية،في سبيل المآرب السياسية
ورأى حمَلَة التخدير الديني، والكذب على الله ورسوله، ورصدَ عن كثب، محاولة إفساد المجتمع بتشجيع الروح القبلِيَّة، والنزعة العنصريّة.
ولقد أراد الأمويون من الحسين(عليه السلام) أنْ يخضع لهم ! لأنَّ خضوعَه يؤمِّن لهم انقياد الأُمَّة الإسلامية كلّها، ولكن الحسين(عليه السلام) أبى أنْ يخضع.. لأنَّه كان يَعي أعمق الوعي دوره التاريخي،الذي فرضَ عليه أن يثورَ، لتهزّ ثورتُه ضميرَ الأُمَّة، التي اعتادتْ الانحناء، أمام جبروت السلطة الحاكمة.. اعتادتْ ذلك حتى ليُخْشَى ألَّا يُصلحها شيء.
فكان لابُدّ لهذا المجتمع من مثال يهزّه هزًّا عنيفًا،ويضلّ يواليه بإيحاءاته الملتهبة،ليقتلع الثقافة التي خدَّرته،وقعدتْ به عن مصير وضَّاء، وهذا الواقع وضعَ الحسين(عليه السلام) وجهًا لوجه، أمام دوره التاريخي، هذا الدور: الذي يفرض عليه أنْ يثور، وأنْ يعبِّر بثورته عن شعور الملايين، وأن يهزَّ بثورته هذه الملايين نفسها، ويضرب لها المثل والقدوة في الحرب مع الظالمين، وقد كان ذلك وكانت ثورة الإمام الحسين(عليه السلام).
إنَّ مجيئ يزيد بن معاوية إلى الحكم، كان يمثّل قمّة الانحراف، وكان انتصاره يعني انهزام القِيَم، والمُثُل الرائعة، السامية، التي جاء بها الإسلام.
وكان التسليم له بالخلافة، وبقاؤه على رأس السلطة، دون معارضة يعني القضاء على روح الشريعة الإسلامية، وفنائها إلى الأبد.
نهض الإمام الحسين(عليه السلام) ليروي نبتَةَ الإسلام الفتيّْة، التي كادَتْ أنْ تذبلَ وتموت، بدمه الطاهر الزكي، ودماء أهله وأصحابه الأبرار..
نهض(عليه السلام) ليكرِّس مكاسب البشرية الرائعة، في ثورة الإسلام العظيم، فقال(عليه السلام): إني لم أخرج أشِرًا، ولابطرًا،ولامُفسِدًا،ولاظالمًا،وإنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمَّة جدّي،أُريد أنْ آمر بالمعروف،وأنهى عن المنكر.
وفي كربلاء وأمَام الآلاف من جنود يزيد بن معاوية الذين أرسلَهم يزيد بن معاوية لقتل الإمام الحسين(عليه السلام) وقبل بدء المعركة..راح الحسين(عليه السلم) يعظُ القوم، ويرشدُهم إلى مافيه نجاتهم من الهلَكة، فقال لهم:
انسبوني مَنْ أنا..هل يحلّ لكم قتلي؟! وانتهاك حرمتي؟! ألستُ بن بنتِ نبيِّكم؟ أولم يبلغْكم ماقاله رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) لي ولأخي؟: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة؟.. ويحكم أتطلبونني بقتيل لكم قتلتُه؟! أو مال لكم استهلكتُه؟!
وخشيَ قائد جيش يزيد من استمرار الحسين(عليه السلام) بوعظه، وإرشاده، فأصدر أمْره إلى قواد عسكره بالتقدُّم، ثم وضعَ سهمَه في كبد قوسِه، ثم رمى بها نحو معسكر الحسين (عليه السلام)، وقال: اشهدوا لي عند الأمير أني أول مَن رمى!، فأطلق أول سهم وتابعه الرماة..
وقد ظهر في الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته، وأنصاره أجلى مظاهر التضحية، والانتصار على العاطفة؛ فهذا يقدّم ولده ليراه صريْعًا، مُتشحِطًا بدمه في سبيل الله.. وهذا يُقدم أخاه، وهذه تقدم ولدها !..
كان الإمام الحسين(عليه السلام) يقاتل فارسًا فضعف، فقاتل راجلًا قتال الفارس الشجاع، وبعدها ضعف، فجثى على ركبتيه؛ وتكاثروا عليه: ضربًا بالسيوف، وطعْنًا بالرماح، ورَمْيًا بالسهام
فسقط الحسين(عليه السلام) ويده على قائم سيفه!.. وارتفعت الغبرة بعد أن اشتدَّ الزحام وإذا بالحسين قد استُشهِد..
فتقدّم شمر بن ذي الجوشن ،فاحتزّ رأسه !.. ثم وطأوا جسده الشريف بخيولهم حتى رضّوا ضلوعه؛ ومثّلوا به أشنع تمثيل !..
ثم حملوا الرؤوس ومضوا بها؛ على أسنّة الرماح !.. إلى عبيد الله بن زياد ثم إلى يزيد بن معاوية.. وبذلك انتهت جولة للعدل مع الظلم!.. انتهت بأروع استشهاد، وأعظم بطولة ..
وكانت شهادة الإمام الحسين(عليه السلام) أعظم انتصار للثورة، لأنها تغلغلت في الضَمِير الإسلامي، وأحيت الضمائر التي خنقها الإرهاب، لتسقط بعد ذلك بعدّة أعوام دولة بني أميّة..
لأن الحسين(عليه السلام) كشف بشهادته واقع الأمويين، وأنَّ تستّرهم بالإسلام كان خديعة للمسلمين..
وأنَّ ذلك (المقعي)على أنقاض الخلافة لاصلة له برسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) ولانصيب له من الخلافة عنه.
وهكذا اكتشف المسلمون بعد مقتل الإمام الحسين(عليه السلام) زَيْفَ الطريقة التي جرت عليها الخلافة..بعد استشهاد الرسول(صلى الله عليه واله وسلم) لأنها أوصلتْ إلى خلافة يزيد ؟!
وعن عبدالله بن عمروبن العاص،قال: قال النبي(صلى الله عليه واله وسلم): يطلع عليكم من هذا الفجّ رجلٌ يموتُ على غير ملَّتي، قال: فطلع معاوية، فقال النبي(صلى الله عليه واله وسلم) هو هذا!))
رواه البلاذري في أنساب الأشراف،ج١، ص١٢٦،ح١٥١٨، بإسناد صحيح على شرط مسلم، ورواه البلاذري،ج٥ رقم١٩٧٨).
وفي مسائل الإمام أحمد،ح١٨٦٦، ص٤٠٨، وقال دلَّويه: سمعتُ عليَّ بن الجعد يقول: (مات والله معاوية على غير الإسلام) وفي ترجمة (دلَّويه) في سِير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي ،ج١٢
ص١٢٠،: (حدَّثَ عنه البخاري، والترمذي، والنسائي، وقال محمدبن ابراهيم بن أورمة:ليس على بسيط الأرض أحدٌ أوثق من(دلَّويه)).
اترك تعليق