ان المتتبع للنصوص والروايات في كتب الفريقين سيجد أن هناك الكثير من الأحاديث التي تحث على إحياء مظلومية أبي عبداللّه عليه السلام، وذلك بأساليب كثيرة ومتعددة من قبيل البكاء، والحزن، والعزاء، واللطم والزيارة ولبس السواد وغيرها من الشعائر كما سيتضح في بيانات اهل البيت عليهم السلام الدالة على الحزن والبكاء واقامة العزاء على أبي عبدالله الحسين عليه السلام، وهناك عدة نصوص في كتب الفريقين تبين لنا بكاء وحزن النبي وأهل بيته عليهم السلام على مصاب أبي عبداللّه الحسين عليه السلام واليك بعضها :
أولاً : بكاء النبي صلى الله عليه واله وحزنه على ابي عبدالله الحسين عليه السلام
وردت نصوص كثيرة في كتب الفريقين ان النبي صلى الله عليه وال وسلم قد بكى على ابي عبدالله الحسين عليه السلام، وعلى ما يجري عليه من المصاب بل أن هناك نصوص واردة تبين لنا كيف ان النبي صلى الله عليه وال وسلم كان يبكي على ولده الحسين عليه السلام ويقبل مواضع السيوف والرماح والطعون ويخص شفتيه لأنه يعلم انهما ستضربان بقضيب الخيزران ، ففي يوم ولادته عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه واله وسلم الى اسماء بنت عميس وقال لها هات ابني فدفعته اليه بخرقة بيضاء فاذن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى ثم وضعه في حجره وبكى ؟ قالت اسماء فداك ابي وامي مم بكائك؟ قال على ابني هذا – اي على الحسين عليه السلام قالت اسماء انه ولد الساعة؟ قال يا اسماء تقتله الفئة الباغية لا انالهم الله شفاعتي يا اسماء لا تخبري فاطمة بهذا فانها قريبة عهد بولادته، وكذلك حديث ام سلمة لما اعطاها النبي صلى الله عليه واله وسلم تربة الحسين عليه السلام بعد أن جاءه جبرائيل عليه السلام واخبره بان الحسين عليه السلام يقتل في ارض كربلاء واراه تربته ثم اعطاها النبي صلى الله عليه واله وسلملأم سلمة، وقال يا ام سلمة ما ان تنقلب هذه التربة دما فاعلمي ان ولدي الحسين قد قتل فتحول البيت الى بكاء وحزن وعزاء على ابي عبداللّه الحسين عليه السلام، وهذا الحديث وارد في مصادر عديدة في كتب الفريقين مع اختلاف بعض الالفاظ ولكن الواقعة واحدة وهي انقلاب التربة دما يوم مقتل الحسين عليه السلام(1).
ثانياً: بكاء النبي وفاطمة عليهما السلام على مصاب الحسين عليه السلام
روي انه لما اخبر النبي ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين صلوات الله عليهم اجمعين، وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة عليها السلام بكاء شديدا وقالت يا ابتي متى يكون ذلك: قال في زمان خال مني ومنك ومن علي عليه السلام فاشتد بكائها وقالت يا ابى فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم باقامة العزاء له ؟ فقال النبي صلى الله عليه واله وسلم: (يافاطمة! أن نساء امتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجددون العزاء جيلاً بعد جيل في كل سنة، فاذا كان يوم القيامة تشفعين للنساء وانا أشفع للرجال، وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وادخلناه الجنة. يا فاطمة! كل عين باكية يوم القيامة الا عين بكت على مصاب الحسين فانها ضاحكة مسبشرة بنعيم الجنة)(2).
ثالثاً : النبي اشعث اغبر يوم عاشوراء لأجل ولده الحسين عليهم السلام
روى احمد بن حنبل عن إبن عباس، قال: (رأيت النبي صلى الله عليه واله وسلم في المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتتبع فيها شيئاًً ، قال: قلت: يا رسول الله ما هذا قال: دم الحسين، وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم!، قال: عمار فحفظنا ذلك اليوم فوجدناه قتل ذلك اليوم).
رابعا: التراب على راس النبي ولحيته يوم قتل الحسين عليه السلام
وردت هنالك نصوص عن ام سلمة رضي الله عنها أنها رأت النبي صلى الله عليه واله وسلم وعلى رأسه ولحيته التراب لما جرى على ولده الحسين عليه السلان يوم مقتله. روى الاجري وهو من علماء اهل السنة عن سلمة قالت: (دخلت على أم سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم يعني في النوم وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت: ما لك يا رسول اللّه؟، فقال: شهدت قتل الحسين آنفاً).
بكاء اهل البيت واقامة العزاء والرثاء على مصاب أبي عبداللّه عليهم السلام
أولاً : بكاء الامام زين العابدين واقامة العزاء على ابيه الحسين عليهم السلام
روى بن قولوية بسند صحيح الى اسماعيل بن منصور عن بعض اصحابنا قال : (أشرف مولى لعلي بن الحسين عليه السلام وهو في سقيفة له ساجد يبكي، فقال له: مولاي يا علي بن الحسين! اما لحزنك ان ينقضي؟!، فرفع راسه اليه وقال ويلك او ثكلتك امك واللّه لقد شكى يعقوب الى ربه في اقل مما رايت حتى قال: يا اسفي على يوسف انه فقد ابنا واحدا وانا رايت ابي وجماعة واهل بيتي يذبحون حولي ). وكان الامام عليه السلام اذا اخذ اناء يشرب ماء بكى حتى يملأها دما فقيل له في ذلك فقال:( وكيف لا ابكي وقد منع ابي من الماء الذي كان مطلقا للسباع والوحوش )(3)
ثانياً: بكاء الامام الصادق واقامة العزاء والحث على رثاء جده الحسين عليهما السلام
وورد في كامل الزيارات عن ابي هارون المكفوف قال دخلت على أبي عبداللّه فقال لي: انشدني!، فانشدته!. فقال عليه السلام: لا كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره فانشدته:
أمرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكية
قال: فبكى فامسكت انا، فقال: مر!، فمررت، ثم قال: زدني زدني!، قال: فانشدته
يا مريم قومي واندبي مولاك وعلى الحسين فاسعدي ببكاك
قال: فبكى وتهايج النساء: قال فلما سكتن قال لي: ابا هارون من انشد في الحسين فابكى عشرة فله الجنة، ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال: من انشد في الحسين فابكى واحدا فله الجنة ثم قال: من ذكره فبكى فله الجنة .
ثالثاً: بكاء الامام الرضا واقامة العزاء على جده الحسين عليهما السلام
وهناك نصوص اخرى تبين بكاء جميع اهل البيت عليهم السلام واقامتهم للعزاء كما كان يفعل رسول اللّه صلى الله عليه واله وسلم وذلك من قبيل ما كان يقيمه الامام الرضا عليه السلام، وهو يجمع عياله ونسائه ويامر دعبل الخزاعي بأن يرثي الحسين عليه السلام، وانشأ حينها دعبل قصيدته التائية المشهورة التي من خلالها اغمي على الامام الرضا عليه السلام مرتين(4).
الهوامش:-------
(1) راجع مقتل الخوارزمي ج1 ص 87 وذخائر العقبى ص 119، الصواعق المحرقة ص115 ومسند احمد ج3 ص 242
(2) بحار الانوار ج44 ص393
(3) كامل الزيارات 107، المناقب ج3 ص 303.
(4) عيون اخبار الرضا ج2 ص 263
اترك تعليق