كان جسمُ الحسين مقطوعَ الرّأس، ويُعتقد أنّه دُفِنَ من قبل المزارعين بعد ثلاثة أيّام[1] في المنطقة المحيطة، كانتْ كربلاءُ شاهدةً على الكارثة، ممّا جعلها عالميّةً مشهورةً.
وهذا ما ذكره ياقوتُ الحمويّ، كان المكان خالدًا بالفعل[2].
وقد وثّقَتْ زياراتٌ فرديّةٌ إلى قبر الحسين في وقتٍ مبكّر، في سنة 65 للهجرة = 684/685 ميلاديّة زار سليمان بن صُرد[3] مع أتباعه قبر الحُسين، ونظّموا هناك قصائدَ رِثاءٍ، ذكر ذلك الطبريّ، وذكر الحجَّ إلى القبر سنة 122 هجرية.
وسنة 436 هجريّة كذلك، ذكره ابنُ الأثير في التّاريخ[4].
وردَ كذلك تداول قصصٍ عجيبة آنذاك، إذْ ذُكِرَ أنّه دُفن في كربلاء الساجدُ إبراهيمُ [المقرّم][5] المجاب، الأخ الأصغرُ للإمام الثّامن عليّ الرّضا، اسمُه المجاب (مُتلقّي الجواب)؛ إذ أنّه صرخَ في قبر الحُسين: يا أبتِ!، ومن القبر جاءَ الجوابُ: يا ولدي![6].
في العصرِ الأمويّ، وكذلك في العصر العبّاسيّ الأوّل كان الضّـريحُ ذا أهميّة، ويبدو أنّ مصطلح (القبر) ذُكر قليلًا خلال هذه المدّة، وهناك تقارير عن تدمير جميع المباني التي مثّلت بداية العبادة في ظلّ سياسة العداء.
الخليفة المتوكل 232-247 هجرية = 847-871 ميلادية، في سنة 236 هجرية=850/851 ميلادية ـ هكذا يروي الطبريّ ـ "أمر المتوكّل بتدمير قبر الحسين بن عليّ، بما في ذلك المنازل المحيطة به، وأن يُحرثَ موقِعُ قبرهِ، ويُزرع ويُسقى، ويُمنع النّاس من زيارته، كما ذُكر أن عامل (منفذ) قائد الشرطة في المنطقة نادى: من نجدهُ بعد ثلاثة أيّام عند القبر نرميهِ في الزنزانة".
وهرب النّاس، وكانوا خائفينَ من الذّهاب هناك، وحُرث المكانُ، وزُرِعَتْ أرجاؤُهُ[7].
هذا الوصفُ ـ وحسبُ ـ عن الأرض التي حرثتْ، ولا يوجد شيء عن تدمير الضّريح الفعليّ، الذي لم يكن موجودًا آنذاك، وهذا يتوافق مع إهمال قبر علي، كما هو موضح في تقرير الاصطخري، للقرن العاشر الميلادي؛ إذ يشهد أنّ "قبر عليٍّ عليه السلام يقع بالقُرب من الكوفة، وبالنسبة للمكان؛ فالآراء مختلفةٌ؛ فهُناك من يقول إنّه يقع في زاوية فوق باب الجامع في الكوفة أخفي بسببِ الأمويين، ورأيتُ أنا في ذلك المكان متجرًا للأغذية.
وهناك من يقول إنّه دُفن على بعد فرسخين من الكوفة، ويوجد فوقه أقواس، ونُصُبٌ جنائزيّة[8].
البروفيسور يعقوب هو من لفت انتباهي لهذا الموضوع.
إنّ المكان الأوّل الجامع هو على الأرجح حقيقيّ؛ لأنّه لا يوجد سببٌ لماذا تمّ نقلُ الجثّة بعيدًا عن المسجد، وهذا ما يعتقد به الاصطخريُّ وابن حوقل، وهكذا يصبح قبر عليٍّ في النّجف ربّما في المكان الخطأ[9].
ابن حوقل مراجع الاصطخري، الذي يعودُ إلى القرن العاشر الميلاديّ، كتب أوّلًا، كما هي طريقتُه في كتابة تقاريرهِ السّابقة، ويقول: الحمدانيّ أبو الهيجاء عبد الله جعل هذا المكان معروفًا، وبنى عليه قلعة محصّنة (حصن)، وبنى عليه قبرًا عليه قبّة كبيرة، وقاعدته مربّعة، على كلّ جانب لهذا المبنى بوّابة، مُغطاة بستائر رائعة، وأرضيّتها مغطاة بسجّادٍ ثمين (شامان) [10]، ماتَ الأميرُ المذكور سنة 317 هجرية = 929 ميلادية[11]، وذكر أيضًا ابن حوقل في كتابه قبر الحسين، إنّه كان فيه مشهدًا كبيرًا للحجّ المقدّس[12].
بالطّبع يمكن معرفةُ القليل من هذه الكلمة عن المبنى، مثلما يمكن معرفتُهُ من هذا التّقرير، ذكر ابن الأثير في سنة 369 هجرية = 979/980 ميلاديّة، أنّ عضُدَ الدّولة أهمّ ممثل للسّلالة الشيعيّة البويهية التي حكمتْ بغدادَ بالفعل، والذين قاموا برعاية مشهد عليٍّ، والحُسين[13].
ويخبرُنا كاتبُ الأحداث نفسِها أنّه في ربيع الأوّل من سنة 407 هجريّة؛ أي في أوغست[14]، أو سبتمبر سنة 1016 ميلاديّة[15]، أنّ سببَ تدمير المبنى الرّئيس يعودُ إلى سُقوط اثنين من الشموع الكبيرة من القبة في مشهد الحُسين، وفي الرّواق (القاعة المفتوحة)[16].
يبدو أنّ الكارثة كانتْ كبيرةً، ولكنّ الحرمَ المقدّسَ سيتمّ ترميمُه تدريجيًّا؛ إذْ قام السُّلطان السلجوقيّ العظيم ملك شاه، والوزير نظام الملك سنة 479 هجرية= 87/1086 ميلاديّة، بزيارة عدد من الأضرحة المقدّسة في بغداد، وترميمها والحفاظ عليها، أحيانًا كانوا يذهبون في رحلات الصّيد، يصطادون خلالها عددًا منَ الغزلان، وحيوانات أخرى، هذا ما نراهُ في مشهد عليّ، والحُسين، وفق ما ذكرهُ ابنُ الأثير[17].
في عهدِ الإيلخانيين، ولا سيّما غازان (1295-1304) الذي كان يهتمّ بالمقدّسات، وحصل على ما تبقى من امبراطوريّة الخان الكبير التي انتهتْ؛ إذ قام ولاسبابٍ سياسيّة بأسلمة الغزاة المنغوليين[18]، ومن ثَمّ بطبيعة الحال جاء دورُ الإسلام الفارسيّ.
ويزعمُ أنّه رأى في حُلمِه، محمّدًا، وأوّل ثلاثة أئمّة؛ لذلك أسّس أوقافًا للسّادة (دار السّيادة) في أهمّ مدن امبراطوريّته[19].
في سنة 1303هـ زار غازانُ كربلاء، وقدّم الهدايا، والسِّجّاد للضّريح، ورتّب، ونظّم أمورَ السّادةِ الذين عاشوا مع الإمام، وقامَ بتوزيع خبز يكفي لثلاثة الآف رجلٍ يوميًّا لكلِّ من دخلَ المنطقة، وحفر قناة من الفُرات، وزرعَ كلّ ما هو مثمرٌ، كذلك فقد أوعز غازانُ والد اريان (1284-1291) بالعمل على بناء هذه القناة، واليوم هناك حسينيّة، وهو ما آلتْ إليه الأمورُ.
ابنُ بطوطة، الذي زارَ كربلاء سنة 1326 أو 1327، يقول: "إنّها مدينةٌ صغيرة، ذات حدائق نخيلٍ، ومياه الفرات مياهها، ويقع ضريح مقدّس في داخل المدينة، وهنالك مدرسةٌ كبيرةٌ، وتكية مُحترمة (زاوية)؛ إذ يُقدّمُ الطّعامُ للقادمينَ، والمغادرين، وعند بوّابة الضّـريح هناك حرّاسٌ ومشـرفون، من دون إذن لا يمكن لأحدٍ الدُّخول، وعند الدّخول يقبّل الشّخصُ العتبةَ المقدّسة، وهي من الفضّة.
وفوق القبر المقدّس مصابيحُ من الذّهب والفضّة، وعلى الأبواب الأماميّة ستائرُ معلّقة من الحرير.
ثمّ يذكر أنّ المعارضة بين السكّان ألحقتِ الضَّررَ بالمدينة[20].
عاصرَ ابنُ بطّوطة حمد الله القزوينيّ[21] الذي يتحدّثُ عن المدينة التي بُنيتْ حول الضّريح المقدّس، بمسافة يقال 2400 خُطوة، وهذا يعني: أنّه خلال 20 دقيقة يمكن أن يدورَ الشّخص حولَها.
منذُ ظهور الشّيعة من الصّفويين في فارس بدأتْ مدّةٌ جديدةٌ من الازدهار للإمامية؛ إذ قدّم لهم شاه إسماعيل (ت 1523/1524) الرّعاية، وبدأ الحجّ إلى النّجف، وكربلاءَ[22].
وأيضًا بعد وصول الغُزاة العثمانيين إلى مقرّ الخِلافة في بغدادَ سنة (1534)، وهذا لا يعني انتكاسةً؛ إذ بقيَ الحُسينُ عند السنّة يُنظر إليه باحترامٍ، وتبجيلٍ، في يوم 5 ديسمبر من السنة المذكورة (1534) قام السُّلطان سليمانُ القانونيّ بزيارةٍ للأضرحةِ المقدّسة في كربلاءَ، والنّجف[23].
لطفي باشا[24] والخواجه نيجانجي باشا قاموا بعملِ مراكز لمساعدة الفقراء، وقاموا أيضًا بإعادة حفر القناة، وتحوّلت كلُّ الأرض حولها في كربلاء إلى حدائق؛ فقبل ذلك كانتِ انجرافاتُ الرّمال تسبّب المتاعب للحرّاس، والقائمين على الحرم، وساعد سليمان الكبير في أعمال الثقافة، لعرض معجزة الإمام الحسين، من خلال وضع أُسس عميقة لقنوات المياه في كربلاء لتنساب مياه الفرات فيها[25].
في زمنِ المتوكّل كانتِ المياهُ التي تُنقل إلى المناطق المقدّسة في الواقع لا تجد التقدير الحالي لها؛ لأنّه كما ذكر حمد الله القزوينيُّ كانتْ قنواتُها تسير بشكلٍ سيءٍ.
ويبدو أنّ التّدابيرَ التي قام بها سليمانُ للتَّحسين كانتْ في ظلّ هذه الظّروف البدايةُ لما يجبُ القيام به؛ إذْ تذكر مصادر تقارير البناء قيامَهُ بتحسين الأضرحة المقدّسة في بغدادَ نفسها؛ فالمباني في تلك البلدان إذا لم تجد إصلاحات وصيانة، بشكل مستمرٍّ؛ فإنّها لا تدوم في كثير من الأحيان، وهذا يعود أساسًا إلى استعمال الطّين المغطّى بالجِبْس، والذي يستعمل في كلّ مكانٍ بوصفه عاملَ ربطٍ مناسب؛ لسهولة إيجاده في البلد؛ ففي العراق هناك قليل من المطر، ولكن طبعًا ليس من دون مطرٍ، ويحدث الصّقيع بشكلٍ متكّررٍ في فصل الشتاء، وتحت تأثير الطّقس يذوب الجِبسُ تدريجيًّا وتتآكل المباني، ويبدو أنّ بناية قبّة الحُسين كانتْ بحاجةٍ إلى تجديدِها بالكامل في نهاية القرن السّادس عشر الميلاديّ.
يحتفل الشّاعرُ الفارسيُّ مُرتضـى نظمي زاده[26]، ويخبرُنا أنّ السُّلطانَ مرادًا الثّالث (1574-1599م)، يذكر تحت عنوانات أُخرى من نمط خدمة الشّهيد، مثل: باني ضريح قبر الحُسين، ويشبه التّاج عند الله، حتّى أنّ الملائكةَ تسبحُ فيهِ.
نفّذ السُّلطانُ هذا العملَ للتّرحيب بحرارةٍ بوالي بغداد المشهور عليّ باشا ابن الفيندا، القسم الأخير يحتوي على كرونوغرام، وتمَّ الانتهاءُ من البناء سنة 991 هـ = 1583 م، ويبدو أنّ الأجزاء الفرديّة قد أنجزتْ بوقتٍ سابقٍ؛ إذ يشير مصدرُنا التركيّ أنّ حائر المسجد[27] في سنة 974 هـ = 1566 م، ومنارة انكوشت يار (إصبع الله) بُنيت في سنة 982 هـ = 1574/1575م [28].
إنّ وصف ثروات كربلاء المتغيّرة خلال زمن انحطاط القوّة العثمانيّة لا يقع في ضمن خُططِنا، في سنة 1623م، ومن دواعي فرح العالم الشيعيّ، نجاح عبّاس الكبير (1586-1628م) في غزوِ بغداد[29]، وبعد ذلك بمدّةٍ قصيرة دمِجَتْ كربلاءُ، والنّجف في الامبراطوريّة الفارسيّة. ولكن بعد أن كان الأوان قد فات؛ إذ احتُلّتْ من قبل الأتراك مرّة أُخرى، واستعاد مُراد الرّابع بغداد سنة 1638 م، ويبدو أنّ هذا الوقت أصبحَ ملبّدًا بالغُيوم، وطبعًا كانتِ الأماكن المقدّسة تشهد زيارات مشـرّفة من وقتٍ لآخر من باشا بغداد محمّد باشا (1656-1659م)، ويذكر (هوارت) أنّ المنارات الاثنين الموجودة في بناء عليّ تمّ إضافتُها آنذاك، ومع ذلك فإنّ عددَ الحجّاج الفارسيين، مثلما ذكر (دابير)، انخفض بشكلٍ كبيرٍ منذُ رُجوع الفتح التُّركيّ؛ إذ كان كلُّ حاجّ في بغداد يدفع 8 دراهم للملك الفارسي شاه عبّاس[30] من غير تردُّدٍ، وفعل هذا لأنّه لم يرغبْ في الاعتراف في أنّ رعاياهُ يجب أن يدفعوا الجزيةَ إلى الأتراك، وحاول أن يثنيَهمْ عن هذا الحجّ، من خلال رحلةِ حجٍّ أُخرى، ونقله إلى مشهد[31]، في طريق قلعة توريشن إلى قندهار، وبالمثل، لم يسمحْ خلفاؤه الامبراطوريون لرعاياهم بزيارة إمامِهم عليّ بسُهولةٍ، وكان يجب أن يدفعوا للباب العالي أكثر من القيمة العاديّة، ولهذا السبب فإنّه اليوم مزيّنٌ بشكلٍ سيءٍ للغاية؛ لأنّ قليلًا جدًّا من الحجّاج الفرس يسافرون إلى هناك.
في سنة 1743م ظهر الفاتح العظيم نادر شاه (1730-1747م) في كربلاء، وجلبَ معه الكنوزَ التي جمعها من قصور المغول في دلهي وأغرا[32] سنة (1738م)، من أجل خدمة الأئمّة، وزيّنتْ قبّةُ عليٍّ بالذّهب والمجوهرات.
ولكن أيضًا أظهر الحاكمُ نفسه الذي أصبح أكثر؛ فأكثر استبدادًا وعداءً للشّيعة من جانب آخر، يذكر ذلك (بولاك، ج 1، ص 327)، وتمّ نقلُ بعض المؤسّسات من أجل قدسيّة كربلاء.
في عهد نادر شاه ازدهرتِ المدينةُ، والضّريح المقدّس ازدهارًا كبيرًا كسابق عهدها، بل حتّى أكثر منه، ويذكرُ عبد الكريم أحد أتباعه وهو حاجٌّ من مكّة خلال زيارته لكربلاء سنة 1740م، أنّها كانتْ مكتظّةً بالسكّان جدًّا، ليس لأنّها مكانٌ للحجّ، وحسب، ولكن كثيرٌ من النّاسِ في بلاد فارس هاجرُوا إليها، للتخلُّص من الحُروب الدّاميةِ.
قامتْ رضيّةُ سلطان بيكوم، ابنة شاه حسين (1694-1722م) بالتبرُّع بمبلغ 20.000 عشـرين ألف روبيّة من أجل القِيام بإصلاح مسجد الحُسين.
وظلّ الإمامُ في المدّة التّالية يعيشُ حالةً من الاستقرار السّلميّ، إلى أن جاءَتِ الكارثةُ في سنة 1801م، وفي صباح الأوّل من أبريل من هذه السنة، وذهاب عدد كبير من الحجّاج من كربلاء إلى النجف للاحتفال[33]، جاء تقريبًا 12.000 اثنى عشر ألفًا من البدو من مذهب الوهّابيّة المعادية لتقديس الأولياء تحت إمرة شيخهم سُعود، وحدثتْ مناوشات بينهم، وبين أهل المدينة، ووضعوا جذوعَ النّخل على الجُدران وتسلّقوها، ويُقال إنّه قُتل في المدينة وحدَها أكثر من 3000 ثلاثة الآف شخصٍ، ونهبتِ البيوتُ والمحلّات.
الذي يهمُّنا هنا السّؤال، ما الضـرر الذي ألحقه الغُزاة المتعصّبون بالحرَمِ نفسِه؟.
في رأينا أنّ (د. كروث) ذهبَ بعيدًا جدًّا في قوله إنّ الوهابيين دمّروها تمامًا، " إنّ عمرَ المبنى اليوم لا يزيد عن 100 سنة"، ومع ذلك هناك رأيٌ (بوركهاردت، ص 452/453)، من أنّ قبة قبر الحُسين دمِّرتْ، وبحسب (كورانسيز، ص 28) هُدمتِ المنارات أيضًا.
ولكن إذا كان العربُ، كما يقول (منكين، ج 2، ص 524)، قد مكثوا في المدينة مدة 8 ساعات فقط، فهذا وقتٌ قصيرٌ جدًّا لتدميرٍ شاملٍ للمبنى، ووفقًا لـ (بوركهاردت، ص 483)، إنّ مدّة النّهب استغرقتْ 5-6 أيّام، ويبدو أنّ البدوَ قاموا بتدمير القُبّة عندما شاهدوا ألواحًا نُحاسيّة مطليّة بالذّهب؛ فظنّوا أنّها من الذّهب؛ فقاموا بخلعِها وتمزيقِها، قارنْ أيضًا (منكين، ج 2، ص 523).
دمِّرَ ضريحُ القبر المقدّس، ويقال، كانتْ عظامُ الحُسين متناثرةً في جميع الاتّجاهات، وهذا من الذّكريات[34] السّيّئة عند الشّيعة[35].
عندما بحثَ اللصوص عن كنز الضّريح، توسّل الحارسُ الذي كان يرتجفُ خوفًا، وعرض عليهم من أجل الإبقاء على حياته إظهار مكان الكنز الخفيّ لهم، وضربه بدويٌّ متعطّشٌ للدّماء برُمحٍ، وهكذا بقِيَ الكنزُ غير مكتشفٍ؛ في ما بعدُ نُقِلَ إلى بغداد، لمنع تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبلِ.
أمّا الهدايا القيّمةُ، والمجوهرات التي كانتْ مُعلّقةً حول الضّـريح؛ فقد أخذها الوهّابيّون؛ إذ عُثر في ما بعد على عشرين حامل ذهبٍ، وسيوف مرصّعة بالأحجار الكريمة، والفضّة، ولؤلؤة كبيرة جدًّا مثل بيض الحمام كانتْ معلّقةً على الضّريح، أصبحتْ في حوزة آل سُعود، فضلًا عن ذلك هناك الأسلحة، والصُّحون، والمصابيح، وأشياء أخرى من الذّهب الخالص، والفضّة كلّها سُرِقَتْ، وسِجّاد مرصّع باللؤلو كان يغطي قبرَ الحُسين، التي كانتْ منَ الهدايا النّادرة.
كذلك كان السُّوقُ فريسةً، وفيرةً للنَّهب؛ إذ يُقال إنّه تمّتْ سرقةُ 4000 وشاح كشميريّ، وكمياتٌ لا تعدُّ، ولا تُحصـى من القِماش الهنديّ، و2000 قطعة سيف، و2500 بندقيّة، وعدد من العبيد الزُّنوج والعبّاسيين، ومبالغ كبيرة منَ المال، والذّهب، واللؤلؤ، والمجوهرات، والفضّة.
وقدِ انتشـرتْ صرخةٌ من الرُّعب في العالم الشيعيّ، وطلبَ شاه فارس من سُعود أن يُعيدَ الكُنوز المسروقة، وفي الوقت نفسِه هدّد الوهّابيّون بالحربِ، وأعلن سعودٌ أنّ الغنائِمَ وزعّتْ بين البدو، ولا يمكنُ استرجاعُها؛ ولهذا فإنّ كنزَ الحُسين بقِيَ مفقُودًا.
كما يبدو أنّ عمليّات النّهب هذهِ حفّزتِ الرّغبةَ في أن تكونَ أكثر استعدادًا للتّضحية، وجِراحُ الوهابيين ستلتئِمُ بهُدوء.
يقول ساوثكيت في زمانه "أمير هندي اعتنق الإسلام، وقام باسترداد ستار ثمين كان يغطّي قبر الحسين نهبهُ الوهابيون".
وبهذه الكلمات أعاد الغطاء الثمين، وألبسه قبرَ الحُسين، "إنه لشرفٌ كبيرٌ لي تغطيةُ قبر الحُسين في كربلاء.
كان يتألّف من قِماشٍ مغطّى بالزمرّد، ومثبّتُ من قبل أربعة أعمدة من الذّهب الخالص مع مجموعة من الماس، وبين الأعمدة أقواس معلّقة بقلائد من اللؤلؤ، تقدر قيمتها بـ 21.500 ألف جُنيه استرلينيّ".
وبعد كارثة الوهّابيّة في منتصف القرن 19 حدثت اضطراباتٌ عدّة، نتيجة نزاع القبائل البدويّة المحيطة بالمنطقة، وبسبب عناصر مشكوكٍ فيها اتّخذتْ من ضريح الحُسين ملجأً، بعد أنِ احتلَّ الفُرسُ المدينة مؤقّتًا، في سنة 1843م استعمل نجيب باشا[36] العنفَ المسلّحَ ضدّ المتمرّدين في المدينة من أجل أن يتمّ إجبارُ المتمرّدين الموجودين في ملجأِ الإمام على الاعتراف بالسّيادة التُّركية، كما هو الحال في الفتوحات السّابقة، هذه المرّة أيضًا كان هناك سكنٌ قليلٌ في المدينة.
ويرى (لوفتوس) آثار اضمحلال واضحة على الضّريح المقدّس مرّة أُخرى.
ويذكر (كروثه) أنّ البوّابة الغربيّة كانتْ تبرّعًا من قِبَلِ السُّلطان عبد الحميد الثّاني*.
الهوامش:----------------------------------------------
[1] لأنّ تاريخ الخلفاء يذكر ان أخاه الحسن دُفن في بقيع الغرقد، مقبرة المدينة، قارن: ابن جبير. ويقال ان رأس الحسين محفوظ في مسجد الحسنين في القاهرة. (المؤلف)
[2] الاسم، ليس له معنى ايتمولوجي واضح عند العرب، يكون في الآرامية: karbela (دانيال 3: 21)، بمعنى: اتصال، علاقة، وفي الآشورية: karbellatum ، بمعنى: نوع من أغطية الرأس. (المؤلف).
وقد اختلف اللّغويون والمؤرّخون والجغرافيون في أصل كلمة كربلاء وفي اشتقاقها وفي معناها، فمنهم من ارجعها الى اصل عربي، وانها تعني: 1ـ كربلة: رخاوة في القدمين، يقال: جاء يمشي مكربلاً. فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة، فسميت كربلاء. 2ـ يقال كربلت الحنطة: إذا هذّبتها ونقّيتها. فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل، فسميت بذلك. 3ـ الكربل: اسم ورد أحمر ، قد نبت في هذه الأرض، فسميت الأرض باسم كربلاء. 4ـ قيل إن إسمها مأخوذ من كرب وبلاء، لأنها من أول ما خلقت هذه الأرض كانت مكاناً للبلاء والهول والإضطراب.5. كرب: بمعنى (القرب) فقد قالت العرب: (كرب يكرب كروباً أي دنا)، وكل شيء دنا فقد كرب، وقد كرب ان يكون وكرب يكون وكربت الشمس للمغيب: دنت. وهي قريبة من كرب في اللغة الاكدية البابلية.
والقسم الآخر ارجع اسم (كربلاء) الى لغات أخرى، مثل: 1. الاكدية، وهي فيها مركبة من كلمتين : (كرب) بمعنى حَرَم ، و(إيلا) بمعنى ألإله، أي أنها (حرم ألإله). او انها مكونة من كلمتين: (كور) بمعنى: قرى، و(بابل) ويكون المعنى: قرى بابلية. 2. آرامية، وهي فيها مركبة من كلمتين (كرب) بمعنى معبد أو مصلى أو حرم و(إيلو) بمعنى إله، فيكون معناها (حرم الله) أو (مقدس الإله). 3. فارسية، وهي فيها مركبة من كلمتين (كار بالا) ومعناه: الفعل العلوي.
ونذهب في اصل تسمية كربلاء الى الرأي القائل انها من اصول سامية، سواء كانت (اكدية او آرامية). للمزيد حول اصل تسمية كربلاء، ينظر: الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1979 م، ج4، ص445-446؛ الكرملي، انستاس ماري. باب المشارفة والانتقاد، 30 مختصر نهضة الحسين، مجلة لغة العرب، المجلد 5، 1927م، ص 177-178؛ جواد، مصطفى. كربلاء قديماً، ضمن موسوعة العتبات المقدسة، جعفر الخليلي، دار الاعلمي للمطبوعات، بيروت 1407 هـ، 8/ 9-17. (المترجم).
[3] سليمان بن صُرَد بن جون الخُزاعي، وُلد في مكة المكرمة، ولم تتحدث المصادر التي ترجمت له عن تاريخ ولادته شيئاً، وقد ورد أنه استشهد سنة 65 للهجرة عن عمر ناهز 93 عاماً، وهو صحابي من سادات العرب ووجهاء الشيعة في الكوفة وكان من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام وولديه الحسن والحسين عليهما السلام. شارك في بعض المعارك التي خاضها أمير المؤمنين عليه السلام إبّان خلافته، وقاد ثورة التوابين المطالبين بثأر الإمام الحسين عليه السلام سنة 65 هـ في منطقة عين الوردة في سوريا. وكان سليمان فيمن كتب الى الحسين بن علي عليه السلام أن يقدم الكوفة فلما قدمها أمسك عنه ولم يقاتل معه. للمزيد ينظر: ابن الأثير، علي بن محمد، الكامل في التاريخ، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت، الناشر: دار الكتاب العربي، ط 1، 1417 هـ - 1997 م، 3/ 262. (المترجم)
[4] . في كتابه (الكامل في التاريخ) وهو المعروف بابن الأثير الجزريّ توفي 630هـ ـ 1233م.(المراجع).
[5] . كذا ورد، والسيد إبراهيم المجاب ليس جدّ السادة آل المقرّم، نعم هو سيّد موسويّ.(المراجع).
[6] إبراهيم بن محمد العابد بن الإمام الكاظم (ع). ويُكنى: المجاب، والكوفي الضرير، وُلد في المدينة المنورة في القرن الثالث الهجري، هاجر بعد موت المتوكل العباسي من الكوفة إلى كربلاء، فهو أوّل من سكن الحائر الحسيني من الأشراف، وسمّي بالمجاب لأنّ الإمام الحسين (ع) أجاب سلامه، ويقع مرقده الشريف في الزاوية الشمالية الغربية من الرواق المعروف باسمه في الروضة الحسينية، وكانت قرية المجاب حتى سنة 1217 هـ في الصحن الشريف وعندما ألحقت بالروضة الطاهرة الأروقة الثلاثة الشرقي والغربي والقسم الشمالي أصبح عندئذ ضريحه في الرواق الغربي حيث الشمال كما هو عليه اليوم. للمزيد ينظر: آل طعمة، سلمان، تراث كربلاء، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 2، 1983 م، ص 106؛ الأعلمي، محمد حسين، دائرة المعارف الشيعية العامة، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1993 م، 2/ 135-136.
ويبدو ان المؤلف -مثل بعض المؤلفين العرب- قد خلط بين السيّد المُجاب وبين إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى بن جعفر (ع)، ولعل السبب في هذا التوهّم يعزو لتطابق اسميهما، وانتسابهما إلى الإمام موسى بن جعفر (ع)، وتقارب صفاتهما، وقيل أنّ كلا منهما لُقّب بالمُجاب. للمزيد ينظر: الامين، السيد محسن. اعيان الشيعة، تحقيق واخراج: حسن الامين، دار التعارف للمبطوعات، بيروت (د.ت)، 2/ 230. (المترجم)
[7] ذكر الطبري في تاريخه، ضمن احداث سنة ست وثلاثين ومائتين، خبر هدم قبر الحسين بن علي، فيقول: "وفيها أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره، وأن يمنع الناس من إتيانه، فذكر أن عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى المطبق، فهرب الناس، وامتنعوا من المصير إليه، وحرث ذلك الموضع، وزرع ما حواليه". ينظر: الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب (ت 310 هـ). تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، ط 2، دار التراث ، بيروت 1387 هـ، 9/ 185. (المترجم)
[8] جاء في كتاب المسالك والممالك للاصطخري، "وقريب من الكوفة قبر علىّ عليه السلام وقد اختلف فى مكانه فقيل انّه فى زاوية على باب جامع الكوفة اخفي من اجل بنى اميّة ورايت فى هذا الموضع دكّان علّاف ومنهم من زعم انّه من الكوفة على فرسخين وعليه قنطرة وآثار المقابر"، ينظر: الاصطخري، أبو اسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي المعروف بالكرخي (ت 346هـ). المسالك والممالك، دار صادر، بيروت 2004 م، ص 82-83. (المترجم)
[9] [ان النجف مكان دفن مقدس قبل الاسلام، ومما يؤكد هذه الحقيقة، يذكر ابن بطوطة (1، ص 416)، ان قبري آدم ونوح هناك. وفي المكان نفسه يتحدث (1، ص 415) عن القبر، "هناك من يدعي انه قبر علي"، وهو ما يبدو متشككاً بعض الشيء. يعقوب]. (المؤلف)
جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : لما قُتل الإمام علي (ع) قصد بنوه أن يخفوا قبرَه بوصية منه ، خوفاً من بني أميّة والمنافقين والخوارج أن يُحْدِثوا في قبره حدثاً .فأوهموا الناس في موضع قبره تلك الليلة – ليلة دفنه (ع) – إيهامات مختلفة .فشدّوا على جملٍ تابوتاً موثقاً بالحبال ، يفوح منه روائح الكافور وأخرجوه من الكوفة في سواد الليل بصحبة ثقاتهم ، يوهمون أنهم يحملونه إلى المدينة فيدفنونه عند فاطمة (ع) .وأخرجوا بغْلاً وعليه جنازة مغَطَّاة ، يوهمون أنهم يدفنونه بالحيرة ، وحفروا حفائر عدَّة ، منها في رحبة مسجد الكوفة .ومنها برحبة قصر الإمارة ، ومنها في حجرة في دور آل جعدة بن هبيرة المخزومي ، ومنها في أصل دار عبد الله بن يزيد القسري ، بحذاء باب الورَّاقين ، مما يلي قبلة المسجد .ومنها في الكناسة – محلَّة بالكوفة – ومنها في الثويَّة – موضع قريب من الكوفة – فعمي على الناس موضع قبره .ولم يعلم دفنه على الحقيقة إلا بَنُوه والخواص المخلصون من أصحابه ، فإنهم خرجوا بالإمام (ع) وقت السَحَر ، في الليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان ، فدفنوا الإمام (ع) في مدينة النجف الأشرف ، بالموقع المعروف بالغري .وذلك بوصاية منه (ع) إليهم في ذلك ، وعهد كان عهد به إليهم ، وعمي موضع قبره على الناس .للمزيد ينظر: ابن أبي الحديد. شرح نهج البلاغة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه، منشورات مكتبة اية الله العظمى المرعشي، قم 1404 هـ، 4/ 81-82.
والشيعة متَّفقون خَلَفاً عن سَلَف ، نقلاً عن أئمتهم أبناء الإمام علي (ع) ، أنه قد دُفِن في الغري ، في الموضع المعروف الآن في مدينة النجف الأشرف ، ووافَقَهُم المحققون من علماء سائر المسلمين ، والأخبار فيه متواترة .أما قول أبو نعيم الإصبهاني : إن الذي على النجف إنما هو قبر المغيرة بن شعبة ، فغير صحيح ، لأن المغيرة بن شعبة لم يُعرف له قبر ، وقيل أنه مات بالشام. وتتفق معظم الروايات على ان قبري انبياء الله (آدم ونوح) (ع) في المكان نفسه لقبر الامام علي (ع)، وجاء في زيارة امين الله :السلام عليك وعلى ضجيعيك ادم ونوح وعلى جاريك هود وصالح. (المترجم)
[10] ذكر ابن حوقل فيما يتعلق بقبر الامام علي (ع)، " ذكر ابن حوقل فيما يتعلق بقبر الامام علي (ع)، " وبالكوفة قبر أمير المؤمنين علىّ صلوات الله عليه ويقال أنّه بموضع يلى زاوية جامعها وأخفى من أجل بنى أميّة خوفا عليه وفى هذا الموضع دكّان علّاف ويزعم أكثر ولده أنّ قبره بالمكان الذي ظهر فيه قبره على فرسخين من الكوفة وقد شهّر أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان هذا المكان وجعل عليه حصارا منيعا وابتنى على القبر قبّة عظيمة مرتفعة الأركان من كلّ جانب لها أبواب وسترها بفاخر الستور وفرشها بثمين الحصر السامان". ينظر: ابن حوقل، أبو القاسم محمد البغدادي الموصلي (ت بعد 367هـ). صورة الأرض، دار صادر، أفست ليدن، بيروت 1938 م، 1/ 240. (المترجم)
[11] الأمير أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي العدوي والد سيف الدولة وناصر الدولة وهو أول من ولي الموصل من بني حمدان وباقي نسبه مر في ابن أخيه أبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون قتل ببغداد سنة 317 هـ. ينظر: الامين. اعيان الشيعة، 8/ 51. (المترجم)
[12] ذكر ابن حوقل فيما يتعلق بقبر الامام الحسين (ع)، " وكربلا من غربىّ الفرات فيما يحاذى قصر ابن هبيرة وبها قبر الحسين بن علىّ صلوات الله عليهما وله مشهد عظيم وخطب فى أوقات من السنة بزيارته وقصده جسيم". ينظر: ابن حوقل. صورة الأرض، 1/ 243. (المترجم)
[13] ذكر الطبري في تاريخه، ضمن احداث سنة تسع وستين وثلاثمائة، " في هَذِهِ السَّنَةِ شَرَعَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ فِي عِمَارَةِ بَغْدَاذَ، وَكَانَتْ قَدْ خَرِبَتْ بِتَوَالِي الْفِتَنِ فِيهَا، وَعَمَّرَ مَسَاجِدَهَا وَأَسْوَاقَهَا، ...، وَأَطْلَقَ الصِّلَاتِ لِأَهْلِ الْبُيُوتَاتِ وَالشَّرَفِ، وَالضُّعَفَاءِ الْمُجَاوِرِينَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ بِمَشْهَدَيْ عَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ". الطبري. تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، 7/ 370. (المترجم)
[14] . يعني به شهر آب، وسيبتمبر يعني به أيلول(المراجع).
[15] كذلك يمكنك رؤيتها اليوم في المساجد، ابن جبير يذكرها ايضاً في مجسد حسنين في القاهرة. (المؤلف)
[16] ذكر الطبري في تاريخه، ضمن احداث سنة سبع واربعمائة، ذكر عدة حوادث، " فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، احْتَرَقَتْ قُبَّةُ مَشْهَدِ الْحُسَيْنِ وَالْأَرْوِقَةِ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّهُمْ أَشْعَلُوا شَمْعَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ، فَسَقَطَتَا فِي اللَّيْلِ عَلَى التَّأْزِيرِ، فَاحْتَرَقَ، وَتَعَدَّتِ النَّارُ". الطبري. تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوكـ، 7/ 640. (المترجم)
[17] ذكر الطبري في تاريخه، ضمن احداث سنة تسع وسبعين واربعمائة، " وَزَارَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ وَنِظَامُ الْمُلْكِ مَشْهَدَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَقَبْرَ مَعْرُوفٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَغَيْرِهَا مِنَ الْقُبُورِ الْمَعْرُوفَةِ، ...، وَمَضَى السُّلْطَانُ وَنِظَامُ الْمُلْكِ إِلَى الصَّيْدِ فِي الْبَرِّيَّةِ، فَزَارَا الْمَشْهَدَيْنِ: مَشْهَدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ، وَمَشْهَدَ الْحُسَيْنِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ الْبَرَّ، فَاصْطَادَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْغِزْلَانِ وَغَيْرِهَا". الطبري. تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوكـ، 8/ 311. (المترجم)
[18] محمود غازان أو قازان بن أرغون خان بن أباقاخان بن هولاکوخان (5 نوفمبر 1271 - 703هـ/11 مايو 1304) خان التتار كان سابع حكام الإلخانية وهي الجزء الإيراني من الإمبراطورية المنغولية من 1295 حتى 1304. غيّر قازان ديانة بلاد فارس المنغولية (أي الإلخانية) إلى الإسلام. للمزيد ينظر: السيوطي؛ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد (ت 911 هـ). تاريخ الخلفاء، تحقيق: محمد ابو الفضل ابراهيم، بيروت 1988، ص 766. (المترجم).
[19] احفاد الحسين والحسن، يُشار اليهم اخيراً باسم (الشريف). (المؤلف).
[20] اشار ابن بطوطة الى زيارته مدينة كربلاء، فقال: "ثمّ سافرنا منها إلى مدينة كربلاء مشهد الحسين بن عليّ عليهما السلام وهي مدينة صغيرة تحفّها حدائق النخل ويسقيها ماء الفرات. والروضة المقدّسة داخلها، وعليها مدرسة عظيمة، وزاوية كريمة، فيها الطعام للوارد والصادر، وعلى باب الروضة الحجّاب والقومة لا يدخل أحد إلّا عن إذنهم فيقبّل العتبة الشريفة وهي من الفضّة وعلى الضريح المقدّس قناديل الذهب والفضّة وعلى الأبواب أستار الحرير وأهل هذه المدينة طائفتان: أولاد رخيك وأولاد فايز، وبينهما القتال أبدا، وهم جميعا إماميّة يرجعون إلى أب واحد ولأجل فتنهم تخرّبت هذه المدينة". ينظر: ابن بطوطة، ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي(ت 779هـ). رحلة ابن بطوطة (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، أكاديمية المملكة المغربية، الرباط 1417، 2/ 57. (المترجم)
[21] حمد الله بن آتابك، وقيل أبو بكر بن حمد بن نصر القزويني المستوفي ، وقيل اسمه أحمد ولقبه حمد الله (682 - 750 هـ / 1281 - 1349 م)، هو جغرافي ورحالة وموسوعي وأديب فارسي. له كتاب (نزهة القلوب) باللغة الفارسية، اخرجه وصححه: كاي ليستر، وطبع في ايران 1362 هـ. (المترجم)
[22] شاه اسماعيل، هو أبو المظفر شاه إسماعيل بن حيدر بن الجنيد الصفوي (25 رجب 892 هـ/17 يوليو 1487م - 18 رجب 930 هـ= 23 مايو 1524م) مؤسس الدولة الصفوية في إيران، وشاه إيران (1501 - 1524). بعد أن تم للشاه إسماعيل الصفوي تأسيس الدولة الصفوية في إيران أرسل جيشاً كبيراً بقيادة لاله حسين للسيطرة على بغداد. وبعد أن تم له ذلك سنة 914هـ (1508م) وقضى على دولة الخروف الأبيض (آق قويونلي) أصبح العراق تابعاً للدولة الصفوية. وفي السنة نفسها قدم الشاه إسماعيل الصفوي بغداد. وفي اليوم الثاني من مجيئه قام بزيارة كربلاء ، فأولى المراقد المقدسة في هذه المدينة جل أهتمامه ورعايته. فأنعم على مجاوري الروضة الحسينية بالمال والهدايا. وكانت السنين التي حكم بها الشاه إسماعيل الصفوي العراق سنين أزدهار وهدوء وخاصة المدن المقدسة. (المترجم)
[23] جاء في المصادر التاريخة ، ان السلطان سليمان القانوني دخل في عام ١٥٣٤ م مدينة بغداد مركز الخلافة العباسية باحتفال كبير، وأقام القانوني في بغداد أربعة أشهر ، وأول ما عمله السلطان بعد فتح بغداد هو زيارة قبر الإمام أبي حنيفة مؤسس المذهب الحنفي ، وأمر بإعادة بناء القبر الذي خربه الصفويون وبناء جامع كبير بجواره ، ثم زار بعد ذلك قبري الإمام موسى الكاظم وعبد القادر الجيلاني وأمر بترميمهما وعمل قباب لهما ، وفي نفس العام ذهب السلطان القانوني إلى النجف وكربلاء وزار مقامات أهل البيت ، وأمر بترميمهما. (المترجم)
[24] حمد الله بن آتابك، وقيل أبو بكر بن حمد بن نصر القزويني المستوفي ، وقيل اسمه أحمد ولقبه حمد الله (682 - 750 هـ / 1281 - 1349 م)، هو جغرافي ورحالة وموسوعي وأديب فارسي. له كتاب (نزهة القلوب) باللغة الفارسية، اخرجه وصححه: كاي ليستر، وطبع في ايران 1362 هـ. (المترجم)
[25] لطفي باشا بن عبد المعين الألباني (1488- 1564 م) فاضل من وزراء الدولة العثمانية. كان زوج شاه سلطان أخت السلطان سليمان القانوني، وأنجب منها ابنته الوحيدة أسمهان.حمل الصدارة العظمى من 13 يوليو 1539 إلى أبريل1541. (المترجم).
[26] مرتضى نظمي زاده أو مرتضى السيد علي نظمي البغدادي ثم الرومي، الاديب المؤرخ الحنفي، مترجم وشاعر ماهر، من أصل تركي، وهو ابن الشاعر نظمي زاده البغدادي، وشقيق الكاتب حسين أفندي، ولد في بغداد وتوفي في الاستانة 1136ه/ 1723م، له مؤلفات تاريخية مهمة. وقد هاجر والده من بغداد مع أغلب الأتراك حينما استولى عليها الشاه عباس الصفوي سنة 1623م، وقد عاد إليها فيما بعد، عندما أُستردت من قبل السلطان العثماني مراد الرابع عام 1638م. للمزيد ينظر: الكرملي، انتساس ماري. مجلة لغة العرب، القلم حاجية، العدد 71، ج 7، ص 521-523. (المترجم)
[27] في المصادر القديمة يتكرر تسمية ضريح الحسين بالحائر، والذي يدل على ارض رطبة. (المؤلف).
جاء في معجمات العربية، تحت الجذر (ح ي ر)، ان " الحائرُ: مُجْتَمع المَاء، وَقيل هُوَ حَوْض يسيب إِلَيْهِ مسيل المَاء من الأمطار، وَقيل: الحائر الْمَكَان المطمئن يجْتَمع فِيهِ المَاء فيتحير لَا يخرج مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو حنيفةَ: من مُطمئنَّات الأَرْض الحائرُ، وَهُوَ المكانُ المطمئنُّ الْمُرْتَفع". ينظر: ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل المرسي (ت 458هـ). المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت 1421 هـ - 2000 م، 3/ 435.
ويطلق اسم (الحائر الحسيني) على مرقد الإمام الحسين (ع) في كربلاء وما حوله. وأُطلق هذا المصطلح لأول مرة في أحادیث الإمام الصادق (ع). وورد في الروايات أن للمسافر أن یتمّ صلاته في الحائر ولا يقصّرها. وأقلّ مساحة للحائر هي دائرة قطرها 22 متراً. للمزيد ينظر: الكليدار، عبد الجواد، تاريخ كربلاء وحائر الحسين (ع)،النجف، د.ن، أوفيست، قم، 1376 هـ، ص 51-52، 58-60. (المترجم)
[28] منارة انكوشت يار: هي التسمية القديمة لمنارة العبد، من المآذن الجميلة المميزة التي كانت تزين الحائر الحسيني الشريف، كان موقعها في الزاوية الشمالية الشرقية من الصحن الحسيني الشريف، على اليمين الداخل من باب الشهداء، وتعني: إصبع التابع المحب، ويعود تاريخ منارة العبد إلى سنة 767ه عندما بناها الخواجة مرجان.
ويبدو ان المؤلف قد جانب الصواب في هذا الموضع مرتين، الاولى، فذكر ان معنى الاسم القديم لهذه المنارة هو: (Finger Gottes): اصبع الله، في حين انها وردت في المصادر العربية بمعنى: منارة التابع المحب، والثانية: ذكر ان تاريخ بناء هذه المنارة هو (982 هـ)، في حين ان معظم المصادر تتفق على تاريخ (767 هـ). (المترجم).
[29] الشاه عباس الكبير (978 - 1037 هـ / 1571 - 1628 م)، يعرف بالشاه (عباس الأول) وهو ابن الشاه محمد خُدابَنْده Khudábanda ابن الشاه (طُهْماسِب الأول) ابن الشاه (إسماعيل الأول) الصفوي، مؤسس الدولة الصفوية، قرر اجتياح مدينة بغداد، فألقى عليها الحصار ثم دخلها، وكان ذلك في سنة 1033هـ/1624م ليستمر الحكم الصفوي لبغداد إلى سنة 1048هـ/1638م؛ أي إلى بعد موت الشاه عباس الأول بعقد من الزمان، وذلك حينما استطاع السلطان مراد الرابع 1022 -1050هـ/1623 -1640م أن يردها إلى جسم السلطنة العثمانية. (المترجم)
[30] طبعاً اعني عباس الثاني (1641-1666م). (المؤلف)
[31] اعني هو الامام علي الرضا في طوس القديمة. (المؤلف)
[32] . Agra تقع جنوب العاصمة دلهي. (المراجع).
[33] . للاحتفال في يوم الغدير، راجع بحثي المنشور في مجلة تراث النجف، العدد الأول وهو بعنوان(قداسة النجف وعظمتها، أو تاريخ الخزانة العلوية للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء.(المراجع).
[34] . ترجمها المترجم(تقاليد)، وهي ليستْ تقاليد؛ بل ذكريات(المراجع).
[35] [اعتقد بوركهاردت ص 444 (قارن ، ص 452) ان هذا كان في كربلاء "حارة العباسية، او في الحي العباسي الذي لم يدمر، لان سعود كان يحترم ذكرى الخلفاء العباسيين". ويبدو ان هناك قدرا كبيرا من الالتباس هنا، إذ انه يبدو بعيداً جداً وجود ربع مكان للعباسيين في كربلاء، وان يكون للملك الوهابي العربي المتعصب تعاطف مع العباسين الصامدين. وكثيراً ما يخلط (بوكهاردت) بين العباس عم النبي والعباس اخ الحسين. وهناك من يعتقد ان حرم العباس أُنقذ، وهذا يعد قلة احترام له، ويرجع هذا الاعتقاد ان حرم العباس لا يحتوي على قبة ذهبية، وانه كان مكانا للاسلحة. (قارن. نصير الدين شاه، ص 143)، وربما كانت في حالة دفاع. يعقوب]. (المؤلف).
[36] محمد نجيب باشا (ت 1851) والي عثماني من أصل جورجي. تولى ولاية بغداد خلفا لعلي رضا باشا، الذي وصلها في شهر ايلول 1842. وصف بأنه كان ذكياً وشجاعاً وذو حيوية خارقة، لكنه كان فظّاً غليظاً لم يتردد في استخدام العنف والقسوة في جباية الضرائب من سكان الإيالة، كما أنه لم يتردد في استخدام قواته العسكرية في قمع الثورات التي حدثت خلال مدة حكمه التي دامت سبع سنوات. وفي تموز 1849 عزل نجيب باشا من منصبه وحل محله عبد الكريم نادر باشا. (المترجم)
*مقتبس من كتاب: الحرَمُ الحُسَيْنيُّ المقَدَّسُ فِي كرْبَلاءَ، تأليف آرنولد نولدكه (اصدارات قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينيّة المقدّسة)
اترك تعليق