الإمام الحسين .. نسبه ونسله ... (الجزء الثالث)

يروي المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي من حيث ينهل، ويطرد من حيث أفضى، في هذا الجزء وهو الثالث من سلسلته (الإمام الحسين ... نسبه ونسله) يكمل مسيرته التاريخية ويعقد سلسلته الذهبية، فقد استعرض في الجزأين السابقين سلسلة النسب الطاهر للإمام الحسين (عليه السلام) وسيرة أجداده وجداته حتى يصل إلى السيرة العظيمة لأبويه علي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) ولا يخفى الجهد الكبير الذي بذله في التحقيق والتدقيق والبحث عن المعلومات وتنسيقها تاريخياً وربط الأحداث، حيث تتلمس في بحثه نَفَس العلماء الأعلام أصحاب المصنفات الكبيرة والموسوعات العديدة ودقة المحققين العظام الذين أفنوا حياتهم من أجل العلم وإبراز الحقيقة.

يبدأ الكرباسي هذا بالباب الثاني وهو في نسل الإمام الحسين (عليه السلام) ــ الأبناء والبنات ــ ويضم عشرة فصول وقد افتتحه بجداول للأئمة المعصومين (عليهم السلام) ابتداء بأمير المؤمنين وانتهاء بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف تضم أسماء أولادهم وبناتهم وأمهاتهم وزوجاتهم وألقابهم ثم يبدأ الحديث عن نسل الإمام الحسين (عليه السلام) وهم سبعة أولاد وسبع بنات.

 فالأولاد هم: علي بن الحسين (زين العابدين)، وعلي الأكبر، وعلي الأصغر، وجعفر، وإبراهيم، ومحسن، وعبد الله.

أما البنات فهن: سكينة وفاطمة الكبرى وفاطمة الوسطى وفاطمة الصغرى ورقية وأم كلثوم وزينب

ثم ينتقل إلى السيرة فيبدأ بسبط الإمام الحسين وحفيد الإمام الحسن وهو عبد الله المحض بن الحسن المثنى وأمه فاطمة الوسطى بنت الإمام الحسين ويذكر نسله وهم سبعة أولاد، يستعرض سيرهم ونسلهم ويتدرج في استعراض نسلهم وأحفادهم وأولاد وأحفاد كل واحد منهم مع جداول توضيحية لكل نسب منهم واللافت للنظر هو ذكر حتى أسماء بناتهم وأزواجهم وأولادهن وهو ما غفلت عنه أغلب كتب الأنساب والسير.

ولا يخفى أن الكرباسي استعرض نسل الإمام الحسن للارتباط الوثيق بين نسلي الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وبلغت ذروة الارتباط والإيثار في يوم الطف حيث استشهد أولاد الإمام الحسن وهم يذودون عن عمهم الحسين، إضافة إلى زواج الحسن المثنى من فاطمة بنت الحسين وهي واسطة العقد في هذا الارتباط وهي أم السادة الأشراف الحسنيين

وكانت فاطمة أشبه الناس بجدتها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام) خلقاً وخلقاً وعبادةً وخصالاً, ولا أدل على كمالها من قول أبيها سيد الشهداء (عليه السلام) في وصفها: إنها أشبه الناس بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أما في الدين فتقوم الليل وتصوم النهار، وفي الجمال تشبه الحور العين.

كما شابهت جدتها الزهراء حتى في المآسي والمحن التي جرت عليها فخاضت رحلة الحزن والدموع والسبي من المدينة إلى كربلاء، ومنها إلى الكوفة فالشام مع الركب الحسيني الذي سجل بتضحياته ودمائه ودموعه وآلامه معنى الكرامة والحرية والعقيدة.

وكانت فاطمة بنت الحسين تُسبّح بخيوط معقود فيها وذلك حرصاً منها على الذكر والعبادة والتسبيح، وكانت عالمة محدّثة روت عن جدتها الصديقة الزهراء, وعن أبيها الإمام الحسين، وعن أخيها زين العابدين عليّ بن الحسين (عليهم السلام) وعن أمّ سلمة، وأمِّ هاني بنت أبي طالب، وعن عمّتيها زينب الكبرى وأم كلثوم (ع)، وعن أسماء بنت عميس وعن بلال الحبشي (مؤذن الرسول) وروى لها أهل السنن الأربعة.

وكان من خصائصها الشريفة أنها المؤتمنة على مواريث الأنبياء، فقد استودعها أبوها الإمام الحسين (ع) مواريثَ الأنبياء، في يوم كربلاء فسلَّمتها إلى الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) بعد أن برئ من مرضه..

وسارت فاطمة مع قافلة الأسرى من كربلاء إلى الكوفة ومنها إلى الشام وخطبت في الكوفة خطبة كانت آية في الفصاحة والبلاغة أما أولادها فقد استعرض الكرباسي سيرهم وأخبارهم وأولهم عبد الله المحض الذي سمِّي بالمحض لأنه اجتمعت عليه ولادة الحسن والحسين وكان يشبه رسول الله (ص) وهو شيخ بني هاشم في عصره و كان يتولى صدقات أمير المؤمنين علي (ع). وقيل له: بم صرتم أفضل الناس ؟ فقال: لأن الناس كلهم يتمنون أن يكونوا منا ولا نتمنى أن نكون من أحد.

ثم يكمل الكرباسي الفصل الأول بالحديث عن سيرة ونسل إبراهيم الغمر، والحسن المثلث ابني الحسن المثنى، الذين كانت نهايتهم على يد المنصور الدوانيقي، فلما حج المنصور أيام ولايته سنة (145هـ) ودخل المدينة جمع بني الحسن فكانوا أكثر من عشرين رجلاً منهم أولاد السيدة فاطمة (الثلاثة) وقيدهم بالحديد وقال لعبد الله المحض: اين محمد وابراهيم ــ يعني ولدي عبد الله ــ فقال: لا علم لي بهما، فاسمعه كلاماً بذيئاً ثم أوقفه وأخوته وعامة بني الحسن في الشمس مكشوفة رؤوسهم وركب هو في محمل مغطى فناداه عبد الله المحض:

أهكذا فعلنا بكم يوم بدر يشير إلى صنع النبي (ص) بالعباس حين بات يئن، فقيل له: ما لك يا رسول الله لا تنام، قال: كيف أنام و أنا أسمع أنين عمي العباس في الوثاق.

وجاء المنصور ببني الحسن إلى الهاشمية وحبسهم في محبس تحت الأرض فكانوا لا يعرفون ليلاً ولا نهاراً، ومن أجل معرفة أوقات الصلاة فإنهم جزّؤوا القرآن وعند انتهاء كل جزء يصلون وقتاً من الأوقات ثم ردم المنصور عليهم السجن فماتوا !

وفي الفصل الثاني ينتقل الكرباسي بالحديث عن نسل الإمام الحسين وهم الأئمة المعصومون (عليهم السلام) 

كاتب : محمد طاهر الصفار