931 ــ أحمد بن درويش علي الحائري البغدادي (1262 ــ 1329 هـ / 1846 ــ 1911 م)

الشيخ أحمد بن درويش علي بن حسين بن علي بن محمد البغدادي الحائري، عالم وأديب وشاعر، ولد في كربلاء في عصر يوم عاشوراء وكان أبوه الشيخ درويش علي البغدادي (1220 ــ 1277 هـ / 1805 ــ 1860 م) عالماً وأديباً وشاعراً، ولد في بغداد، ودرس فيها العلوم الدينية، ولما تفشى الطاعون في بغداد عام (1246 هـ) توفي أبوه وأمه وسائر أهله، فسافر إلى كربلاء ودرس عند علمائها حتى أصبح في عداد العلماء الأعلام وتصدر التدريس، وبقي في كربلاء حتى وفاته ودفن بباب الزينبية عند مشهد الإمام الحسين (عليه السلام) بوصية منه.

أحمد بن درويش علي الحائري البغدادي (1262 ــ 1329 هـ / 1846 ــ 1911 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (32) بيتاً:

يــــــــــــــا جدَّنا هذا حسينُكَ بالعرا     فوقَ الـــصعيدِ عليهِ تسفي الزوبعُ

لهفي على الرأسِ الشريفِ مُضمَّخاً     فــــــــــوقَ القنا والنورُ منه يسطعُ

لهفي لأبـــــــــــــدانٍ عراةٍ خُضِّبوا     بدمِ الوريدِ وبـ(الطفوفِ) تصرَّعوا (1)

الشاعر

الشيخ أحمد بن درويش علي بن حسين بن علي بن محمد البغدادي الحائري، عالم وأديب وشاعر، ولد في كربلاء في عصر يوم عاشوراء وكان أبوه الشيخ درويش علي البغدادي (1220 ــ 1277 هـ / 1805 ــ 1860 م) عالماً وأديباً وشاعراً، ولد في بغداد، ودرس فيها العلوم الدينية، ولما تفشّى الطاعون في بغداد عام (1246 هـ) توفي أبوه وأمه وسائر أهله، فسافر إلى كربلاء ودرس عند علمائها حتى أصبح في عداد العلماء الأعلام وتصدر التدريس، وبقي في كربلاء حتى وفاته ودفن بباب الزينبية عند مشهد الإمام الحسين (عليه السلام) بوصية منه.

درس الشيخ أحمد بن درويش الحائري الفقه والأصول والأدب على يد علماء كربلاء إضافة إلى والده حتى أصبح من العلماء الأعلام والأدباء الكبار.

ومن مؤلفات الحائري: (إرشاد الطالبين في معرفة النبي والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين)، (كنز الأديب في كل فن عجيب)، (الدرة البهية في هداية البرية جزأين أحدهما في المواعظ والثاني في الأخلاق)، (رسالة في غَيبة الحجّة) كما برع الحائري في فن البند

قال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (أحد أقطاب الأدب في عصره، حذق في اللغة العربية، وبرع في مختلف الفنون الأدبية، واجتهد حتى نال الشهرة الذائعة. له شعر جيد وتصانيف قيمة) (2)

وقال عنه السيد جواد شبر: (برع في مختلف الفنون الأدبية وألّف وصنّف وأصبح أحد أقطاب الأدب في الأوساط العلمية..) (3)

وقال الشيخ أغا بزرك الطهراني: (عالم متبحّر وخبير ضليع.. نشأ محباً للعلم والأدب فجدّ في طلبهما حتى حصل على الشيء الكثير وكان الغالب عليه حبّ العزلة والانزواء وأصبح على أثرهما مصنّفاً مكثراً في أبواب المنقول من السير والتواريخ والأحاديث والمواعظ مما يبهج النفوس ويبهر العقول...) (4)

وقال السيد محسن الأمين: (كان فاضلاً أديباً، له كتاب كنز الأديب في كل فن عجيب وجدتُ نسخة الأصل بخط المؤلف معروضة للبيع في الكاظمية في عدة مجلدات أخبرنا بها ونحن في جبل عامل فأرسلنا في شرائها فوجدناها قد بيعت قبل حضور جوابنا ثم رأيناها في بغداد سنة 1352 ونقلنا منها وله ارشاد الطالبين في معرفة النبي والأئمة الطاهرين صلى الله عليه وآله وسلم) (5)

توفي الحائري في كربلاء ودفن بها

شعره

قال من قصيدته الحسينية:

عجباً لعينٍ فيكمُ لا تـــــــــــــــــدمعُ     عجباً لقــلبٍ كـــــــــيفَ لا يتصدَّعُ

ولمهجةٍ لِمَ لا تُبدَّدُ حـــــــــــــــسرةً     لمصــــــــــــابِـكمْ ولأنفسٍ لا تنزعُ

يا شهرَ عاشوراءَ ليتَكَ لــــــــمْ تكنْ     فـــــــــــلقد علاني ما بقلبيَ مُودعُ

إن أنسَ لمْ أنسَ ابنَ فاطـــــمَ إذ غدا     والطفلُ مِن حرِّ الظمـــــــــا يتلوَّعُ

فأتى به نحوَ اللــــــــــــــــئامِ مُنادياً     يا قومِ هلْ قــــــــــــلبٌ لهذا يَخشعُ

هل راحمٌ يسقيهِ مِن مــــــــــاءٍ لكي     فيهِ يبلُّ فــــــــؤادَه الــــــــــمُتوجِّعُ

قالوا: له مهلاً ســـــــــنسقيهِ الرَّدى     بيدِ الحــــــــتوفِ وعـلقماً لا يجرعُ

فرماهُ حرملةٌ بسهمٍ فـــــــــي الحشا     فـــــــغدتْ دماءُ حشــــــــائهِ تتدفَّعُ

فرمى بكفَّيـــــــــــــــــهِ دماءَ وريدِهِ     نحوَ الـــسماءِ مُنـــــــادياً يـا مفزعُ

أفنى الجيوشَ بصارمٍ لا يــــــــنثني     فكأنَّهم أعـــــــــــــجازُ نخلٍ أقلعوا

حتى إذا وافاهُ ســـــــــــــــهمٌ مارقٌ     فهوى صريـــــعاً بالدما يــــــــتلفَّعُ

وانصاعَ مهرٌ للمخيَّمِ صــــــــــاهلاً     ينعاهُ والعينانِ مــــــــــــــــنه تدمعُ

فبرزنَ نسوتُه ثــــــــــــــواكلَ وُلَّهاً     يندبنَ يــــــا جــــــــدَّاهُ أينَ المفزعُ

هذي تنــــــــــــادي وا أباهُ وتلك تد     عو وا أخـــــــــــــــاهُ وقلبُها يتقطّعُ

وغــــدتْ إلى الجسمِ المطهَّرِ زينبٌ     مــــــــدهوشةً حســرى تُذادُ وتُمنعُ

فبكتْ ونـــــــــادتْ يا أخي أسلمتني     ليدِ العدا مَن للـــيتامى مــــــــرجعُ

يــــــا ليتني وسِّدتُ قبلَكَ في الثرى     إذ لم أكنْ عنكَ الـــــــــــــمنيَّةَ أدفعُ

يـــــــــــــا جدَّنا هذا حسينُكَ بالعرا     فوقَ الـــصعيدِ عليهِ تســفي الزوبعُ

لهفي على الرأسِ الشريفِ مُضمَّخاً     فــــــــــوقَ القنا والنورُ منه يسطعُ

لهفي لأبـــــــــــــدانٍ عراةٍ خُضِّبوا     بدمِ الوريدِ وبـ(الطفوفِ) تصرَّعوا

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) تبلغ (48) بيتاً:

عـــــــــصفتْ ريحٌ بها صرٌّ تصرْ     عجَّتِ العــــــالمَ في يومٍ عسرْ

تـــدعُ النــــــــــاسَ على أعجازِها     فكأنْ أعجـــــــــازَ نخلٍ مُنقَعِرْ

خُـــــــــــــــشّعاً أبصارُهمْ ترهقُهم     ذلّةً فــــــــي يومِ نحسٍ مُستمرْ

مالهـــــــــمْ مِن ملجــــــــــأ يومئذٍ     مُذ تغشّاهمْ عذابٌ مـــــــــستقرْ

يومَ نادوا شــــــــــــــقوةً صاحبَهم     فتمارى فتعـــــــــــــاطى فعُقِرْ

مهجةُ الإسلامِ والديـــــــــــــنِ بما     سنَّ مِـــــــــن إبداعِ ظلمٍ مُبتكِرْ

فبهِ عادوا علــــــــــــيَّ المرتضى     عـــــــن مقامٍ خصَّه ربُّ البشرْ

واســـــــــــــتباحوا حقَّه قسراً إلى     أن قضى في سيفِ ختَّارٍ أشِــرْ

وبهِ الزهراءُ ألقتْ مُـــــــــــــحسناً     بسياطِ الحقدِ عـــن صدرٍ وغِرْ

فقضتْ غـــــــــــضبى عليهمْ ولذا     ألحِدتْ فــــــي جنحِ ليلٍ مُعتكِرْ

وبهِ السبطُ الزكـيُّ الــــــــحسنُ الـ     ـمـــــجتبى جُرِّعَ كاساتِ الكدرْ

لهف نفسي كمْ عِناداً أجــــــــحدوا     أمره نصَّاً بهِ اللهُ أمـــــــــــــــرْ

واقتساراً غصبــــــــــــــــوهُ ما بهِ     أحمدٌ نصَّ وبـــــــــالذكرِ سطرْ

خــــــــــــذلوهُ بعــــــــدما قالوا لهُ     قُمِ فــــــــها نحنُ جميعٌ منتصرْ

كمْ عهودٍ نــــــــــــقضوا بغياً وكمْ     هزمَ الجمعُ وكمْ ولّى الــــــدبرْ

فهناكَ السبطُ نــــــــــــــــادى ربَّه     أنا مغلوبٌ إلهي فــــــــــانتصرْ

ولقد أنذرَهمْ بطـــــــــشةَ مَـــــــن     أخذهُ أخـــــــــــــذَ عزيزٍ مُقـتدِرْ

كذّبته مــــــــــــــــثلَ ما قد كذّبتْ     قــــــــــــبلَ هذا قومُ لوطٍ بالنّذرْ

كذّبوا واتّبعــــــــــوا أهــــــواءَهمْ     مُذ دعا الداعـــي إلى شيءٍ نُكرْ

حاولوا إطفاءَ نــــــــــــورِ منهُ قد     خرَّ موســـــــى صعقاً لمَّا ظهرْ

كمْ كؤوسٍ مِــــــــن نقـيعِ السمِّ قد     جرَّعــــــوهُ كلَّ شربٍ مُحتضرْ

بعدَ أن كـــــــــــــــابدَ ما كابدَ مِن     قـــــــرحٍ بين الحشا لمْ تنحصرْ

فــــــتقيا كبداً مــــــــــــــــقروحةً     أزمـــــعتْ منها السما أن تنفطرْ

فقضى ســــمَّاً وقد كــــــوِّرتِ الـ     ـشمسُ واسودَّ له ضوءُ القــــمرْ

وسرى في روحِــــــهِ الروحُ إلى     مقعدٍ عندَ مليكٍ مُـــــــــــــــقتدرْ

فــــــــبكاهُ الـــــــملأُ الأعلى وأفـ     ـلاكُها الســــــــــبعُ بماءٍ مُنهمرْ

وبكاهُ الــــــــعرشُ والكرسيُّ والـ     إنسُ والـــــجنُّ وما تحتَ المَدرْ

وقـــــــد ارتجَّــتْ له الأرضُ ونا     دى مـــنادِ الموتِ هلْ مِن مُدَّكرْ

عجباً كـيفَ استقرَّتْ بـــــــعدَه الـ     أرضُ والسبعُ العُلى وهوَ المَقرْ

إن دهى الإسلامَ يــومُ المصطفى     إنَّ يومَ الـــــــــسبطِ أدهى وأمرْ

ليتَ شعري هلْ درى المختارُ ما     حلَّ فــــي نعشِ ابنِهِ خيرِ الـبشرْ

مُذ تـــــــــــــراماهُ سهامُ الحقدِ إذ     صـــــيرَّوهُ غرضاً حزبُ الدَّعَرْ

يومَ قادوا أمُّــــــــــهمْ في عصبةٍ     مِـــــــن بني حربٍ لإيقادِ الشررْ

أمْ درى الكرارُ ما نــــــــالَ ابنَه     مِن بنــي الفجَّارِ مِن عظمِ الخطرِ

أمْ درتْ فاطـــــــــمةُ الطهرِ بما     قد دهـى الآلَ الميــــــامينَ الغُررْ

مِن عتابٍ أبرزتْ أحــــــــقادَ بدْ     رٍ وأحـــــــدٍ وحـــــــــنينٍ والنهرْ

ويــــــــــــــــلهمْ يومَ يُنادونَ ألا     ذوقوا مِــــــــن أعمالكمْ مسَّ سَقَرْ

يومَ يُجزونَ عــــــذابَ الهونِ إذ     كـــــلُّ شــيءٍ فــــعلوهُ في الزُّبرْ

يا بـنَ مَن دانَ له الأمـــــرُ متى     قالَ كُـــــنْ كانَ كلـــــمحٍ بالبصرْ

أنتَ طبٌّ لمدادِ الـــــــــــكونِ إذ     فـــــــــيكَ قد دارَ وإلّا لــــــمْ يدرْ

بلْ وفيكَ العملُ الصــــــــالحُ يرْ     فـــــــــــــــــــعُه اللهُ لأنثى وذكرْ

إن يــــــــــــــــــكنْ للهِ اسمٌ أنته     بـــــلْ ومعـناهُ الـــــذي فيهِ استترْ

يا سليلَ المصطـفى يا مَن له الـ     أمرُ والـــــــــــنـهيُ إليكَ العبدُ قرْ

مِن ذنوبٍ أثقلـــــــــــــته هلْ له     ملجأ غــــــــــــــيرُكَ كلّا لا وزرْ

أنتَ كهفي إذ يقولُ الـــناسُ مِن     فــــــــــــــزعٍ يـــــومئذٍ أينَ المفرْ

يا بـنَ بنتِ المصطـفى وافـــتكمُ     بنـــتُ فكـرٍ دونها الـــــفكرُ قصرْ

زفَّهــــــــــــا أحمدُ بكراً حسنُها     يُخجِلُ الشـمسَ فأمهرها الـــــنظرْ

وعليكمْ صلـــــــــــــواتُ اللهِ ما     بــزغتْ شــــــمسٌ وما لاحَ القمرْ (6)

..................................................................

1 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 59 عن مجموعة خطية جمعها الشيخ محسن أبو الحب سنة 1349 هـ

2 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 55

3 ــ أدب الطف ج 8 ص 237

4 ــ طبقات أعلام الشيعة ج 1 ص 98 ــ 99

5 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ٥٨٧

6 ــ شعراء كربلاء ج 1 ص 60 ــ 62

كما ترجم له:

الشيخ علي كاشف الغطاء / الحصون المنيعة ج 1 ص 183

محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 1 ص 246 ــ 247

موسى إبراهيم الكرباسي / البيوتات الأدبية في كربلاء ص 149

بسام عبد الوهاب الجابي / معجم الأعلام ص 39

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 1 ص 119

سلمان هادي آل طعمة / الحسين في الشعر الكربلائي ص 127

سلمان هادي آل طعمة / معجم رجال الفكر والأدب في كربلاء ص 20

أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج ١ ص ٥١٤

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار