البنية والنظام في الوحدات الزخرفية العمارية..

لا غبار على ان كل بنية فنية تسير وفق نظام خاص بها، والبنية ما هي إلا منظومة علائقية متبادلة، فهي تحدد العلاقات القائمة بين العناصر والعلاقات محكومة بمجموعة قوانين وأنظمة.. تشكل بمجملها فعلاً تحولياً وتحافظ في نفس الوقت على خصائص بنية الاشكال، فالنظام والعلاقات والتحول هي الأسس الذي تؤسس عليها البنية والتي تتصف عادة بثلاث حالات تتمثل بالحالة الكلية والتحول والانتظام الذاتي، أما النظام فهو جوهر العمل الفني الزخرفي العماري الذي من خلاله يقوم الفنان المسلم بالتحكم بتنسيق العلاقات البنائية بكلا نوعية الفضائي والشكلي وأحداث الترابطات والتجانسات بين المفردات الزخرفية سواء كانت أشكالا او ألوانا او إحجاما، فالنظام يعبر عن الانسجام والتناسق والكمال الوظيفي في العلاقات البنائية بين المفردات بما يضفي الشعور بالوحدة والإحساس.

 و النظام الزخرفي العماري يعتمد واقعاً على مجموعة خصائص اساسية يمكن اختصارها بالاتي :

1- خاصية الانتظام :

فكل الأشكال الهندسية لها شكل معين ومحدد له بداية ونهاية وان جميع أجزائه مترابطة ومتصلة ببعضها وتتبع الواحدة الأخرى بانتظام ، فالفنان المسلم كان ومازال يسعى لتحقيق غايته من خلال الأفكار او الأفعال في عالم متقلب ومتعدد، فتميزت اعماله الفنية باستثمار واستغلال خاصية الانتظام، اذ كانت هي مصدر الجمال في تشكيلاته الزخرفية العمارية التي تكمن كلها في الكتل الهندسية المنتظمة من خلال التماثل والتنوع والتي أضفت جمالا آخرعلى تكويناته الزخرفية العمارية .

 

2- الخاصية الهندسية :

 وهنا نلمس الى ان كل نظام له ابعاد ، وهذه الأبعاد لها أشكال وبنيات هندسية تتمثل بالأشكال والخطوط الهندسية المختلفة، وتعد الخطوط الهندسية المستقيمة من الخطوط الانتظامية كخطوط الكفاف للأشكال الهندسية كالمثلث والمربع والمستقيم كذلك الخطوط الهندسية المنحنية هي أيضا من الخطوط الانتظامية كخطوط الأشكال الهندسية الاخرى مثل الدائرة وبعض توليداتها ومشتقاتها كالأشكال البيضوية ،والخاصية الهندسية لهذه الخطوط والأشكال تخضع لعلاقات رياضية في القياس والنسب والتناسب 0

3- خاصية المقياس :

 وتشير هذه الخاصية الى كيفية إدراك هيئات الأشكال بالنسبة للعناصر الإنشائية في العمارة ، وهناك نسقان من المقياس مقياس رياضي وآخر هندسي وهما يستخدمان في النظام الإنشائي العماري ، وهناك ايضاً المقياس الطبيعي الذي يقاس به حجم الاشكال او الفضاء قياسا الى أشياء أخرى في بنية محيطة ، وهناك  المقياس البشري الذي يقاس به حجم العنصر الزخرفي تبعاً للأبعاد المنتجة وتناسبها مع حجم الإنسان الطبيعي 0

ومن جانب البنى الفنية نجد في مجال الفن الاسلامي العماري مجموعة متنوعة منها، وهي تتمثل اختصاراً بالاتي:

1- البنية الشكلية :

 ويتم إنشاء هذه البنية على هيئة شبكة من الخطوط المستقيمة المتعامدة توزع بفواصل متساوية وبشكل أفقي اوعمودي .. تنتظم فيها الأشكال الهندسية على حسب حدود هذه التقسيمات ودرجة انتظامها، فللبنية الشكلية عدة أنماط معروفة منها؛

   ا - نمط البنية التكرارية : ونجد في هذا النمط ان المساحة الكلية للزخرفة المعمارية تقسم الى تقسيمات ثانوية بنفس الشكل التام ونفس القياس وبدون إضافة أي فجوات او فواصل مكانية تترك بينها ، فالأشكال الهندسية توقع عليها بشكل منتظم يحيط كل منها فضاء متساوي المقدار .

   ب - نمط البنية التدرجية : وفي تكوينات هذا النمط الفنية نجد  تماثلا واضحاً للبنية التكرارية .. ماعدا تقسيماتها البنيوية التي تتغير في الشكل والحجم او بكليهما في نمط تدرجي  تتابعي وبشكل منتظم .

   ج-  نمط البنية الشعاعية :  وهذا النمط يعد من أنواع البنى التكرارية ولكنه  صُمم على هيئة دائرية بحيث تكون خطوطه البنيوية تدور حول مركز بؤري واحد وثابت 0

2 -  البنية الشبة شكلية :

هذه البنية عادة ما تكون منتظمة الى حد ما، و لكن نجد فيها نمط من عدم الانتظام احياناً ،وقد تضم او لا تضم خطوطاً بنيوية لتحدد ترتيب الأشكال الهندسية الزخرفية ولها عدة أنماط ضمنية نذكر منها :

   ا -  نمط البنية التشابهية :  وهو نمط استقاه الفنان من البنيات التي ليس لها ثبات البنية التكرارية ولكنها تحمل صفة التشابه بين بعضها البعض .

   ب - نمط البنية المركزية :  و في هذا النمط تنظم الهيئات والأشكال الزخرفية  بحرية،  لتحقيق اثر التمركز من نقطة ما او خط إدراكي مشيد مسبق في التصميم العماري، حيث  الكثافة القصوى تزدحم حول تلك النقطة او الخط ، وهذا يكون اما بتشابه منتظم او تشابه تبادلي متناوب او بتدرج إيهامي .    

المرفقات

كاتب : سامر قحطان القيسي