أحمد العطار البغدادي (1128 ــ 1215 / 1715 ــ 1800 م)
قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (74) بيتاً:
فغدا السبطُ بعدهمْ في عرا صِ (الطفِّ) يبغي من العدوِّ نصيرا
كانَ غَوثاً لِلعالَمينَ فَأَمسى مُـــــــــــــستَغيثاً يا لِلوَرى مُستَجيرا
فَأَتاهُ سَهمٌ مَشومٌ بِهِ انقَضَّ جَديلاً عَلَـــــــــــــــى الصَّعيدِ عَفيرا (1)
الشاعر
السيد أحمد العطار الحسني البغدادي، عالم وفقيه أصولي رجالي محدث، وشاعر من أساتذة الفقه والأصول، ولد في بغداد، من أسرة علوية يعود نسبها الشريف إلى الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) (2) فالعطار هو:
السيد أحمد بن محمد بن علي بن سيف الدين بن رضاء الدين (3) بن سيف الدين بن رميثة بن رضاء الدين بن محمد علي بن عطيفة بن رضاء الدين بن علاء الدين بن مرتضى بن محمد بن حميضة بن أبي نمي محمد نجم الدين الشريف – من أمراء مكة – بن حسن بن علي بن قتادة بن إدريس عز الدين ــ أمير مكة ــ بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن الحسين بن سليمان بن علي بن عبد الله بن محمد بن موسى الثاني بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عليه السلام) (4)
وهذه الأسرة من أشهر الأسر الكاظمية العلمية الأدبية وقد زخرت بأفذاذ العلماء وأكابر الفقهاء والمجتهدين، وقد سُمِّيت بـ (الحيدرية) نسبة إلى السيد حيدر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن سيف الدين الحسني البغدادي الكاظمي وهو ابن أخي السيد أحمد العطار.
نشأ العطار في ظلال العلم والأدب بين رجال أسرته وكان والده من كبار العلماء فدرس مبادئ العلوم في بغداد ولما بلغ العاشرة من عمره هاجر إلى النجف ودرس على يد أبرز علمائها منهم: السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي، والشيخ جعفر كاشف الغطاء، والشيخ محمد تقي الدورقي والشيخ محمد مهدي الفَتّوني، والشيخ محمّد باقر الإصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني، والشيخ يوسف البحراني.
وقد شغف العطار بالقراءة واقتناء الكتب وكانت له خزانة كتب فيها نفائس الكتب، كما ألف في الفقه والأدب والعبادة ومن مؤلفاته: (التحقيق في الفقه ــ أربعة مجلدات)، (التحقيق أصول الفقه ــ مجلدان)، (رياض الجنان في أعمال شهر رمضان)، (منظومة في الرجال)، (الرائق في الشعر والأدب) قال عنه السيد جواد شبر: (استفدنا منه كثيراً وروينا عنه في هذه الموسوعة ــ يقصد أدب الطف ــ) (5)
قال عنه السيد محسن الأمين: (كان فاضلاً فقيهاً أصولياً رجالياً محدثاً زاهداً ناسكا صاحب كرامات أديباً شاعراً علماً من أعلام عصره هاجر من وطن أبيه ببغداد إلى النجف وعمره عشر سنوات فقرأ العلوم العربية وغيرها حتى برع فيها ثم قرأ في الأصول والفقه على مشاهير ذلك العصر وكانت له خزانة كتب فيها نفائس الكتب...) (6)
وقال الشيخ أغا بزرك الطهراني: (كانت له اليد الطولى في الأدب بل كان من شيوخ الأدب في عصره) (7)
وقال السيّد حسن الصدر: (كان من أفراد الدهر، وعلماء الفقه والأُصول والرجال والحديث والأدب). (8)
وقال الشيخ محمد حرز الدين: (كان المترجم له فقيهاً محقّقاً، وشاعراً محدقاً، هو أحد العلماء الذين قرّضوا القصيدة الكرّارية للفاضل الشريف الكاظمي، عارفاً بالأخبار والقواعد الأُصولية، محدّثاً… والمترجم له كان أحد العلماء الذين اشتهروا بالأدب الواسع، ومن حضّار الندوة الأدبية المعروفة بمعركة الخميس في النجف) (9)
وقال الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً مشاركاً في العلوم، ناسكاً أديباً شاعراً). (10)
قال السيد محمد مهدي الموسوي الإصفهاني الكاظمي: (العالم الجليل والحبر النبيل السيد السند السيِّد أحمد بن السيد محمد بن السيِّد علي الحسني البغدادي الشهير بالعطَّار. كان رحمه الله عالماً كاملاً وفقيهاً فاضلاً وزاهداً وعابداً صاحب كرامات باهرة ومقامات عالية..) (11)
وقال الأستاذ علي الخاقاني: (عالم جليل، وشاعر مطبوع) (12)
وقال الشيخ علي النمازي الشاهرودي: (فقيه أصولي محدث أديب شاعر عالم بالرجال). (13)
وقال عنه الشيخ جعفر سبحاني: (كان فقيهاً إمامياً، أصولياً، محدثاً، أديباً، من مشاهير شعراء عصره) (14)
وقال السيد جواد شبر: (كان فاضلاً فقيهاً أصولياً رجالياً محدثاً زاهداً ناسكا صاحب كرامات أديباً شاعراً علماً من أعلام عصره هاجر من وطن أبيه بغداد إلى النجف الأشرف وعمره عشر سنوات فقراً العلوم العربية وغيرها حتى برع فيها ثم قرأ في الأصول والفقه على مشاهير ذلك العصر) (15)
توفي العطار في النجف الأشرف ودفن في الإيوان الكبير قرب مقبرة العلامة الحلي أعلى الله مقامه، ورثاه كثير من الشعراء وأرّخ وفاته الشيخ محمد رضا الآزري بقوله:
مقاعدُ صدقٍ عندَ ذي العرشِ مكّنت فلا مُلكها يُبلى ولا العيشُ ينفدُ
ولمّــــــــــــا نحا دارَ المقامةِ أرّخوا لهُ مقعدٌ في محفلِ الخُلدِ أحمدُ
شعره
للعطار ديوان شعر يزيد على خمسة آلاف بيت (16) يقول من قصيدته في الإمام الحسين (عليه السلام):
أيّ طَــــــــــــــرفٍ مِنَّـا يَبيـتُ قَريـراً لَــــــــــــــم تُفجَّـرْ أنهـارُه تفجيـرا
أيّ قَلبٍ يـــــــــــسترُّ مِن بَعـد مَن كَا نَ لِقلبِ الـــــــهادي النَّبـي سُـرورا
آه وا حـــــــــــــــسرتاً عليه وقـد أُخْـ ـرِجَ عَــــــــــن دارِ جَـدِّه مَقهُــورا
كــــــــــــــــاتَبوه فَجاءهم يَقطَـع البَيْـ ـدَاء يَطــــــوي سُـهولَها والوعُورا
أخلَفوه ما عَـــــــــــاهَـدُوا اللهَ مِن قَبـ ـلٍ وجـــــاءوا إذ ذاك ظُلماً وزَوْرا
أخلَفُوا الـــــوعْدَ أبدَلوا الوِدَّ خَانُوا الـ عَهْدَ جـــــــــاروا عتوّاً عتوّاً كَبيرا
فأتاهُــم مُحــــــــــــــــــــذِّراً ونَذيـراً فأبَـى الظَّالمــون إلا كُــــــــــــفُورا
وأصـــــــــرّوا واستكبروا ونَسوا يَو ماً عَبُوساً على الــــوَرَى قَمْطَرِيرا
لــــــستُ أنسى إذ قَام فِي صَحبِه يَنْـ ـثُرُ مِـــــــــــــــن فِيه لُؤلـؤاً مَنثُورا
قــــــــــــــائِلاً ليـس للعِدَى بُغيةً غَيـ ـري ولا بُــــــــــدَّ أن أردى غَفيـرا
اِذهبوا فَالدُّجَى سَــــــــتيرٌ وما الوَقـ ـتُ هَجيراً ولا الــــــــسَّـبِيل خَطيرا
فأجابـــــــــــــــــوهُ حَـاشَ للهِ بَل نَفْـ ـدِيكَ والـــــــمـوتُ فيـكَ ليسَ كَثيرا
لا سَلِمْنا إذن إذا نحن أسْلَــــــــــــمْـ ـناكَ وِتْراً بيـن العِدى مَوتُـــــــــورا
أَنُخَلِّيكَ فـي العــــــــــــــــدوِّ وحيـداً ونولِّي الأدبـــــــــــــارَ عَنكَ نُفُـورا
لا أرانَــــــــــــــــا الإلـهُ ذلكَ واختَا رُوا بِــــــــــدَارِ البقـاءِ مُـلكـاً كَبيـرا
بذلوا الجهدَ فــــــــي جهادِ الأعادي وغدا بعضُهم لبعضٍ ظـــــــــــهيرا
ورموا حـــــــزبَ آلِ حربٍ بحربٍ مأزقٍ كانَ شــــــــــــــرُّه مستـطيرا
فـــــــــــــأجابوه مسرعين إلى القتـ ـلِ وقـــــــــــــد كانَ حظّهمْ موفورا
ولئن غُودروا على التربِ صرعى فسيُجزونَ جــــــــــــــــــنةً وحريرا
كــــــــــــانَ هذا لهـمْ جزاءً مِن الله وقـــــــــــــــــد كانَ سعيهمْ مشكورا
فغدا السبطُ بــعدهمْ في عراصِ (الـ ـطفِّ) يـــــــــبغي من العدوِّ نصيرا
كــــــــــــانَ غَوثاً لِلــعالَمينَ فَأَمسى مُــــــــــــستَغيثاً يا لِلوَرى مُستَجيرا
فَأَتاهُ سَهـــــــــــــمٌ مَشومٌ بِهِ انقَضَّ جَديلاً عَلَـــــــــــــــى الصَّعيدِ عَفيرا
فَأَصابَ الفُؤادَ مِـــــــــــنهُ لَقَد أخـ ـطَأ مَــــــــــــن قَد رَماهُ خِطئا كَبـيرا
فَأَتاهُ شِـــــــــــــمرٌ وشَمَّرَ عَن سا عِدِ أحقادِ صَــــــــــــــــــدرِهِ تَشمـيرا
وَارتَقى صَدرَهُ اجــــــــتِراءً عَلَى اللّه ِوكانَ الخِبُّ اللَّئيمُ جَســــــــــــورا
فَبَرى رَأسَهُ الشَّــــــــــريفَ وعَلّـ اهُ عَلَى الــــــــرُّمحِ وهوَ يُشرِقُ نورا
ذُبِحَ العِـــــــــــــلمُ وَالتُّقى إذ بَراهُ وغَدا الحَقُّ بَعدَهُ مَـــــــــــــــــــقهورا
غادَروهُ عَلَى الثَّـــــرى وهوَ ظِلُّ اللّه ِفي أرضِهِ يُقــــــــــاسي الحَرورا
وقال من قصيدة أخرى في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً:
مَا هاجَ حُزني بــــــــــعدَ الدار والوَطنِ ولا الـــوُقـوفُ على الآثـارِ والدمنِ
ولا تــــــــــــــذكَّـر جِيـــران بِـذِي سـلمٍ ولا سَرَى طَيفُ مَن أهوى فَفَارقَني
ولم أُرِقْ في الهَوى دمعاً علــــــى طَلَلٍ بالٍ ولا مــــــــــربعٍ خالٍ ولا سَكَنِ
نَعْم بُكائي لِمَن أبكى الــــــــــسـماءَ فَـلا تـــــــزالُ تَنهلّ مِنهـا أدمـعَ المُـزُنِ
كأنَّنـي بِحسـيـــــــــــــــنٍ يسـتغيثُ فَـلا يُغاثُ إلاَّ بِـــــــوَقْعِ البِيـضِ واللُّـدَنِ
وذِمَّــــــــــــــةً لِرُعاةِ الحـقِّ ما رُعِيَـتْ وحُرمةً لِرســــــــولِ الله لَــمْ تُصَـنِ
أعظِمْ بِها مِحنـةً جَـــــــــــــلَّت رزيَّتُهـا يُرى لديها حقيراً أعـــــظـمُ المِحَـنِ
يا بابَ حِـــــــــــطَّةَ يا سُـفنَ النَّجاةِ ويا كنزَ العفاةِ ويا كَهفـي ومرتَـــــكَنـي
يا عِصــــمةَ الجارِ يا مَن ليس لي أمَلٌ إلاَّ ولاهُ إذا أُدرِجــــــــــتُ في كَفَني
هـــــــــل نظرةً منكَ عينُ اللهِ تلحظني بها وهَل عَطفَة لي منـــــك تُدرِكُني
إن لم تكن آخِذاً مـــــــن ورطَتي بِيَدي ومُنجِدِي في غدي يا سَـــــيِّدي فَمَنِ
وكيف تبرأُ مــــــــــنِّي في المَعادِ وقـد مَحضتُ وِدَّك في سِرِّي وفـي عَلَني
أمْ كيفَ يُعرَض يوم العَرض عنّيَ من بغيرِ دِيــــــــــنِ هـواهُ القلبُ لمْ يَدِنِ
وهــــــــــــلْ يُضـامُ مَعـاذَ اللهِ أحمدُكم ما هَكذا الظنُّ فــــيكـم يا ذَوي المِنَنِ
إلـــــــــــــــيكـمُ سـادَتي حَسـناءَ فائقـةً فــــي حُسنِ بَهجتِها مِن سـيِّدٍ حَسَني
عليكمُ صَـلواتُ اللهِ مــــــــــا ضَحِكَتْ حديـــــــــقةٌ لِبُكـاءِ العـارضِ الهتـنِ (17)
وقال من قصيدة في الإمامين العسكريين والمهدي (عليهم السلام) تبلغ (38) بيتاً:
هِيَ سـامرّاءُ قَـد فَــــــــــــــــاحَ شَـذَاها وتراءى نُـــور أعـلامِ هُداهَا
يَا لَهــــــــــــــــــــــا مــن بَـلــدةٍ طَيِّبـةٍ تُربُها مِسْـكٌ ويَاقوتٌ حَصَاهَا
صاحِ إن شاهدتَ أسمــــــــــــــــى قبَّةٍ لا يُداني الفلـكُ الأعلى علاها
فاحططِ الرحـــــــــــــلَ بأسنى حضرةٍ فازَ مَن ألقـــــى عصاهُ بفناها
حَضــــــــــــــرةٌ قَد أشـرَقتْ أنــوارُها بِمصابِيحِ الـهُدَى مِن آلِ طَاهَا
حضرةٌ تهـوى سَـماوَاتُ الــــــــــعُلَـى أنَّها تَـــــصلُح أرْضـاً لِسَـمَاهَا
فاســتلِمْ أعتَابَهَــــــــــــــــــا مســتعبِراً بــــاكِياً مسـتنشِقاً طِيـبَ ثَرَاهَا
لائـــــــــــــــــــذاً بالعسـكريَّيْـنِ التقيَّيْـ ـنِ أوفى الخَلـقِ عنـدَ اللهِ جَاهَا
خازنيْ علـــــــــــــــــمِ رسولِ اللَهِ مَن قد أبى فضلهما أن يــــــتناهى
فرقديْ أفقِ الهــــــــــــــدى بلْ قَمَري فلكِ العلياءِ بلْ شمسُ ضحاها
عـــــــــــــــــــــينيْ اللَهِ تعالى لم يزلْ بهما يرقى البرايـــا مُذ رعاها
ترجمانيْ وحيهِ مستــــــــــــــــودعيْ سرِّهِ أصدقُ مَن بـالصدقِ فاها
عمديْ سمــــــــــــــكِ العلى من بِهما قامتِ الأفلاكُ فــي أوجِ عُلاها
مِــــــــــــــــن بني فاطمةَ الغرِّ الألى بهمُ قد بأهــــــــــــلَ اللَهُ وباهى
فإذا ما اكتــــــــــــــــحلتْ عيناكَ مِن رؤيــــــةِ الميلِ وقد لاحَ تجاها
فــــــــــــــاخلعنْ نعليكَ تعظيماً وسرْ خــــاضعاً تزددْ به عزَّاً وجاها
واســتجِرْ بالقائـمْ الذائـــــــــــــدِ عـن حوزةِ الإسلامِ والحَامِي حِمَاهَا
حُجَّـةِ اللهِ الــــــــــــــــذي قَــوَّمَ مِــن قَـــنَوَاتِ الدِّيـن مِن بعدِ التِوَاهَا
قُطْـــــــــــبُ آلِ اللهِ بـلْ قُطْـبُ رَحَى سائِرِ الأكـوانِ بل قُطْبُ سَمَاهَا
ذو الــنّهى رَبّ الحِجَى كَهفُ الوَرَى بَدْرُ أفــلاكِ العُلَى شَمسُ هُداهَا
عِصمَة الدينِ مَلاذُ الـــــــــــشيعةِ الـ ـغُرّ مُنجِّي هلـــكهـا فُلكُ نَجَاهَـا
مُــــــــــنقذُ الفرقةِ مِـن أيـدي العِـدَى مُطلِـــقُ الأمَّــةِ مِن أسْرِ عِناهَا
مُدرِكُ الأوتــــــــــارِ سَـاقي واتـري عترةَ الـمختــارِ كَاسَـاتِ رَداهَا
يا ولــــــــــــيَّ اللهِ هـلْ مِـن رَجعَـةٍ تشـرقُ الأرضُ بـــأنـوارِ سَنَاهَا
ويعـودُ الديـنُ ديـــــــــــــنــاً واحـداً لا يُــرى فيه التِبـاســـاً واشتباهَا
ليتَ شِـعري أوَلَـم يَـأنِ لِمَــــــــــــاَ حــــلّ فيه مِن أسَــــىً أن يَتَناهَى (18)
وله قصيدة في رثاء النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) تبلغ (126) بيتاً ذكر مطلعها السيد جواد شبر وهو:
لا تأمن الدهرَ إنَّ الغدرَ شيمتُه وخفضَ قدرِ رفيعِ القدرِ همَّتُه (19)
يقول فيها:
فكمْ بهِ مِن عــــــــــزيزٍ قد أذِلَّ وكمْ ذي سؤددٍ هبطتْ في الـناسِ رتبتُه
فكنْ علـــــــــى حذرٍ من بطشِه فلقدْ أودت بــــــكلِّ شديدِ البأسِ بطشتُه
فـــــــــــياله دهرُ سوءٍ لا ترى أحداً في الخلقِ إلّا وقــــــد ساءته محنتُه
دهرٌ به اهتضِمَ الأبرارُ واضطهدَ الـ ـمختارُ وانتهِكتْ في الناسِ حرمتُه
فلمْ يزلْ وهوَ خيرُ الخلقِ فـي مضضٍ مِن النوائبِ لا تـــهنيهِ عــيـشــتُه
مُـغـيَّـراً شـرعُـه واللهُ شـــــارعـــــــه مُكذّباً قولُه والــصــــدقُ شـيــمتُه
قــد هــدّمـوا كـلّـــمــا قــد كـان أسَّسَه وحرَّفوا كلّما سـنّــتـــــه سُــنّتـتُـه
أدّى لـنـصـحِـهـمُ الــجـهــدَ الجهيدَ فلمْ يـعـبـأ بـذاكَ ولـمْ تُقبلْ نـــصيحتُه
وصّى وأكّدَ في حــفظِ الـمـودَّةِ فـي الـ ـقربى فما حُفظتْ فيهمْ وصــــيَّتُه
واستؤصلتْ عن جديدِ الأرضِ عترتُه مِن بعدِ ما بانَ واجتُثتْ أرومــتُه
قـد أخـرجــوهُ عـلـى كـرهٍ بما مكـروا مِـــن مكّةٍ مُزعَجاً لم تحمَ حوزتُه
وأوســعـوا بــدبــابٍ دحــرجـوا لرجا عــثــــارِه وَهُــوَ الـمأمونُ عثرتُه
وكـمْ وكـمْ دبّــروا فـي قـتـلِــه حِـــيلاً فكانَ مـــنها بعينِ اللهِ عــصـمـتُــه
ومـا كـفـى ذاكَ حـتـى أنّــهــم دفـعوا إلــيـهِ سُــــــمَّــاً أذيـبـتْ فيه مهجتُه
وأسـقـطـوا مـن ثــنــايــاهُ ربــاعــيـةً بـهـا تــــــهــشّــمَ لـحـيـــاهُ ووجنتُه
وأوسعوا في جـبـيـنِ المجدِ موضحةً إذ شُجَّ مـــن وجههِ الميمونِ جبهتُه
وقد تـرقّــوا إلــى أن يــنـسـبـوهُ إلـى هـجـرِ المقـــالِ الذي تأباهُ عصمتُه
ولـمْ يـزلْ صـابـراً فـي اللهِ مُـحـتسباً مـا جـرَّعـتـه مــــن الـبـلوى رعيّتُه
حـتـى قـضـى مـنـهمُ كرباً فيالكَ مِن مـيـتٍ أمـاتـتْ أصـــولُ الدينِ ميتتُه
ويـا لهُ حـادثــاً جــلّــــتْ رزيّــتُـــــه وفـادحــاً شــمــلَ الإســـــلامَ ذلــتُه
فـقـامَ قـائـمُ ديــنِ الــشـركِ إذ قعدتْ عـن نـصـرِ قـائـمِ ديـــــنِ اللهِ أمَّـتُـه
ومـعـظمُ الناسِ ممَّن كانَ ظاهرُه الـ إسـلامُ مِـن ذلـكَ ارتــدتْ عـــــقيدتُه
وكـمْ وكـمْ أقـبلتْ في الناسِ من فِتنٍ كـأنّـهـا الـلـيـلُ إذ تـغـشـاهُ ظلــــمتُه
وقبلَ دفنِ النبيِّ الأكرمِ اهـتُـضـمَ الـ ـوصـيُّ وانتُهزتْ إذ ذاكَ فرصــــتُه
وولّـيَ الـعـجـلُ أمـرَ الـمـسـلمينَ فيا للهِ مِـن حـادثٍ عــمَّـــــتْ بــلــيَّـــتُه
ويــا لـهــا فــلـتـةٌ أبـــدى اسـتـقـالتَه لـسـانُـه وطــوتْ مـكــــراً طــويَّـتُـه
يـداهـنُ الـنـاسَ فـي قـولٍ ويخدعهمْ حـتـى اسـتـقـامـتْ له فيـــهمْ خديعتُه
فـجـدّ فـي نـقضِ ما المختارُ مبرمُه وردَّ مـا الله فـي الـفـرقـانِ مــــثـبـتُه
مـسـتـبـدلاً بـكـتـابِ اللهِ مـا اخـتلقتْ يـومَ الـسـقـيـفـةِ مِـن إفكٍ صـــحيفتُه
وأخِّـرَ الـمـرتـضـى وهوَ المُقدَّمُ في كـلِّ الـشـدائـدِ والـمـحـمـودُ سيـــرتُه
ومنها في سيدة نساء العالمين وما جرى عليها بعد وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله):
وأبـرِزتْ فـاطـمٌ مـن عـقـرِ منــزلِها وهيَ ابنةُ المصطفى الهادي وبضعتُه
وأنحلوا جسمَها ضرباً وقد ضـعفتْ عـنِ احـتـمـالِ الأذى بــالــثـكــلِ قـوَّتُه
ودقّـهـمْ ضـلـعَـهـا بـالـبـابِ قــارعةً وفـتـحُ بـابِ أســىً عـمَّــتْ مـصـيـبـتُه
ألـقـتْ لـشـدّتِـهِ مـنـهـا الـجـنـيـنَ فيا لـيـتَ الـنـبـيّ يـرى مـا لاقــتِ ابــنــتُه
وأقـبـلـتْ تـتــهـادى بـيــن نـسـوتِـها مـنـهـوكـةَ الـجـسـمِ قــد أضــنـتْه علّتُه
تـنـفَّـسـتْ صُــعداً واسـتعبرتْ كمداً وقـلـبُـهـا أبــداً لـــم تــخــبَ زفــرتُـــه
وطـالـبـتـه بـإرثِ الـمـصطفى فأبى غـلا الـخــلافُ وقــد غــرَّتْــه عــزَّتُه
فـدعَّـهـا إرثَـهـا وابـتـزّ نـحـلـتَــهـــا ظـلـمـاً لـهـا ولـقـدْ دانــــتْ ظــلامــتُه
ومنها في رثاء الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):
لم أنـسَـه إذ سـقـته السمَّ في حنقٍ بأمرِ نغلِ أبي سفيانَ زوجتُه
فـخـرَّ بـالسُّمِّ منه الجسمُ وا أسفي لـنـيِّـرٍ كـسـفـتْ بالسمِّ بهجتُه
بمهجتي مهجة الهادي النبيِّ وقد تقطّعتْ بذعافِ الـسمِّ مهجتُه
وقد أبوا دفنَه مـعْ جـدِّهِ حــنــقــاً معْ دفنِه معَه مَن كـانَ يـمقتُه
ومنها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
ولا رزيةَ أيـــــــــمُ اللهِ أعظمُ مِن يومِ الطـــفوفِ الذي جَلّتْ رزيَّتُه
يومٌ بهِ قرحةُ الإسـلامِ قـد نُـكـئتْ وأستؤصلتْ مِن رسولِ اللهِ شأفتُه
يـومٌ بـهِ وُتــرَ الـمـخـتـارُ وابـنتُه وصـنـوه الـطـهـرُ وابـناهُ واسرتُه
يـومٌ بـهِ بـكـتِ السبعُ الطباقُ دماً ومنه قد نشأتْ في الأفـقِ حـمرتُه
وكيفَ لا ودماءُ السبطِ قد سُفكتْ ظـلـمـاً ومـا رُعِـيـتْ للهِ حُــرمـتُه
ومنها في رثاء أهل البيت وأولادهم (عليهم السلام) وما جرى عليهم المصائب والمحن على يد الأمويين والعباسيين:
وكمْ وكمْ مِن مُـصـابٍ قد أصيبَ بهِ سلالةُ المصطفى الهادي وعـتـرتُه
فـمِـنْ قـتـيـلٍ ومـأســورٍ وآخــر بالـ ـصـلـبِ قـد أحـرِقـتْ بـالـنـارِ جُثّتُه
ومِـن شـريــدٍ ومــنــفــيٍّ ومُــسـتترٍ خوفَ العِدى ليسَ يُدرى أينَ غيبتُه
وكمْ أفِيضتْ بسيفِ البغي نفسُ فتىً مُـشـتـقـةٌ مـن رسـولِ اللهِ نــبـعـتُــه (20)
..............................................................
1 ــ أدب الطف ج 6 ص 65 / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 8 ص 265 ــ 269 / ليلة عاشوراء في الحديث والأدب للشيخ عبد الله الحسن ص ٢١٨
2 ــ موسوعة طبقات الفقهاء للشيخ جعفر سبحاني ج 13 ص 103
3 ــ نفس المصدر السابق
4 ــ مقدمة تحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار، لضامن بن شدقم ج 1 ص 55 الناشر: التراث المكتوب
5 ــ أدب الطف ج 6 ص 69
6 ــ أعيان الشيعة ج 3 ص 130 رقم 422
7 ــ طبقات أعلام الشيعة ج 2 ص 113
8 ــ تكملة أمل الآمل ج 2 ص 133 رقم 135
9 ــ معارف الرجال ج 1 ص 60 رقم 26
10 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 115 رقم 17
11 ــ أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة ج 1 ص 4
12 ــ شعراء الغري ج 1 ص 220
13 ــ مستدركات علم رجال الحديث ج ١ ص ٤٦٠
14 ــ موسوعة طبقات الفقهاء للشيخ جعفر سبحاني ج 13 ص 103
15 ــ أدب الطف ج 6 ص 69
16 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ١٣١ / أدب الطف ج 6 ص 69
17 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص ١٣٢ / أدب الطف ج 6 ص 68
18 ــ أعيان الشيعة ج ٣ ص 133 ــ ١٣٤
19 ــ أدب الطف ج 6 ص 71
20 ــ موقع شعراء أهل البيت
كما ترجم له:
السيد جواد شبر / أدب الطف ج 6 ص 64 ــ 74
كاظم عبود الفتلاوي / مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف ص 50 ــ 51
يحيى مراد / معجم تراجم الشعراء الكبير ص 65
محمد الريشهري / موسوعة الإمام الحسين عليه السّلام في الكتاب والسّنّة والتّاريخ ج 7 ص 91
الشيخ عبد الله الحسن / ليلة عاشوراء في الحديث والأدب ص ٢١٨
خير الدين الزركلي / الأعلام ج 1 ص 232
الشيخ مهدي الشيرازي / الفوائد الرجالية ج 1 ص 36، 39، 31، 67، 81، 109، 150
عمر رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 2 ص 131
محمد علي تبريزي / ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية واللقب ج 4 ص 144
ميرزا محمد علي حبيب آبادي / مكارم الآثار ج 2 ص 549
كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الشعراء ج 1 ص 209 ــ 210
الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى شعراء الشيعة ج 1 ص 473 وج 3 ص 480 وج 10 ص 52
الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ص 2451
اترك تعليق