887 ــ ابن المستوفي الأربلي (564 ــ 637هـ / 1168 ــ 1239م)

ابن المستوفي الأربلي (564 ــ 637 هـ / 1168 ــ 1239م)

قال مخاطباً يزيد بن معاوية حين تبرّأ من قتل الحسين (عليه السلام) وألقى التبعة بقتله على ابن زياد، مستنكراً فعله الشنيع في قرعه ثناياه بالقضيب:

أتجحــدُ قتلَه وتراهُ إثماً     وقد أقبلته بـ(الطفِّ) شمرا

وتقرعُ بالقضيبِ ثنيَّتيهِ     أراكَ أتـــــيتَها نكراءَ نكرا (1)

الشاعر

المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب اللخمي، الملقب شرف الدين المعروف بابن المستوفي الأربلي، (2) و(الصاحب)، شاعر وكاتب ونحوي ولغوي، ومحدث، ولد بأربل (أربيل حالياً) بالعراق في أسرة علمية، ودرس القرآن الكريم ومبادئ العلوم العربية والدينية على يد أبيه وعمه صفي الدين أبو الحسن علي بن المبارك، وسمع الحديث الشريف من أعلام المحدثين في أيامه، كما درس لدى: أبي حفص عمر بن محمد بن معمر بن أحمد البغدادي، وأبي بكر بن حماد بن علي بن عبد الله الحلبي، ومكي بن ريان بن شبة بن صالح الماكسيني، وأبي عبد الله البحراني.

وسمع من: عبد الوهاب بن أبي حبة، ومبارك بن طاهر، وحنبل، وابن طبرْزد، ونصر بن سلامة الهيتي، ومجموعة من الوافدين إلى أربل، وله الإجازة من أبي جعفر الصيدلاني، وأجاز بدوره لشمس الدين ابن الشيرازي (3)

تولّى الأربلي الاستيفاء بأربل وقد كان والده وعمه صفي الدين أبو الحسن علي بن المبارك قد توليا هذا المنصب قبله، والاستيفاء هو منصب رفيع يأتي بعد الوزارة في المكانة والأهمية، وقد اشتهر به رغم أنه تولى الوزارة لصاحب إربل مظفر الدين كوكبري

لجأ الأربلي إلى القلعة بإربل مع الناس حينما غزاها المغول، ثم نزح إلى الموصل بعد استيلائهم عليها وأقام بها في حرمة وافرة وله راتب يصل إليه، وكان عنده من الكتب النفيسة شيء كثير، وبقي في الموصل حتى وفاته ودفن في مقبرة السابلة خارج باب الجصاصة في محلة الخاتونية. (4)

قال عنه ابن خلكان وكان معاصراً له: (كان رئيساً جليل القدر كثير التواضع واسع الكرم، لم يصل إلى أربل أحد من الفضلاء إلا وبادر إلى زيارته وحمل إليه ما يليق بحاله، وخصوصاً أرباب الأدب وكان جم الفضائل عارفاً بعدة فنون، منها الحديث وعلومه وأسماء رجاله وجميع ما يتعلق به، كان إماماً فيه. وكان ماهراً في فنون الأدب من النحو واللغة والعروض والقوافي وعلم البيان وأشعار العرب وأخبارها وأيامها ووقائعها وأمثالها. وكان بارعاً في علم الديوان وحسابه وضبط قوانينه على الأوضاع المعتبرة عندهم وجمع لإربل تاريخا في أربع مجلدات وقد أحلت عليه في هذا الكتاب في مواضع عديدة وله كتاب النظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام في عشر مجلدات وكتاب إثبات المحصل في نسبة أبيات المفصل في مجلدين تكلم فيه على الأبيات التي استشهد بها الزمخشري في المفصل وله كتاب سر الصنعة وله كتاب سماه ابا قماش جمع فيه أدباً كثيراً ونوادر وغيرها وسمعت منه كثيراً وسمعت بقراءته على المشايخ الواردين على إربل شيئا كثيرا فإنه كان يعتمد القراءة بنفسه وله ديوان شعر أجاد فيه). (5)

ثم يقول ابن خلكان: (وكنت خرجت من إربل في سنة ست وعشرين وستمائة وشرف الدين مستوفي الديوان، والاستيفاء في تلك البلاد منزلة عليه، وهو تلو الوزارة، ثم بعد ذلك تولى الوزارة في سنة تسع وعشرين وستمائة، وشكرت سيرته فيها..... وهو من بيت كبير كان فيه جماعة من الرؤساء الأدباء، ولما مات شرف الدين رثاه صاحبنا يوسف بن النفيس الإربلي:

أبا البركاتِ لـــو درتِ المنايا      بأنّكَ فردُ عصرِكَ لم تصبكا

كفى الإسلامُ رزأ فقدَ شخصٍ      علــــــيهِ بأعينِ الثقلين يُبكى

وسمعت منه كثيراً وسمعت بقراءته على المشايخ الواردين على إربل شيئاً كثيراً فإنه كان يعتمد القراءة بنفسه وله ديوان شعر أجاد فيه) (6)

وقال عنه شمس الدين الذهبي: (وكتبَ الكَثير، وجمعَ فَأَوعى، وعمل لبلده (تاريخاً) في خمسة أَسفار، وكانت داره مجمعاً للفضلاَء، وكانَ كثير المحفوظ، قَويّ الخطّ، حلو الإيراد، لَه النّظم والنَثر، والتَفنُّن في الفَضَائل) (7)

وقال ابن الشعار: (كان الصاحب مع فضائله محافظاً على عمل الخير والصلاح، مواظباً على العبادة، كثير الصوم، دائم الذكر متتابع الصدقات) (8)

وقال عنه الزركلي: (مؤرخ، من العلماء بالحديث واللغة والأدب. كان رئيساً جليلاً، ولد بإربل، وولي فيها استيفاء الديوان ثم الوزارة. واستولى عليها الصليبيون، فانتقل إلى الموصل، وتوفي بها. له " تاريخ إربل - خ " المجلد الثاني منه، يقوم بتحقيقه سامي الصفار ببغداد، والمجلد الرابع منه، في شستربتي (4098) وهو آخر أجزائه، والنظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام – خ) (9)

وقال عنه أبو الِطيب محمد صديق خان البخاري القِنَّوجي: (كان رئيساً جليلَ القدر، كثيرَ التواضع، واسعَ الكرم، لم يصل إلى أربل أحدٌ من الفضلاء إلا وبادر إلى زيارته، وحمل إليه ما يليق بحاله، ويقرب إلى قلبه بكل طريق.

وكان جم الفضائل، عارفًا بعدة فنون، منها: الحديثُ، وعلومه، وأسماء رجاله، وجميع ما يتعلق به، وكان إماماً فيه، وكان ماهراً في فنون الأدب؛ من النحو واللغة والعروض والقوافي، وعلم الأنساب، وأشعار العرب وأخبارها وأيامها ووقائعها وأمثالها) (10)

وقال عنه ابن كثير: (كان إِماماً في علوم كثيرة كالحديث وأَسماء الرِجال والأَدب والحساب، وله مصنفات كثيرة وفَضائل غزِيرة) (11)

مؤلفاته:

له عدة مؤلفات منها:

1 ــ تاريخ أربل ــ وقد سمَّاه (نباهة البلد الخامل بمن ورد عليه في الأماثل)، وهو من أهم كتبه ويقع في أربعة مجلدات، طبع بتحقيق سامي بن السيد خماس الصقار، قال عنه ابن خلكان: (وقد أحلت عليه في هذا الكتاب ــ أي وفيات الأعيان ــ في مواضع عديدة). (12)

2 ــ النظام في شرح شعر المتنبي وأبي تمام ــ في عشر مجلدات.

3 ــ سر الصنعة

4 ــ إهداء الأمراء في تواريخ الشعراء: ذكر فيه شعراء إربل والشعراء الذين زاروها

5 ــ إثبات المحصل في نسبة أبيات المفصل ــ في مجلدين تكلم فيه على الأبيات التي استشهد بها الزمخشري في المفصل

6 ــ أبو قماش ــ أشبه بالكشكول جمع فيه أدبا كثيراً ونوادر وغيرها

7 ــ ديوان شعر

8 ــ رسائل ابن المستوفي (13)

شعره

ومن شعره ويبدو أنه قاله بعد غزو التتر لإربل يقول فيه

حَيّا الحيَا وَطَــــــناً بإربل دارساً     أخنَت عليه حــــــوادثُ الأيّامِ

أقوَت مـــــــرابِعُهُ وأوحشَ أُنسُهُ     وخَلَت مــــــراتعهُ من الآرام

عُنِــــــــيَ الـشتاتُ بأهله فتفرقوا     أيدي سَـــبا في غير دار مقام

إن يُمسِ قد لـعبت به أيدي البِلى     عافي المعـاهد دارسَ الاعلام

فلكم قضيتُ بـه لُبــــانات الصِّبا     مَــــــعَ فِتيَةٍ شمِّ الأنوفِ كرامِ (14)

......................................................................

1 ــ تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون للصفدي ص 205 / أدب الطف ج 7 ص 309 ــ 311 ، المستدركات / ديوان القرن السابع ص 86

2 ــ البداية والنهاية لابن كثير ج ١٣ ص ١٦٣ / وفي تاريخ الإسلام ج ٤٦ ص ٣٥١ : المبارك بن أحمد بن أبي البركات المبارك بن موهوب بن غنيمة بن (علي) بدلاً من غلب

3 ــ سير أعلام النبلاء ج 23 ص 49

4 ــ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ج ٤ ص ١٥١

 5 ــ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ج ٤ ص ١٤٧

6 ــ نفس المصدر ص 150 ــ 151

7 ــ سير أعلام النبلاء / الطبقة الرابعة والثلاثين ج 23 ص 49

8 ــ قلائد الجمان ج 6 ص 39

9 ــ الأعلام ج 5 ص 269

10 ــ التاج المكلل من جواهر مآثر الطراز الآخر والأول ص 88 ــ 89

11 ــ البداية والنهاية ج 13 ص 139  

12 ــ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ج ٤ ص ١٤٧

13 ــ نفس المصدر والصفحة

14 ــ سير أعلام النبلاء ج ٢٣ ص ٥١

كما ترجم له وكتب عنه:

صلاح الدين الصفدي / الوافي بالوفيات ج 2 ص 206

ابن العماد الحنبلي / شذرات الذهب ج 5 ص 186

عمر فروخ / تاریخ الأدب العربي ج 3 ص 531

الدكتور أحمد على الفلاحي / الاغتراب في الشعر العربي ص 76

حنان محمد العشوش / دراسة فنية موضوعية للشاعر ابن المستوفي الاربلي

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار