سلام على آل يس..

في هذه الصورة الفنية، لا يمكن التحدث عن أبعاد الفضاء المكاني، ما دام بوسع الصورة هذه أن تكون مسطحة تارة واخرى ذات عمق وابعاد جديدة، فهي تحمل قوى تتجاوز الفضاء المكاني... إلى أن تكون أشبه بحبك لنتائج وآثار الزمن الناجمة عن الأحداث الواقعة.. ليس لأنها تمثل واقع ما.. وإنما تستلهمه في بعض التفاصيل والجزيئات الجسدية حتى تحيل الاشكال والألوان الى تباينات لا واعية بنيت على اساسها علاقة جمالية بين الواقع والخيال الرمزي.

فمن خلال المسح البصري لهذه الصورة يمكن متابعة المنظومة الرمزية داخل العمل... حيث عمد الفنان الى إنتاج ذلك من خلال حقل لوني محدد هو فضاء العمل أما الوحدات فإنها تقع على أرضية لونية مضيئة من رموز صورها الفنان كأنها اجنحة ملائكية تظهر للمشاهد وكأنها امواج متلاطمة تحمل احدى سفن النجاة، وهذان اللونان يحققان تبايناً واضحاً من خلال التباين بين الارضية والفضاء.

انتهج الفنان في هذه اللوحة منهج الواقعية في وسطها من خلال تشخيص المقدس من بين عناصرها المتعددة وفضائها وجعله يحتل المركز السيادي في وسط اللوحة، وقد عمد إلى استخدام طريقة تلوين عالج فيها البعد المنظوري وحركة الظل والضوء داخل اللوحة، فالأجنحة التي تحمل المركز السيادي والظلال الممتدة على أرض اللوحة أكبر حجماً من تلك الموجودة في العمق, كما نلاحظ ان رسام اللوحة استخدام تقنية الاختزال الشكلي في رسم بعض عناصر اللوحة.. والاختزال هو العنصر الذي حكم بناء المفردات والمكان، وهذا كله يعكس ذات الفنان في جعل اللوحة حاملة لرؤية يُستدل عليها أولا من خلال منظوره الخاص للون ومن ثم النظر إلى الواقع على أنه واقع يخرج من حيز التأويل الذاتي إلى حيز الخطاب البصري الذي يعكس جانباً تعبيرياً بواسطة العملية البنائية في أحكام العلاقة بين مفردات اللوحة وأجوائها وهذا ما يعكس خصوصية الأسلوب الشخصي للفنان.

على الرغم من الواقعية المطروحة وسط اللوحة إلا أن الجانب الحداثي هو الذي مكن هذه المفردات من البدء بصراحة التعبير وسط عالم ملون بطريقة ذاتية روحانية خالصة وله سمات اسلوبية تنطلق من طبيعة النظر الى اللون.

أن جميع الرموز الإسلامية تآلفت وتآزرت لتفصح عن دلالات دينية واجتماعية تخص المجتمع العراقي بشكل خاص والمجتمع الشيعي بشكل عام، فهي تفصح عن ثقافة انتظار خاتم الائمة ومخلص البشرية الامام الحجة ابن الحسن عجل الله فرجه الشريف، فضلاً عن التعبير عن طقوسهم وشعائرهم المتمثلة بمراسيم الزيارات  للاماكن المقدسة وبالخصوص احياء ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام، كما استخدم الفنان بعض الرموز بأشكال تشخيصية لتكون موحية بالمضمون الذي تحمله والمتمثل بالرؤى الروحية لمواضيع الشعائر الحسينية والطقوس الدينية التي تحمل حقائق ذات معان إنسانية وروحية أكثر من تمثيلها للواقع.

 ومن خلال تأملنا بحيثيات اللوحة نجد انها تفصح برموزها الإسلامية عن تأثر الفنان وايمانه بالحدث المراد طرحه، فالفنان في استلهامه للرموز الإسلامية لا يتعامل معها من وجهة نظر سكونية جامدة أو بوصفها مصدراً لماض ما، بل لينقل منها ما يشاء بحرفية الناقل ورؤيته العقائدية وهي محاولة يُحيى بها الموروث وتفعل بها تلك الرموز التي تحمل قدرة حركية معاصرة ومن ثم يكون التكوين العام بمثابة لغة بصرية جمالية تحمل قيما روحانية عقائدية بصيغة تشكيلية وتعبيرية وجمالية تعبر عن فكرة الموضوع المراد ايصاله الى المجتمع.  

كاتب : سامر قحطان القيسي