812 ــ سليمان بن قتة العدوي التيمي (توفي 126 هـ / 743 م)

سليمان بن قتة العدوي التيمي (توفي 126 هـ / 743 م)

قال من أبيات في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

مــررتُ عــلــى أبــيـاتِ آلِ محمدٍ     فلمْ أرَ أمــثــــالـهـا يــومَ حــلّـتِ

ألمْ ترَ أنَّ الشمسَ أضحتْ مريضةً     لــقتلِ حــســينٍ والبلادُ اقشعرَّتِ

وكــانــوا رجـاءً ثمَّ أضحوا رزيَّـةً     لقد عــظـمتْ تلكَ الرزايا وجلّتِ

وتــســألنــا قــيـسٌ فـنعطي فقيرَها     وتــقـتلنا قـيـسٌ إذا الـنـعلُ زلّــتِ

وعــنــد غـــنـيٍّ قطرةٌ من دمـائِـنا     ســنـطلبُها يوماً بها حيـثُ حــلّتِ

فــلا يــبـعـدُ اللهُ الـــديـارَ وأهـلَهـا     وإن أصبحتْ منهم برغمي تخلّتِ

وإنَّ قتيـلَ (الـطفِّ) مِن آلِ هاشـمٍ     أذلَّ رقـابَ المـســلــمـيـــنَ فذلّـتِ

وقد أعولتْ تبكي الــسـمـاءُ لفقـدِه     وأنجــمُــنـا ناحتْ علـيهِ وصلّــتِ (1)

وقال من بيت آخر:

وإن الأولى بـ(الطفّ)ِ مِن آلِ هاشمٍ     تأسّوا فسنّوا للكرامِ التأسيا (2)

الشاعر

سليمان بن حبيب بن محارب التيمي القرشي، المعروف بـ (سليمان بن قتة) وقتة هي أمه وقد غلبت نسبته إليها دون أبيه، وقد رجح السيد الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي (قدس سره) بأن هذه الأبيات هي أول ما رثي به الإمام الحسين (عليه السلام) فقال: (وينبغي أن يكون أوّل من رثى الحسين عليه السلام، لأنّه مرّ بكربلاء بعد قتل الحسين عليه السلام بثلاث ليال، فنظر إلى مضاربهم، واتّكأ على قوس له عربية وأنشأ يقول: مررت ....) (3)

ووافق رأيه السيد محسن الأمين فقال: (وينبغي أن يكون أول من رثاه سليمان بن قتة العدوي التيمي مولى بني تيم بن مرة وكان منقطعاً إلى بني هاشم فإنه مر بكربلاء بعد قتل الحسين عليه السلام بثلاث فنظر إلى مصارعهم واتكأ على فرس له عربية وأنشأ يقول...) (4) وذكر هذا القول السيد جواد شبر أيضاً (5)

وقد عد ابن شهرآشوب الشاعر ابن قتة (من شعراء اهل البيت المتقين) (6)

وقال عنه أبو العباس المبرد: (هو رجل من بني تيم بن مرة بن كعب بن لؤي، وكان منقطعاً إلى بني هاشم وكان من الشيعة التابعين والشعراء) (7)

وقال الشيخ المامقاني: (كان من الشيعة وله أبيات يرثي بها الحسن المجتبى ومراث كثيرة للحسين عليه السلام والقتلى معه). (8)

وقال الشيخ عباس القمي والسيد الأمين: (قَتّة كضبَّة: اسم أم سليمان، واسم والده حبيب المحاربي وهو تابعي مشهور. وقيل أنّ سليمان هو أوّل من رثى الحسين: مرّ بكربلاء فنظر إلى مصارع الشهداء فبكى حتى كاد أن يموت ثم قال: الأبيات...) (9)

وقد نسب شمس الدين الذهبي (10) وابن أبي حاتم الرازي (11) وأبو القاسم الطبراني (12) وابن قايماز الذهبي (13)، وأبو محمد القضاعي الكلبي المزي (14) هذه الأبيات إلى أبي الرميح الخزاعي

يقول السيد الأمين حول هذا الخلط في النسبة: (كثر ذكر الناس لها واختلفت روايتهم لها بالزيادة والنقصان وتغيير بعض الألفاظ.. ثم يذكر الاختلاف في الألفاظ ويقول: وبعضهم يروي هذه الأبيات لأبي الرميح الخزاعي والظاهر أن لكل من سليمان بن قتة وأبي الرميح أبياتا في رثاء الحسين (ع) على هذا الوزن وهذه القافية وقد أدخل بعض أبيات كل منهما في أبيات الآخر كما اتفق مثل ذلك في ميمية الفرزدق في علي بن الحسين (ع) وأبيات أبي الأسود النونية في رثاء أمير المؤمنين (ع) وغير ذلك وأكثر الروايات اتفقت على نسبة البيت الأول والثاني والثالث والسابع إلى سليمان بن قتة والشك فيما عداها) (15)

ويؤكد هذا الرأي السيد جواد شبر بقوله: (والظاهر أن لكل من سليمان بن قتة وأبي الرميح أبياتاً في رثاء الحسين عليه السلام على هذا الوزن وهذه القافية، وقد أدخل بعض أبيات كل منهما في أبيات الآخر...) (16)

ويقول الكرباسي: (إن أبا الرميح ضمن شعره ببيت من أشعار ابن قتة أو استشهد به) (17)

وهذا البيت الذي قصده الكرباسي هو:

وإنَّ قتيلَ (الطفِّ) مِن آلِ هاشمٍ     أذلَّ رقابَ المسلمينَ فذلّتِ

إذا فالأبيات هي لسليمان بن قتة وهو (الهاشمي بالولاء، العدوي، التميمي، البصري، عالم، محدث، تابعي، مقرئ، أديب، شاعر، ومن فحول شعراء عصره، وكان من المنقطعين إلى بني هاشم، روى عن عبد الله بن عباس وغيره، وروى عنه عاصم الجحدري وغيره. توفي بدمشق سنة 126 هـ) (18)

أما أبيات أبي الرميح فسنذكرها في ترجمته، أما بيت سليمان الذي ذكرناه وهو:

وإن الألى بالطفِّ مِن آلِ هاشمٍ     تأسُّوا فسنّوا للكرامِ التأسِّيا

فقد نسبه السيد جواد شبر لمصعب بن الزبير (19) لكنه ينفي هذه النسبة بعد التحقيق فيقول: (جاء في الجزء الأول من أدب الطف في ترجمة مصعب بن الزبير هذا البيت... وقد تحقق لدينا أنه لسليمان بن قتة كما ذكره أبو الفرج في الأغاني وليس لمصعب كما روى ذلك الطبرسي في مجمع البيان ج ١ ص ٥٠٧) (20)

وجاء هذا الاشتباه لأن مصعب تمثل به كما ذكر ابن أبي الحديد بقوله: (كان مصعب لما خرج إلى حرب عبد الملك سأل عن الحسين بن علي عليه السلام، وكيف كان قتله؟ فجعل عروة بن المغيرة يحدث عن ذلك، فقال متمثلاً بقول سليمان بن قتة...) ثم ذكر البيت (21) كما أكد ذلك الكرباسي (22)

شعره

قال من قصيدة في رثاء شهداء الطف:

عينُ جــــودي بعبرةٍ وعويلِ     واندبي إن ندبتِ آلَ الــــرسولِ

ســــــــــتّةٌ كلّهمْ لصُلبِ عليٍّ     قد أصيبوا وسبــــــــــعةٌ لعقيلِ

واندبي إن بكيتِ عوناً أخاهمْ     ليسَ فيما ينــــــــــوبهمْ بخذولِ

وسميَّ النــــــبيِّ غُودر فيهمْ     قد علـــــــــوهُ بصارمٍ مصقولِ

واندبي كهلهـــم فليسَ إذا ما     عُدّ فـــي الخيرِ كهلهمْ كالكهولِ

فلعمري لقد أصيب ذوو القر     بى فبكّي على المصابِ الجليلِ (23)

فإذا ما بكيتِ عيني فجودي     بدموعٍ تسيلُ كلَّ مسيلِ

وقال في رثاء الإمام الحسن (عليه السلام) وكان صديقا له:

يا كـــــــــذّبَ اللهُ مَن نعى حسناً     ليسَ لتكــــــذيبِ نعيهِ ثمنُ

كــــــنتَ خليلي وكنتَ خالصتي     لكلِّ حـــــيٍّ مِن أهلهِ سكنُ

أجولُ في الدارِ لا أراكَ وفي الـ     ـدارِ أنـــاسٌ جوارهمْ غبنُ

بدّلتهمْ منــــــــــــــــكَ ليتَ أنّهمُ     أضحوا وبيني وبينهمْ عدنٌ (24)

...................................................................

1 ــ وردت هذه الأبيات باختلاف يسير في ألفاظها وعددها في: بحار الأنوار ج ٤٥ ص ٢٤٤ / العوالم ، الإمام الحسين (ع) للشيخ عبد الله البحراني صفحة ٥٤٤ / اللهوف ص 87 عدها خمسة 1، 6 ، 7 ، 3 ، 2 ، أدب الطف ج 1 ص 54 / مقاتل الطالبيين ص 121 / الكامل لابن الأثير ج 4 ص 40 / ديوان الحماسة ج 3 ص 13 / معجم البلدان ج 4 ص 36 / مروج الذهب ج 2 ص 64 / زهر الآداب للقيرواني ج 1 ص 134 / كامل الزيارات ص 96 / المنتخب للطريحي ص 477 / أعيان الشيعة ج 7 ص 380 / تهذيب ابن عساكر ج 4 ص 342 / مثير الاحزان ص 110 / مناقب ابن شهراشوب ج 4 ص 117 / تذكرة الخواص ص 272 / ناسخ التواريخ ج 2 ص 11 / الكنى والالقاب ج 1 ص 383 / مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 149 / البداية والنهاية لابن كثير 8 / 211، إضافة إلى مصادر أخرى وقد فصل الحديث في هذا الاختلاف المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي في ديوان القرن الثاني ص 52 ــ 54 الهامش

2 ــ أدب الطف ج 4 ص 141 / مجمع البيان للطبرسي ج 1 ص 841 / ناسخ التواريخ ج 3 ص 371 / الكامل في التاريخ ج 174 / الأغاني ج 19 ص 139 / لسان العرب ج 1 ص 147 / مجمع البحرين ج 1 ص 28 / بحار الأنوار ج 45 ص 200

3 ــ المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة ص 144

4 ــ أعيان الشيعة ج ١ ص ٦٢٢

5 ــ أدب الطف ج 1 ص 54

6 ــ معالم العلماء ص 186

7 ــ الكامل ج ١ ص ١٠٦

8 ــ تنقيح المقال ج 2 ص 64 

9 ــ الكنى والألقاب ج ١ ص ٣٨٣ / أعيان الشيعة ج ٧ ص ٣٠٨

10 ــ سير أعلام النبلاء ج 4 ص 596

11 ــ الجرح والتعديل ج 4 ص 136

12 ــ المعجم الأوسط ج 2 ص 457

13 ــ طبقات القرّاء ج 1 ص 314

14 ــ تهذيب الكمال ج 6 ص 477

15 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص 308

16 ــ أدب الطف ج 1 ص 55

17 ــ ديوان القرن الأول ج 1 ص 94

18 ــ مشاهير شعراء الشيعة ــ عبد الحسين الشبستري ج 5 رقم 1048

19 ــ أدب الطف ج 1 ص 142 ــ 143

20 ــ نفس المصدر ج 4 ص 9

21 ــ شرح نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٩٨

22 ــ ديوان القرن الثاني ص 234 الهامش

23 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص 309

24 ــ نفس المصدر والصفحة

كما ترجم لسليمان أيضاً:

السيد حسن الصدر ــ تأسيس الشيعة لفنون الإسلام ص 204 ــ 205 

الشيخ محمد تقي التستري ــ قاموس الرجال ج 5 ص291 ــ 292 

المسعودي ــ مروج الذهب ج 3 ص 72 

أبو الفرج الأصفهاني ــ مقاتل الطالبيين ص77 ــ 87

ابن الأثير ــ الكامل في التاريخ ج 4 ص 40 

ابن حبان ــ الثقات ج 4 ص 311 

أبو إسحاق الحُصري القيرواني ــ زهر الآداب وثمر الألباب ج 1 ص 134 

الزمحشري ــ ربيع الأبرار ج 1 ص 614 

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار