784 ــ جواد محمد جواد (ولد 1340 هـ / 1922 م)

جواد محمد جواد (1340 ــ 1423 هـ / 1922 ــ 2003 م)

قال من قصيدة (سيد الشهداء) وتبلغ (51) بيتاً:

إذ جـــــلَّ موقفُكَ العظيمُ بـ (كربلا)    عـــن مشبهٍ في الصبرِ والإقدامِ

ضــــحيتَ نفسَكَ والعزيزَ مِن الألى    واسوكَ من صحبٍ ومِن أرحامِ

ما كانَ مِن هدفٍ لشخصِكَ في الفدا    إلّا انـــــــــــتشالَ معالمِ الإسلامِ (1)

ومنها

أصبحتَ وحدَكَ في المجالِ فلا ترى    في (كربلا) مِــن مسعفٍ أو حامِ

فـــــــــــي حالةٍ لو كان غير حسينِها    لم يستطعْ قبضاً على الصمصامِ

فالقلبُ مــــــنكَ يذوبُ مِن حرِّ الظما    ومـــــــــــرارةِ الأشجانِ والآلامِ

الشاعر

الشيخ جواد بن محمد بن جواد، ولد في قرية الفوعة التابعة لمحافظة أدلب بسوريا، ودرس العلوم الدينية والعربية على يد الحاج أحمد رشيد مندو ثم سافر إلى لبنان لإكمال دراسته فدرس على يد السيد حسن اللواساني والعلامة الشيخ حبيب آل إبراهيم (2)

ثم غادر لبنان إلى النجف الأشرف فدرس فيها على يد الأستاذين العلامة السيد عبد الصاحب العاملي والعلامة الشيخ عيسى الحويزي، ثم عاد إلى بلاده إماماً وخطيباً في مسجد الحي الشرقي (مسجد الإمام محمد الباقر عليه السلام) حتى وفاته (3)

قال عنه أخوه مصطفى جواد: (كان الشيخ جواد من أكثر الناس فطنة وسرعة في الحفظ حتى تمكن من حفظ القرآن الكريم والعديد من دواوين الشعر العربي القديم وكان يكتب الشعر الموزون وعندما أطلعه على كتاباتي كانت لا تعجبه إذا كتبت بالشعر الحديث لأنه لا يفضل هذا اللون من الأدب وقد جمع ما كتبه من شعر في ديوان أطلق عليه اسم "أزهار وثمار في رياض الأشعار" كان الشيخ والشاعر مرجعاً في اللغة العربية لطلاب البلدة في جميع المراحل من الابتدائية حتى الجامعية وكان لي الشرف أنني تتلمذت على يديه في ميدان الأدب والشعر وهناك العديد من الكتابات التي تركها دون أن تنشر ومنها كتابات إسلامية وأخرى أدبية، تم تكريمه في المركز الثقافي في "الفوعة" عام /1993) (4)

وقال عنه الأستاذ أحمد عاصي: (يعتبر من أعلام محافظة "إدلب" اشتهر بعلمه وتواضعه الكبير وزهده وعفته وكرمه ومساعدته للمحتاجين إضافة إلى براعته بالشعر وإتقانه لعلوم اللغة والأدب له مجموعة من المؤلفات الدينية إضافة إلى ديوان شعر مطبوع). (5)

شعره

قال من قصيدته:

أمعلمَ الأجـيالِ قــــــــــــــــانونَ الإبا    والثورةَ الحمـــــرا على الإجرامِ

لكَ مـِــــــــــــن جميعِ الثائرينَ تحيةً    وتجلّةً تــــــــــــــزكو على الأيامِ

قــــــــــــد سجَّلَ التاريخُ إنّكَ سيدُ الـ    ـشهدا وللأحــرارِ خيرُ إمـــــــامِ

إذ جـــــلَّ موقفُكَ العظيمُ بـ (كربلا)    عـــن مــشبهٍ في الصبرِ والإقدامِ

ضــــحيتَ نفسَكَ والعزيزَ مِن الألى    واسوكَ مـن صحبٍ ومِـن أرحامِ

ما كانَ مِن هدفٍ لشخصِكَ في الفدا    إلّا انــــــــــــتشالَ معـالمِ الإسلامِ

مِن طغمةٍ حكمتْ فكانَ لحكمِـــــــها    خزيُ الزمانِ ولــــــــــعنةُ الآنامِ

عاثتْ فساداً في البلادِ وغيَّــــــــرتْ    للعدلِ والإصلاحِ كلَّ نـــــــــظامِ

ومضتْ تهدِّمُ ما بنـــــــــــــاهُ مـحمدٌ    وتعيدُ بعدَ النـورِ عـــــــهدَ ظلامِ

طلبوا إليكَ بأن تبايعَ والــــــــــــتقى    حاشا يبـــــــــــــــايعُ دولةَ الآثامِ

فرموكَ في يومِ الطفـــــوفِ بجحفلٍ    جمّ الكتائبِ مائجٌ مُتـــــــــــرامي

لم تثنِ كثرتُه عزيمتَـــــــــــــكَ التي    هيَ مِن قضاءِ الخــــــالقِ العلّامِ

وإذ التظتْ نارُ الهيــــاجِ وأحضرتْ    في ساحةِ الهيجا كــــؤوسُ حِمامِ

هبَّ الحماةُ وهــــــــــــمْ قليلٌ للوغى    وتتابعوا في صــــولةِ الضرغامِ

متعطشيــــــــنَ إلى الشهادةِ إذ غدتْ    لهمُ بذاكَ اليومِ خيرَ مــــــــــرامِ

نثروا الكـفوفَ على الرمالِ وطيَّروا    بشبا صوارمــــــــِهمْ مئاتِ الهامِ

حــــــــــتى إذا بلغوا المنى وتناثروا    شعلاً تضيءُ على مـدى الأعوامِ

أصبحتَ وحدَكَ في المجالِ فلا ترى    في (كربلا) مِــن مسعفٍ أو حامِ

فـــــــــــي حالةٍ لو كان غير حسينِها    لم يستطعْ قبضاً على الصمصامِ

فالقلبُ مــــــنكَ يذوبُ مِن حرِّ الظما    ومـــــــــــرارةِ الأشجانِ والآلامِ

ترنو إلى الأصحابِ حـــولكَ صُرَّعاً    فوقَ الصـــعيدِ مبعثري الأجسامِ

تعظُ الجموعَ وكمْ وعظـتَ وأنتَ مَن    ملكَ الفصاحةَ والبيانَ الــــسامي

لمْ تُبقِ مِن عذرٍ لــــــــــــــــهمْ لكنهمْ    كانوا كقطعانٍ مِن الأنــــــــــعامِ

وتجيلُ فكرَكَ في العيـــــالِ وما ترى    مِن بعدُ مِن أســـــرٍ ومِن إرغامِ

ويرنُّ في أذنيكَ ندبُ ثـــــــــــــواكلٍ    وبكا علا مِن صبيةٍ أيتـــــــــــامِ

يــــــــــــبستْ شفاههمُ وغارتْ منهمُ    تلكَ العيونُ فكلّهمْ هــــــو ظامي

لمْ أنسَ عـــــــــــــــــبدَ اللهِ طفلكَ أنّه    لحديثِهِ في القلـــــــبِ وقعُ حسامِ

قدَّمتَه للقومِ تطلبُ شــــــــــــــــــربةً    تطفي مِن الأحشاءِ لهبَ ضَــرامِ

لكنّما القومُ اللئـــــــــــــــامُ وقد خَلوا    مِن كلِّ معروفٍ وحفظِ ذِمــــــامِ

جادوا بسهمٍ سدَّدوهُ لــــــــــــــــنحرِهِ    أرأيتَ طفلاً سقيُه بســــــــــــهامِ

تركوهُ مذبوحاً فألّمَ خــــــــــــــــطبُه    آلُ النبوَّةِ إيَّــــــــــــــــــــما إيـلامِ

فهناكَ طابَ لكَ القتــــــــالُ ولمْ تجدْ    غــــــــــــــيرَ المهنَّدِ شافياً لـسقامِ

فهـــــــدرتَ هدرةَ حـيدرٍ يومَ الوغى    وحملتَ في غضبٍ على الأقـوامِ

ومضيـــــــتَ صاعقةً تـدمِّرُ ما ترى    وتُـــــــــبدِّدُ الأجـسامَ فوقَ رُغـامِ

وكتائبُ الأعــــــــــــدا تـلوذُ وتلتجي    بفرارِها خــــــوفَ الردى كسُوامِ

لولا القضاءُ محوتَهمْ لكنـــــــــــــــما    في قبضةِ الأقـدارِ كــــــــلُّ زِمامِ

حتى إذا حانتْ ســـــــــــــويعةُ فاجعٍ    قد كان للمـــــــــــــأساةِ شرُّ ختامِ

وبدتْ علائمُ غضبةِ الجبـــــــــارِ في    كلِّ الوجودِ تشعُّ لــــــــــــلأفـهامِ

واستيقظتْ بعدَ المصـــــــابِ ضمائرٌ    وصحتْ عقولُ مخدَّرينَ نـــــِيامِ

وتتـــــــابعتْ في الكونِ ثوراتٌ على    كلِّ الطـــــــــغاةِ وسائرِ الأصنامِ

عصفتْ بـــــــمُلكِ أميةٍ وقضتْ على    ما كانَ للباغيــــــــــنَ مِن أحلامِ

وسيستمرُ مـــــــدى العصورِ أوارُها    حتى يعمَّ العدلُ كلَّ مـــــــــــــقامِ

هذا هو الهدفُ الـــــــــــــرفيعُ لثورةٍ    أعلنتَها ببـــــــــــــــــسالةِ المقدامِ

فاهنأ أبا الأحرارِ فيما نلتـــــــــــــــه    في الدهرِ مِن فخرٍ ومـــِن إعظامِ

ولكَ التحيةُ مِن جميعِ أولي الـــــنهى    بل ألفُ ألفِ تحيةٍ وســـــــــــلامِ

..................................................

1 ــ مجلة الموسم للأستاذ محمد سعيد الطريحي، العدد 12 لسنة 1412 هـ / 1991 م ص 408 ــ 409

2 ــ نفس المصدر ص 408 / الهامش

3 ــ منتدى الفوعة بتاريخ 4 / 5 / 2009

4 ــ في حوار معه أجراه معه أحمد عاصي نشر بعنوان: جواد محمد جواد... الشيخ الجليل والشاعر الكبير على موقع سوريا بتاريخ 20 / 1 / 2008

5 ــ نفس المصدر

ترجم له:

باسم زين / جواد محمد جواد... الشيخ الجليل والشاعر الكبير، منتدى الفوعة بتاريخ 4 / 5 / 2009

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار