727 ــ حسن الحميري (ولد 1382 هـ / 1962 م)

حسن الحميري (ولد 1382 هـ / 1962 م)

قال من قصيدته (غبار عاشوراء):

في هذه الأماسي نواحٌ غامضٌ يلفُّ الكون

طيورٌ وجِلةٌ تمرُّ بارتباكٍ من أمامِ الضريح

النهرُ الأسودُ ينفلتُ من أقصى الجنوب

حتى تمتلئ حقولُ الدمعِ في (كربلاء) (1)

............................................

أتوسَّلُ إليك

فالطرقاتُ إلى (كربلاء) وعرةٌ

مشحونةٌ بالأخوةِ الرفاق

وأنا أحبو إليك

بفتورٍ

...........................................

الشاعر

حسن بن حمزة بن نجم الحميري، شاعر وقاص ولد في قرية البو حمير في الحلة، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في الفقه من جامعة الكوفة (1987 ــ 1988)، وعلى الماجستير في الشريعة من الجامعة الهولندية الحرة (2009 ــ 2010) عن رسالته الموسومة: (أثر الانفاق الإسلامي في التوازن الاقتصادي) وهو يعمل مدرساً للتربية الإسلامية في بابل.

نشر أول منشور له في جريدة العدل النجفية عام (1986) ثم واصل النشر بعد عام (2003) فنشر العديد من البحوث القرآنية والفقهية والقصص في أدبيات الروضة الحسينية، وصحيفة صدى المهدي الالكترونية، وله قصص وأشعار منشورة في الصحف والمجلات العراقية.

شعره

قال من قصيدته (غبار عاشوراء):

عدوتُ إليكَ والمساءُ يهطلُ أحزاناً كثيفة

يهطلُ غربةً تطلي جدرانَ القلب

عدوتُ إليكَ يعصفُ بدمي الحنين

يفورُ في أوردتي وجدٌ لا طاقةَ لي به

منذ أن شربَ الرضيعُ دمَه عطشاً

والفراتُ يسيرُ محدودبَ الظهر

خجلاً يلملمُ أضلاعَه

مسكوناً بالندم

مطبوخَ الضفافِ أسفاً

في هذه الأماسي نواحٌ غامضٌ يلفُّ الكون

طيورٌ وجِلةٌ تمرُّ بارتباكٍ مِن أمامِ الضريح

النهرُ الأسودُ ينفلتُ مِن أقصى الجنوب

حتى تمتلئَ حقولُ الدمعِ في (كربلاء)

يضيعُ وجهيَ برهةٌ

تنفلتُ منه التفاصيل

يشربُ وجهي حلمٌ بعيدٌ

يخضُّ هذا القلبَ الطائر

مساحةٌ طريةٌ من جسدِ الوقت

ويعودُ وجهُكَ مُتدفّقاً بشلالاتِ الضوء

الذي تبثّه المنائر

تحتَ ظلالِ المنائر

رحلتُ بعيداً كي أطرحَ مِن باقي الرحلةِ شبحَ أحلامِنا

الموشّحَ بالسوادِ وصرخاتِ اليتامى

أحلامُنا التي لا تتجاوزُ رغيفَ الخبزِ وقدحَ الشاي

كوخٌ لا يرابط أمامه عسكريُّ الأمن

مِن الصباحِ حتى المساء

أبي كان يطاردُ رغيفَ الخبز

بكرةً وعشيَّا

لكنه لمْ يُساوم

لمْ يلبسَ بدلةً زيتونيةً

ويحملُ عندَ تقاطعِ الطرقِ بندقيةً

آخرُ الليلِ طافتْ في خواطِره وجوهُ الأحبّة

في المعتقلاتِ

الذينَ انطفأوا فجأةً

مثلَ فقاعةٍ تنفجرُ هربوا خلسةً

من قبضةِ الحياةِ (الموت)

فلم يبقَ منهم سوى طيفٍ عابرٍ

أو ذكرى بعيدةٍ

أتوسَّلُ إليكَ

فالطرقاتُ إلى (كربلاء) وعرةٌ

مشحونةٌ بالأخوةِ الرفاق

وأنا أحبو إليكَ بفتورٍ

فنحنُ يا سيدي

ولدنا في وطنٍ ينامُ مُتأخِّراً

على أرصفةِ الحروبِ

ويستيقظُ مبكِّراً على نباحِ المدافعِ و(اليس يم)

ولدنا في وطنٍ مشنوقٍ على جدرانِ غربةٍ أبدية

حالنا حالُ زهرةِ البنفسج

عندما تبتسمُ للأفعى

وتتمنّى لها طيبَ الإقامةِ على فمِ مغارتِها

أبداً بعد الجراحِ المعلّقةِ بسقفِ القلب

فيدركني النعاسُ

على ملحِ الدموع

وصدى ذكرياتٍ باهتةٍ

في أفقِ السنينِ البعيدِ

نسيرُ سيدي والجراح

تسيرُ معنا

كما سارتْ معكَ المنايا

فلكلِّ ضرورةٍ مِن قائدٍ أو غيره

من زهورٍ تنطفئُ وقبورٍ تمتلئُ

قتلاً وتهجيراً

تلتفتُ الأفئدةُ

إلى رجاءٍ أخضرِ التفاصيل

يرفرفُ فرقَ القبابِ

فننسى ولو حين

أنَّ المديةَ الزرقاء

تبتعدُ قليلاً عن أوداجِنا

كلُّ من يمتطي صهوةَ الجواد

يصدرُ مرسوماً أموياً بتفتيشِ القلوبِ

فلا يجدُ إلّا سفينةً بحجمِ الكونِ

فيرتدُّ موسوماً بعارٍ لا يغادرُ

جلدَ التاريخِ أبداً

عشقناكَ صمتاً أحيانا

فألفينا ألذّ ألوانِ العشقِ

ألا نبوحَ وكلُّ مَن يطوي

الجوانحَ على بغضِكَ

يولدُ موحَّداً عارفاً ساجداً

تزهو في ملامحِه هالةُ الإخلاصِ

وفي الضفّةِ الأخرى

فعملاءُ وهمٍ في بطونِ أمَّهاتِهم

يجري مخاط الشرطِ من حبلِهم السري

لكن جراحاتِ الطفِّ

تزيِّنُ وجهَ التاريخِ الملطّخِ بالبذاءاتِ

طويتُ الجراحَ على مضضٍ

ووثقتُ طويلاً أرنو إليك

غريباً أشكو إليك

أسرِّحُ البصرَ على القبابِ

التي ترتعشُ عليها خمرةُ الغروبِ

وجهٌ تعِبُ التفاصيل

مدبوغٌ بتفاصيلٍ ناتئةِ الأسى

وجهٌ من تركاتِ هذا الوطنِ الموبوءِ

بالعداوةِ والحروبِ

طويتُ رطوبةَ الملاجئ تحتَ أضلعي

وعشقكَ نافذةٌ تطلُّ

على ظلامِ العصورِ

نسيتُ قلبي تحتَ ظلِّ المنائرِ

ورحلتُ بعيدا

.....................................................

ترجمته وشعره في: الحسين في الشعر الحلي ج 2 ص 308 ــ 317

كاتب : محمد طاهر الصفار