665 ــ محمد صالح الظالمي (1360 ــ 1413 هـ / 1941 ــ 1992 م)

محمد صالح الظالمي (1360 ــ 1413 هـ / 1941 ــ 1992 م)

قال من قصيدة (هي ذكراك) وتبلغ (54) بيتاً:

مهجةُ المصطفى ونفسُ عليٍّ     سحقتها الخيولُ في (كربلاءِ)

وزَّعتْ جسمَه الظبا وتناستْ     أنّــهـا وزَّعـتْ رسولَ السماءِ

لو رسولُ الهدى رآكَ لسحَّتْ     لكَ عـيناهُ يـا حـسـيـنُ الإبـاءِ (1)

وقال من قصيدة مطولة بعنوان: (ملحمة الفداء):

أبكي على جسمِ الحسينِ بـ (كربلا)     ملقىً ثلاثاً فــي الـهـجيرِ يترَّبُ

أبكي الأسارى الـظـاعـنــينَ أمَامَهمْ     رأسُ الذبيحِ على سنانٍ يُنصبُ

أبكي على ثأرِ الـحـسينِ فــلـمْ أجــدْ     أحـداً يُـطـالـبُ بالدماءِ فيحربُ (2)

وقال من قصيدة (الفداء والصمود) وتبلغ (58) بيتاً يصوّر أحدى المراحل التي قطعها الإمام الحسين (عليه السلام) في مسيره من مكة إلى كربلاء وهي (زرود) حينما استرجع (عليه السلام) ــ قال إنا لله وإنا إليه راجعون ــ فسأله ابنه علي الأكبر (عليه السلام) عن سبب استرجاعه فأخبره عن طارق طرقه يخبره بمقتلهم فقال له علي الأكبر: (لا نبالي إذا كنا على الحق أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا) (3):

يا حـسـينَ الفداءِ كنتَ مُـغـــــذّاً     حيث لاحتْ على الروابي زرودُ

ثمَّ إغفاءةٍ سرتْ مثلَ طـيـــــفٍ     بــيـنَ جــفــنـيــكَ والثرى ممدودُ

وإذا طـارقٌ يــقـولُ قـــــريـــباً     سوفَ تحوي هذي البدورَ اللحودُ

وترى (كربلاء) تــشــهدُ يـوماً     يــتـجـلّــى بــه الـــفداءُ والصمودُ

قلتَ مُــســترجعاً بقلبٍ تلـــظّى     إنَّ يــومَ الـــلقاءِ تُوفى الــعــهـودُ

فــدنا شـبـلـكَ الــذي روَّعـــــته     زفرةٌ من أبــيــهِ وهــوَ الــعــميدُ

حين حدّثته عن الــطارقِ المشـ     ـؤومِ والــركــبُ ســائــرٌ مكدودُ

أولسنا على الهدى يــا ابـنَ طهَ     قــلــتَ أي والــذي إلــيــــهِ نعودُ

قالَ ثــبــتِ الـــجــنانِ إنَّ عدانا     للظى الحربِ في الــجـهـادِ وقودُ

لا نـبــالي إذا وقــعنا على المو     تِ أمْ الــمــوتُ فاعلٌ ما يـــريــدُ

فلنا الــنــصـــرُ إذ نعيشُ كراماً     وردانا إمِّا قــتــلــنـــا الـخـــلــودُ

نحن نمضي إلى الجهادِ سِراعاً     وجــديــرٌ بــمـثـلِــنــا أن يسودوا (4)

الشاعر

محمد صالح بن جعفر بن رحمة الله (رحوم) بن جواد بن علي الظالمي الفزاري، أديب وشاعر ولد في النجف الأشرف وكان جده رحمة الله الملقب بـ (رحوم) أحد القادة الأبطال في ثورة العشرين ضد الإحتلال الانكليزي وقد جاء ذكره في كثير من المصادر التي تحدثت عن الثورة.

أكمل الظالمي دراسته الإبتدائية والثانوية في النجف، ثم انتقل مع عائلته إلى المشخاب، ثم أكمل الإعدادية في الديوانية وتخرج من الدورة التربوية فيها وعين معلماً عام 1959، ثم عاد مع عائلته إلى النجف عام 1960 ، وتخرج من كلية الفقه عام 1964 ومارس التدريس حتى وفاته في النجف فدفن فيها.

له ديوان مخطوط وله قصائد منشورة في الصحف والمجلات العراقية وله قصيدة مطولة بعنوان: (ملحمة الفداء). وله كتاب بعنوان (من الفقه السياسي في الإسلام) (5)

قال عنه البابطين في معجمه: (ينتهج شعره النهج الخليلي، ويتنوع بين امتداح العلم والعلماء ودعوة الأمة إلى التدين، وامتداح رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسيادة المساواة والعدل بين الناس، وله شعر في المناسبات السياسية والاجتماعية).

شعره

وقال من قصيدة (هي ذكراك) والتي تبلغ (54) بيتا وقد قدمناها:

هيَ ذكراكَ يــا شــهـيـــــدَ الإباءِ     صفحةٌ طُرِّزتْ بـفـيضِ الدماءِ

طرسُها الــمــجدُ والــقــنـا كتبتها     أحرفاً نوَّرتْ ســـجــــلِ البقاءِ

كانَ عــنــوانُها بــنــفــسيَ أفــدي     شرعةُ المصطـفى أعزَّ الفداءِ

وسـطــورٌ يــلــوحُ بــين ثـــنـــايا     رســمــها أنـــهـا دمُ الـزهراءِ

مــهــجــةُ المصطفى ونفسُ عليٍّ     سحقتها الخيولُ في (كـربلاءِ)

وزَّعتْ جــســمَــه الظبا وتناستْ     أنّــهـا وزَّعـتْ رسولَ الـسماءِ

لو رسولُ الهدى رآكَ لــســحَّــتْ     لكَ عـيناهُ يـا حـســيـنُ الإبــاءِ

وسقتكَ الــدمــوعُ كـــالغيثِ حتى     لا تقاسي الظما بـحرِّ الـظـماءِ

ناشراً حــولكَ الرســـولُ بــنــوداً     خــافــقــاتٍ تـقـيكَ هولَ اللقاءِ

أنــتَ عــبَّـــدتَ لــلـــجهادِ طريقاً     قصَّرتْ دونه خــطى الشهداءِ

يا صريــعــاً عــلــى الثرى أبَّنته     حومةُ الحربِ بالشـجا والبكاءِ

كانَ قطبُ الرَّحى عليهِ استدارتْ     ثــمَّ قـــرَّتْ مــذهـــولةَ الآراءِ

أينَ مَن يقحمُ الهزبـــرَ جــــريحاً      وشبا عضبِهِ نذيرُ الــفــنـــــاءِ

هيَ ذكراكَ والـــحـــديثُ شجونٌ      قد أقضَّتْ مــضــاجـعَ الأنبياءِ

إذ بــقــيــتـمْ علـى الرمالِ ثــلاثاً      بينَ لفحِ الهجيرِ والــرمـــضاءِ

تصهرُ الشــمسُ زاكياتِ جسومٍ      عفّرتها عـــواصــفُ الصحراءِ

وبــنـــــاتُ النبيِّ سِيقتْ ســبــايا      ليزيدَ الــخـمورِ ســـوقَ الإماءِ

هيَ ذكراكَ لــلــحــيــاةِ ســـراجٌ      يُــلــهــمُ الــثـائرينَ حبَّ الفداءِ

يا أبا الــتــضــحياتِ يومُكَ يبقى      خالداً يعتلي نــجــومَ الــســماءِ

لا يدُ الموتِ تــســتــطــيــلُ إليهِ      بلْ سـيـبـقـى مُــكــلّــلاً بالـهناءِ

علّمَ الناسَ أنَّ شــرعـــةَ طـــــه      تــسـتـحـقُ الــفــدا بــكلِّ سخاءِ

رســمَ الـــدربَ لـــلأبـاةِ ســبيلاً      مُهيعاً راحباً غزيرَ الــعــطـــاءِ

أنتَ ضحَّيتَ بــالــحــيــاةِ لتبني      شرعةَ الـــمصطفى بكلِّ مضاءِ

وتــقــودُ الأجــيــالَ نـحـوَ حياةٍ      حُــرَّةٍ رافـــعـــاً أعــزَّ لــــــواءِ

لتصونَ الإسلامَ مِن بـغــي قومٍ      هـــدَّدوهُ بـــغـــــارةٍ شـــعـــواءِ

فــمــمـــــاتُ الأبيِّ عمرٌ طويلٌ      وبـــقـــاءُ الـــذلــيلِ عينُ الفناءِ

وقال من قصيدة (كوكب السعد) وهي في الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)

على أفقِ سامرَّا بــدا كـوكبُ السعْدِ      ينيرُ الدجى من طلعةِ القائم المهدي

هـو ابـنُ رســــولِ اللهِ وهوَ وصيُّهُ      ووارثُــه فــــي الحكمِ والعلمِ والزهدِ

هوَ (ابنُ عليِّ الطهرِ مِن آلِ هاشمٍ)      وأكرمِ حيٍّ مـــن بــنـي شـيبةِ الحمدِ

به قد نجا في الفلكِ نــوحٌ وبـــدِّلتْ      على حبّهِ نارُ الــخــلــيـلِ إلــى بـردِ

لقد فــــاقَ موسى حيثُ غُيّبَ حملُه      ولولاهُ عــيــسـى مـــا تكلَّمَ في المهدِ

به بشّــرتْ آيــاتُ ربِّــكَ جــهـــرةً      بسورةِ صـادٍ ثمَّ في الــحــجِّ والـرعدِ

وقالَ رسولُ اللهِ والــحــقُّ قـــــولُه      هنيئاً لقومٍ يــثـبــتـون عــلــى الــعـهدِ

ومَن ماتَ لمْ يـعـرفْ إمــامَ زمانِهِ      يمتْ جــاهــلـياً فـي ضلالٍ وفي جحدِ

سيملؤها عدلاً وقِسطاً بــحُــكــــمهِ      كما مُلئتْ بــالـظـلمِ والــجـورِ والحقدِ

ويــنـشُــرُ أبـرادَ الــســعادةِ بعدما      يـحـقّــقُ شـرعَ اللهِ بــالـصارمِ الهندي

فـقـمْ نــتعاطى من كؤوسِ ولائهمْ      ألذّ من الــمــــاذي وأحلى من الـشـهـدِ

فديناكَ طـالَ الانــتـظـارُ ولم نجدْ      بـطـلـعـتِكَ الـغرّاءِ إطـــلالــةَ الــوعــدِ

متى تشرقُ الدنيا بــفـجـرِك أبلجاً      وتستلُّ ســيـفاً ضــجَّ مــن صدأ الـغمدِ

تُــجــدّدُ ديــنَ اللهِ بـعـدَ ضـيــاعهِ      وتـحـكـمُ بـالـقــرآنِ فـــي الحلِّ والـعقدِ

فــديـنـاكَ أَدركْ أمَّــةً عافَ جيلُها      شـريـعـةَ خـيــرِ الـمرسلينَ على عـمدِ

نســتْ ربَّــهـا والدينَ والعقلَ أمَّةٌ      فـمـا مـيّــزتْ بـيـن الــمــهـازلِ والـجِدِّ

إمــامَ الــهــــدى إنّا ندبناكَ مُنقذاً      يـخـلّــصُ أيــدي الـمـسـلـمينَ مِن الـقَيدِ

ويُلبسهم ثوبــاً مــن الـعـزّ سابغاً      ويبنى لهم صرحاً من الـعـدلِ والـمــجدِ

فقد سامَنا الأعداءُ خَسفاً ولم نجدْ      سِــواكَ لــديــنِ اللهِ مــن ثـــائــرٍ صــلدِ

وأمّـتـنـا أضــحْـــتْ فريسةَ ناهزٍ      لـكـلِّ طــويـــلِ الــنــابِ أو أســدٍ وغدِ

لجأنا إلى الأعداءِ نـطـلبُ رِفدَهمْ      مــبــادئ كــفـــرٍ ذلَّ ذلـــكَ مِــن رِفــدِ

فهيّا الزموا نــهــجَ الولاءِ لحيدرٍ      فــهــيهاتَ يبني المَجد غيرُ الفتى الجلدِ (6)

وقال من (ملحمة الفداء) وقد قدمناها:

ذكراكَ تنضحُها الدموعُ فتعشبُ      ورؤاكَ تنهلها الــقـلوبُ فتخصبُ

يـا ســيِّدَ الشهداءِ مجدُكَ لمْ يزلْ      طوداً تنيخُ به الــسـنـــونُ وتذهبُ

غضُّ الـشـبـيـبـةِ بـالـهدى متألّقاً      تُجلى به ظلمٌ ويُكشفُ غــيــهـــبُ

يهبُ الثباتَ لكلِّ شــعـبٍ ثــائـرٍ      ويخطّ دربَ الــخــالـــدينَ ويكتبُ

فلقد رأيتَ العدلَ يُـــخنقُ جهرةً      والـظـلـمُ يـفـشــو والضلالةُ تُغلبُ

والناسُ تأسرهمْ مـطـامعُ طغمةٍ      قتلوا ذوي الرأي الجريء وعذّبوا

والوعي قد شــلّــتــه رنّةُ درهمٍ      والـنـورُ تــذبــحُــه بـــروقٌ خُـلّبُ

فرأيتَ أنَّ الوعيَ لــيــسَ يـثيرُه      إلا دمٌ يجري ونحرٌ يــشــخــــــبُ

فـمـضـيتَ تبدعُ للكفاحِ ملاحماً      غـنّـى لـهـا شـرقٌ وغــنّـى مغربُ

ونثرتَ في سوحِ الجهادِ كواكباً      إمّا خـبـا نــجــمٌ تـــألّـــقَ كـــوكبُ

وقال من قصيدة (الفداء والصمود) وقد قدمناها:

هكذا يــخـلـقُ الــفـدا والــصـمودُ      ثورةٌ فــجــرُهــــا سخيٌّ ولودُ

هكذا تــبــدعُ الـدمـــاءُ نـشـيــــداً      عبقرياً يُصاغُ منه الــخـــلــودُ

هكذا تنزفُ الجراحُ لــيــروى الـ     ـعدلُ من نبعِها فنعمَ الـــورودُ

هكذا تـنـثـرُ الأضـاحي على التر     بِ فتحمي إســـلامَــنـا وتشيدُ

هكذا يـسـتـطـيـلُ مــجـدُ حــسـينٍ      حينَ تُــبــلى الأيامُ وهوَ جديدُ

كتبَ الموتُ مِن حــشــاهُ سطوراً      ظامئاتٍ وقد سقاها الـــــوريدُ

ثمَّ دوَّى في الأفقِ أصرخَ صوتٍ      ليسَ يرضى الهوانَ إلا العبيدُ

يـا حـسـيـنُ الإبـــاءِ يا ثورة الحـ     ـقِّ تــدوِّي فـتـسـتـفـيقُ العهودُ

..............................................

1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 70 ــ 72

2 ــ ذكر منها الدكتور كامل سلمان الجبوري (38) بيتاً في الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 102 ــ 103 عن مستدرك شعراء الغري ج 3 ص 129 ــ 131

3 ــ بحار الأنوار ج 44 ص 367

4 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 326 ــ 329

5 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 276

6 ــ مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي ــ مجلة الانتظار العدد ٢ / شعبان / ١٤٢٦ هـ

كما ترجم له:

حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 3 ص 229

محمد حسين الصغير / فلسطين في الشعر النجفي ص 194

كاظم عبود الفتلاوي / مستدرك شعراء الغري ج 3 ص 128

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 5 ص 58 ــ 59

كاتب : محمد طاهر الصفار