654 ــ علي جدعان

علي جدعان

قال من قصيدة (الدالوة تطرز ثوباً جديداً لكربلاء) وتبلغ (23) بيتاً:

من (كربلاءَ) إليكِ يا إحساءُ      أمـشـاجُ حـبٍّ أحـمرٍ ودماءِ

تمتدُّ تصهرُ ما تناسلَ مـنكما      لـيـفـوحَ فجرٌ أبيضٌ وضَّاءُ

دمكمْ يسيلُ فـيـستحيلُ منارةً      تعلي الأذانَ فيثمرُ الإصغاءُ (1)

الشاعر

علي محمد جدعان شاعر سعودي، ولد في المدينة المنورة أصدر من المجاميع الشعرية:

غاية السفر الحضور ــ 2022

لعينيها خلف الرواشين ــ 2019

قالت عنه الإعلامية نوره محمد بابعير: (الشاعر علي محمد جدعان ابن المدينة المنورة تميَّز بالتجربة بين كتابة المسرح والشعر وتعمد إخفاء القصص القصيرة في أدراج مكتبته لم تحظى بالنور.

كتب في الجامعات عدة مسارح وحققت نجاحات عظيمة كرم عليها أربعة جوائز ثم استمر في مجال الشعر وأنجز ثلاثة اصدارت وامتازت أشعاره بالأشعار العامودية والبعض منها تأملية) (2)

شعره

قال من قصيدة في سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها):

مِــن جنّةِ الفردوسِ جــــــــــئتُ رسولا      نحوَ الـــــــــغريِّ مُحمَّلاً إكليلا

نحوَ العراقِ أطـــــيرُ قـــــبلَ مشاعري      والـــدربُ يلهثُ عاطشاً وكليلا

حُمِّـــــلتُ مـــــن قـــــبلِ النخيلِ ودمعِه      لـــــكَ يا عـراق حدائقاً وسيولا

الوردُ حــــــــــــــــــــمَّلني السلامَ وقبَّةً      خضراءَ ترفلُ في النعيمِ خميلا

والفلُّ يملأ بالعـــــــــــــبيرِ حقائــــــبي      شوقاً إليكَ مُـــــــــــولَّها متبولا

كم كانَ أحدٌ يـــــشتهيكَ تــــــــــــــظلّه      فانظرْ لحمزةَ مُفرداً مـــــعزولا

وجهُ الترابِ عليهِ خطوُكَ لم يــــــــزلْ      شُعلاً تزيحُ الريبَ والتضـــليلا

ثوبي تعفَّرَ مِن ترابِ مديـــــــــــــــنتي      عطراً بتوليَّ الهـــــوى مسدولا

جئتُ العراقَ مِن المـــديــــــــنةِ حاملاً      في كلِّ ذرَّاتِ الهــوى المطلولا

ناجاكَ يا نجفَ البهاءِ بــــــــــــأحـرفي      كــــــــــلُّ الحجازِ تحيةً وهديلا

إنّي كتبتُ وفـي حــــروفــــي مـــــنهلٌ      للـظامئيــــــنَ وفي الفؤادِ مقيلا

إنّي سأنشدُ والــــــــــــــــبتولُ قصيدتي      والبحرُ أصـــــبحَ رايةً وخيولا

في كلِّ حــــرفٍ مِــــن مـسيرةِ رحلتي      قصصٌ تعلّلُ مـــــهجتي تعليلا

رغمَ الريــــاحِ الـــــعاتياتِ وعــــــظّها      كانَ الإباءُ عن الشـــــكاةِ بديلا

غصَّ المــــســـــاءُ وليسَ ثمَّةَ مـــشرقٌ      يحنو فيشعلُ للضياءِ فـــــــتيلا

نخلُ الــــمـــــدينةِ كــــــــــــمْ يعلّمُ أهلَه      جيلٌ يــــــــــــقدِّمُ للولايةِ جيلا

فالأمَّـــــــــهاتُ إلى البقيعِ مــــــــسيرةٌ      بالحبِّ تغسلُ بـــــــابَه المقفولا

ســـــــــربٌ يطوفُ على الولاءِ عـفافُه      روحٌ يئنُّ مِن الأســـى مذهولا

فوقَ الترابِ على حنينِ مـــــصـــــابِها      كانتْ تئنُّ الأمَّهاتُ طـــــــويلا

صوتُ البتولِ يعودُ كـــــلُّ مســـــــاءةٍ      في القلبِ لحناً للـــــسماءِ جليلا

فالكفُّ سبَّحَ والــــــــــرحى أنـــــشودةٌ      تــــحيي لأسيافِ الجهادِ صليلا

والـــمتعبونَ السمرُ وجــــــــــهُ قصيدةٍ      بيضــــــــاءَ قبَّلها الهوى تقبيلا

أجـــدادُنا الأنصارُ خــــــيــــرةُ صحبِه      كانـوا وإنّــــا كالعصورِ الأولى

نحنُ الأبــــاةُ النــــــــــاصــــرونَ محمداً      أنـــــــــعمْ بأنصارِ السماءِ قبيلا

في كلِّ شبـــــــــــــرٍ بـــــالمدينةِ قصَّةٌ      كـانوا جــــدودي ساعداً ونخيلا

سمرُ الـــــــجباهِ يفيــــضُ طهرُ ولائِها      بيضُ الخصــالِ منابتاً وأصولا

بـــــــلدي الحجازُ وأرضُ طيبةَ منبتي      غرسٌ تجذّرَ واســــتطالَ فحولا

فــــــــاسألْ عقيقَ الـــــــخيرِ يُنبئُ أنّنا      غرساتُ حيدرَ صــارماً وسليلا

طفنا بــــبيتِ الـــــــحزنِ حملاً طاهراً      واليومَ نطردُ للظــــــــلامِ فلولا

نستافُ مــــــــــــن فدكِ البتولِ كرامةً      تحي الضميرَ وتنـشرُ الـــمقتولا

أو تـــــــعلمونَ بــــــــــأنَّ فاطمَ عندنا      أمٌّ تداوي مُــــــــــــــدنفاً وعليلا

أو تعلمونَ بأنَّ فـــــــاطــــــــــــمَ قبلةٌ      للعـشقِ قبَّلها الهوى تـــــــــقبيلا

أو تعلمـــــــونَ بــــــأنَّ فاطمَ إن بكتْ      تـبكي البيوتُ فـــــجيعةً وعويلا

أو تـــــــعلمونَ إذا تبــــــــــسَّمَ ثغرُها      فـــــالنورُ يزهرُ بالجمالِ سهولا

يـــا آيــــــــةَ التطهـيرِ نسمعُها ضحىً      تُتلـــــــى فينـتفضُ الولاءُ خيولا

يـــــــرنــــــو العـوالـي للبتولِ تضمُّه      وقـباءُ يـــــــرقبُ للعناقِ خجولا

في كلِّ طــــــــــــــفلٍ بــالمدينةِ لمسةٌ      للطـهرِ أحيتْ لـــــــــلتشيُّعِ جيلا

إنَّ المديـــــــنةَ مُذ كسـاها أحـــــــــمدٌ      شمساً وروَّاها الهـدى تـــــنزيلا

طــــــــابتْ وأينعَ بالـــــوصيِّ نخيلُها      حُبَّا فتيَّمَ حبَّها جبــــــــــــــــريلا

صوتُ النبيّ يزورُ كــــــــــــلَّ بيوتِنا      فجراً يُـــــــــــــرتِّلُ هديهَ ترتيلا

مهما صـــــــــعدتُ إلى عـلاهُ يعيقني      نـــــــورٌ فأصعدُ في علاهُ نزولا

والصـــــــبحُ يــحملُ مِن نسائمِ حيدرٍ      ذكـــــــــــراً تَردَّدَ بكرةً وأصيلا

ضـــــــــجَّ البقيعُ ورُبَّ صمتٍ ألهبتْ      أطيـــــــــافُه روحاً تذوبُ غليلا

صـــــــوتُ البتولِ وأيُّ شيءٍ ترتوي      منه الحياة سوى البتولِ بديــــلا

أسقيتُ روحي من سحائبِ (هل أتى)      فالحبُّ فينا يرفضُ التـــــــأويلا

فاشربْ فــــــــــــكأسي كوثـريٌّ ماؤه      مِن كفِّ أحمدَ رائـــــقاً معسولا

قمْ يا عليّ فأنتَ تـــــــــــــــــعلمُ أنني      مِن أرضِ فاطــمَ قادماً مرسولا

ثوبي تعطّرَ مِن شـــــــــــــــذاها جنّة      فاحضنْ فؤادي للوصولِ سبيلا

الحبُّ بيــــــــــــــــنكما نـعلّمه الشذى      درســـــاً ونسكنه القلوبَ نزيلا

الشوقُ يكبرُ حينَ يـــــــــشبعه الأسى      بعداً ويكـــــــــفيكَ الحنينُ دليلا (3)

وقال من قصيدة في عيد الغدير الأغر:

عُــدنا وصـــوتُــــكَ يا غديرُ جديدُ      ورؤاكَ فـــــجرٌ والمسافةُ عيدُ

وضـــفافُكَ الآمــــالُ نحملها هوى      والشـــوط حولكَ ركَّعٌ وسجودُ

الحبُّ شجَّرَ مِــــن نميرِكَ واحـــةً      والـــــــنخلُ فيها عزَّةٌ وصمودُ

للسلسبيلِ مــــدى الولاءِ قـــصيدةٌ      عصماءُ يتلو فجرَها الــــتمجيدُ

رقراقةُ الأنــــفاسِ يسكـــرُ كأسَها      شفتي ويرشفُ ثغرَهـــا العنقودُ

المتــــعــــبونَ العاشقـــونَ تحلَّقوا      فيدور كأسٌ من هـــــواكَ فريدُ

يتسابقـــــونَ إلى عُـــلاكَ وعاقهم      طينٌ ترسَّبَ طبـــــــعُه وحدودُ

فعزفـــتُ من لحـــنِ المدينةِ نغمةً      ليرنَّ في سمـــــعِ المـجرَّةِ عودُ

وذكـــرتُ طيبـــــــةَ والبقيعِ وقبَّةً      خضراءَ تسطــعُ فالبهـاءُ رعودُ

وعلـــى الجبينِ رسمتُ نخلةَ بيتِنا      رمزاً حماهُ مــدى الولاءِ جدودُ

مــــنذُ الغديرِ وأرضُ طيبةَ سيرةٌ      فالعاشـــــــــــــقونَ مُتيَّمٌ وشهيدُ

منذ الغديرِ وصوتُ أمّي في دمي      نـــــــبضٌ لهمهمةِ الغديرِ جديدُ

عيدُ الغديرِ هناكَ نـــــشربُ نخبَه      يصحو الولاءُ ويــنتشي التعميدُ

ونــــــــــحجُّ فيه إلى النبيِّ يعوقنا      وهجٌ ويصحبـــنا الندى والجودُ

والفاقـــــــدونَ إلى البقيعِ توجَّهوا      أمٌّ هـــــــــــــــناكَ ووالدٌ وحفيدُ

فحناجرُ الـــــــــقرآنِ تصدحُ جنَّةً      والحوقلاتُ مــــــــدامعٌ وخدودُ

فمِنَ الغديرِ نـــــعبُّ صولةَ حيدرٍ      روحاً ويسطعُ في السراجِ وقودُ

ونعيدُ صوتَكَ يـــــا عليَّ ملاحماً      بــــــيضاً فتخشانا القلوبُ السودُ

فالحبُّ أنــتَ إذا الــمشاعرُ أجفلتْ     وجفــــــــا الصديقُ وفرَّقتنا البيدُ

فنعودُ فــيكَ إلى البيـــــــاضِ يلفُّنا      ويــــــــــذوبُ جلّادٌ طغى وقيودُ

رحــــماكَ ملّتْ كلُّ أرضٍ خطوَنا      وطنٌ غــــــــريبٌ موجعٌ وشريدُ

أنــلمــــــــــلمُ الأوطانَ أمْ إنسانَها      فـــــــالأرضُ موتٌ أسودٌ ولحودُ

عدنا إليكَ وفــي القلوبِ كؤوســُنا      ظمأ ويــــــنخرُ في الأضالعِ دودُ

جئنا الغديرَ وفــــي الشفاهِ مــدينةٌ      قد ملَّ منها الـــــــــشوقُ والتبديدُ

وهوى الغديرِ يضـمُّ في أمـــواجِهِ      كلَّ الطيوفِ ويسطــــــعُ التوحيدُ

وتحطّ أيدينا بكفِّكَ بـــــــــــــــيعةً      تــــــــــعلي مداراتِ النّهى وتشيدُ

فــــــــيبُّلنا زهوُ الغديرِ ويـــنتشي      ماءٌ يسيلُ ودوحةٌ وجــــــــــــريدُ

 ماءانِ فـــي كأسِ الغديــرِ تعانقا      مـــــــــــــاءٌ يرفُّ وآخرٌ مصفودُ

نهوى القيــودَ وكمْ يكبِّلــنا الهوى      بينَ الدماءِ مــــــــــــسافةٌ وحدودُ

وهناكَ في بــــلــدي غديرُكَ قبلةٌ      كلُّ الجهـاتِ مناسكٌ ووفــــــــــودُ

لــــــــــلعشقِ أغــنيةٌ يردِّدُها هنا      نــــــــــــــخلٌ وزندٌ أسودٌ وورودُ

ويموســـقُ البــرنيُّ نشوةَ عجوةٍ       فيهيجُ من خــــــمرِ السليلِ جمودُ

النخلُ فــــــــي بلدي تجذّرَ أصله     روَّاهُ من طه الســــــــــنا والجودُ

وسقتـــه دالــــــيةُ السماءِ بروعةٍ     خـــــــــــضراءَ تبسمُ كفُّها ممدودُ

وقفـــتْ كقاماتِ الرجالِ بأرضِنا      والحــــــــبُّ ظلّله الهوى المعهودُ

فـــــعلى ثيابي من ترابِ مدينتي      عطرٌ بتولــــــــــــيُّ الشذى ونشيدُ

وعلى جبيني بعضُ طينٍ فيه مِن     خـــــــــــطوُ النبيِّ شواهدٌ وعقودُ

إنّـــــي أتيتُ وفي عيوني غرسةٌ      فارعوا حــــــماها والنخـيلُ عهودُ

سنظلُّ يــجمعُنا الوصيُّ بروضِهِ      ليعودَ فينا للسمـــــــــــــــــاءِ نشيدُ

ونــــــــظلُّ نعزفُ للحياةِ غديرَه      فــــــــيعودُ فردوسُ الـنُّهى المفقودُ

وأعودُ لــــلمسحاةِ أغرسُ نخلتي      لأقولَ إنــــــــــــي هـا هنا موجودُ

ليسجلَ التــــــــــاريخُ قصَّةَ حبِّنا      في أرضِ طيبةَ شـــــيعةٌ وصمودُ

منذُ الولاءِ وأرضُ طـيبةَ منزلي      شرفٌ تناهى في الـــــــعلا وجدودُ

سأعيدُ ترتيبَ المجرَّةِ عـــــندما      يحلو لحرفي في الغديــــــــرِ نضيدُ

وأصبُّ ألوانَ الــــبنفسجِ سندساً      في كلِّ حرفٍ والـــــــــــبحورُ تميدُ

وأعيرُ للأكوانِ أذنَ مــشـاعري      وعبيرُ روحي والشمـــــوسُ شهودُ

قيثارةُ الألحانِ تقطرُ مـــن يدي      ويسيلُ مِن قلمي النديِّ خــــــــــلودُ

ولجحفةِ الأحلامِ أصنعُ منـــبراً      فــــــــــــــــــغديرُ خمٍّ لهفةٌ وحشودُ

وتُجلجِلَ الساعاتُ تعلنُ فرصةً      ليعودَ عـدلٌ أبــــــــــــــيضٌ ويسودُ

فعليُّ أنــــــــسنةُ الضمائرِ حبُّه      وهواهُ عيشُ الجائعيـــــــــــنَ رغيدُ

تــــــــهواهُ حتى النائباتُ لأنّها      مــــــــــــــلّتْ دموعَ البـائسينَ تجودُ

عادَ الـــــغديرُ وفي مخالبِنا دمٌ      فمتى عليٌّ لـــــــــــــــــلضميرِ يعودُ (4)   

وقال من قصيدة (الدالوة تطرز ثوباً جديداً لكربلاء):

من (كربلاءَ) إلــيــكِ يــا إحـسـاءُ     أمـشـاجُ حــبٍّ أحـمرٍ ودماءِ

تـمـتـدُّ تـصـهـرُ مـا تناسلَ مـنـكما     لـيـفـوحَ فـجرٌ أبيضٌ وضَّاءُ

دمـكـمْ يـسـيـلُ فـيـسـتـحـيلُ منارةً     تعلي الأذانَ فيثمرُ الإصغاءُ

تلكَ الجسومُ على الترابِ تقولُ للـ     إنـــســـانِ إنّكَ موقفٌ وإباءُ

تـلـكَ الـدماءُ على التـرابِ تعلّمُ الـ     أجيالَ أنَّ فــخـارَنا الشهداءُ

...................................................

1 ــ القصيدة عن كتاب هو الحسين وهو عرض للنصوص المشاركة في أمسية (هو الحسين) الشعرية السنوية المقامة في حسينية المصطفى بقرية الدالوة بالأحساء بين عامي (1433 ــ 1442هـ) ص 278 وهو من جمع مصطفى عبد الله المسيليم الطبعة الأولى (1443 هـ / 2021 م).

2 ــ في حواره للحدث الشاعر "علي جدعان " الأمسيات الشعرية هي من أفضل وأقوى طرق الدعم للشعر وللشاعر العربي في الشعر / صحيفة الحدث بتاريخ 31 / 12 / 2022

3 ــ ألقاها في مهرجان الزهراء الشعري الأول في العتبة العلوية المقدسة عام (1435 هـ / 2014 م)

4 ــ ألقاها في مسابقة النبأ العظيم الشعرية الموسم الثالث لعام 1434 هـ / 2013

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار