لاتذرني وحيدا

لايمكن لأي مخلوق على وجه البسيطة ان يعيش وحيدا منفردا منعزلا لا صلة له مع أقرانه.

فقد خلق الله سبحانه وتعالى من كل شيء زوجين وجعل بينهما ألفة وارتباط ووشيجة 

من هنا نقرأ في الدعاء المأثور على لسان زكريا في القرآن الكريم :(ربي لاتذرني فردا) اي منفردا وحيدا لاصحبة لي ولا ذرية.. 

لذلك يأنس الإنسان بالصحبة والرفقة والمعاشرة وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها فقد خُلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف ونجتهد في هذا التعارف لان اكرمنا عند الله اكثرنا قربا له. 

والسؤال :كيف تتحقق هذه الميزة؟ 

سميت هذه الميزة هنا بالتقوى وهذه الاخيرة تعني الأجر الى الله سبحانه في العلاقة العبادية وهي بعدُ تعني التماهي مع حدث الممارسة العبادية صفاء وتوجها فهي لاشية فيها بيضاد خالصة النية يتلألأ نورها في كل دياجير الظلمات لتصفى النفوس خالصة لوجهه الكريم. 

من هنا ممكن ان نقول إن أفضل مفهوم للعلاقة مع الله سبحانه هي رفقة الإنسان للقرآن الكريم بكل تفاصيله بل بكل تفاصيلنا نحن البشر ليسدد خطانا ويُحسن نوايانا ويؤسس لنا مانصبو إليه من حياة فارهة كريمة يامن بها غيرنا من البشر مطمئنا لاخوف ولاهم يحزنون.. 

من المؤكد ان ماورد من موروث أخلاقي وعبادي من مهبط الوحي ومعدن الرسالة؛ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الاطهار عليهم السلام في فضل القرآن الكريم الكثير في المنزلة والرفعة فالذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب. 

ولاننسى كيف يشكو الرسول صلى الله عليه وآله لربه هجران كتابه وأثر ذلك في المجتمع (وقال الرسول ياربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) والهجر يتمثل في معانٍ؛ 

هجر الاستماع وهجر الإيمان به وهجر التدبر ثم هجر العمل به أي هجر الرفقة والصحبة.. 

لذلك يجب التمسك برفقته وصحبته بتلاوته والعمل به والتعبد بآياته وملاحظة معانيه من منبعها والابتعاد عن كل مايقدح به.. 

ومن هنا وجبت صحبة القرآن الكريم دستورا لمسيرتنا واخلاقياتنا وامورنا بل بكل تفاصيل حياتنا التي نجترحها شرعة ومنهاجا 

لذلك قيل القرآن يسبق صاحبه إلى القبر بعدما تخلي عنه جميع من برفقته فأصبح فردا مذرورا لا صحبة ولا رفقة سوى ماعمل به من هذا السفر العظيم وماتمسك به من تعاليمه ومفاصله ولاسيما الناطق منه محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.. 

ربي لاتذرني وحيدا

: الاستاذ الدكتور نجاح فاهم العبيدي