628 ــ حسن احليل ولد (1409 هـ / 1988 م)

حسن احْلَيْل (ولد 1409 هـ / 1988 م)

قال من قصيدة (احتشاد) وتبلغ (18) بيتاً:

هنا (كربلا) أمُّ المبادئِ أنجبتْ     قرابينَها للمبدأ المحضِّ عسكرا

فـقـامَ ضــميرُ العنفوانِ لحكمةٍ     يكونُ بها لـونُ الضمائرِ أحمرا

ومَن معه ســاروا بــأفـئدةٍ وما     تـأخَّــرَ عـنـهم من أتى متأخِّرا (1)

الشاعر

حسن بن حبيب احْلَيْل، ولد في جزيرة تاروت بالسعودية، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في التربية الخاصة، شارك في مهرجان الدوخلة السادس، وله عدة مشاركات في محافل مختلفة: منها في حسينية الناصر بسيهات.

وهو عضو في منتدى الكوثر الأدبي، وله ديوانا شعر هما:

لا ريبَ في مُخَيلَتي

لعله الماء (2)

شعره

قال قصيدته (احتشاد):

لـقـد بـذلـوا فـي نينوى مهجاً لــمَن     بِما بذلوا من أجـلِـهِ كـانَ أجدرا

حسينٌ تكادُ الروحُ تُحرِقُ جسمَــها     إذا قرأوا مِن جرحِه مـا تـيـسَّرا

صدى قتلِهِ مـا زالَ لـيـسَ بضائـرٍ     صدى قتلِه إنَّ الــزمـانَ تـغـيَّـرا

فـذاكـرةُ الـتـاريـخِ مُــوقــدةٌ بـــــهِ     وإن شعرتْ بالبردِ ذاكرةُ الورى

هوى للثرى قلبُ الوجودِ فلمْ يزلْ     من العرشِ تأثيرُ المصيبةِ للثرى

مـصـابٌ كـهـذا لا يـتـيـحُ لـعــاقلٍ     بـمـا عـقـلـه يـبـكـيـهِ أن يـتـفـكّرا

رزيَّةُ بينَ الـكـافِ والـنـونِ هـكذا     تجلّتْ فمهما مُحِّصَتْ لنْ تُـفـسَّـرا

وقال من قصيدة (أطلق جراحك) وتبلغ (29) بيتاً:

لاحـتْ لـعـيـنـيـكَ الـنـواويــــسُ التي     كـانـتْ مـقـابـرُهـا عـلـيـهـا خـاويـة

فــزرعـــتَــهـا وقُــتــلـتَ حتى آمنتْ     إنَّ الـقـبـورَ هـيَ الـقـطــوفُ الدانية

عصفٌ حـجـازيٌّ دخـلـتَ بـــه العرا    قَ وثـوبُـكَ الـحـضريُّ نسجُ البادية

والماءُ يشربُكَ ارتشفتَ الشمسَ فاحـ    ـترقـتْ بـجمرِ حشاكَ وهيَ الحامية

حـيـرانــةٌ بــوجــودِكَ الأشـــيـاءُ قبـ    ـلَ وجــودِها مِـن قـبـلِ قـتـلكَ باكية

هـذا لأنَّــكَ لــسـتَ مُـقـتـصــــراً بهـ    ـذي الأرضٍ أو تلكَ السماءُ العالية

معناكَ أقدمُ من قــوانـيـنِ الــطــبـــيـ    ـعةِ حيثُ لـولاكَ الــطــبــيعةُ فانية

أنتَ اعتليتَ ذرى الجلالِ وبعدُ يـطـ    ـمحُ أن يــفـوقَ عليكَ عقلُ الهاوية

والـغـايـةُ انـكـشـفـتْ أمـامَكَ فانكشفـ    ـتَ أمـامَـهـا وتـركتَ نفسَكَ خافية

بـفـؤادِكَ الـعــرشيِّ مصرعُكَ اشتها    كَ فما ارتبكتْ وما انتظرتَ لثانية

بلْ مُذ رأيتَ سـيـوفَــهـمْ لــقَّــنـتـــهمْ     أنَّ الإمـامــةَ لا تــكـــونُ لــطاغية

وطـويـتـهــمْ طيَّ السجِلِ فصاحَ جيـ    ـشُ أمــيَّــةٍ هــذا حــديـثُ الغاشية

أقسى الـقـلوبِ فضحتها وكشفتْ أنَّ     حــجــارةً تـبكيكَ ليستْ قــاســـيــة

الأرضُ قـبـرُكَ يـا حسينُ وحشدُ أفـ     ـئـدةٍ مُــولّــهــةٍ لـقــبــرِكَ ســاعية

وأنا بركبِ الوالــهــيــنَ وجــدتــنـي     أمشي وأقدامُ الــقــصــيــدةِ حـافية (3)

وقال من قصيدة في الإمام الحسن (عليه السلام):

على ساحلِ المجهولِ يسألني غيري     متى صارتِ الأمواجُ أجنــــــــــحةَ البحرِ

يقولُ ليَ الأفقُ الضبــــــــابُ تثاؤبٌ     لبعضِ صحافٍ نامَ والشمــــسُ لا تدري

فقلتُ له ماذا يرى الأمـــــسُ قالَ قد     يرانا ونحنُ الآنَ نرجعُ للصـــــــــــــــفرِ

خُذ الطرفَ المُمتدَّ مِن عقلِكَ الــذي    هناكَ إلى القلبِ المشــــــــــــــيَّدِ بالصـدرِ

ولا تختنقْ بالأينِ أنتَ فررتَ مِـــن     خيالٍ بأسماءِ الإشـــــــــــــــــــــارةِ مغبرّ

وجودُكَ يا هذا مراياكَ حــــــــينـما     تجلّى انكسارِ الضوءِ في لحـــــظةِ الكسرِ

بعيداً عن المألوفِ تبحــــثُ عن دمٍ     أذابَ اخضرارَ الصمِّ في الــــمُهجِ الحمرِ

أشارَ لتوقيتِ المنـــــــــــايا فأشّرتْ    على القدرِ المحتــــــــــــــومِ سبابةٌ الدهرِ

بحكمتِهِ شدّ العقولَ رخــــــــــــــاؤه     فما شعرتْ بالعسرِ إلّا مـــــــــــــعَ اليسرِ

ومُذ ضاقَ فيه الصمتُ أطـلقَ نفسه     لمتّسعِ التحليقِ فـــــــــــــــي قفصِ الأمرِ

يخطط والأسبابُ مِــــــن عينِ ذاتِهِ    تسيلُ وعـــــــــــــينُ اللهِ من عينهِ تجري

فيطفئ فانوسَ الكلامِ وقـبــــــــضُه     على الثلجِ عندَ الصمتِ قبضٌ على الجمرِ

صدى الغيبِ يبدو حينَ يــــبديهِ إنّه     رمـــــــــى حجراً وارتدَّ منه صدى البئرِ

سيصبحُ بعدَ اليومِ والشمسُ لم تزلْ     تشقُّ طريقاً لا يمـــــــــــــــــتُّ إلى فجرِ

سيعبرُ ذو القرنينِ جســــــراً وسدُّه     سيمشي بأقدامِ السرابِ علــــــــى الجسرِ

وأضغاثُ أحلامِ النهـــــارِ تقمَّصتْ     حجاباً من التأويلِ في ليلةِ الـــــــــــــقدرِ

وما زالَ فلاحُ الـــــــــطبيعةِ غائباً     وما زالَ بعضُ النخلِ يكفــــــــــرُ بالتمرِ

تنزَّهَ ذكــــــرُ الماءِ عن سنخِ غيرِهِ    وآلُ يزيدٍ تنسبُ المــــــــــــــــــاءَ للخمرِ

هنــــــــا يطعنُ الظنَّ اليقينُ بشبهةٍ    تحلُّ محلَّ المحكمـــــــــــــاتِ مِن الذكرِ

لأنَّ الــذي لم يكشفِ السترَ لوَّحتْ     أصابعُه للما وراءَ مِــــــــــــــــــن السترِ

كمعنـــىً وراءَ اللفظِ ضاقَ بشاعرٍ     فأدركَ أنَّ الـــــلفظَ مقبـرةُ الشـــــــــــعرِ

تـــــــجلّى لأبصارِ ترجِّحُ ما ترى    عـــــليه وتشكو غيبةَ اللبِّ للــــــــــــقشرِ

تقومُ بأمرِ الوترِ قبــــــــــــلَ قيامِهِ     وتقـــــــــــعدُ باسمِ الشفعِ في ثورةِ الوترِ

لقد قذفتها فــــــــــكرةُ العهرِ نطفةً     مــــــحرَّضـــــــــــةً للفتكِ بالفكرةِ البكرِ

وأيةُ ذاكَ العصرِ والعصرُ إنَّ مَن     يطاولُ بــــــنيانَ البـــــــــــقيعِ لفي خسرِ (4)

وقال من قصيدة في النبي محمد (صلى الله عليه وآله)

إذ الــــــكونُ لمَّا يلمـسُ الكــــافَ نونُه     تـــــــــكوَّنَ فيما كانَ قبـلَ يكونُه

وقبــلَ أن ابـيضَّتْ عـلى المــــاءِ نفسُه     أشارَ لها وابيضَّ في الماءِ طينُه

فألـــقى بحبلِ اللا زمـانِ إلــــى المدى     ليقرنَه بـــــــــــاللا مــكانِ قرينُه

هنا ينفضُ اللفظُ الـغبارَ عــــن الرؤى     فيختنقُ المعنى وتـــــعمى عيونُه

لأنَّ ضميرَ الــشمـسِ لا فــــرقَ حينما     يشعُّ على شمسِ الـضمـيرِ جبينُه

سيبتكرُ التأويلُ صــــــــــــــورتَه التي     ستظهرُ بعضاً مـن كثيرٍ يصونُه

ولن يهدأ التاريخُ حـــــتى ينــــــامَ في     هداهُ وتبقى ساهـراتٌ جــــــفونُه

وجودٌ كهذا لا يُـــــحدُّ بـــــــــــــــعالمٍ     يؤثّثه الإنسانُ وهـوَ سجيــــــــنُه

ولكن يعيش الـظــــلُّ والضوءُ دائــماً     يموتُ وفي مـــــــرآتهِ مَن يكونُه

فدونكها يا مـوطــــــــنَ الوحي غربةً     إذا الوحي لم يُنســـــبْ إليهِ أمينُه

لقد نسيَ الـــــشيطــــــــــانُ رنَّتَه ولمْ     يزلْ يطربُ السمعَ الركيكَ رنينُه

ونحنُ كمـــــا عاهــــــدتنا رأسُ مالِنا     مودةُ ذي القربى وديناً نـــــــدينُه

نسيرُ عــــلـى جسرِ الأهـــاويلِ فجأةً     وقد شابها الدربَ الطويلَ كــمينُه

وقعــــنا ولـولا أنتَ حمّلـتَ عبءَ ما     تحـــــــــمَّلتَ لمْ يثبتْ بقلبٍ يقينُه

فــــألفُ سـلامٍ ألفُ حبٍّ عـــــليكَ يا     مَن اجتــاحَ روحَ الممكناتِ حنينُه

فمُ المـنتهى قلبُ المشيئةِ نــــــــبضةٌ    مِن التيـــــنِ والزيتونِ ياءٌ وسينٌه

إذا كـانَ هذا فيكَ أنتَ فأنـــتَ مَــــن     تحرّكتَ إذ عـــــمَّ الوجودَ سكونُه

وأدليـتَ دلوَ السرِّ والبئرُ لـم تــــزلْ     مُعطّلةً والسرُّ ما حـــــــــانَ حينُه

لأجــــلِ معانيكَ انتظرتَ مــــواسماً     لتنـــــمو بأشجارِ السلامِ غصونُه

وقفــتَ وشاخَ الوقتُ حــــتى لمسته    وقد مــلأتْ وجهَ الزمانِ غضونُه

ونصُّكَ فوقَ المســــرحِ اشتدَّ حينما     برائحـــــــــــةِ التأويلِ هبَّتْ فنونُه

تنفّسْ فبعضُ الصمتِ لحظةَ ضعفِه     يـــــــــــروقُ له أن لا كلامَ يعينُه (5)

وقال من قصيدة (لعله الماء) وهي في أمير المؤمنين (عليه السلام)

كالماءِ أو بأخفَّ منه ترقـــــــــــرقا     ورمى على المرآةِ ضوءاً مُـطلقا

دخلَ البدايةَ قـــــــــــــــبلها ولـغايةٍ     فـــــــــي نفسِه قبلَ النهايةِ حـولقا

وهـــــــــــــجٌ أمامَ النـارِ تلمسُه فلا     يزدادُ إذ تـــــــــــــزدادُ مـنه تألّقا

أجرى على العدمِ الوجـودَ ولمْ يزلْ     حتى مِن العدمِ الوجــــــــودُ تدفّقا

الآنَ تُعتــــــــصرُ الـدقائقُ وهوَ بيـ    ـنَ البرزخينِ يعيشُ يـــوماً مُسبقا

للهِ درُّ كيــــــــــــــــانِهِ المحمرِّ من     دمِه الذي باللهِ كـــــــــــــانَ مُوثّقا

أيّ اللغاتِ تخــــــــــوضُ فيهِ فحقّه     أن لا تـــــــــــقالُ وحقّه أن تنطقا

نَفَسُ المجازِ هـواؤه الـــــعربيُّ حـ    ـطّ على رئاتِ الشعرِ كي لا تُخنقا

سهرانَ أرقدَ شـــــــمسَه ولـكي يديـ    ـرَ الصبـحَ في جفنِ الظلامِ تأرَّقا

قبسٌ تأمَّلَ وجهَه مـــــــوسى وصو    تٌ قالَ أطــــــــفئ مقلتيكَ لتشرقا

إنَّ الحقيقةَ بئرُ مَن فُـقـــــــــدوا بما     وجـدوا فكن مــن كلِّ شيءٍ أعمقا

واقطفْ سؤالَ الأنــبياءِ فقــــــد ترا    هُ على فؤادِ الأوصيــــــــاءِ مُعلّقا

هذي السفينةُ يعلــمُ الربَّــــــــانُ أنَّ     الخضرَ يخرقُها لئلّا تُســــــــــرقا

قلبٌ يبادرُ بالســلامِ على القــــــــلو   بِ وإن قستْ كأبٍ عليها أشـــــفقا

ولكي ينالَ الــبرَّ ينفــــــقُ ما يحبُّ     كما ينـــــــــــــــالَ البرَّ حتى ينفقا

طوفـــــــــــــــــانُه كوفانُه فإذا أرا    دَ الـخوضَ قالَ لعرشهِ كنْ زورقا

بينـــــــا يــرتّبُ هذه الفوضى تزرّ    رُ صــــــدرَه بـالغيبِ كفُّ الملتقى

فيزيحُ خـــارطةَ العراقِ عن المكا    نِ كما يزيـــــحَ عن الخريطةِ جلّقا

هوَ مَن له نفسٌ على الماءِ استوتْ     وبنفسِه بالعرشِ كــــــــان المُحدقا

حيثُ المشيئةُ قبلَ خلـقِ الخــلقِ كا    نت لم تكنْ فتحرّكتْ كــــــي تُخلقا

وهناكَ حولَ النقطةِ النـجمُ الــــذي     يهوي من الأزلِ العليِّ مُــــــــحلّقا

للانــــــــهايةِ للــــــمقـامِ الأبعدِ الـ    أعلى عــــــــــــــليٌّ شاءَ أن يتسلّقا

وإذا بعنقـــــــــودِ المحبَّةِ جاءَ يسـ    ـكبُ من عصـــــارةِ كأسِه ما عتّقا

كأسٌ على اسمِ اللهِ فاشربْ يا عليٌّ    فأنتَ مَن يُســــقى وربُّكَ مَن سقى

يا للفراقِ تلاقيــــــــــــــــا يا للبقا    ءِ تفانيا يا للفؤادِ مُـــــــــــــــــمزّقا

مَن مثله عرفَ النبوَّةَ مَـــــن سوا    هُ لشملِ جمعِ الغائبيـــــــــــنَ تفرَّقا

كفروا فآمنَ وحدَه كذبوا فـــــصدّ    قَ بالسجودِ وبالركوعِ تصــــــــدَّقا

ماذا عليه وقد أشارَ على الطـريـ    ـقِ فغرَّبوا لمَّــــــــــــا رأوهُ مُشرِّقا

القومُ ما زالوا عليـــــــــــهِ ينعَّمُو    نَ ولم يزلْ فيهمْ ومنـــــــهمْ مُرهقا

للشقــــــــشقيةِ حينَ تـهدرُ أن تقيـ    ـمَ قيامةً في كلِّ قلبٍ شقـــــــــــشقا

فالطخيةُ الــــــعمياءُ تـنسبُ ظلّها     للشمــــــــــسِ تزعمُ أنّه لن يُحرقا (6)

....................................................

1 ــ كتاب هو الحسين وهو عرض للنصوص المشاركة في أمسية (هو الحسين) الشعرية السنوية المقامة في حسينية المصطفى بقرية الدالوة بالأحساء بين عامي (1433 ــ 1442 هـ) ص (131 ــ 143) وهو من جمع مصطفى عبد الله المسيليم الطبعة الأولى (1443 هـ / 2021 م) ص 143 ــ 145

2 ــ زودني بترجمته الأستاذ علي التميمي ــ دائرة المعارف الحسينية ــ لندن / ديوان التخميس ج 2 ص 73

3 ــ كتاب هو الحسين ص 131 ــ 138

4 ــ ألقاها الشاعر في الأمسية الشعرية في ذكرى ميلاد كريم أهل البيت الإمام الحن المجتبى عليه السلام التي أقامها الموكب الزينبي بتاروت / الموسم الرابع 1438 هـ / 2017 م وهي منشورة على اليوتيوب

5 ـــ ألقاها في مسجد الرسالة ذكرى المولد النبوي الشريف السنوي الخامس بتاريخ 17 ربيع الأول 1441هـ الموافق 15 / 2 / 2019 م وهي منشورة على اليوتيوب

6 ــ ألقاها الشاعر في مهرجان عن الإمام علي / منشورة على اليوتيوب

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار