627 ــ أمجد المحسن (ولد 1398 هـ / 1977م)

أمجد المحسن (ولد 1398 هـ / 1977م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام):

فـمَـنْ لـهُ مـثـلُ أصـحـابــي؟، وإنَّهُمُ      أوتادُ هذا الخبا العالي، وهُمْ زرَدي

يا عـاذلـي، (كربلا) أسـمـاؤُها عُـدَدٌ     مـن الجَمالِ، فخُذْ ما شِئْتَ مِنْ عُدَدِ

إنَّ الأسامي على أصـحابِـهـا صِـفَـةٌ     كَـ (كربلاءَ) تــمـدُّ الـوقـتَ بـالـمددِ

يا عاذلي، لستَ مثلي في الأحبَّةِ، لا     ولا ألـومُـكَ إنْ بـالَـغْتَ في حَسَدي

ومـا لـديـكَ لــجـمـرِ الـبَرْدِ عوسَجةٌ     ومـا لـديـكَ حـبـيـبٌ مـن بـنـي أسَدِ (1)

الشاعر

أمجد بن علي المحسن، كاتب وشاعر وأديب، ولد في المنطقة الشرقيّة بالسعودية، وهو حاصل على بكالوريوس / تاريخ، يسكن حاليا مدينة صفوى، ويعمل في وزارة التربية (2)

صدر له:

سهرة عبّاسيّة ــ 2009 وهو عن العصر العباسي من 717م حتى سقوط بغداد 1299م.

أدراج الغرفات السبع من الفلك إلى التي هي لك ــ 2010

مكعّب روبيك ــ 2014

حضرة ذوات الأكمام ــ 2014 (3)

وله كتاب بعنوان: (الراهنامج) وجاء في تعريفه: هو فن من فنون الشعر الفارسي القديم وهو (الراهتام)، ورد في كتاب (تاج العروس) وهو: الراهتاج، والرهمانج، والرحماني. استعملها العرب، وأصلها راه تامه ومعناه کتاب الطريق لأراه هو الطريق ونامه: الكتاب، وهو الكتاب الذي يشلك به الربابنة البحر ويهتدون به في معرفة المراسي وغيرها... وكتاب الراهنام بصيغته الجديدة عن الشاعر أمجد المحسن يبدو جنس أدبي، يقترب من فن "الأرجوزة" أو من فن "العشق الصوفي"، وكذلك شعر "الأندلسيات" وهو في وقعه، مصدر وحي الشاعر وإلهامه وروحه..) (4)

وقد كتب عنه الشاعر (عبد الله طاهر المعيبد) مقالاً تحت عنوان: (أمجد المحسن... الشاعر الذي أعاد للشعر هيبته) قال فيه:

(أمجد المحسن ليس مبدعاً يمتلك أدواته الشعرية باقتدار فحسب، إنه شاعر متعدد المشاغل فكتابه الأخير (الراهنامج) يكشف مدى تواطئه مع الأرض وعلاقته الوثيقة بإنسانها ضمن مسار تتداخل فيه الثقافة العالية والفنون المختلفة والأحداث التاريخية والوعي الشعري، بشكل يجعلنا نقول أنه أبرز وجوه الشعر في المرحلة المعاصرة، بل هو أهم شاعر استطاع أن ينفتح على مصادر وحي متنوعة تحوّلت في كتابه (الراهنامج) إلى عمق معرفي وتاريخي مشحون بأشكال الشعر المتعددة وهذا ما لا نجد نظيره فيما يُطرح اليوم، فأمجد يحترف الاشتغال على ما يريد أن ينشره للعالم عبر مقاربة جادّة مع الوجود فهو (الشاعر/ الشاعر) في زمن الأسماء المتكاثرة، يتميز في الأوزان التي يطرقها كنوع من التفرد وتتبرج قوافيه مثل العرائس في ثنايا الكتاب ليكون هو أمجد لا يشبه أحداً ولا يشبهه أحد .. التجربة الشعرية لأمجد المحسن تجربة ضخمة لا نستطيع أن نجزأها أو نمرّ عليها مرور الكرام فهو يحترم مشروعه جداً ويضحي من أجله ويعطيه الجهد الكبير، كل ذلك ناتج تفاعل حقيقي مع البيئة المحيطة التي عشقها فأجهد نفسه في البحث عن تكوينها وتدوينها متأملاً وراصداً بتأنٍ وصبر واستنطاق ... مشروع كتابة بهذا الحجم النوعي يجعلنا نفخر بأمجد الشاعر العظيم لأنه يعرف كيف يذيقنا الدهشة والجمال دون أن يهبط بذوقنا إلى مستويات أقل .. أمجد تقمص في تجربته عدة أدوار وتشكّل بأكثر من موهبة ولا يمكن لغيره أن يقترب من ذلك، فهو الفوتوغرافي والرسام والروائي والمسرحي والباحث التاريخي والشاعر المتفرد الذي يخسر من لا يتعرف على شعره ... لذلك فإن (الراهنامج) يشكل تحفة فنية بذاتها، وإضافة علمية أكيدة لمكتبة الثقافة العالمية .. إن أمجد وجد ليكون شاهداً على ماضي المنطقة وحاضرها ومستقبلها وكتابه (وثيقة تاريخية) تزداد قيمتها مع الزمن لأنه استنطق الزمان والمكان والشخوص بحالة استثنائية لم نضع أيدينا على ما يماثلها .. ليقول لنا أننا امتداد لكل تلك العصور السالفة فلنستلهم الدروس ولنفتخر بأرضنا .. إذن نحن أمام كتاب مختلف، رحلة داخل عالم مازال يلهمنا نحن أبناء هذه الأرض وهو ينظر في ملامحنا وسمارنا وسحناتنا وجوه آبائنا الماضين ويسجلها بحرفية ... من يقترب من أمجد سيجده شاعراً في حركاته وسكناته وشؤونه كلها ... وهو يعرف كيف يلتقط الجمال من الهامش ويجعل من العادي استثناءً .. وكتابه (الراهنامج) قادم ليأخذ مكانه الطبيعي في كينونة الشعر ... أمجد لا يكتب لمجرد الكتابة ... فقلبه الذي بين جنبيه يحمل من الوفاء للأرض الكثير .. وهو يستطيع بقدرة شعرية كبيرة أن يترجم هذا الوفاء على شكل قصائد ملهمة) (5)

وكتب عنه الأستاذ موسى جعفر الرضوان مقالا تحت عنوان (الشاعر أمجد المحسن جواهري القطيف المجهول) قال فيه:

(أمجد المحسن شاعر آت من زمن غبار المعارك، قبل أن ينزف جرحه الغائر على ضفاف الوجود يباغتك زمنه العبسي، يستدركك بتار قريضه، يحمل القافية قربة ماء إلى عطاشى المظلومين في زمن عزت فيه التضحيات حسينية تأبى الحيف، لا أداة للتلميع والاستزلام، فهو دعبل في غيرته على الشريعة، وهو الكميت في حميته وأنفته، يسدد خطيه قلماً جارحاً عندما يثور نقيعها، يعلق فوقه هامات رؤوسها المقامات القطيفية...

أمجد المحسن جواهري القطيف وجوهرتها لا بل وأخطلها تجد في شعره حكمة زهير بن أبي سلمى وحزن الخنساء وإباء المعري وشيمة أبي الطيب المتنبي، هو الشعر كله يجدله في تهيلةِ القهوة سمراً في رؤوس العشاق ليستقر في ذاكرة الذوق....

ألم يقولوا قديماً الشعر ديوان العرب، هو ذا أمجد يرتل يتأرخ شعره يمازج بفراسة لغته كلما ضرب نافوخ الحرف سديم إبداعه، يطلقها مدونة يغيض منها البيان بديع سحر، لغة ما أشهاها لتنسدل من بعدها ستائر النور عن فتنة قريضه عن مسرح سماواته........

أمجد ما هو بشاعر قبيلة بل قبيلة شعراء ومدرسة كلاسيكية أبعد ما تكون عن المفهوم الكلاسيكي المتعارف عليه ، وأكاد أجزم لو ولد هذا الشاعر في بيئة غير القطيف لصافحته سماواتهم وأظلته أحداق عيونهم....

وقال عنه الشاعر الاستاذ بدر شبيب الشبيب: (شاعرنا الكبير لو كنت في البرازيل لاكتشفوك كما يكتشفون لاعبي كرة القدم الموهوبين ولأصبحت بيليه الشعر عندهم، لا أدري متى ستعرفك الخط وأنت الذي وهبتها حرفك الأنقى وأشرعت لها غميلتك وقيل عنه أيضاً: (شاعر بقامة أمجد المحسن غير مشهور قطيفيا، زاهد في التعريف بذاته، يمتلك إمكانيات تفجير اللغة بما يساوي معجزة ..!

سؤالي الأهم من تسليط الضوء على قامة كأمجد المحسن، لماذا تجهل أو تتجاهل القطيف (القبيلة) ولادة شاعر بحجم أمجد المحسن ونحن في القرن العشرين بينما العصور الجاهلية تتفوق على مجتمعاتنا فتحتفي بشاعرها وتقيم ولا تقعد له أسواق عكاظها، ترى هل الجاهلية تملك من زمام المبادرة ما تعجز عنه وسائل عصرنا المتقدمة، عصر الانترنت والفيس بوك والتويتر وأحدث آليات التواصل اللحظية بما يهدد مكانة وسائل أعلام الحكومات وصولجاناتها فتضطر لحجب الحقيقة خوفاً من لسانها السليط ؟ ترى لماذا أصبح مقياس الشعر ومعيار نضجه ثقافة البترودولار (شاعر المليون مثالاً) لتكون في خدمة "الزيطة والزنبليطة" العربية، أتراها اختلفت المعايير فما عادت جاذبية اللغة وجمالياتها مقوماً لرقة العبارة وجزالتها، هذا يذكرني بقولة الدكتور أبي فراس السيد عدنان الشخص حينما أراد أن يلتحق بسلك التدريس الجامعي اعتذروا عن قبوله نظير إعاقة في رجله فقال لهم بلسان فصيح لأول مرة أعرف أن العلم في الرجل وليس في الرأس.

إذاً لا تستغربوا إذا تم قلب هرم المقاييس في زمن ثقافة البترودولار وأصبحت ديمقراطية الأصوات هي القابلة التي تهب للشعر معايير جودته). (6)

شعره

قال من قصيدته الحسينية التي قدمناها:

قالَ الحُسَيْنُ: وشيخٌ قـامَ يـطـلُــبُ لي     نصْرِي، وألفيتُهُ يومَ الِّــلـقــا سَنَدِي

قــد كـانَ يـحـمـلُ قـبلي عبءَ غـايَتِه     كـأنَّـمـا أثـقَـلَـتْـهُ صُـحبةُ الــجَــسَـدِ

حـتَّـى رآنــي فـقـالَ: الآنَ خُـذْ بِـيَدي     إنِّـي أتـيـتُـكَ لا مـالـــي، ولا وَلَدي

فـمَـنْ لـهُ مـثـلُ أصـحـابــي؟، وإنَّهُمُ     أوتادُ هذا الخبا العالي، وهُمْ زرَدي

يا عـاذلـي، (كربلا) أسـمـاؤُها عُـدَدٌ     مـن الجَمالِ، فخُذْ ما شِئْتَ مِنْ عُدَدِ

إنَّ الأسامي على أصـحابِـهـا صِـفَـةٌ     كَـ (كربلاءَ) تــمـدُّ الـوقـتَ بـالـمددِ

يا عاذلي، لستَ مثلي في الأحبَّةِ، لا     ولا ألـومُـكَ إنْ بـالَـغْتَ في حَسَدي

ومـا لـديـكَ لــجـمـرِ الـبَرْدِ عوسَجةٌ     ومـا لـديـكَ حـبـيـبٌ مـن بـنـي أسَدِ

وقال من قصيدة في الإمام جعفر الصادق (عليه السلام):

سيأخُذُني بحرُ القصيدةِ من يدي     إلى حيثُ يَرْوي جعفَرُ بـنُ مـحـمَّدِ

إلى حيثُ أستاذُ الشّريعةِ، ماؤُها     شِـفـاءُ الـعُـطـاشَى مـن ألِفْبَا وأبجَدِ

ومـدّ غَـديـرٌ صَـفْــوَهـا بــزلالِه     إلى أنْ ملا الدُّنيا وفـاضَ على الغَدِ

إذا جئْتَهُ بَسْمِلْ بقلبك، واغْتَرِفْ     بَرُوداً به سرٌّ لذي الـعـرشِ، وازْدَدِ

هـنـالِـكَ حـيـثُ الماءُ يشهدُ أنَّـهُ     يـقيـنُـكَ بـالـسّـاداتِ مـن آلِ أحــمـدِ (7)

وقال من قصيدة في أم البنين (عليها السلام):

أمَّ الــبــنـيـنَ، بِــنــا يـــا أمَّــنـا، ولَنا     منَّا وفِينا، خُذينا في الصّـلاةِ دُعـا

معاً تــحـجّـيـنَ نـحو الــطـيّـبـيـن بنا     الله ما أنـبـلَ الـمسعى ونـحنُ مـعا

بـابٌ لأبــوابِ أهـلِ الـبـيـتِ، فاطمةٌ     إليه يـهرعُ من عانى ومـن فَـزِعا

ما الحُبّ إلا لأهل الحُبّ هل وجدتْ     قـلـوبنا غيركم في نبضِـها شُـفَعَا؟

أغويتُ غيري بـشِـعـري، غير أنّكم     أغـويـتُـموهُ لأرض الحُـبّ فـاتّبَعا

قـولـوا لـبـنـتِ حُـزامٍ، أنَّ حــاجَـتَـنا     تطوفُ سُفرَتَها حيثُ اليقينُ سَعى

هل بدعة أن نريحَ الـرّوحَ بين يدَيْ     آل الرّسولِ، إذاً أكرِمْ بِــهـا بِدَعا!

يـا خـيـرَ مــائـدةٍ عـن خـيـرِ رائـدةٍ     مليون فائدةٍ تـسـتـدرجُ الــطّـمعا!

نُريدُها، ونـريـدُ الـمـاءَ مـــن يــدِها     أمّ البنين، .. وكم كرب بهم دُفِـعَا

وما رددتِ يــداً جــاءَتـكِ ضَـارعةً     إذ تذكرين من العبّاسِ ما قُـطِـعا!

مجلة المصطفى 9 فبراير, 2020

.................................................................

1 ــ مجلة المصطفى بتاريخ 9 / 9 / 2019

2 ــ موقع أي عربي / مجلة القافلة لشهري 11 ــ 12 سنة 2018 / موقع ويكيبيديا

3 ــ مجلة القافلة مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين 11 ــ 12 / 2018

4 ــ موقع أمازون

5 ــ نشر على موقع المطيرفي بتاريخ 21 / 9 / 2019

6 ــ نشر على شبكة أم الحمام بتاريخ 7 / 10 / 2009

7 ــ مجلة المصطفى بتاريخ 18 / 6 / 2020

8 ــ مجلة المصطفى بتاريخ 9 / 2 / 2020

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار