560 ــ كاظم جواد الزهيري (1366 ــ 1402 هـ / 1947 ــ 1982 م)

كاظم جواد الزهيري (1366 ــ 1402 هـ / 1947 ــ 1982 م)

قال من قصيدة (في ذكرى الشهادة) وهي في رثاء الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) تبلغ (34) بيتاً وقد ألقاها الشاعر في الصحن الكاظمي الشريف عام (1393 هـ / 1973 م)

فـمـجزرينَ على الصعيدِ بـ (كربلا)      مثلَ الأضاحي في القتالِ الدامي

حازوا على شرفِ الشهادةِ مُذ هووا      يـتـسـابـقـونَ لـنـيـــلِ خيرِ وسامِ

ومـشـرَّديـنَ نـأتْ بـهـمْ أوطــانُــهـم      بعدوا عن الأحـبـــابِ والأرحامِ (1)

وقال من قصيدة (شهداء الطف) وقد نشر منها الأستاذ الدباغ (25) بيتاً:

وأصحـابُ الحسينِ سليلِ طهَ      أبـيِّ الـضيمِ إذ يُنمى الولاءُ

لـسـبـعـينٍ وبضعِ ويحُ نفسي      مضوا قد غيَّبتـهمْ (كربلاءُ)

فدوا بالروحِ والأهلينَ صبراً      إمامَ هـدىً بـه رُفــعَ اللواءُ

وقال من قصيدة (يا مطمح الآمال) وقد نشر الأستاذ الدباغ منها (43) بيتاً:

يـأتـي الحسينُ يسحُّ عبرتَه      في (كربلاءَ) مُـجددُ العهدِ

قد بتُّ أرقبُه على مضضٍ      وأشـمُّ نـبـعـتَـه عـلـى بُـعدِ

بلْ كدتُ أبصرُه بلا حجبٍ      لـكـن ذنـوبـي لـوثةُ الوهدِ

الشاعر

الشيخ كاظم جواد رضا الزهيري، ولد في الكاظمية، وأكمل فيها دراسته الاعدادية ــ الفرع الأدبي، ليدخل كلية أصول الدين وكان من أساتذته فيها العلامة الشيخ حسين علي محفوظ، قال عنه السيد محمد حسين الجلاليفي رسالة بعثها إلى الشيخ حسين علي محفوظ: (كان يتردد على النجف في كل مناسبة، وكان شابا مؤمنا من طلاب كلية أصول الدين، وأحب إحياء ذكره لطهره وعفافه واهتمامه بالتراث).

نشر الزهيري قصائده في مجلات البلاغ والعرفان والنهج وأغلب شعره في مدائح ومراثي أهل البيت (عليهم السلام)، كما كان الزهيري يقيم الحفلات الخاصة بأهل البيت (عليهم السلام) في داره بحي الجوادين، والتي كان يحضرها جمهور واسع رغم الرقابة الشديدة من قبل السلطة البعثية، حتى اعتقله أزلام النظام البائد عام (1980) وغيب خبره وأشارت شهادة وفاته أنه أعدم في نفس العام.

شعره

قال من قصيدة في مولد النبي (صلى الله عليه وآله) تبلغ (36) بيتاً، وقد ألقاها الشاعر في جامع الموسوي بمدينة الحرية عام (1398 هـ)

ومحمدٌ جمعَ الـمـحـامـدَ كـلّـهـا      ودعـا الأنـاسي للتي هيَ أقـومُ

وتحمَّلَ المِحنَ الغلاظَ فما ونى      مِن أجلِ دعوتِه كأنْ هيَ بـلسمُ

وشريعةً غـرّاءَ جـاءَ ومـنـهجاً      منه المعارفُ والـهـدى يُـتوسَّمُ

ومـحـمـدٌ نـحوَ العلاءِ وحـيـدرٌ      في كلِّ فضلٍ حيثُ كانَ التوأمُ

خُلقٌ يحيلُ الصعبَ سهلاً ليِّـنـاً      وبأسرِها يُجلى البلاءُ الـمُـبرمُ

وقال من قصيدة (في ذكرى الشهادة) وهي في رثاء الإمام موسى الكاظم (عليه السلام):

إنَّ الإمــامــةَ مـنـه ـ جـلَّ جلاله ـ      وبها الإمامُ سما على الأعــلامِ

موسى بن جعفرَ والمـرجَّى للندى      بــابُ الــحـوائجِ حجَّةُ الــعلّامِ

وسَلِ الرشيدَ وحـزبَـه مــا ذنـبــه      حتى يلاقي مــن أذىً وسِــقــامِ

ووشــايــةٍ عـمـيـاءَ حِـيكـتْ ضدَّه      مِن حــاقــدٍ مَــن بــاءَ بالآثــامِ

أو طعنةٍ نجلاءَ كانتْ رمـيـــــــةً      للدينِ قد عُزفتْ علــى الأنــغامِ

ومـكـابــدٌ لــلــســمِّ عــاشَ بمحنةٍ      لهفـي على ذاكَ الفؤادِ الدامــي

ومُــكـــبَّلٌ وضعوه في طامــورةٍ      حتـى قـضى من شدَّةِ الإيــــلامِ

إن ذنــبــه إلّا لأنَّ وجـــــــــــودَه      قد كـان يـرهبُ سطوةَ الحكّــامِ

فالــحــقُّ نــورٌ والــــغوايةُ باطلٌ     شـتّـــانَ بــيـنَ هــدايـةٍ وظــلامِ

هـارونُ أزهـرَ عـصـرُه بـمفـاسدٍ      فاقـتْ حـدودَ الوصفِ والأرقامِ

مِـن بـيـتِ مـالِ المسلمين عطاؤه      لـلــداعــراتِ بــدونِ أيِّ ذمــامِ

والأولـيــاءُ يُـسـيـمــهمْ خسفاً ولمْ      يَـخــفِ الإلـــهَ بـقــسوةٍ وعرامِ

هـذا أمـيـرُ الــمـؤمـنينَ ! مهازلٌ      يـدعـــونــه تـــبَّــتْ يدُ الإجرامِ

وقال من قصيدة (من وحي الحسين) وتبلغ (21) بيتاً:

من أبيِّ الـضـيـمِ خُـذ درساً وثبْ      واعلنِ الحربَ فقد كانتْ طعامَه

إنْ نَسِرْ في دربِ من سارَ عـلى      مـنـهـجِ الـقـائـدِ أحرزنا السلامَة

ديـنُـنـا الإسـلامُ لا نــرضــى بهِ      بدلاً لا والـذي رضُّـوا عـظـامَـه

فـإذا مـا اسـتـوسـقـتْ آمــالــنــا      عندَ ذاكَ اسـفـحْ دمـوعاً بضرامَه

واندبنْ رهطاً قضوا صبراً وقد      غُودرَ المصلحُ مسـلـوبَ العِمامة

أن تـريـدوا الـعـزَّ يـوماً فاقتدوا      بأبي الأطـهـارِ ينبوعِ الـشـهـامـة

وقال من قصيدة مطولة بعنوان (عذرا أمير المؤمنين) وهي بمناسبة عيد الغدير، وقد نشر منها الأستاذ عبد الكريم الدباغ (62) بيتاً:

في حجَّةِ الـتـوديـعِ عند رجـوعِـهـمْ      في القيظِ قامَ بهمْ أبو الزهراءِ

لـيـبـلّـغَ (الـنـبـأ الـعـظيمَ) إلى الملا      عـن ربِّـه فـي الـخطبةِ الغرَّاءِ

ويـعـيِّـنُ (الـنـبـأ الـعـظـيـمَ) خـلـيفةً      من بـعـدِه فـي قــوةٍ ومـضـاءِ

في موكبٍ ضمَّ الألوفَ من الورى      بـ (غديرِ خمٍّ) مـنـبـعِ الإرواءِ

قـد قـالَ فــيــمــا قــالَ هـذا حــيدرٌ      مـولاكـمُ بعدي وربُّ لــوائـي

أترى رســولَ الله يـــتـركـهـمْ بـلا      راعٍ وتـلـكَ مـقــالـةُ الــسـفهاءِ

هملاً وإن ضلّوا الطريقَ وضيَّعوا      هذا خلافُ طـبـــائعِ الأشــيـاءِ

سَـلْ آيـة الإنــذارِ فـيـمـنْ أنــزلتْ      بلْ سَلْ حديثَ الدارِ والإيـــتاءِ

بـابٌ لـعـلـمِ اللهِ والـــحــبــلُ الـذي      بالاعتصامِ به شذى الأشـــذاءِ

وبــآيــةِ الــتـطـهـيرِ كـان مطهَّراً      مِـن رجسِهمْ والهوّةِ الســـوداءِ

وقال من قصيدة (شهداء الطف):

تـنـادوا مـصـبـحينَ أتوا سراعاً      وقـد حُمي الوطيسُ وهُمْ ظِماءُ

وذادوا عـن كــرامـتِـهـمْ بـقـلبٍ      شــجـاعٍ لـيـسَ يـعــروهُ التواءُ

وراحوا يـلـقـنـونَ الـكفرَ درساً      بــلــيــغــاً يــا لــنــعمَ الأزكياءُ

ولـلـعـبـاسِ صــولاتٌ غِضابٌ      ولـلـكـفّـارِ أفــئـــدةٌ هــــــــواءُ

ويـفـدي ديــنَــه لــيــنــالَ حظاً      مِن الأخرى وقد عـظمَ العزاءُ

فـلا سـهـمٌ ولا عَــمَــدٌ وكـــفٌّ      يــعــوِّقُــه وإن نــزفـــتْ دماءُ

وشبهُ المصطفى قد سارَ يبغي      نــزالَ الــقــومِ عــاجــله الفناءُ

تــســابــقَ لـلـجنانِ بتضحياتٍ      فـتــىً لـكـأنَّ نـاظــــرَه الرواءُ

ونـجـلُ الـمـجـتبى تفديهِ نفسي      وبُــورِكَ يـافـعـاً فـلـه بــهـــاءُ

تحدّى رغمَ صـغرِ السنِّ قوماً      عــتـوا وبـغـوا ولـفَّـهـمُ الشقاءُ

وجـاهـدهـمْ فـأبـلـى مُـسـتميتاً      وبـاغـتـه الـعـدا فـخـبـا الضياءُ

وأنصارُ الحسينِ على الـثريّا      سـمـوا وتـزيَّـنـتْ بـهـمُ الـسماءُ

مـواقـفُـهـم يُـحـارُ العقلُ منها      وفـي وثـبـاتِـهـم قـــامَ الــبــنـاءُ

أطـاعـوا ربَّـهـم ووفـوا بعهدٍ      وعـزَّ بـذلـكَ الــيـــومِ الــوفــاءُ

وقال من قصيدة (يا مطمح الآمال) وقد نشر الأستاذ الدباغ منها (43) بيتاً:

إنّي وقــفــتُ هــــوايَ مُـحـتـســــباً      لـلـعـتـــرةِ الـهـاديـــنَ للـرشدِ

آلِ الــرســولِ الــسـادةِ الـنـجــــــبا      أهلِ الــتقى والـجـودِ والمـجدِ

أفديـهـمُ بـالـنـــفـسِ مُـغـتـبــــــــطاً      والأهــلِ والمـالِ الذي عـندي

سـفــنِ الــنــجاةِ وبابِ رحــمــتِــهِ      وعـــلامـةِ الإيـــمــانِ والــودِّ

أوصــى الــنــبــيُّ بــهــمْ وحدَّدهمْ     أكـــرمْ بـهـمْ وبـــذلــكَ الـحـدِّ

أصــفــاهــمُ الــرحــمــنُ مِـن قِـدمٍ     واخــتصَّهمْ بـلآلئِ الــعــقـــدِ

يــا ســادتـــي بــكـــمُ الـمـلاذُ غداً      يـومَ الورودِ كـذاكَ فـي اللحدِ

فالزمْ ـ هداكَ الله ـ نــهــجَـــهـــــمُ      واتـركْ حديـثَ سعـادَ أو دعدِ

كـمـلـوا بلا نــقــــــصٍ وأوّلـهـــم      مــولايَ حـيــدرُ مــبـدأ الـعـدِّ

مِـن بـعـدِهِ عـشـرٌ وبــعـدهــــــــمُ      نــورُ الإلــهِ الـــــقائمُ المهدي

يهدي لدينِ الــمـصـطـفــى زُمـراً      زُمراً لدينِ الــمصطفى يهدي

ويُطهِّرُ الأرضَ التي مُـلـــئـــــتْ      ظـلماً وأصنــامَ الورى يُردي

مِن أرضِ مكّةَ نورُ طلـــعـتِـــــه      وبـهـا يُـبـشّـــرُ طـالــعَ السعدِ

يا مـطـمـحَ الآمــالِ لـــحْ فــلـــقدْ      طالَ السرى ولبثتُ في السهدِ

والناسُ ضلّتْ في مـتـاهــتِـــــها      إلّاكَ والــمــهــديُّ مــن تُهدي

ونـوائـبٌ نـابـتْ ونـــحـــن بــها      غـرقى وليسَ لنا سوى الجهدِ

أيــامُـنـا راحــــــــتْ تقارعُــنــا      بــشــبــا الـظـبـا كـالـنــدِّ بالندِّ

وتنكّـرتْ سـاعاتُــهــا وعــتــتْ      حـتـى كأنَّ الموتَ في الرصدِ

إنَّ الصدورَ مِن الدجى وغرتْ      وتضعضعتْ بقواصفِ الرعدِ

والـديـنُ أضـحـى يشتكي سقماً      مِـن مُـدَّعٍ والـزيـفُ فـي البردِ

لمْ يظهروا علماً وقـد كـثــرتْ      بِـدعٌ تـفـوقُ الـوصـفَ في العدِّ

وقال من قصيدة في مولد الإمام محمد الجواد (عليه السلام):

يـومٌ بـهِ الـبركاتُ عمَّتْ أرضَنا      حـيـث الهنا والخيرُ والإعمارُ

وبه السما جـادتْ بـودقٍ مـربــعٍ      واسترَّ آلُ المصطفى الأخيارُ

ومـلائـكُ الـرحـمـنِ تـذكرُ ربَّها      ذكـراً بـه الـتـقـديـسُ والإكبارُ

وإذا بصوتٍ في السماءِ مُجلجَلٍ      وِلِدَ الـجـوادُ وصـاغـه الجبَّارُ

اليومَ قد وِلدَ الـجـوادُ مــحـمــــدٌ      بـابُ الـمـرادِ وطـلّتِ الأنوارُ

.................................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: موسوعة الشعراء الكاظميين ج 5 ص 350 ــ 373

: محمد طاهر الصفار