486 ــ مطر الشلاه (1310 ــ 1383 هـ / 1892 ــ 1963 م)

مطر الشلاه (1310 ــ 1383 هـ / 1892 ــ 1964 م)

قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين ورثاء الإمام الحسين (عليهما السلام) تبلغ (32) بيتاً:

ولـيـسَ عـلـى وجـهِ البسيطةٍ كلّها      ولا في السماواتِ العُلى كان حاميا

كمثلِ أبي السجَّادِ في يومِ (كربلا)      تـجـلّـى إلـى الـهيجا فدكَّ الرّواسيا

شـكـا ديـنُ طـهَ سـقـمَـه مـن أمـيَّةٍ      وكـانَ لـه حـقّــاً طـبـيـبـاً مُــداويــا

الشاعر

السيد مطر بن أمين بن مهدي بن عبد النبي بن محمد بن هشام الشلاه الأعرجي الحسيني، خطيب وشاعر، ولد في الحلة من أسرة علوية ينتهي نسبها الشريف إلى عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين (عليه السلام)

اقتفى الشلاه أثر والده في فن الخطابة بعد أن درس على يديه القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم منذ طفولته، يقول الخطيب الشيخ محمد الشهيب: (رأيت السيد أمين يرتقي المنابر في مدينة الحلة ويعلم ولده السيد مطر فن الخطابة وهو ابن سبع سنين) فنشأ مطر في أجواء المنابر وعاش أصداء واقعة الطف بكل تفاصيلها.

وكان جده لأمِّه خطيباً وشاعراً كبيراً في الحلة والعراق، وهو الخطيب الشهير حسين بن عبد الله بن مهدي الحلي المعروف بـ (حسون الحلي) الذي قال عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي: (كان من أساطين الخطباء) ووصفه السيد عبد المطلب الحلي: بـ (نادرة هذا الدهر، وفريد هذا العصر)، فنهل الشلاه من هذين العلمين في الخطابة ثقافة دينية واسعة.

كما صحب الشلاه الشيخ محمد سماكة الذي كان علماً من أعلام الحلة في الأدب، وكان لهذه الصحبة أثرها الكبير في تنمية ملكته الأدبية، هاجر الشلاه إلى قرية (الغلّيس) التي تبعد حوالي خمسة كيلو متر عن مركز الحلة وفيها قبر النبي أيوب (عليه السلام)، وأقام فيها واعظاً ومرشداً وموجِّهاً واتخذ من مقام النبي مقره في حل مشاكل الناس ومطالعة الكتب وكتابة الشعر وقد ألف كتاباً بعنوان (الضاجّين إلى الطريق المبين) إضافة إلى ديواني شعر بالفصحى والعامية

توفي الشلاه في الحلة ودفن في النجف الأشرف. (2)

شعره

قال من أجوزته (مصباح المهتدين في معرفة أصول الدين) وتبلغ (90) بيتاً:

أولـهـا تـوحـيـدُ ذي الـــجلالِ      والعـدلُ ثانٍ صـفـةُ الكمالِ

وثـالـثٌ بـعــثُ رســولٍ منذرِ      مُــنـتـخـبٍ هـادٍ لكلِّ البشرِ

مـعـجـزهُ يــدلــنــا عـــلــيـــهِ     يــظـهـرُه اللهُ عـلـى يـديـهِ

إنَّ مـحـمــداً نـبـيٌّ صــــادقْ      معجزُه القرآنُ وهوَ خارقْ

ورابعٌ نــصـبُ إمـامٍ هـــادي      لطفٌ من اللهٍ عـلـى العبادِ

فنصَّ طـهَ المصطفى البشيرُ      علـى عليٍّ جاءَ فـي الغديرِ

مَـن كــنـتُ مولاهُ فهذا حيدرُ      أولى بهِ ومَن أبـاهُ يـكـفــرُ

وولدُه الأئـمَّـةُ الإحدى عشرْ      والكلُّ منهمْ معجزٌ له ظهرْ

على الـعـبـادِ نصـبـوا أئـمَّـةْ      وغـيرُهمْ لمْ تُرَ فيهِ عصمةْ

مُـحـبُّهـم فهوَ السعيدُ المتَّقيْ      ومــن يُـعاديهمْ فذلكَ الشقيْ (3)

وقال من قصيدة (السراج المنير في إثبات صحة نص الغدير) وتبلغ (22) بيتاً وقد خمَّسها الشاعر أيضاً، وننقل هنا من الأصل:

أيَنسى المسلمونَ غديرَ خمٍّ      عليٌّ ربُّـه فـيـهِ اصـطـفـاهُ

حـديـثٌ مُـسندٌ حقٌّ صحيحٌ      إلـى المختارِ بلّـغـه الإلــهُ

وفـي الـقرآنِ آيـتُـه تُـنـادي      خـلـيـفـتُـه عـلــيٌّ لا سواهُ

إماماً لـلـورى كهفاً نصيراً      عـلـيٌّ خـصَّـه وبـهِ حـبـاهُ

فبلّغْ يا رسولَ اللهِ حُـكـمــاً      عن الرحمنِ ما فيهِ اشتباهُ

إماماً للورى انصبْ عـلـياً      لهمْ ربُّ العبادِ قد ارتضاهُ

وإن تحذرْ من التبليغِ فـيـهِ      فلا تخشى عـليهِ من عداهُ

فما بلّغتَ عن ربِّ البرايا      رسـالـتَـه ويـعـصمُكَ الإلهُ

فـبـلّـغـهمْ وأرشدهمْ مُذيعاً      ونادى والملا سـمـعوا نداهُ

ألا مَن كنتُ مولاهُ يراني      عـلـيٌّ فـهـوَ مـولاهُ يــــراهُ (4)

وقال من قصيدة (نور العين في حديث الثقلين) وتبلغ (28) بيتاً:

أيَنسى المسلمونَ كلامَ طهَ      رسولِ اللهِ خـيرُ الأنـبـيـاءِ

يـقـولُ لـقـومِـهِ يا قومُ أنِّي      قليلٌ بينَ أظـهـرِكـمْ بـقائي

ويوشكُ أنني أدعـى لربِّي      إذا نـادى أجـيبُ إلى النداءِ

وإنِّي تاركُ الثقلينِ فـيـكـمْ      شفاءَ صدورِكمْ مِن كلِّ داءِ

كتابَ اللهِ يـهـديـكمْ جميعاً      وأنـزلـهُ الإلهُ مـن الـسـمـاءِ

وعترتيَ الأئمةَ أهلَ بيتي      فهمْ مـثلَ الكتابِ بلا افتراءِ

ولنْ يتفرَّقا حـتى يـجـيـئـا      إلى حـوضـي بـيومِ الالتقاءِ

أمانٌ أهلُ بـيتيَ لـلـبـرايـا      كمثلِ النجمِ في أهلِ السماءِ (5)

قال من قصيدته في مدح أمير المؤمنين ورثاء الإمام الحسين (عليهما السلام) والتي تبلغ (32) بيتاً وقد قدمناها:

عليٌّ بهِ الإسلامُ قـد صـالَ عـالياً      وكـانَ لـطـــهَ نـاصــراً ومُــحــامــيا

عـلـيٌّ أمـيـرُ الـمـؤمنينَ إمـامُـنـا      ومَن كانَ للهــادي الـنـبـيِّ مُــؤاخـيـا

وشُيِّدَ دينُ الـمـصـطـفى بحسامِه      ودافـعَ صـلـبــاً عـنْه مَن كانَ طاغيا

ولولا عليٌّ في الـحـروبِ وسيفُه      يـذبُّ عـن الــمـخـتـارِ فـيـهِ الأعاديا

لما اخضرَّ للإسلامِ عودٌ ولمْ يقمْ      عمودٌ وقد كـانَ الــبــنــا مُــتــداعـيا

فمَن شقَّ في بتَّارِهِ رأسَ مرحبٍ      وأمـسـى قـتـيلاً في الثرى ظلَّ ثاويا

وفـي يـومِ بـدرٍ قـد سقاها بسيفِه      كؤوسَ الرَّدى والشركُ أصبحَ خاويا

فلا سيفَ إلا ذو الـفقارِ ولا فتى     سـوى حـيـدرِ الـكـرَّارِ ذلَّ الأعــاديا

وقال فيه (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (23) بيتاً:

هوَ الإمامُ الوصيُّ المرتضى علماً      مَن يقتدي فيهِ في الفردوسِ مأواهُ

ومـن يـعـاديـهِ مِـنْ كـلِّ الأنامِ يكنْ      مُـخـلّـداً فـي جـحـيـمِ الـنـارِ مثواهُ

إنِّي عجبتُ لمَنْ بعدَ الـنـبـيِّ غـــدا      بـمـعـشـرٍ دونه في الـفضلِ ساواهُ

وأنـكـروا مـا بـهِ جـبـريـلُ جاءَ بهِ      يـومَ الـغـديـرِ لـخـيرِ الـرسلِ ناداهُ

يا أيُّها المصطفى بلّغْ رسـالـةَ مَـن      بـاسـمِـه لـعـلـــــيٍّ كــانَ ســمَّـــاهُ

بلّغْ رسـالـتَـه لـلـنـاسِ فــيــه وقُـلْ      مَـن كـنـتُ مـولاهُ منكمْ فهوَ مولاهُ (6)

وقال من أخرى تبلغ (16) بيتاً:

عليٌّ وصيُّ المصطفى سيِّدِ الورى      إمامِ جميعِ الـنـاسِ بـعـدَ مـحمدِ

بــهِ أيَّــدَ اللهُ الــنـبـيــيــنَ كــلّــهــمْ      وشـيَّـدَ ديـنَ الـمصطفى بالمهنَّدِ

عــلــيٌّ بــروضـاتِ الـجنانِ محبُّه      يفوزُ مِن الناسِ الذي فيهِ يقتدي

عـجـبـتُ لـمَنْ بعدَ النبيِّ لـمـعـشـرٍ      تعاموا عن الحقِّ المبينِ المُشيَّدِ

وقد سمعوا يـومَ الـغـديـرِ نـبـيَّـهـمْ      أبـانَ بـه لـلـحـقِّ مـن فيهِ يهتدي

فـقـالَ لـهـمْ: هـذا وصـيـي إمامُكمْ      خليفةُ ربِّ العرشِ في كلِّ مشهدِ (7)

وقال من قصيدة في مولد الإمام الحسين (عليه السلام):

جاءَ البشيرُ إلى الرسولِ مُهنئاً      يــا أيُّــهـا الـهـادي الـنبيُّ ينادي

بشراكَ قد ولِدَ الحسينُ ومَن بهِ      ضاءَ الوجودُ سليلُ ذي الأمجادِ

اللهُ أرســلــنــي إلــيــكَ مُبشّراً      يـا جـدَّه يــا خـيــرةَ الأجــــــدادِ

ومعزِّياً لكَ فيهِ يا خيرَ الورى      فـي يـومِ عـاشـورِ العظيمِ يُنادي (8)

وقال في الشهيد حبيب بن مظاهر الأسدي (رضوان الله عليه):

أنتَ الحبيبُ حبيبُ سبطِ المصطفى     وابــنِ الـبـتـولةِ والإمامِ الهادي

فــاشـفـعْ لـنـا عـنـدَ الـحـسـيـنِ فإنّه      نـعـمُ الــذخــيــرةِ خيرةُ الأجدادِ

يـقـضـي حـوائــجَــنــا ســريـعــــاً      إنَّه لا زالَ يقضي حاجةَ القصَّادِ (9)

وقال في ليلة استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام):

الـيـومَ قـد أظــلــمــتِ الأنــوارْ      لأجـلِ موتِ المرتضى الكرارْ

وتـذرفُ الـدمـعَ مـلائـكُ الـسَّما      والرسلُ ثم المصطفى المختارْ

فـيـا لـهـا مـن لــيــلــةٍ فـيها لقد      هُـدِّمَ بـيـتُ اللهِ ذو الأســتــــارْ

والأرضُ كادتْ بانقلابٍ جزعاً      ولا يـكـنْ لــيــلٌ ولا نــهـــــارْ

وقـد بـدا الـتغييرُ في الكونِ لها      ولا يــدورُ الــفـلــكُ الـــــدوَّارُ

يا عجبي كـيـفَ ابـنُ مـلجمٍ دنا      لــحــيــدرٍ تــســوقُـــه الأقـدارْ

بـسـيـفِـهِ قـد شـقَّ رأسَ حـيـدرٍ      قـد شــقَّ رأسَ العلمِ والأسرارْ

وقالَ في مـحـرابِـه حينَ هـوى     فزتُ وربِّ الـبـيـتِ والأسـتارْ

قد قَتلَ ابنُ ملجمٍ خـيـرَ الـورى     فـالـديـنُ يـبـكـي دمعُه معصارْ (10)

كما احتوى الديوان على بعض التخاميس والتشاطير

..........................................................................

1 ــ ديوان السيد مطر الأمين الشلاه الأعرجي، ضمن سلسلة دواوين الشعر الحلي ــ 6ــ دار الفرات 2015 / تحقيق الدكتور سعد الحداد، تقديم الشاعر عبد الحسين كاظم حسن الجنابي ص 53 ــ 56

2 ــ خطباء الحلة الفيحاء ص 256 ــ 261 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 386 / مقدمة ديوانه ص 21 ــ 27

3 ــ ديوانه ص 31 ــ 42

4 ــ نفس المصدر ص 43 ــ 48

5 ــ نفس المصدر ص 49 ــ 51

6 ــ نفس المصدر ص 57 ــ 59

7 ــ نفس المصدر ص 62 ــ 63

8 ــ نفس المصدر ص 69

9 ــ نفس المصدر ص 75

10 ــ نفس المصدر ص 75 ــ 76

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار