عمودُ العزّة.. حين أسندت زينبُ ظهرَ الإمامة
في أوجِ المأساة، حين خفَّت الخطى وتهاوت الأجساد الطاهرة على رمضاء كربلاء، بقي مشهدٌ واحدٌ يقطّر وجعاً ويشعّ نوراً، شابٌ عليلٌ، أثقلته الحمى، يحمل وجه أبيه الحسين (عليه السلام)، وعينُه تغرق بدمعةٍ لا تسقط، فالقلب مشدودٌ بحبل من الصبر الرباني.
ذلك هو علي بن الحسين، الإمام زين العابدين (عليهما السلام)، الذي لم يُشفَ جسده من مرضه، لكنه ورث من أبيه جراح الطف، ومسؤولية الإمامة، وحمل أمانة الدم الطاهر.
في الصورة، تراه منحنياً، متكئاً على عصاً، وخلفه عمته زينب الكبرى (عليها السلام)، تلك الجبل الشامخ، السيدة التي لم تنحنِ للعاصفة، لم تتهدج في الخطوب، بل كانت سند الإمامة، وركن آل محمد (صلى الله عليه وآله).
في لحظة من أشد اللحظات سواداً، بعدما ذُبِح الإمام الحسين وأصحابه، ودِيست الأجساد بالخيل، واشتعلت الخيام ناراً، وقفت السيدة زينب (عليها السلام) تمسك بذراع العليل، تسنده ليبقى قائماً، لا ليسير فحسب، بل ليمضي برسالة كربلاء إلى العالمين.
إنها لحظة تفوق الوصف، حين تتحول المرأة من رمز للعاطفة إلى رمز للعقيدة، ومن كف الحنان إلى عمود العقيدة، تقود ابن أخيها بين ركام الفجيعة، ليس هروباً من الموت، بل إتماماً للحياة بكرامة الإمام الحسين (عليه السلام).
وقد ورد في مصادر المقاتل، أن الإمام زين العابدين لم يكن قادراً على القتال، فقد كان مريضاً لا يقوى على النهوض، ولكن حين دخلت السيدة زينب خيمة الإمام، ووجدته باكياً وهو يودّع أباه الحسين، قالت له كلمات تفيض حناناً ورباطة جأش: "يا بقية جدي وأبي وإخوتي، إن هذا عهدٌ من جدك رسول الله لأبيك، فاثبت يا حجة الله في الأرض".
فأثبت، وكان، ومن بعد تلك اللحظة، صارت السيدة زينب (عليها السلام) ظلّه في الأرض، وسنده في السبي، وصوته في المجالس، وخيمته حين لم تبقَ خيمة.
يقول الإمام زين العابدين عنها: "إنها عالمة غير معلّمة، وفهمة غير مفهّمة"، وحقّ له أن يقول، فهي من وقفت في مجلس ابن زياد ويزيد، تقول: "ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم".
فأي سند أعظم من هذا؟
في الصورة أيضاً تلوح نار الخيام في الخلف، شاهدة على النكبة، ولكن النور الذي ينبعث من وجه الإمام العليل، هو نور الصبر، نور الصحيفة السجادية، نور مدرسة العبادة في زمن الطغيان.
إنه مشهد لا يُنسى، أن ترى الإمامة تستند على النبوة، وأن ترى المرأة تكمل خط النبوة بالفعل والموقف، فتكون زينب امتداداً لعلي وفاطمة (عليهم السلام).
ملاحظة: هذا النص تم توليده عبر الذكاء الاصطناعي
اترك تعليق