483 ــ محمد علي النجار (1341 ــ 1438 هـ / 1922 ــ 2017 م)

محمد علي النجار (1341 ــ 1438 هـ / 1922 ــ 2017 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (26) بيتاً:

فـأقـمتَ دينَ محمدٍ في (كربلا)      وجعلتَ منها كعبةَ الزوَّارِ

والمسلمونَ المخلصونَ تكشَّفتْ      لهمو نوايا طغمةِ الأشرارِ

وتـمـسَّـكـوا فـي دينِهم لمَّا رأوا      مـا حـلَّ في ذريَّةِ المختارِ (1)

الشاعر

السيد محمد علي بن محمد بن حسن بن محسن بن حسن بن مراد آل يحيى الموسوي، المعروف بـ (النجّار)، ولد في الحلة من أسرة علوية يرجع نسبها الشريف إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)

لقب بـ (النجار) لمهنته ومهنة والده، وكان عمه السيد أحمد النجّار الموسوي وكيلاً للسيد أبي الحسن الأصفهاني، فدرس على يديه مبادئ العلوم الدينية، ثمَّ درس على يد الشيخ حسن العذاري في مسجد الجومرد، ودرس المنطق وكتاب الشرائع للمحقّق الحلي، عند السيد هادي بن حمود العالم، ودرس كتاب تبصرة المتعلمين للعلامة الحلي على السيد مسلم بن تقي.

وكان مع درسته يمارس مهنته النجارة مع والده وأخويه محسن وجاسم، وبعد وفاة والده هاجر النجار إلى النجف الأشرف، ودرس هناك على الشيخ محمد جواد الجزائري، والشيخ محمد رضا المظفّر، والشيخ كاتب الطريحي.

وبعد عودته إلى الحلة مارس النجار التجارة في السوق الكبير، كما عمل معلما في المدرسة الكمالية التي أسسها السيد هادي كمال الدين.

عرف النجار بالتاريخ الشعري واشتهر به حتى أصبح علامة ظاهرة له، وقد جمع الأستاذ حسام الشلاه ما نظمه النجار من تواريخ شعرية فكانت ديواناً كبيراً، كما جمع ولده أسعد النجار شعره في ديوان يقع في (700) صفحة صدر عام (2013) 

قال عنه الدكتور سعد الحداد: (شاعر مطبوع ومجيد، من طليعة شعراء الحلة في عصرنا، مكثر من النظم، بارع في التاريخ الشعري، بل المقدم في هذا الفن في عصرنا الراهن، فضلا عن فني التشطير والتخميس، وله نظم في الشعر الشعبي، احترف التجارة الحرة، ولا يزال محله لبيع الأصباغ عامرا في شارع الجبل في الحلة.

 السيد النجار حلو الحديث، سريع البديهة، طيب المعشر، ظريف المسامرة ... له شعر كثير، وأغلب شعره موجود في المؤلفات الندوة المرجانية، فهو من رواد ندوة الحاج محمود مرجان، وله مراسلات شعرية مع المرحوم الشيخ الشهيد محمد حيدر) (2)

كما أصدر الحداد كتاباً عن الشاعر بعنوان: (السيد محمد علي النجار.. سيرة وشعر ــ 2008)  

شعره

قال من قصيدته الحسينية:

ركـبٌ يــجــلّــلــه أريـجُ الــغــارِ     تـهـفـو لـمـقـدمِـه أولوا الأبصارِ

حُـيـيـتَ يـا ركـبَ النبوَّةِ والهدى     يـا مـوكـبَ الأطـيـابِ والأطهارِ

حُييتَ يا ركبَ الحسينِ فأنتَ مِن     هذا الطريقِ غرستَ ألفَ شـعارِ

غـادرتَ مـكّـةَ والمدينةَ مُعرِضاً     عـن وجـهِ كـلِّ مُـنـافـقٍ غـــــدَّارِ

ما أسـلـمتْ تلكَ الوجـوهُ لـربِّـهـا     بـلْ أســلــمــتْ لـلـصـارمِ الـبتَّارِ

يتربَّصونَ بـديـنِـكـمْ كي يرجفوا     بــالـنـاسِ نـحـوَ عـبـادةِ الأحجارِ

فـوعـظـتـهـمْ لـكـــنَّ في آذانِـهـم     وقـراً فـما ازدادوا سوى إصرارِ

إن لم تدينوا بالـمـعـادِ وهــولـــهِ     كـونـوا بدنـيـاكـمْ مـــن الأحـرارِ

يا سـيَّـدَ الـشـهـداءِ حـبُّـكَ مبدأي     وعـقـيـدتي وذخـيـرتي وشعاري

ومن تواريخ النجار قوله مؤرِّخاً بناء حسينية في ناحية الإسكندرية:

هذه روضَـــــةٌ ومَـعهَدُ قُدسٍ     فهي بِاسمِ الحُسينِ تُشرقُ نورا

وبِأقصى الرجاءِ نادَيتُ أرخ     (فَلَقَد باتَ سعــــــيُكُم مَشكورا)

وقوله مضمنا قولَه تعالى (وَكانَ ذلِكَ عِندَ اللهِ فَوْزاً عَظيماً) في تاريخ بناءَ حسينية:

هذي الـحُـسينيَّةُ قد أُنشِئَت     فيها لأهلِ البيتِ ذكرٌ كريم

يبقى لَهُ الذّكرُ ومِن بعدها     أرخ (فعند الله فـوزٌ عـظيم)

وقوله مؤرِّخاً بناء مسجدٍ في البكرلي:

دورُ العبادةِ في الفيحاءِ عامرَةٌ     مُقدَّسٌ في نفوسِ النّاسِ موقعُها

ولـلـمـسـاجِـدِ تـاريخٌ (ومَنبَعُها     قـواعـدُ الـبَيتِ إبراهيمُ يرفعُها)

وقالَ مؤرِّخاً بناء حُسينيَّة في قضاءِ الهندية:

هذي الحُسينيَّةُ قَـــد شادَها     في نيَّـــةٍ خالصـــةٍ كاللُجين

أرخت (بالمأثور عن جدّه     منّي حُسينٌ وأنا مِن حُسينْ)

وقال مؤرِّخاً بناء مسجد المحقِّق الحلي:

هذا المُحقِّقُ والأجيالُ تعرفُهُ     بَدَت شرائعُهُ للدّين سـمحـــــاءُ

وإنّ تاريخه (يبقى وينشدنــا     الناسُ موتى وأهلُ العِلمِ أحياءُ)

وقال مؤرخا تجديدِ مقام الإمام علي (عليه السلام)، ومضمَّناً البيت المَشهور: عليُّ الدرُّ والذَهَبُ المُصفّى:

مقامٌ فيـه للرحمنِ ذكرٌ     وذكـرُ اللهِ نـورٌ لـيـسَ يُـطفى                        

فَقُل ولكُلِّ تاريخٍ (دليلٌ     عليّ الدرُّ والذَهَبُ المُصفّى)

وقال مؤرخا بناء حسينية المرتضى ومضمِّناً قول: (أبَد والله ما ننسى حُسينا):

لِأهلِ البيتِ في الأعناقِ دَينٌ     وواجـبـةٌ مـودَّتُـهُـم علينا

وفي تـاريـخنا (أسْدٌ صرخنا     أبَد والله ما ننسى حُسينا)

وقد يكون النجار هو أول شاعر يؤرخ وفاته وذلك بعد أن تقدم في السن وأحس بقرب أجله فقال في السنة التي توفي فيها:

لَقَد نَـظَـمتُ تواريخاً مُنوَّعةً     وما توانيتُ يوماً عن تواريخي

(و) تلكَ آخرُ أيّامي مؤرَّخةٌ     (وها هُنا مات نجّار التواريخِ)

................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: الحسين في الشعر الحلي ج 2 ص 9 ــ 12

2 ــ موقع مركز تراث الحلة / الشاعر السيد محمد النجار بتاريخ 20 / 2 / 2021

كاتب : محمد طاهر الصفار