417 ــ محمد علي الأعسم: (1154 ــ 1233هـ / 1741 ــ 1817 م)

محمد علي الأعسم (1154 ــ 1233هـ / 1741 ــ 1817 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (30) بيتاً:

ولقد وقفتُ على ثرىً في (كربلا)      أبـكـي ودمعُ العينِ ليسَ بنافدِ

فـرأيـتُ مـخـتـلـفَ الـمـلائكِ عندَه      من نازلٍ يبكي عليهِ وصاعدِ (1)

وقال في رثائه (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (44) بيتاً:

ما إن رأتْ عـيـني هلالَ محرَّمٍ      إلّا انثنتْ والدمعُ أسرعُ مـنـثني

كلا ولم أذكرْ مصارعَ (كربلا)      إلّا وزادتْ لـوعـتـي وتـحــزّني

يا عـيـنُ شـأنـكِ والـبـكـاءَ فإنّما      جزعٌ لغيرِ بني الهدى لم يحسنِ (2)        

ومنها:

أرزيةٌ مـن بعدِ وقــعةِ (كربلا)      تُخشى فتدَّخري دموعَ الأعينِ

رزءٌ بـكـاهُ مـحـمـدٌ وعـلى ابنه      يـبـكـي فـأيَّـةُ مـهجةٍ لمْ تحزنِ

رزءٌ به الزهراءُ صاحبةُ العزا      فـي مـأتـمٍ لـبـنـي عليٍّ قد بُني

وقال من قصيدة يمدح بها أستاذه السيد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ويؤرخ بناء الخان الذي أمر ببنائه ما بين كربلا والمشهد الغروي لإيواء الزوار:

وغـدا بـحـمـدِ اللهِ أحسنَ منزلٍ     ما بينَ بقعةِ (كربلا) والمشهدِ

قصرٌ تطاولتِ القصورُ فطالها     بـمـحـاسـنٍ في غيرِهِ لم توجدِ

وكـفــاهُ فخراً أنّـه يُـنـمـى إلـى     ذي سؤددٍ قد فاقَ أهلَ السؤددِ (3)

الشاعر

الشيخ محمد علي بن حسين بن محمد الأعسم الزبيدي النجفي، عالم وأديب وشاعر ومؤرخ ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية برز منها العديد من أعلام الفكر والعلم والأدب، منهم الشيخ محسن مرتضى، والشيخ محمد حسين بن علي بن حسين بن محمد علي الأعسم، والشيخ جعفر بن محسن بن مرتضى والشيخ حسين بن محمد علي الأعسم، والشيخ محمد جواد بن كاظم بن صادق بن محسن وغيرهم (4)

قال السيد الأمين عن هذه الأسرة: (وآل الأعسم أسره نجفية كبيرة عريقة في العلم والفضل والأدب، أصلها من الحجاز من نواحي المدينة المنورة وجاء جدهم الأعلى إلى النجف الأشرف وتوطنها، وقيل له الأعسم لكونه من العسمان فخذ من حرب إحدى قبائل الحجاز المعروفة والزبيدي نسبة إلى زبدي أحد بطون حرب لا إلى زبيد القبيلة القحطانية المعروفة ولهذا قال بعض المؤرخين انهم من زبيد الحجاز) (5)

 درس الأعسم العلوم الدينية في النجف الأشرف عند الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء، والسيد مهدي بحر العلوم (6)

قال عنه السيد الأمين: (كان عالماً فاضلاً فقيهاً ناسكاً أديباً شاعراً له ديوان شعر وله مراث كثيرة في الحسين عليه ‌السلام ومدائح في أهل البيت وبعضه في أستاذه بحر العلوم. له منظومة في الرضاع وأخرى في المواريث وثالثة في العدد ورابعة في تقدير دية القتل وخامسة في آداب الطعام والشراب المستفادة من الأخبار، وقد شرح المنظومات الثلاث الأولى ولده الشيخ عبد الحسين) (7)

وقال عنه الشيخ درويش علي البغدادي الحائري: (الشيخ العالم العلامة القدوة كان من كبار تلامذة بحر العلوم يروي عنه وعن غيره، صاحب مؤلفات جيدة ومصنفات مفيدة)  (8)

وقال عنه محمد السماوي: (كان فاضلاً كبيراً، وشاعراً شهيراً، وكان من أعيان تلامذة السيد بحر العلوم ومحاضريه، كان مصنفاً له نظم المآكل والمشارب في الفقه وهو مطبوع، وكان معداً للتاريخ...). (9)

شعره

قال من قصيدة في الإمام أمير المؤمنين (علبه السلام)

إنِّي لـمـدحِ بـنـي الـنـبيِّ لعاشقُ     والـنـظـمُ يـشـهدُ لــي بـأنِّي صادقُ

تـأتـي قـوافـيـهِ إلــيَّ كــأنَّـــمــا     قـد سـاقـهـنَّ إلـى لــــسـانــي سائقُ

هذا ونظمي قاصرٌ عن مدحِهمْ     ولـو اجـتـهدتُ وكـان تـحـتي سابقُ

ســاووا كـتــابَ اللهِ إلّا أنَّـــــــه     هـوَ صـامـتٌ وهـمُ الـكتابُ الناطقُ

من جاءَ بالقولِ البليغِ فـنـاقــــلٌ     عـنـهـمْ وإلّا فــهـوَ مـــنهــمْ سارقُ

ضلَّت خـلائـقُ فـي علـيٍّ مثلما     ضـلّـتْ بــعـيسى قـبـلَ ذاكَ خلائقُ

لا عذرَ لـلـنصَّابِ والـغـالـي له     عذرٌ لبعـضِ ذوي العقـولِ مـوافقُ

كـفـرتْ بـه الـفئتانِ لكنْ لـيـستا     شرعاً فـإنَّ الـنــصـبَ كفرٌ خـارقُ

لا ينسبُ الإسـلامُ لـلـغـالــي بهِ     وإن ادَّعـــى الإســلامَ فـهـوَ منافقُ

وهوَ الذي نطقَ الكتابُ بـمدحِهِ     وبـفـضـلِــه صـــدعَ النبيُّ الصادقً

يا مَنْ إليهِ الحكمُ يرجعُ في غدٍ     ولأمـرِه أمــرُ الإلـــــهِ مُــوافـــــقُ

لـكـأنّـنـي بـكَ والـخـلائـقُ كلّها     خرسٌ وما في الناسِ غيركَ ناطقُ

قـد قـامَ رضوانٌ لديكَ ومـالـكٌ     ولـهـمْ إلـى شـفـتـيــكَ طرفٌ رامقُ

من قلتَ فيهِ خـذوه عُجِّلَ أخذُه     لـم يـنـتـظـرْ مـاذا يـقـولُ الــخــالقُ (10)

وقال فيه (عليه السلام) أيضاً:

قُـل فـي عــليٍّ ما تشاءُ بفضلِه     ما لمْ تُـنـافِ حـقيقةَ الإيمانِ

مولىً تحيَّـرتِ العقولُ بوصفِهِ     بالكنهِ حتى قِيـلَ ربٌّ ثــاني

قد يُعذرُ الغالي بما لا يُعذرُ الـ     ـقالي وإن ضـلّتْ بهِ الفئتانِ

قالوا مـحـالٌ خـلقُ شيءٍ مثـله     والـعـقـلُ بـيَّـنَ ذاكَ أيَّ بيانِ

حتى إذا خلقَ المهيمنُ حـيدراً     قربَ المحالُ بهِ إلى الإمكانِ (11)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) تبلغ (30) بيتاً:

ما كـانَ أعـظـمَ لـوعـةَ الــــزهراءِ     فـيــما به فُـجـعـتْ مــن الأرزاءِ

كم جُـرِّعـتْ بـعـد الـنـبـيِّ بــولدِها     غُـصـصـاً لـما نالوا من الأعداءِ

مـا بـيـنَ مـقـتـولٍ بـأسـيـافِ الـعدا     دامي الوريدِ مُرضَّضِ الأعضاءِ

ظـمـآنَ مـا بـلَّ الـغـلـيـلَ وشـاربٍ     سـمَّـاً يـقـطّــعُ مـنـه فـي الأمـعاءِ

بـأبـي أعـزَّ سـقـتـه زوجته الردى     سـرَّاً وكـانـتْ مـنـه فـي ســــرَّاءِ

بـأبـي الـذي أمـســى يُـكـابـدُ عـلّةً     مـا أن يـعـالـجَ داءهــا بـــــــدواءِ

ما إن ذكرتُ مـصـابَـه إلّا جـرتْ     عـيـنـي وشـبَّ الـنارَ في أحشائي

ولإن بـكـتْ عـيني ببيضِ مـدامـعٍ     فـيـحـقّ أن تـبـكـي بـحـمـرِ دماءِ

لمْ أنسَه في الـنـعـشِ مـحمولاً وقد     بـدتِ الـشـمـاتـةُ مـن بني الطلقاءِ

وأتـوا بـه كـيـمـا يُــجــدِّدَ عــهــدَه     بـأبـيـهِ أحـمـدَ أشــــرفِ الآبــــاءِ

ولـربَّ قــائــلــةٍ ألا نـحّـو ابـنَـكـمْ     لا تـدخـلـوا بـيـتـي بغيرِ رضائي

شـكّـوا بـأسـهـمِ حــقـدهــمْ أكـفـانَه     وأبـوهُ أن يـــدنــى أشـــــدَّ إبـــاءِ

أو كانَ يرضى المصطفى أن ابنَه     يـقـصـى وأن يُـدنى البعيدُ النائي

لهفي على الحسنِ الزكيِّ المجتبى     سـبـط الـنـبـيِّ ســـلالةِ الـنـجـبـاءِ

قـاسـى شـدائـدَ لا أراها دون مـــا     قـاسـى أخـوهُ ســـيِّـــدُ الـشـهــداءِ

مـا بـيـنَ أعـداءٍ يـــرونَ قـتـالِــــهِ     وبـشـيـعـةٍ لـيـسـوا بـأهــلِ وفــاءِ

خـذلـوهُ وقـتَ الاحـتـيــاجِ إلـيـهـمُ     وقـد الـتـقـى الـفـئـتانِ في الهيجاءِ

صـاروا عـلـيـهِ بـعـد مـا كانوا له     ولـقـوهُ بـعـد الــردِّ بـالـبـغـضـــاءِ

حـتـى أصـيـبَ بـخـنجرٍ في فخذِهِ     وجـراحـةٍ بـلـغـتْ إلـــى الأحشاءِ

شُـلّـتْ يـدٌ مـردتْ إلـيـه بـــالردى     يـومـاً ولا سـلـمـتْ مـن الإسـراءِ

لا نـجـدةٌ يـلـقـى الـعـدوَّ بـهــا ولا     مـنـجـىً يـقـيـهِ مـن أذى الأعـداءِ

ضاقتْ بها رحبُ البلادِ فأصبحوا     نـائـيـنَ فـي الـدنـيـا بـغـيـرِ غـناءِ

يـتـبـاعـدونَ عـن الـقـريـبِ كأنّهمْ     لـم يـعـرفـوهُ خــيــفــةَ الــرقــبــاءِ

أوصـى الـنـبـيُّ بـودِّهـمْ فـكـأنَّـــه     أوصـى لـهـم بــإهـــانــةٍ وجـفــاءِ

تـبـعـتْ أمـيـةَ في القلا رؤساءها     فـالـويـلُ لــلأتـــبــاعِ والــرؤســاءِ

جعلوا النبيَّ خـصيمهمْ تعساً لمَنْ     جـعـلَ الـنـبـيَّ لـه مــن الـخُـصماءِ

فـتـكـوا بـسـادتِـهـمْ وهـمْ أبـناؤها     لـم تُـرعَ فـيـهـمْ حـــرمــةُ الآبــــاءِ

فـمـتـى تـعـودُ لآلِ أحـمـــدَ دولةٌ     تُـشـفـى الـقـلـوبُ بــهـا من الأدواءِ

بـظـهـورِ مـهـديٍّ يُــقـرُّ عـيـونَنا     بـظـهـورِ تـلـكَ الـطـلـعــةِ الـغــرَّاءِ

صـلـى الإلـهُ عـليهـمُ ما أشرقتْ     شـمـسُ الـنـهـارِ وأعـقـبـتْ بـمـساءِ (12)

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)

ذكـرُ الـطـفـوفِ ويـومُ عـاشوراءِ     مـنـعـا جـفـونـي لـذّةَ الإغــفـــاءِ

لـم أنـسَـه لـمّـا سـرى مـن يـثربٍ     بـعـصـابـةٍ مـن رهـطِــهِ النجباءِ

لِلّهِ كـم قـطـعـوا هـنـالـكَ مـهـمـهاً     تـكـبـو الـريـاحُ بـه مـن الإعـياءِ

حتى أتوا أرضَ الطفوفِ بنينوى     أرضَ الكروبِ وأرضَ كلِّ بلاءِ

حطوا الـرحـالَ فـذا محط خيامِنا     وهـنـا تـكـونُ مـصـارعُ الشهداءِ

وبـهـذهِ يـغـدو جـوادي صــاهـلاً     مُـرخـي العنانَ يجولُ في البيداءِ

وبـهـذهِ أغــدو لـطـفـلـي حـــاملاً     فـي الكفِّ أطلبُ جرعةً من ماءِ

أمـجـدِّلَ الأبـطالَ في يومِ الوغى     ومُـنـكِّــسَ الـرايـاتِ في الهيجاءِ

هـذا حـبـيـبُـكَ بـالـطـفوفِ مُجدَّلٌ     عـارٍ تُــكــفِّـــنُـــه يــدُ الـنـكـبــاءِ (13)

وقال في رثائه (عليه السلام) أيضاً من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (30) بيتاً:

أيـسـوغُ بـعـدكَ لـي شـــرابُ الـباردِ     ويطيبُ لي وردٌ ولــسـتُ بواردِ

وتـقـرُّ عـيـنـي فـي لـذيـذِ رقـــــادِها     وأرى الـمنايا عنكَ غـــيرَ رواقدِ

وتـبـيـتُ مـنـعفرُ الجبينِ على الثرى     وأبــيـتُ بـيـن ملاحــفٍ ووسائدِ

يـا بـنَ الـنـبـيِّ أرى مـصابَكَ تاركي     ذا مــدمـعٍ جـارٍ ووجـــــدٍ زائـدِ

ولـقـد تـمـثّـلـتُ الـحـسـيـــنَ كـأنـنـي     مـعــه فنحتُ عـليـهِ نوحَ مُشاهدِ

حـتـى سـمـعـتُ رنـيـنَ أكـرمِ نـسوةٍ     يـنـدبــنَ يومَ الـطـفِّ أكرمَ ماجدِ

بـأبـي حـسـيـنـاً حـيـنَ يطلبُ ناصراً     فيـهـمْ ومـا هــوَ للنـصيرِ بواجدِ

نادى وقد عزَّ النـصـيـرُ ولـمْ يــجــدْ     في القومِ غــيـرَ مُجـادلٍ ومجالدِ

يـا قـوم كـفّـوا عــن قـتالي وانظروا     في أمرِكـمْ نظرَ الـبـصـيرِ الناقدِ

أوتـجـهـلـوا نـسـبــي فأمــي فــاطـمٌ     ومـحـمــدٌ جـدّي وحـيـدرُ والدي

حتى إذا اشتروا الــضلالـةَ بـالهدى     واستبدلوا الرأيَ الصـحيحَ بفاسدِ

بطلَ اخـتـلافُ الـقولِ واختلفَ القنا     من صـادرٍ ريّــانَ أو مــن واردِ

بـأبـي وحـيـداً قـد أحـاطَ بـه الـعِدى     يصلي الوغى فرداً بغيرِ مُساعدِ

يـرعـى خـيـامَ نـسـائــه عـنـد الـلـقا     ويـنـازلُ الأبـطـالَ غـيــرَ مُباعدِ

يـسـطـو عـلـيـهـمْ سطوةَ الكرارِ إذ     حـمـلـتْ عـلـيـه القومُ حملةَ واحدِ

ويـذودُ عـن حـرَمِ الــنـبـيِّ بـسـيـفِه     أهـلَ الـعـنـادِ فـديــتُــه مـــن ذائدِ

فـأبـادَ جـمـعـهـمُ وشـتّــتَ شـمـلـهمْ     وغـدتْ كـتـائـبهمْ حصيدةَ حاصدِ

حـتـى دنـا الـقـدرُ الـمتاحُ وحانَ ما     خـط الـقـضـاءُ لـقـائـمٍ أو قــــاعدِ

إذ خرَّ من فوقِ الـجـوادِ إلى الثرى     وهـوَى لـمـصرعِه هويَّ الساجدِ

فانـهـدّ ركـنُ الـعـرشِ لمَّا أن هوى     وتـهـدّمـتْ لـلـديــــنِ أيَّ قــواعدِ

بـأبـي نـسـاءَ الـسـبـطِ إذ يــنـدبـنَـه     ذي يا أخي تدعو وذي يا والـدي

نـاشـدنَ شـمـراً وهـوَ جــاثٍ فـوقه     والـشـمـرُ لا يصغي لقولِ مناشدِ

يا شمرُ دعه وارعَ حـرمـةَ جــــدِّهِ     فيهِ لـتـحـظـى بـالـنـعـيـمِ الــخـالدِ

فاحتزّ أوداجَ الحـسينِ وما ارعوى     لـلـوعـظِ بـل أبدى ضـغائنَ حاقدِ

قـتـلَ الـلـعـيـنُ بقتلِه ديـنَ الــهــدى     وجنى على الـهـادي جنايةَ عامدِ

وغدا ابنُ خـيــرِ الخلقِ طراً بعدما     قد كانَ محسوداً شـمـاتــةَ حـاسـدِ

أمـسـتْ بـحيث تزورُه وحشُ الفلا     مُـلـقـىً عـلى الرمضاءِ بينَ فدافدِ

وبـنـو أبـيـهِ حــــولـــه ورجـــالــه     صرعى جـميعاً في صعيدٍ واحدِ

ونـسـاؤه نــهــبــاً وسـبـيـاً لـلــعدى     تُهدى إلى الرجسِ اللعينِ الماردِ

ولقد وقفتُ على ثرىً في (كربلا)     أبكي ودمعُ الـعـيـنِ لـيـسَ بـنــافدِ

فـرأيـتُ مـخـتـلـفَ الـمـلائكِ عنده     مـن نـازلٍ يـبـكـي عـليهِ وصاعدِ

وقال من حسينية أخرى تبلغ (32) بيتاً:

ديـــارٌ تــذكّـــرتُ نـــــزّالَــهـــا     فـروَّيـتُ بــالــدمعِ أطلالَها

فـكـانـتْ رجـــاءً لــمــنْ أمَّـــهـا     بـهـا تـبـلـغُ الــوفــدُ آمـالَها

وكـمْ مـنـزلٍ قـد سـمـا بـالـنزيلْ     ولو طاولته الـسـمـا طــالَها

وقـفـتُ بـهـا ودمـوعــي تـسـيلْ     ولمْ تـسـأمِ الــعــيـنُ إهمالَها

ومثّلَ لي ما جرى بـالـطـفــوفْ     كـأنّــي أشــاهـــدُ أحـــوالَها

بنفسي كراماً سـخـتْ بالـنـفـوسْ     بـيـومٍ سـمـتْ فـيـه أمـثـالَها

وخفّوا سراعاً لـنـصـرِ الـحسين     وقد أبدتِ الـحـربُ أثـقـالَـها

فـمـا ردَّهــمْ عـنه خـوفُ الـعـدا     ولا هـائلُ الموتِ قـد هـالَـها

وصـالـوا كـصـولـةِ أسْدِ العرينْ     رأتْ فـي يــدِ الـقومِ أشبالَها

ترى أنَّ في الموتِ طولَ الحياة     فـكـادتْ تُـسـابـقُ آجــــالَــها

إلـى أن أبـيـدوا بـسـيـفِ الـعدى     ونالَ الـسـعـادةَ مَــن نـالَـهـا

ولمْ يـبـقَ لـلـسـبـطِ مـن نـاصـرٍ     يُلاقي من الـحربِ أهـوالَـها

بـنـفـسـي فـريــداً أحــاطــتْ بهِ     عـداهُ وجـاهـــدَ أبـــطــالَــها

ويـرعـى الـوغــى وخـيامَ النِّسا     فـعـيـنٌ لـهـنَّ وأخــرى لــها

إلى أن هـوى فوقَ وجـهِ الثرى     وزلزلتِ الأرضُ زلـزالَــهـا

رأى الــنـاسَ أوتـادَهـا قد هوتْ     فـمـادتْ فـلـم يـسـألوا ما لَها

تراهمْ على الأرضِ مثلَ النجومْ     معَ البدرِ والخسفُ قد غالَها

فـهـمْ كـالأضـاحـي تـمرُّ الرياحْ     عـلـيـهـمْ وتـسـحـبُ أذيــالَها

وشِـيـلـتْ رؤوسهمُ في الـرمـاحْ     فـشـلّـتْ يـدا كـلِّ مـن شالَها

ورأسُ الـحـسـينِ أمامَ الرؤوس     سـمـا مـن قـنـا الـخطّ ميالَها

بـكـتـه الـسـمـاءُ دمـاً كـي تـفـي     بـحـقٍّ عـلـيـهـا وأنّــى لَــهـا

ألا أسبلتْ وهـوَ يـشـكـو الـظما     بـغـيـثٍ فـتـسـقـيـهِ أســبـالَها

وإن أنـسَ لا أنـسَ زيــنَ العبادْ     عــلـيـلاً يُــكـــابـــدُ أغـلالَها

ومـا لـلـنـسـاءِ ولـــيٌّ ســــــواه     يـلـيـهـا ويـكـفــــلُ أطــفـالَها

ونـادى مُـنـادي الـلـئامِ الـرحيل     يـريـدونَ لــلــشــامِ إرسالَها

بـكـيـنَ وأعـولـنَ كلَّ الــعـويـل     فـلـمْ يـرحـمِ الـقـومُ إعـوالَها

قدِ استأصلوا عترةَ المـصطفى     ولـمْ يُـخـلـقُ الــكـونُ إلّا لَها

وكـمْ آيـةٍ أنـزلــتْ فـي الــولاء     لـهـمْ شــاهــدَ الـقـومُ إنزالَها

ولو أهملَ الأمَّةَ الـمـصـطـــفى     لـكـانَ قـد اخـتــارَ إضلالَها

إلـيـكـمْ بـنـي أحـمـدٍ غـــــــادةً     أتـتْ مـن ولـــيٍّ لــكــمْ قالَها

رجا في الـقـيـامـةِ أن تـؤمنوه     إذا خـافـتِ الـنـفـسُ أهــوالَها (14)

وقال من أخرى تبلغ (62) بيتاً:

جادَ ما جادَ من دمـوعـي الــسـجامِ     لـمصابِ الكريـمِ نـسـلِ الـكـرامِ

جَـلَّ مـن فـادحٍ عـلى الــنـاسِ طرَّاً     ومـصـابٍ أصـيبَ في الإسـلامِ

كـيـفَ يـلـتـذّ طـاعـمٌ بــطــعـــــــامٍ     كـيـفَ يُهني اللبيبَ طيبُ المنامِ

قلَّ صبري وزادَ حزني ووجـــدي     فهمومي سكري ودمعي مدامي

أضرمَ الشوقُ جـذوةً في فــــؤادي     لـلأسـى خـلِّ لائمي عن مَلامي

لم أزلْ فـــي تـــفــكُّــرٍ وانـقــــيـادٍ     لـــهــمــومٍ تـعـلّـــنــي بـالـسـقامِ

بـدمـوعٍ حـكـتْ سـحـائـبَ مُــــزنٍ     وفـؤادٍ مُـــتـــيَّـــمٍ مُـــســتــهـــامِ

برحتْ مهـجتي لـتـبـريحِ وجـــدي     فـعلـى جـيـرتـي وأهلي سلامي

ظـلـتُ أشـكو إلى الحَــمامِ يـجِـئني     يا حَـمـامـي أدنـيـتـنـي لِـحِمامي

هـيَّـجـتـنـي بـلابـلــــــي وامـتحاني     بـامـتـحـانـي إذِ الـغـريمُ غرامي

لـسـتُ أبـكـي لـفــــــقـدِ أهـلٍ وخلٍّ     فـتـكـتْ فــيـــهـــمُ يـــدُ الأيـــــامِ

وديـارٌ خـلا الأحــــبَّـــــــــةُ مـنـها     فـهـيَ بـعـد الأنيسِ مأوى الهوامِ

لا ولا هـالـنـي فـــــــراقُ حـبـيـبٍ     بـانَ عـنـي مـقـوِّضــــاً لــلـخـيامِ

إنّـما حسرتي وحــزنــي ووجــدي     ونـحـيـبـي وزفرتي واضطرامي

لـسـلـيـلِ الـبـتـولِ ســبــطِ رســولِ     اللَه نــورِ الإلــهِ خـــيــــرِ الأنــامِ

فـتـكـتْ فيهِ عصبةُ الـكـفــرِ حـتـى     قـتـلـوهُ ظـلـمـاً بـغـيـرِ اجــتـــرامِ

مـنـعـوهُ مــاءَ الـفـراتِ صــبـاحـــاً     لــســواهُ تــمـــرُّداً بـــالــخـصـامِ

لستُ أنسى الحسينَ بالطفِّ مــلـقىً     عــافـرَ الـخــدِّ ناحرَ النحرِ دامي

لـسـتُ أنــسـاهُ وهـــو فــيـهمْ وحيدٌ     قـد أحــاطــتْ بـــه عـلــوجُ اللئامِ

مـنـعـوهُ الـمـــاءَ الــــزلالَ وحاموا     دونَـه بـالــمــهــنَّـــدِ الـصـمـصامِ

واحـسـيـــــنــاهُ إذ أحـاط الأعـادي     فـيـهِ كـلَّ مـــــــجــــرَّدٍ لـلـحــسامِ

واحـسـيـنـاهُ وهـوَ فـيــهــمْ يــنادي     يا لـحـربٍ هـلْ كيف خنتمْ ذمامي

واحسيناهُ إذ قــضــى وهــوَ مـمنو     عٌ من الـمـاءِ حـولـه وهــوَ طامي

واشـهـيـداهُ لــستُ أنــســاهُ يـــدعو     ربِّ فـاحـكـم بـيـنـي وبـيـنَ اللئامِ

وا إمـامــاهُ مــالــه مــن نـــصـيـرٍ     وا إمـــامـــاهُ مـــالـــه مــن مُحامِ

وا إمـــامـــاهُ إذ يــــودِّعُ أهـــلـــيـ     ـهِ ويـومـي بـطـــرفِـــهِ لــلــخــيامِ

زيـنـبٌ أخــتُــه تــنـوحُ بشــجــــوٍ     ثـمَّ تــدعــو لــلــــواحـــدِ الــــعلّامِ

وتـنـاديـهِ يــا أخـي يا بــــــنَ أمِّي     أظـلـمـتْ بـعـد فــــقــدِكـــمْ أيَّــامي

يا أخـي هـذهِ سـكــــــــيـنـةُ تـبـكي     قـد أهـلّـتْ دمـوعَــــهـا بـالـسـجـامِ

تـسـتـجــيــرُ الـعـدوَّ بـطرفٍ كليلٍ     وفــــؤادٍ مُــــولَّـــهٍ مُـــــســـتــهــامِ

يا أخــي فــاطـمٌ تــــــــذودُ وتـرتا    عُ لــمـا نـالَــهــا مِـــــــــــــن الآلامِ

خـانَـها دهـرُهـا فـأضــحـــتْ بذلٍّ     بــعــدَ عـزٍّ ونــعــمــةٍ واحــتـــشامِ

يا أخــي هــذهِ بــنـاتُكَ بالــــــــذلِّ     أســــارى ومـــالـــهـــنَّ مــحـامـي

يا أخـي زادني فـراقُــــــــكَ حزناً     بــعــويــلِ الــنــســاءِ والأيـــتـــــامِ

يا أخي هـــــــذه الأسارى حيارى     ساتــراتُ الــوجــوهِ بــالأكــــمـــامِ

كَـمْ حَــــصَانٍ وكــمْ ربـيـبـةِ خدرٍ     صِــرنَ مــن غــيــرِ بـــرقـعٍ ولثامِ

يا أخـي هـدَّ حــزنُ فقدِكَ ركـنــي     وكـسـانــي الــنــحــولُ ثــوبَ سقامِ

يا أخي خانني الـزمانُ بـصـبـري     وجـفـا عـن جـفــونِ عــيـني مَنامي

يا أخـي أظـلـمَ الـزمانُ عــــلـيـنـا     بـعـدَ مـا كــان ضــاحــكــاً بــابتسامِ

لهفَ قلبي على الـحـسـينِ طريحاً     بـيـن تــلــكَ الـــوهـــادِ والآكـــــــامِ

لهفَ قلبي عـلـيـهِ والـشمرُ يسعى     نــحــوه وهـــوَ مــشــهـــرٌ لــلـحسامِ

قـالَ يـا شـمرُ هل عـلـمـتَ بـأنـي     ابــنُ بــنــتِ الــرســـولِ بـدرُ التمامِ

وأبـي خـيـرةُ الأنــــــامِ وجــــدّي     صــفــوةُ اللَهِ والـــنــبــيُّ الـــتُّــهامي

قـال شـمـرٌ عـرفــــتُ هـذا ولكنْ     قـتـلـكَ الـــيــومَ يــا بـنَ طـه مَرامي

قـالَ يـا شـمـرُ خلِّ قتلي لـتـحظى     يــومَ حــشـرِ الــورى بــدارِ السلامِ

قـالَ شـمـرٌ مـا لـلـجـنـانِ ومـالـي     بـلْ عــطــايـــا يـــزيـــدَ والأنــــعامِ

ثـمَّ أحـنـى عـلـى الإمـــامِ مـكــبَّاً     ذابــحــاً بـــالـــمــهــنَّــدِ الـصـمصامِ

تم علّى على السـنـانِ كـريـــمَ الـ     ـسـبـطِ كــالــبــدرِ فـي لـيـالي التمامِ

لــعــنــةُ اللَهِ لا تزالُ عـلـى الشمـ     ـرِ ومَـن خــانَ أحــمــداً بــالــــذمامِ

أيّ نــكــرٍ أتــــــــى وأيّ فـجـورٍ     حـسـبُــه فــي الحسـابِ نارُ الضرامِ

أيـعـلّــي عــلــى الـسنانِ سنانُ الـ     ـرجــسِ رأسَ الــحــسينِ بينَ الأنامِ

ثـمَّ يــســري بــهِ يــؤمُّ الـسـبـــايا     قـاصــداً بــالــمــســيــرِ نـحـوَ الشآمِ

يا لـهـا مـن مـصــابٍ ودواهــــي     ورزايـــا أتـــتْ عــلـــى الإســــلامِ

يا بني أحمدٍ وركــنَ الــمــعــالـي     أنــتــمُ الــنــورُ والــبـحورُ الطوامي

أنــتـــمُ عُـــدّتـــي لـيـومِ مـعـادي     تـنـقـذونـــي مـــن الـــذنـوبِ العظامِ

أنـتـمُ الـعـارفونَ حبي وبـغـضـي     فـهـوَ كــافٍ عــن مـنـطقي وكلامي

قلتُ في مدحِكم وأخـلـصتُ ودِّي     يـا رجــائــي وســادتـي واعتصامي

فـخـذوهــا مـن أعـسـمــيٍّ ولــيٍّ     نـــجـــفـــيٍّ مـــهـــذّبٍ لـــلـــنـــظــامِ

تـحـفـتـي مـنـكـمُ غـداً في حياتي     تـنـقـذونـي مــن زلّــتــي واجـترامي

فـعـلـيـكـمْ مـن الـسـلامِ صــــلاةٌ     وســـلامٌ بــــألـــفِ ألــــــفِ ســــلامِ

ما اضمحلَّ الدجى وأسفرَ صبحٌ     وأضـــاءتْ كـــــواكـــــــبٌ بــســلامِ (15)

وقال من قصيدته التي تبلغ (44) بيتاً وقد قدمناها:

ظعنَ الـكـرامُ وهمهــمْ لم يــظـــعـنِ     واستهونوا خـطّــي ولـيسَ بهيِّنِ

أيـلامُ مـثـلي لـو جــرتْ عـــــبـراتُه     بـبـيـاضِ دمـــعٍ أو بأحمرَ أدكنِ

مـا إن رأتْ عـيني هلالَ محـــــــرَّمٍ     إلا انثنتْ والدمعُ أسرعَ مُــنـثني

كلا ولم أذكرْ مصارعَ (كـــــــربلا)     إلا وزادتْ لــوعــتــي وتحزُّني

يا عـيــنُ شأنُكِ والبكــــــاءَ فــإنَّــمـا     جزعٌ لغيرِ بني الهدى لمْ يُحسنِ

أرزيةٌ مــن بـعـدِ وقــعـةِ كـــــــربلا     تُخشى فتدَّخـــري دموعَ الأعينِ

رزءٌ بكاهُ محمـــــــدٌ وعـلى ابــنِــــه     يــبـكـي فـــأيَّـةُ مهجةٍ لمْ تحزنِ

رزءٌ به الزهراءُ صــــــــاحبةُ العزا     فـي مــأتــمٍ لــبـنـي عليٍّ قد بُني

يا تاركَ الـزهــــــــــراءَ حـلفَ كآبةٍ     لا مــقــلةٌ تُرقـى ولا عيشٌ هَني

لهفي لطفـــــــلِكَ حينَ تـسـتـسقي له     مـنـهـمْ وتــوعـــظــهمْ بقولٍ ليِّنِ

فرموهُ سهماً كان فيهِ فــــــــــطــامُه     ورنا بصوتٍ بالـشـكايةِ مُـــؤذنِ

بأبـي حـسـيـنـاً إذ يـــــــــــودِّعُ أهلَه     توديعَ مُعتقدِ الــشـــهــادةِ مُـوقِنِ

يــدعــونَــه أحــسـينُ هلْ من رجعةٍ     فــتـقـرُّ أعــيـنُــنـــا بنورِ الأعينِ

أبـقـيـةُ الـخـلــــــــفــاءِ مـن خـلّــفـته     فينا كفيلاً واتّــكـلـتَ عــلــى مَنِ

أعـلـى الـنـسـاءِ الـحائراتِ أمِ الـبـنـا     تِ الضائعاتِ أمِ الــعليلِ المُزمنِ

لـهـفـي عليكَ وأنتَ تـسـمـعُ نـدبَـهـا     ومِــن الإجــابــةِ لــستَ بالمُتمكّنِ

وتخوضُ في لـجـجِ الـمـنـايـا ظامياً     والبيضُ تُروى من دمـاكَ وتنثني

تـفـديـهـمُ بـالــنفسِ من أيدي الـردى     فـأتــتْ عــلى ثمنِ الفـدا والمثمنِ

ورُقي اللعينُ الشمرُ مـجـتـرءاً على     جسدٍ كريــمٍ بــالـجــراحــةِ مُثخَنِ

فــغـدا يــذكّــرهُ بــأحــمــــدَ جــــدِّه     تــاللَهِ قــد ذكَّـــــرتَ مَـنْ لم يؤمنِ

اللَه أكـبـرُ يـا لــهــا مــن صــفــقــةٍ     والــمـسـلـمــونَ بـمـثـلِهـا لم تُغبنِ

هـل سـوَّغَ الإسـلامُ حـقـنَ دمــائِهمْ     ودماءُ أحمدَ بــيــنــهــــمْ لـمْ تُحقَنِ

يمسي الحسينُ ورهطه فوقَ الثرى     لا بــانــتــظــارِ مُــغــسِّـلٍ ومُكفِّنِ

ورؤوسُــهــمْ فــوقَ الأسـنّةِ فارقتْ     أشلاءَها وجسومهمْ لــمْ تُــــدفَــــنِ

تطأ الخيولُ لهمْ صدوراً قـد حوتْ     عـلـمـاً وهـمْ لـلـعـلـمِ أكــرمَ مَـعدَنِ

بـأبــي ربــيـبـاتِ الـبــتولِ كواشفاً     بـيـنَ الـبـريَّـةِ مـن وضـيعٍ أو دني

والشمسُ تـصـهِـرُهــنَّ لا ظلٌّ ولا     سـتـرٌ يـواريـها سوى النورِ السَّني

فوقَ الركائبِ في يـبــابٍ مُــقــفــرٍ     نـصـبـتْ مـآتـمَـهـا بـلا مـستوطنِ

وأمـامـهـنَّ الــرأسُ قـــائـدُ ركـبِها     ويـسـوقـهـا لـكـعٌ بـغـيـرِ تــحــرُّنِ

ويُـطـافُ فـيـهـنَّ الــبــــلادَ نوادباً     والـناسُ في رغدٍ من العيشِ الهني

يـتـبـاشـرونَ بعيدِهم مُـذ عـايـنـوا     فـوقَ الـقـنـاةِ إلــى هـــلالٍ بــــيِّـنِ

خــافــوا رسـولَ اللَهِ فــــي أولادِهِ     وهـمُ وديــعــةُ ذلــكَ الـمـسـتـأمِــنِ

قـتـلـوهــمُ بـغـضــاً لكهلهمُ الــذي     ديـنُ الـنـبـيِّ عـلـــى ولاهُ يــبـتـني

مهلاً بني سـفيانَ كـيـفَ بـكــمْ إذا     خـصـمـتـكمُ الزهرا بأعظمَ موطنِ

أبـنـاؤهــا قــتــلاكـــمُ وبــنـــاتُـها     أسـراكــمُ والأمـــرُ لــيــسَ بـهــيِّنِ

وتـعـلّـقـتْ بـالـعرشِ بنتُ مُـحـمَّدٍ     تـشـكـو وقـد خرستْ جميعُ الألسنِ

قـتـلـوا بـنـيَّ فــذا بـســمٍّ نـــاقـــعٍ     سـرَّاً وذا بــحــســامِ جــورٍ مُـعـلنِ

وتـقـولُ يـا ربِّ انتقمْ مِمَّـن زوى     إرثـي ونـازعـنـي الـحقوقَ ودعَّني

وتـظـلُّ تـشـكـو ظـلمَها حـتى إذا     جـاءَ الـنـداءُ مـن الجليلِ ألا اسكني

صرتمْ لفصلِ قضـائِـه يـا ويلـكمْ     مِـن حـكـمِ عـدلٍ في القضاءِ مهيمنِ

يا آلَ أحـمـدَ والـذيـنَ بـحـبِّـهــــمْ     يـرجـو الـفتى في الخلدِ أرفعَ مسكنِ

أما حرمتُ لسوءِ حظي نصركم     بـيـدي فـهـا أنـا بـالـــرثــــاءِ لمغتني

أو فـاتـنـي يـومَ الـطفوفِ شهادةٌ     فـعـسـى أبـلّـــغــهــا لــطــولِ تحزُّنِ

فخذوا بكفِّ الأعـسـمِ الجاني إلى     ذاتِ الــيــمـيـنِ مُـلـقّــبــاً بــالأيــمن

وقال من حسينية أولها:

قِف بالطفوفِ واجرِ دمعكَ فيها     فلها حقوقٌ علَّ ذاك يفيها

يقول فيها:

ولمــــــــــــــــسلمٍ بنتٌ يكادُ مماتُه     ليميــــــتها وحياته تحييها

مسحَ الحسينُ برأسِها فاستشعرت     باليتـمِ وهـيَ علامةٌ تكفيها

فبكـــــــتْ وناحتْ وهيَ تعلمُ أنّها     كبنــــاتِه يرزيهِ ما يُرزيها

لم يبكِها عـــــــــدمُ الوثوقِ بعمِّها     كلا ولا الوجدُ المبرّحُ فيها

لكنها تبكي مخافــــــــــــــــةَ أنّها     تمسي يتيمــــةَ عمِّها وأبيها (16)

.....................................................................

1 ــ شعراء الغري ج 10 ص 17 ــ 18

2 ــ شعراء الغري ج 10 ص 39 ــ 40

3 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٤٣٩

4 ــ شعراء الغري ج 10 ص 4 ــ 5

5 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٤٣٨

6 ــ شعراء الغري ج 10 ص 5

7 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٤٣٨

8 ــ نفس المصدر ص 439 عن كنز الأديب للحائري

9 ــ الطليعة ج 1 ص 225

10 ــ ذكر منها الخاقاني (14) بيتاً في شعراء الغري ج 10 ص 29 / والسماوي في الطليعة ج 1 ص 225 وقال: وهي طويلة

11 ــ شعراء الغري ج 10 ص 38

12 ــ شعراء الغري ج 10 ص 11 ــ 12

13 ــ شعراء الغري ج 10 ص 12 ــ 13 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٤٤١ ــ 442

14 ــ شعراء الغري ج 10 ص 27 ــ 29 / أعيان الشيعة ج ٩ ص ٤٤١

15 ــ شعراء الغري ج 10 ص 30 ــ 33

16 ــ ذكر منها السماوي في الطليعة ج 1 ص 225 (6) أبيات وقال: وهي طويلة

كما ترجم له:                                                                                                          

السيد جواد شبر / أدب الطف ج 6 ص 196

الشيخ محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 2 ص 24

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 1 ص 462

الزركلي / الأعلام ج 6 ص 297

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار