408 ــ عباس الملا علي البغدادي (1244 ــ 1276 هـ / 1828 ــ 1859 م)

عباس الملا علي البغدادي (1244 ــ 1276 هـ / 1828 ــ 1860 م)

قال في التشوّق لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام):

نـشـدتـكـمـا بــاللهِ أن جِـــئـتـمــا إلى     رُبـى (كـربـلا) تــعـفـيـرَ خـدَّيـكـما فيها

وابـلاغَ تـسـلـيــمي وأزكـى تـحيتي     على من ثوى ظامي الحشى في نواحيها

هوَ السبطُ من هدَّتْ مصيبتُه الورى     وأوهـى مـن الـعـلـيـا أعـلـى مــبــانـيــها

الشاعر

الشيخ أبو الأمين عباس بن علي بن ياسين البغدادي، المعروف بـ (عباس بن الملا علي)، عالم وأديب وشاعر، ولد في بغداد من أسرة عريقة تعرف بـ (السكافي) وهي منتشرة في الديوانية والنجف، وكان أبوه الملا علي رجلاً فاضلاً صالحاً متديّناً زاهداً من المتفقّهين والمتهجّدين يحيي الليل بالعبادة والصلاة، وكان يعمل ببيع (البز) (الثياب)، وعندما تفشّى الطاعون الأكبر في العراق سنة (1247 هـ / 1831 م) هاجر إلى النجف الأشرف ولولده من العمر ثلاث سنوات، ففتح البغدادي عينيه على جامعة علمية أدبية كبيرة غرست فيه روح العلم والأدب والشعر.

كانت النجف آنذاك تزخر بكبار العلماء والأدباء فوجد البغدادي في حلقات دروسها ونواديها الأدبية ما تتوق إليه نفسه فارتشف من معينها، درس الأدب والشعر عند السيد حسين بحر العلوم والفقه عند الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر، حتى أصبح شاعراً كبيراً وكان يتردّد بين النجف وبغداد وتربطه مع أدبائهما علاقات أدبية أبرزها وأوثقها مع الشاعر عبد الباقي العمري.

ورث الشيخ عباس التقوى وحب أهل البيت (عليهم السلام) من أبيه، ومما روي عنه من ذلك أن صديقه الشاعر عبد الباقي العمري لما مدحه بقصيدته النونية التي تجاوزت الخمسين بيتا وقال فيه منها:

مـراثٍ بـنـعـتِ الآلِ آلِ مــحــمدٍ     له الـدهرُ يعطي حين ينشدُها الأذنا

ويستوقفُ الأفلاكَ شجوُ نـشـيـدِهِ     ويستصرخُ الأملاكَ والإنسَ والجِّنا

فيبكي الحيا والجوُّ يندبُ والسما     تمورُ ووجـهُ الأرضِ يـمـلـؤه حزنا

قالوا عنه

قال الشيخ محمد علي اليعقوبي معلقاً على هذا البيت: (سألت الشيخ محمد السماوي فقلت له: لم يكن للشيخ عباس رثاء مشهور في أهل البيت، فما هو قصد العمري في هذه الأبيات. فأجاب قائلاً: روى لي بعض معاصريه أنه كان يستدر الدموع بصوته الرخيم وإنشاده الرقيق لما يحفظه من المراثي الحسينية في بعض الندوات الخاصة التي يعقدها أصحابه ببغداد في أيام عاشوراء كما حدث بذلك المرحوم الحاج حسين الشهربانلي من شيوخ بغداد المعمرين وإنه كان ممن شهد تلك الأندية). (1)

قال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً أديباً، جميل الشكل، حسن الصوت، لطيف المعاشرة، وقّاد الفهم، حاد الذهن، وسيماً، ذا عارضة شديدة وهمّة عالية مشاركاً في العلوم على صغره...) (2)

وقال عنه السيد محسن الأمين: (كان شاعراً مجيداً...) (3)

وقال عنه الأستاذ علي الخاقاني: (نشأ في النجف الأشرف على أبيه، فربّاه على الفضيلة والنبل، وامتزج بأعلام النجف الأشرف وفقهائها، فاستمد منهم أصفى العلم وأنقاه، وأعلى الأدب وأسماه، وتقدم في وسطه، واحترم بين أصحابه وأخدانه، وعظم عند أساتذته، كالسيد حسين بحر العلوم، والشيخ حسن قفطان، والشيخ إبراهيم صادق وغيرهم من آل محي الدين كالشيخ موسى، والشيخ عبد الحسين، ولتفوّقه فقد أصبح صديقاً لهم وزميلاً يبادلونه المدح ويطارحونه الحديث ويختلفون إلى داره وهو بعد لم يجتز العقد الثاني من عمره). (4)

وقال عنه الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان فاضلاً كاملاً أديباً لبيباً شاعراً ماهراً، انتقل أبوه من بغداد إلى النجف الأشرف وكان بزّازاً فلما نشأ ولده وترعرع أحب أهل الأدب والكمال والفضل فأقبل على مجالسهم ومخالطتهم وكان حسن الأخلاق والشمائل، فاتصل بخدمة السيد حسين بحر العلوم فربّاه وتخرّج عليه وقرأ عليه جملة من العلوم العربية وعلمه كثيراً من النكت الشعرية والأدبية فبرز وبلغ بالشعر) (5)

وقال عنه الشيخ ابراهيم صادق: (ولا غرو إن فات فضلاء بني الفضل فهو أبوه، أو فاق بالنطق الفصل من إليه باعترافهم نسبوه، اذ هو اليوم من ألقت إليه الآداب فضل القياد، وانقاد إليه من شوارد البلاغة بلا ارتياب كل صعب الانقياد، علم الكمال المستقيمة به قناته، والخافقة على رؤوس ذوي المهابة والجلال عذباته، المالك بكريم أخلاقه أزمّة قلوب الناس، أبو الفضل شمس المكارم الشيخ عباس). (6)

وقال عنه الشيخ النقدي: (شاعر جيد الشعر والشعور حسن الألفاظ والمعاني يجمع نظمه بين الرقة والمتانة والقوة واللطف وكان ماهراً حسن الذوق مستقيم الفهم). (7)

وقال عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي: (هو من الشعراء الذين لم يتخذوا الشعر آلة استجداء بل كان من علو الهمة وإباء النفس على جانب عظيم ولنعم ما صور نفسه في قوله:

ولي نفسُ حرٍّ لو رأتْ أن ريَّها     يُشابُ بضيمٍ لاستمرتْ على الظما) (8)

وقال عنه الدكتور محمد مهدي البصير: (شاعر خفيف الطبع رقيق الشعور خصب الخيال نقي الديباجة). (9)

وقال عنه البابطين في معجمه: (درس في حوزة النجف الدينية علوم العربية وآدابها، وعلوم المنطق والبلاغة والفلسفة، ثم تخصص بدراسة الفقه وأصوله).

وقال عنه السيد جواد شبر: (برع في العلم والأدب ونظم القريض ونبغ فيه قبل بلوغ سن الرشد فأصبح من ذوي المكانة بين أدباء القرن الثالث عشر الهجري ولا أدل على ذلك من قوله:

أحـطـتُ مـن الـعلومِ بكلِّ فنٍّ     بـديـعٍ والـعـلـومُ عـلـى فنونِ

وكـمْ قـومٍ تـعـاطـوها فـكانوا     عـلـى ظـنٍّ وكنتُ على يقينِ

فها أنا محرزٌ قصبَ المعالي     وما جاوزتُ شطرَ الأربعينِ

وقوله:

كـفـانـي أنـنـي لعلايَ دانتْ     بـنو العلياءِ من قاصٍ ودانِ

وحسبي أنني من حيث أبدو     أشارَ الناسُ نحوي بالبنانِ) (10)

وإلى جانب هذه الأقوال فلا أدل على عبقرية البغدادي وسموّه في عالم الشعر من أن شاعراً كبيراً مثل عبد الباقي العمري يمدحه بقصيدة تبلغ أكثر من خمسين بيتاً رغم أن البغدادي مات وله من العمر اثنتان وثلاثون سنة يقول العمري في قصيدته:

لقد رقّ بشراً مثل ما راقَ منظراً     وقد دقَّ معنىً أن نشخِّصه مَعنـى

حـبيبٌ إذا أنشا صريحٌ إذا انتشى     بــديـعٌ إذا وشّى غريضٌ إذا غـنّـا

ومفتــقـرٌ مـغـنـى اللبـيـب للفـظـه     يـعـلّمُ فـي إعـرابِـه مـعـبدَ اللحـنـا

ترعرعَ في حجرِ النجابـةِ وانثنى     من المجدِ قبلَ المهدِ متّخذاً حضنا

بـلاغـتُـه قـبـلَ البـلوغِ قـد انتهـتْ     إلى غـايـةٍ سـلْ عـن بـديَّـتِـه مِـنّـا

تسامى على الأقـرانِ فـهـوَ أجلّهم     وأكبرهمْ عقلاً وأصـغـرهــمْ سِنّـا

وأكثرهمْ فضــلاً وأفـرطـهـمْ ذكـا     وأنـقـدهــمْ فكراً وأشحـذهـمْ ذِهنـا

وأطلقهمْ وجهــاً وأجـمـلهـم حـلىً     وألطفهمْ طـبـعـاً وأحسنهمْ حُسـنى

فأنّى لهـم إدراكَ شـأواهُ في العلا     وقد قعدوا عن ذاكَ أنّـى لـهـمْ أنّى

وفاته ورثاؤه

توفي البغدادي في النجف ودفن في الصحن الحيدري الشريف ورثاه أستاذه السيد حسين بحر العلوم بقصيدة مفجعة تبلغ (49) بيتاً يقول منها:

لله رزء أجَّــــجــــــتْ نــــيــــرانُــه     قلبَ الورى من حاضرٍ أو بادِ

رزءُ الفتى السامي أبي الفضلِ الذي     حازَ الفضائلَ من لدى الميلادِ

مــن فــاقَ أربــابَ الــعــلى بمفاخرٍ     عـلـمٌ وأخـــلاقٌ وبـسطُ أيادي

ذاتٌ ســمَــتْ فــحـوتْ مـناقبَ جُمَّةً     أعـيـتْ عن الإحصاءِ والتعدادِ

ومــهــذّبٌ مــزجَ الـــقـــلـوبَ بودِّه     مزجَ الإلهُ الــروحَ بــالأجــسادِ

ذاكَ الــذي شـــركَ الأنـــامَ بــمـالِهِ     لـكـن تــفرَّسَ في هدىً ورشادِ

فــقـضـى وأنفَسُ زادِه التقوى وهل     لـلـمـتّـقـينَ سوى التّقى من زادِ

لو يُــفـتـدى لــفـديــتُــه طــوعاً بما     ملكتْ يـديْ مـن طـارفٍ وتلادِ

ديوانه

تشير المصادر إلى أن كثيراً من شعره قد ضاع، ولم يبق منه إلا القليل، كما تشير أيضاً إلى أن له مؤلفات في العلوم الأخرى، يقول السيد محسن الأمين عن شعر البغدادي: (له ديوان شعر ينوف على ثلاثة آلاف بيت رتّبه بعض الأدباء على الحروف وليته يطبع وينشر ولا يبقى كنزاً مخفياً يكون نصيبه أخيراً الضياع). (11)

وقال الشيخ آغا بزرك الطهراني: (إن الشيخ اليعقوبي الخطيب كان قد ظفر بديوان المترجم له وقد استنسخ منه نسخة كاملة بـ 330 صفحة وإن النسخة فقدت في جملة ما فقد في سنة 1335). (12)

ويقول الشيخ محمد علي اليعقوبي: (وما كادت يد الحمام تختطفه وهو لم يبلغ سن الكهولة بعد، حتى اختطفت يد الشتات والضياع جميع آثاره العلمية والأدبية وقد حاز قسماً منها ــ على علمنا ــ ابن أخته والمتخرّج عليه أدباً، الشيخ محمد سعيد السكافي الذي توفي بكربلاء ولا عقب له، ففقدت آثاره وآثار خاله معاً على إثر وفاته، وأما ولده الأمين فلم يكن يعتني بشيء من آثار والده بل انصرف طيلة حياته إلى الكسب وعاش يمتهن بيع التبغ حتى توفي قبل الحرب العالمية الأولى حوالي سنة (1330) وقد ناهز السبعين).

أما ديوانه الذي جمعه وقدمه وعلق عليه الشيخ اليعقوبي فإنه مختصر لديوانه كما يقول اليعقوبي: (وقد أصدرت مجلة العرفان في صيدا سنة (1331 هـ / 1911 م) كتاب العراقيات يضم تراجم عشرة شعراء من مشاهير شعراء العراق أحدهم الشيخ عباس، وليس فيه من شعره سوى نونيته المشهورة وبضعة أبيات من غيرها وكلمة موجزة عن حياته لم يقف القراء منها على ضالتهم المنشودة من سيرته وبعد ذلك ببضع سنين أظفرني البحث في مجموعة كتبت حوالي سنة (1290 هـ) في إحدى قرى الحلة ينيف ما فيها من الشعر المختار على ألف بيت أكثره من شعر الشيخ عباس مصدرة بكلمة موجزة عن حياة الرجل وفصته، فلخصت قسماً مما نقلته منها ونشرته في عددين من العرفان عدد (12) الصادر سنة (1345 هـ) وبعد برهة غير قصيرة هبطت عليّ رسائل وكتب من جماعة من الأصدقاء الأماثل يطلبون فيها إليّ أن أزودهم بما لدي من بدائعه وروائعه، مما دعاني أن أصرف طرفاً من العناية بالبحث عن آثار الرجل وأشعاره في المكتبات والمخطوطات فتألف من ذلك هذا (المختصر) من ديوانه الذي نقدمه للقراء الكرام خدمة للأدب والتاريخ مجموعاً من مصادر شتى أشرنا إلى كل منها في موضعه)

ويدل كلام اليعقوبي على أن شعر البغدادي بقي مشتتاً في المصادر ولم يعتنِ أحد يجمعه رغم قوته وأهميته الأدبية والتاريخية حتى تصدى هو لجمعه كما أشار في الهامش إلى أن الذين طلبوا منه جمعه هم كبار الشعراء منهم الشاعر الكبير الشيخ علي الشرقي والسيد حسن الجواد قائمقام النجف آنذاك...)

كما أشار اليعقوبي إلى الباعث على نشره ــ مع كثرة العوائق ــ وهو أن شعره بدأ يُستلب منه ويتسلل إلى غيره ــ سهواً ــ من قبل الكتاب والمؤلفين، وليس هناك من يطالب بحقوق الشاعر وينبّه على هذه السهو حيث يقول: (ومن أكبر البواعث التي حفّزتنا على نشره ــ مع كثرة العوائق ــ هو ما رأيناه في بعض المطبوعات الحديثة من شعره الذي نُسب سهواً إلى غيره من الشعراء ...) (13)

شعره

أما شعره فيقول عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي: (شعره نقي الديباجة، رقيق الحاشية، رشيق الأسلوب، يجمع بين الرقة والجزالة في اللفظ والمعنى ...) (14)

وقال عبد العزيز البابطين: (شعره هو الأقدر تعبيراً عن ذاته، والأقرب إلى وحدة الانفعال وهيمنته على اللغة والصور في القصيدة...)

شعره

قال البغدادي مخاطبا الشاعر الحاج قاسم آل عطية النجفي وأخاه الحاج حمد آل عطية أثناء توجّههما إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين (عليه السلام) وفيها يتشوّق إلى الزيارة وهذه الأبيات لا توجد في الديوان المختصر، وقد نقلها السيد محسن الأمين في ترجمة الحاج قاسم آل عطية النجفي (15):

ألا يــا خـلـيـليَّ كــلِّ مـجــدٍ ومفخرِ     ومَـن رقـيـا فـي الـفـضـلِ أعلى مراقيها

نـشـدتـكـمـا بــاللهِ أن جِـــئـتـمــا إلى     رُبـى (كـربـلا) تــعـفـيـرَ خـدَّيـكـما فيها

وابـلاغَ تـسـلـيــمي وأزكـى تـحيتي     على من ثوى ظامي الحشى في نواحيها

هوَ السبطُ من هدَّتْ مصيبتُه الورى     وأوهـى مـن الـعـلـيـا أعـلـى مــبــانـيــها

وآسادُ حربٍ أدركوا المـجـدَ والعُلى     بـسـمـرِ عــوالــيــهــا فــحــازوا معاليها

تـفـانوا عطاشا دونه بعد ما ارتوتْ     حـدودُ ظـبـاهـم مـن دمـــــاءِ أعــاديــهــا

عـلـيـهـمْ سـلامُ اللهِ مـا هـبَّت الصَّبا     وأزهــرتِ الـدنـيـا ومـا أخـضـرَّ نـاديـها

قال من قصيدة يمدح الإمام أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) ويستجير به من الوباء:

أيُّـهـا الـــخــــائـفُ الـمـروَّعُ قـلــبـاً     مــن وبــاءٍ أولـى فـؤادَكَ رُعــبا

لُـذ بـأمـنِ الـمـخـوفِ صنوِ رســولٍ     اللهِ خــيرِ الأنـامِ عُـجـماً وعُـربا

واحبسِ الركبَ في حمى خيرِ حــامٍ     حبسـتْ عنده بـنو الــدهرِ رَكـبا

وتـمـسَّـكْ بـقـبـرِهِ والـــثـــمِ الـــتــر     بَ خضـوعاً لــه فـبــورِكَ تـربا

واذا مـا خـشـيـتَ يــومــاً مــضــيقاً     فـامـتـحــنْ حـبَّــه تشاهده رحـبا

واسـتـثـرهُ عـلـى الــزمـــــانِ تـجدهُ     لكَ سِلما مـن بـعدِ ما كانَ حربا

فـهـوَ كـهـفُ الـلاجي ومــنـتجعُ الآ     ملِ والـمـلتجي لمَن خافَ خَطبا

مَـن بـهِ تـخـصـبُ الـبـــــلادُ إذا ما     أمحلَ العامُ واشتكى الناسُ جدبا

وبـه تُـفـرجُ الـكــــروبُ وهــل مِن     أحـدٌ غـــيــرُه يــفــرِّجُ كـــربــا

يـا غـيـاثـاً لــكــــلِّ داعٍ وغـــوثـــاً     مــا دعـــاه الـصــريخُ إلّا ولبّى

وغـمـامــاً سـحَّــتْ غـوادي أيــــاد     يـهِ فـأزرتْ بواكفِ الغيثِ سَكبا

وأبـيَّـــاً يـــــأبـى لـشـيـعــتِه الضيـ     ـمَ وأنّـى والـلـيـثُ لـلـضـيمِ يأبى

كيفَ تغضي وذي مواليكَ أضحتْ     لــلــرَّدى مــغــنماً وللموتِ نهبا

أو ترضـى مولاي حاشاك ترضى     أن يـروعَ الــردى لحزبِكَ سِربا

أو يــنــالَ الــزمـــانُ بالسوءِ قوماً     أخـلـصـتـكَ الــولا وأصفتكَ حُبَّا

حــاشَ للهِ أن تــرى الخطبُ يفني     ـ يــا أماناً من الردى - لكَ حزبا

ثـم تــغــضــــــي ولا تجيرُ أنـاساً     عـوَّدتهمْ كفاكَ في الجدبِ خَصبا

لـسـتُ أنــحـــو ســـواهُ لا وعـلاهُ     وَلوَ أنّــي قُـطّـعـتُ إربــــاً فإربا

فـي حـمـاهُ أنــخــتُ رحـليَ عـلماً     أنَّ مَـن حـلَّ جـنـبَــه عـزَّ جَـنبـا

لا ولا أخـتـشـي هـواناً وضـيــمـاً     وبـه قـد وثـقـــتُ بُــعــداً وقُـربا

وبـه أنـتـضـي على الدهر عضبا     إن سـطـا صـرفُـه وجرَّدَ عضبا

وبـهِ أرتـجـي الـنـجـاةَ مــــن الذنـ     ـب وإن كـنتُ أعظمَ الناسِ ذنبا

وهوَ حسبي من كلِّ سوءٍ وحسبي     أن أراه إن مـسَّـني الدهرُ حسبا

لـسـتُ أعـبـا بـالـحـادثاتِ ومن لا     ذَ بـآلِ الـعـبـا غـدا لـيـسَ يــعـبا

وقال في التوسل بالإمام الحسين (عليه السلام) وقد ارتجلها في الحائر الحسيني بكربلاء:

يا سيِّدَ الشهداءِ جئتُ من الحِمى     لكَ قاصداً يا سيَّدَ الشهداءِ

مُـتوسِّـلاً بكَ في قضاءِ حوائجي     فأذنْ إذاً لحوائجي بقضاءِ

وللبغدادي البيتان المكتوبان في الإيوان الذهبي الكاظمي يمدح الإمامين موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد (عليهما ‌السلام):

لذ إن دهتكَ الرزايا     والدهرُ عيشَكَ نكّدْ

بكاظمِ الغيظِ موسى     وبــالـجــوادِ محمدْ

وقال مُخمساً أبيات عبد الباقي العمري في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام):

رعــى اللهُ بــالــزوراءِ ســـالـفَ أعصرِ     سـلفنَ وصفو الـــعيشِ غيرُ مُكدَّرِ

ويــــومَ عـلونا فـــوقَ أظــــهـرِ ضُــمَّـرٍ     (ولـيـلــة حـاولــنــا زيـارةَ حيـدرِ

وبــــدرِ دجــاهـا مـخــتفٍ تحتَ أستار)

قــصــــــــدنـا عليـاً يــــــشـافـي عليلَنـا     لـــديه ويـطــفي من جـواهُ غـليلنـا

ومُذ كـــــانَ إدلاجـاً بـــلـــــــيـلٍ ذميلَنـا     (بـــإدلاجنا ضــلَّ الـطريـق دليلَنـا

ومن ضلَّ يــسـتـهـــــدي بشعلةِ أنوارِ)

ذمــيـــلاً وإدلاجــــــاً إلـى أن آمــالــنـا     عـنيفُ السرى حتى التزمنا رحالنا

وكــنـــا ظـــنـــنا الـنارَ تهـدي ضلالَنـا     (فـلـمّـا تـجـلّـتْ قبةُ المرتضـى لـنـا

وجدنا الهدى منها على النورِ لا النارِ)

.......................................................................

1 ــ مقدمة ديوان عباس الملا علي ص 6

2 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ص 321

3 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 419

4 ــ شعراء الغري ج 5 ص 1

5 ــ الحصون المنيعة في شعراء الشيعة ج 7 ص 104 

6 ــ مجموعة الشيخ ابراهيم صادق

7 ــ الروض النضير ص 273

8 ــ مقدمة ديوان عباس الملا علي ص 15

9 ــ نهضة العراق الأدبية ص 202

10 ــ أدب الطف ج 7 ص 78

11 ــ أعيان الشيعة ج 7 ص 419

12 ــ أدب الطف ج 7 ص 83 عن الذريعة للطهراني

13 ــ مقدمة ديوان عباس الملا علي ص 14

14 ــ مقدمة ديوان عباس الملا علي ص 15

15 ــ أعيان الشيعة ج 8 ص ٤٤٢

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار