لوحة من متحف الطف

كَيْ لا يُرى وجهُ الـرسـالـةِ أَصــفــــرا      وَالديـنُ مِـنْ فَرطِ التـمـادي أحمرا

كَيْ لا يُرى جَـسـدُ الـخِـلافـــةِ مُـذْنــبــاً      فـيَـصيـرُ فَـــانـوسُ الـنبوَّة مُنْكــرا

وَفَنارُ آلِ الـبـيتِ يَـصْـبِــــحُ خَــــافِـتَـــاً      والليلُ فِيْ جَـوفِ الضَــمائرِ مُثْمرا

تُـمـسـيْ خَـفـافـيـشُ الـــظـلامِ كَــســـادةٍ      وَالقتلُ نَـافذةُ الـخـلاصِ، لهُ أنْبَرى

حتَّى نَـــــرى كُلَّ الـــوجـوهِ بِـلـحـــظـةٍ      مَن بَاعَ دَمـعَ الغيمِ مَـن ذا إشْترى؟

بَـذَرَ الـنـجـومَ عـلــى تُـرابٍ بَــاهــــتٍ      وَمَضى عَلـى جَـمرِ الــخيـامِ مُكبِّرا

إنَّ الـخـيــامَ بِــهـــا عَـلـيـلٌ سَــــــاجــدٌ      مَرسى بِصَبْرهِ مَا تَنـــــازلَ لِلذُرى

نَـحـوَ الـشَـريـعـةِ ظَلَّ مُتَّجـــهــــاً وَفِـي      أحُزانهِ اليَــاقوتُ صَــار مُـــــبعثرا

يَرنو إلى الـقـمرِ المضيءِ عَـلــى الحَيا      ةِ وَجودهُ المَثـقـوبُ يَسقي ٱلمَحشرا

وَيَعودُ صَـــوبَ خــيامهِ، الــكفُّ الـتـي      تَسْقي الحَياةَ جَزائها انْ تُبْــــترا ؟!

هي حـنـطةٌ، وَالـنـاسُ تَـعـرفــــها وَتَعـ      ـرفُ خُبْزها والجودُ أمْــسى كوثراْ

مَـهـيـوبـةٌ كـفّـاهُ كَـمْ حَــمَــلـــــتْ تَـــفا      صيلَ الشِروقِ لأجـلـنا كيْ تُـنْذرا ؟

هي مِـحـــنـةٌ، كَيفَ الـسَـبـايا سـادةٌ ؟!      والـدمـعُ فـيْ لُـغةِ الضَـــحايا أَمْطرا

وَالأدعــيــاءُ وِلاةُ أمــرِ الــمُــسْــلـمـيـ      ـنَ جَــمـيـعُـهمْ والدينُ بَاتَ مُهَدَّرا ؟

فــالـكَـونُ جُـنـديٌّ جَـبـانٌ والــطُــــغـا      ةُ تَـكـاثـروا وَالـلـيـلُ يَـهوى المُقْمرا

كَيْ لا يُرى بـفـضـاءِ مَــسْـجدِ أحــمـدٍ      قِـرداً، وَفـيْ كـفِّ الـغـوانـي مِـنْـبرا

مِنْ أجـلِ طِـفـلٍ شَـاهـقٍ لـمْ يَـقْـــترفْ      ذَنْباً وَقـمـحُ صَـــلاتهِ الـمُـثلى قُـرى

صَـاغَ الـوريـدَ لَـهـمْ كَـنَـهـرٍ هـائـــــمٍ      حـتّـى جَرى في الطفِّ شَوقاً أسْمـرا

وَنَـمـا بِـجِـسْـمـهِ ألـفُ نَـبـلٍ مُــغْــــرمٍ      لا روحَ عِندَ الـنَـبـلِ كـيــفَ تَجَــذّرا

وَيَــســيــل مـنـه دَمٌ وَقــارهُ مُــحـــكـمٌ      قُـلْ هَـلْ رَأيـــتَ دَمـاً يـقـاتــلُ أبْـترا

دَاستْ عـلـى صَدرِ الغريـبِ حَـــوافِـرٌ      فـكـفـى بـجـســمـهِ إذ تـنـاثرَ جَوهَرا

صـلّـى كـثـيـراً، رأسـهُ فَـوق الـــقــنـا      فـالـحـربُ شـيـطـانٌ وبعْثرَ سُــــكَّرا

صـلّـى، وَطـفلهُ ذابَ منْ عَطــشٍ وَقَدْ      يَـمـضـي، بِـسَـهـمٍ حَـاقـدٍ كـيْ يَكْبرا

وَسرى دَمُ الطفلِ الرضيعِ فَــهَلْ سَيَجْـ      ـري فَوقَ رَملٍ أمُ سَيَصعدُ مُبـْــحرا

نَـحـوَ الـسَـمـاواتِ الّـتي عَـشقتْ طِلو      عَـهُ ذاتَ طـفٍّ كــيْ يَـظـلَّ مُـحـرِّرا

فـالـكـلُّ فـي رقٍّ مُـمــيــتٍ جــامــــحٍ      وَالـقـيـدُ يـشْهـدُ وَالـــلـئـيـمُ تـأمَّـــــرا

قَــدْ عَـــانقَ الأصــحاب مَوتاً عَاجِزاً      هَلْ شَاهَدَ ٱلأنسانُ مَــوتــاً أخْضرا ؟

مِـنْ أيـنَ يَـأتـي الـمَوتُ مَا وَجُهُ البَلا      غَـةِ فِـيْ قِـدومـهِ حَـافِـيـاً مُـسْـــتـنـفرا

فَــالمَوتُ فِيْ لُغَـــةِ الرِجـالِ الـحَامليـ      ـنَ الصُــبحَ فِيْ كَـفِّ الدُعـــاءِ تَكَرّرا

شَـــربوا مَسافـــاتِ الرحيلِ بِضحْكةٍ      هُمْ أدْرَكوا أقْصى الكَـواكِـبِ بِالثـرى

فالدينُ: يَـعـنـي لا ركــوعَ لـحـاكـــمٍ      مـهـمـا تـغـطـرسَ بـالـدمــاءِ وبـــذَّرا

إذ لا سمــاحَ لـظـالـمٍ مُـتَـجـبـــــــــرٍ      يهوى الأنا، أنْ يُستطيـلَ على الورى

فالديـنُ أولـى مـن عـشـيـرتـهِ الّـتـي      خـاضـتْ غـمارَ الحربِ لا لن تهـجرا

هيَ أمَّــةٌ مـاتـتْ وأحــيــاهـــــــا دمٌ      هـيَ أمَّــةٌ تَـنـجـو لِـتَـعـبـرَ أنْــــــهُـرا

لـكـنَّـهـا إذ كـلَّـمـا عَــــــبَـرتْ قــــوا      مـيـسَ الـسـياسـةِ والـلظـى لنْ تشكرا

إذ كـلَّـمـا شـاروا لـهـا نـحـو الـصَلا      حِ بِـخُـنْـصرٍ قـامـتْ تـحـزُّ الـخنْصرا

هـذا جـزاءُ الـمُـحـسـنـيـنَ وأهــلــهِمْ      رأسُ الامـامـةِ بـالـسـيـوفِ مـطـبّــرا

جفَّ الـضـيـاءُ هـنـا، فـأينعَ ضَوؤهمْ      فـي الـطـفِّ وجهُ الدينِ أمسى مُبْهرا

قدْ جـسَّـدَ الـمـعـنـى بـلا شـرحٍ فـكـا      ن الـحـرفُ في شرحِ الشهادةِ مَنْحرا

محمد سامي الصكر

المرفقات

: محمد سامي الصكر