طالب الحيدري: (ولد 1346 هـ / 1927 م)
قال من قصيدة (اليوم المخضوب) في الإمام الحسين (عليه السلام):
و(كربلاءُ) بـمـا فـي حرِّ تربتِها منَ الدمِ الـحـرِّ دربُ الانـبعاثاتِ
سوطٌ علـى الظلمِ هـدَّارٌ وأغنية عـلـى فـمِ الحقِّ تجري كالمناجاةِ
قبَّلتُ تربتَها السمراءَ في شغفٍ أستافُ عطرَ الدما بلْ في مباهاةِ
وقال من قصيدة (التراب المخيف):
وهلْ (كربلاءُ) الأمسِ قامـتْ جـديدةً وقـامَ الأُلى كانوا يـعدّون للجلى؟
وهـلْ نـشـرَ الـعـباسُ للنـصـرِ رايـةً وجـرَّدَ سـيفاً ينشرُ اليتمَ والـثكلا؟
وزيـنـبُ هـلْ فـيـهـا بـقـيـةُ صـرخةٍ إذا ارتفعتْ مـادَ الـسـرير لينـثّلا؟
أجلْ إن ثأر اللهِ في الأرضِ لم يمتْ وذكرى حسينٍ تأنفُ الـقيدَ والغُلا
وقال من قصيدة (تحت الرماد الضِغن) التي كتبها الشاعر بعد تعرّض مدينتي كربلاء والكاظمية المقدستين لتفجيرات عنيفة سقط على إثرها المئات من الشهداء والجرحى الذين كانوا يحيون مراسيم زيارة عاشوراء سنة 1425 هـ / 2004 م) بعد سنوات طويلة من منع النظام البعثي البائد هذه الزيارة وممارسة إجراءات تعسفية بحق الزائرين:
في يـومِ عـاشـوراءَ جـدَّدتـمْ لـنـا قتـلَ الحـسيـنِ وصحبِه وبنيِّهِ
وعــداؤكــمْ لــمـحــــمــدٍ ولآلِــهِ داءٌ ومـا مــنْ بـلــسمٍ يــشفيهِ
تحتَ الرمادِ الضغنِ فيكمْ جمره لا شـيء غــيـر دمائِنا تطفيـهِ
واســتـهـدفـتْ لـلجاهليــةِ أســهمٌ قـلــبَ النبــيِّ محمــدٍ تدميــهِ
فـي (كربلا) والـكاظميـةِ يومكمْ فـي يــومِ عاشـوراءَ كنَّـا فيـهِ
نمضي وغـايتُنـا الـشـهادةُ إنَّـهـا بابُ الـخلـودِ وجنَّــةُ الترفيــهِ
ومنها:
سنظلُّ نُحيي (كربلاء) ويومَها وحسينُها بـــدمـائِـنـا نفديــهِ
ويظلُّ حبُّ أبـي تـرابٍ وابـنـهِ دربُ الهدى ومنارةَ التوجيهِ
ونقضُّ مضجعَ كلِّ عاتٍ ظالمٍ وبجذوةٍ من حـزنِـنـا نـشـويهِ
وقال من قصيدة بعنوان (المشاة على أقدامهم إلى كعبة الشهادة إلى كربلا) وتبلغ (49) بيتاً:
قلبي مع الماشينَ في كبرياءْ يحدوهمو العشقُ إلى (كربلاءْ)
مِـن كـلِّ أرضِ اللهِ قد أقبلوا يـجـدِّدونَ الـعـهـدَ والانــتــمـاءْ
أودُّ لــو رأســي لأقـدامِـهــمْ يـكـونُ أرضـاً فـيسامي السماءْ
ومنها:
يجرُون كالسيلِ إلى (كربلاء) على سـكـاكينِ القلى والعداءْ
ولـن يـبـالـوا والـمـنـايـا لـهــمْ بمرصدٍ مثلكَ همْ في السخاءْ
ماضينَ حتى لو رأوا حـتـفهمْ قـدّامـهـمْ مـا الـتـفـتوا للوراءْ
ومنها:
و(كربلاءُ) المجدِ في تربِها مهدُ البطولاتِ وشهدُ الشفاءْ
وأعـظمٌ جالتْ خيولُ العدى تطـحنُها فيها اتساعُ الفضاءْ
في حـفـرةٍ أشبارُها تنطوي عـلـى سماواتٍ من الارتقاءْ
ومنها:
يا صرخةَ المظلومِ يا قاهراً حـيَّـاً ومـيـتـاً قــوَّةَ الأقــويــاءْ
خُـذ بيدِ الإنسانِ وانهضْ بهِ يــا رايــةً تـخـفـقُ لـلإقـتـــداءْ
ما أحـوجَ الأرض إلى ثائرٍ ما أحوجَ الناس إلى (كربلاء)
وقال من قصيدة (علّمت كل الناس):
وتـظـلُّ تـشـمـخُ بالشها دةِ (كـربلاءُ) على البطاحِ
يا قاصفاً قصفَ الرعو دِ وعاصفاً عصفَ الرياحِ
إقـهـر بـأسـلحةِ المحبَّةِ كـلَّ تُــجَّــارِ الــســــــلاحْ
وقال من قصيدة (لبيك يا حسين) وتبلغ (78) بيتاً:
في (كربلاء) صمدتَ حتّـ ـى كـادَ يـنـبـهرُ الصمودُ
وصـمـتَّ لـكـن ظــلَّ يـهـ ـدرُ جرحُكَ الدامي العنيدُ
الـمـوتُ أخــمــدَ قــاتــلـيـ ـكَ أذلّهمْ ولــكَ الـخـلـــودُ
وقال من قصيدة (أشرق وأشرق) وتبلغ (65) بيتاً:
و(كربلاء) هيَ الميدانُ فيه مدىً لا يـنتهي ولديهِ الكونُ يُختصرُ
حـيـثُ الـبـطـولـةُ جلّتها طبيعتُها كالتبرِ يلطفُ ذاتاً وهوَ ينصهرُ
أبـى الـدنــيَّــةَ أنــفٌ كـلـه شـمَـمٌ وكان بالتضحياتِ المُرَّةِ الظفرُ
ومنها:
هـنـا الـخـلودُ وعاشوراءُ منبرُهُ و(كربلاءُ) هي الينبوعُ والشجرُ
نغفو ونصحو وفي أجفانِنا أطرٌ من الهوى ولما نصبو له صورُ
يسوقُنا الشوقُ مُجتاحاً عواطفَنا وحــسُّــنـا لـمـصـلّـى كـلــه فِكرُ
ومنها:
حـيـثُ الـشـهـادةُ فـي أعـلـى مـراتبِها وحيث يرقدُ مَن مِن أجلِنا سهروا
شـمـمـتُ تـربـتَـهـمْ قـبَّـلـتُ أرجـلَـهـمْ وقـلـتُ مـا بـعـدَ هـذا نـحنُ ننتظرُ
هلْ ناصرٌ قالها في (كربلا) ومضى هلْ بيننا من بهِ المظلومُ يـنـتـصرُ
وقال من قصيدة (ليلة الوداع) وتبلغ (50) بيتاً:
في الـترابِ انطوى حسينٌ ولكن قـبـرَه صارَ كعبةً في القبورِ
واستطالتْ على السما (كربلاءٌ) مُذ رواها من نحرِهِ المنحورِ
وأبى اللهُ أن يــمــوتَ حـسـيـــنٌ فـهـوَ حيٌّ مخلّدٌ في العصورِ
ومنها:
اخلعِ النعلَ إن قصدتَ حـسـيـناً إنّها (كربلاء) وادي الطورِ
وتـنـسَّـمْ عـطـرَ الـجـلالِ بتهليـ ـلٍ وقـبِّـلْ خـدَّيـهِ فـي تـكبيرِ
ها هنا ابن البتولِ خطّ الوصايا والبطولاتِ بالدمِ الـمــهدورِ
وقال من قصيدة (الظلم مكتوب علينا):
واللهُ يـخـتـارُ الــذين يـــحبُّهمَ والأجـرُ عـاقـبـةُ الـصـبـورِ الـمُـبتلى
لينالَ أرفعــَ مـا ينـالُ مـجاهدٍ خُصَّ الحسينُ بما جرى في (كربلا)
نحنُ امــتدادُ طريقِهِ ولـنا به شـرفُ الـتأسّــي مـحـنــةً وتـحـمُّـــلا
مهما علتْ بالآخرينَ منازلٌ يبقى بنو الــزهـراءِ أعــلــى مــنــزلا
وقال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (54) بيتاً:
للهِ لـوحـة (كـربـلاءَ) بــبــركــــةٍ مِن أشرفِ الدمِ بالصوارمِ تُرسمُ
كانـتْ مـواقـفُ مـا أجـلَّ فصولِها فـي كـلِّ فـصـلٍ لـلـعصورِ معلّمُ
في الأرضِ مأتمُها الذي لا ينتهي وعلى السماءِ لـسـاكـنـيـهـا مأتمُ
وقال من قصيدة (قِف يا زمان) وتبلغ (66) بيتاً:
يـبـدو هـلالُ محرَّمٍ مُتلفِّعاً مِـن حـمـرةِ الدمِ أرجواناً داكنا
متلفتَ العينينِ يوشكُ قلبُه أن يسكبَ الدمعَ المدمّى ساخنا
ويظلُّ يسألُ واجداً مُتلهّفاً عـن (كربلاءَ) وقد تكوَّرَ واهنا
وقال من قصيدة (بطولة الدرس) وتبلغ (86) بيتاً:
سِر إلى (كربلاء) وامشِ على الرأ سِ ففي كـلِّ خطوةٍ كيوانُ
الـصـنـاديـدُ يـرقـدونَ ضــحــايــــا بـعـدُ لـمْ تنطبقْ لهمْ أجفانُ
جـثـثٌ فـي الــثـــــرى كـأنَّ تــلالا من ورودٍ رمى بها بستانُ
وقال من قصيدة (يا حسين) وتبلغ (34) بيتاً:
مُـبـتدانا (كربلاءْ) مُـنـتهانا (كربلاءْ)
نحن يـنبوعُ سخاءْ نحنُ مشروعُ فداءْ
في حنـايانا حسينْ وجـمـيـعُ الـشهداءْ
الشاعر
السيد طالب بن هاشم بن عبد الحسين بن جواد بن حيدر الحسني الحيدري، شاعر كبير يعد من رواد الحركة التجديدية في الشعر العراقي الحديث، والقصيدة الحسينية، ولد في الكاظمية من عائلة علوية علمية عرفت بـ (الحيدري) يعود نسبها الشريف إلى الحسن المثنى بن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، وكان والده من علماء الكاظمية الأعلام
وكان جد هذه الأسرة الشريف عز الدين حميضة بن محمد أبي نمى الحسني أمير مكة هو أول من انتقل إلى العراق حيث غادر مكة سنة (701 هـ / 1300 م) وخلّف عليها أخاه الأمير رميثة، وكان ابن الأمير رميثة الأمير عطيفة أول مؤسس لسدانة الروضة الكاظمية المطهرة، وإليه تنسب منطقة (العطيفية) في بغداد.
وقد توزّعت ذرية الأمير حميضة في العديد من مدن العراق فسكنوا النجف وسامراء والعمارة وواسط وبغداد، وعُرفوا بالسادة النمويين ومنهم: آل الحبوبي، وآل خضر، وآل علي، وآل حسن، وأل عبد الله، وآل البغدادي ... وآل الحيدري وغيرهم.
وقد سكنت أسرة الحيدري بغداد وعُرف رجالاتها بالعلم والأدب وقد برز من هذه الأسرة كثير من أعلام الفقه والأدب، وكان والد الشاعر طالب الحيدري شاعراً وكذلك جد والدته فتلقن الشعر منذ طفولته.
في هذه الأجواء نشأ الحيدري وهو ينهل من مكتبة أسرته فقرأ كثيراً من مصادر التاريخ الإسلامي ودرس على يد والده السيد هاشم، والسيد طاهر الحيدري كما درس في حوزات الكاظمية والنجف، واكتسب ثقافة واسعة وألمّ بالحوادث التاريخية وخاصة واقعة الطف التي ألهمته روح التحرر والانعتاق والشجاعة، فكان ذا رأي ثاقب بالواقع الذي يعيشه العراق فوظف ثقافته التاريخية في رصد أحداث الواقع بشجاعة وصلابة ومبدئية.
وقد كتب الدكتور عبد الرزاق محي الدين ــ رئيس المجمع العلمي العراقي ــ عن خصائص شعر الحيدري في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) فقال:
(ورثاء الشاعر الحيدري شطر مما رثي به الإمام في هذا الجيل، وقد امتاز بما يصطبغ به جيله من روح الدعوة إلى التحرر من الاستعمار في أي لون من ألوانه، وإلى نشر العدالة الاجتماعية بين الناس في كل طبقة من طبقاتهم.
وهو إذ يشهد في بلاده مأساة التمييز الطبقي والتحكم المركزي من جانب نفر محدود مجدود، يصل ثورته النفسية بثورة جده الحسين، فينفّس عن نفسه وعن نفوس معاصريه بما تحييه ذكرى الحسين في نفوس الناس من ضرورات رفع الحيف عن الشعب بسبب من أسباب التضحية والفداء. ذلك الفداء الذي لا يعني غلبة ظالمة، ولا مغلوبية مستخذية، وإنما هو فداء يشبه ما تصطنعه الأمم والشعوب المدركة البانية حين تطالب بالإنشاء الجديد لعيش حر جديد). (1)
كتب الحيدري الشعر وهو في سن العاشرة، وكان يلقي الخطب الدينية والقصائد الطويلة دون الوقوع في الأخطاء النحوية، وكانت شاعريته تنمو بسرعة حتى أصبح شاعراً كبيراً ينافس بشعره كبار الشعراء، وهو لم يبلغ العشرين وبلغ مكانة سامية عندهم وكانت كفاءته ونبوغه يفرضان ذلك في المحافل الكبيرة.
فعندما توفي المرجع الديني الكبير السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني (قدس سره) في الكاظمية عام (1365 هـ / 1946م)، أقامت له هيأة منتدى النشر في النجف الأشرف حفلاً تأبينياً، حضره المرجع الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، كما حضر الحيدري الحفل مع والده العلامة السيد هاشم وكان عمر الحيدري آنذاك تسعة عشر عاماً، وقد أعد قصيدة في رثاء الأصفهاني لإلقائها في الحفل الذي ضمّ كبار شعراء النجف والكاظمية.
وجلس الحيدري مع والده إلى جنب الشيخ كاشف الغطاء الذي سأل الشاعر إن كان قد أعد قصيدة لهذه المناسبة فأخرج الحيدري قصيدته وأعطاها له، فلما قرأ كاشف الغطاء مطلع القصيدة أمر القائمين على الحفل بالسماح له بالقراءة.
كما بلغ من نبوغه الشعري أن شكك بعضهم في نسبة قصائده له بسبب حداثة سنه حتى اضطر الدكتور مصطفى جواد لاختباره بكتابة قصيدة في موضوع اختاره هو فنجح الحيدري نجاحاً باهراً، ويعلق السيد طالب على هذا الاختبار: (وهل غاب عن بال الدكتور ما ورد من أن الشريف الرضي كتب قصيدته الشهيرة (كربلا لازلت كربا وبلا) في رثاء الحسين وهو في الثامنة) (2)
كما أعجب الدكتور طه حسين بشعر الحيدري فعندما سمعه قال: (ما أشك في أن له حظاً عظيماً من الاستعداد للتفوق في الشعر وهو قد يبلغ الاجادة الرائعة أحياناً على حداثة سنة). (3)
اشتهر الحيدري بإكثاره من الشعر وإطالته في القصيدة دون أن تفقد حماستها وجماليتها وقد مكنه خياله الخصب وثقافته الواسعة على الاسترسال في الصور وقد أصدر عدة دواوين منها:
1 ــ ألوان شتّى ــ 1949
2 ــ رباعيات ــ 1951
3 ــ نضال ــ 1958
4 ــ معلقة العشق ــ 1998
5 ــ الألواح ــ 2009
6 ــ الدموع ــ 2011
7 ــ المرايا ــ 2011
8 ــ الرحلة ــ 2011
9 ــ الملحقات ــ 2011
10 ــ من وحي آل الوحي / وهو خاص بأهل البيت (عليهم السلام) بأربعة أجزاء هي: ملحمة كربلاء، الباقيات الصالحات، الحجازيات، الحيدريات،
كما ترجم رباعيات عمر الخيّام شعراً.
عُرف الحيدري بشعره السياسي المناهض للاستعمار والطبقية ومحاربة الفساد والوقوف مع الفقراء والمسحوقين وقد تعرض بسبب ذلك إلى كثير من المضايقات والاعتقال والاقامة الجبرية وقد وصف الأديب الدكتور جورج حنّا إحدى قصائد الحيدري السياسية وهي قصيدته (سيري جموع الشعب) بأنها: (أقوى من فرقة في الجيش العراقي). (4)
وقال الشيخ محمد رضا الشبيبي: (مناضل عانى ما عاناه من الإرهاق والتعسف، ووضع تحت المراقبة، ولاحقه رجال الأمن، وحُدّدت حريته بسبب مواقفه الوطنية، ومثل أمام محاكم التحقيق). (5)
أما بالنسبة لشعر الحيدري وشاعريته فقد كتب وقال عنه الكثير من أعلام الأدب والشعر وهذه بعضها:
قال الشيخ محمد رضا الشبيبي: (فهو شعر يتميز بالانسجام والانسياب اللطيف إلى النفس، فلا تقعر ولا تكلف هذا من ناحية مبانيه، وأما من ناحية معانيه فإنه تصوير جميل للعواطف والأحاسيس، وحماسة مشبوبة، وهدير داخلي عميق يشعرك بتلاطم أمواجه واصطخابها في أعماق نفسه الثائرة). (6)
وقال الشيخ جلال الحنفي البغدادي: (الشاعر طالب الحيدري من شعراء المطوّلات ذات العطاء الخصب والإبداع في السبك، وهم في الجيل الحديث جد قليلين، وقد صدرت له مطولة بعنوان " معلقة العشق " دلّت على اقتدار متميز في العروض، واكتناز ضخم لمفردات الروي والقافية، وعلى تمكّن في آفاق اللغة ومفردات الفصيح من الكلام الشاعري) (7)
وعندما نشر الحيدري كتابه (دم شهيد) وكان عمره آنذاك (24) سنة، كتب له خطيب الكاظمية وشيخ الخطباء المرحوم الشيخ كاظم آل نوح مقدمة للكتاب فكان مما قاله:
(وقد كتب هذا الشاب الألمعي كتابه في الحسين عليه السلام على طراز خاص وتعمّق في تحليل هذه الحادثة بإيجاز وقد استخرج من فصول بحثه معانياً مبتكرة وهو على إيجازه رائع المعاني والبيان سلس العبارة يدل على التضلّع في الأدب بمهارة ...)
وقال عنه الدكتور عبد الرزاق محي الدين: (شعر السيد طالب الحيدري من حيث ما يتميز به من الأصول الفنية يعد من أحفل الشعر العربي، وأكثره توفّراً على خصائص الشعر العالي الممتاز، ديباجة مصقولة رائقة، ومعان عالية صاعدة وغرض يضفي عليهما النبل وحسن القصد. وقلّ أن تجد في معاصريه من أبناء جيله من بلغ مبلغـه فيما استوفى في نواحي لفظه ومعناه ومقاصده) .
وقال عنه الأستاذ عبد الكريم الدباغ: (من روّاد الشعر العربي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، ومن شعراء التجديد الذين حافظوا على جمال اللغة العربية وجلالها، وأبقوا للشعر العربي أصالته وزهوه..) (8)
شعره
لقد هام الحيدري بحب الإمام الحسين (عليه السلام) ووجد فيه المثل الأعلى للثائر المصلح الذي يسعى إلى الإصلاح في الأمة ومقارعة البغي والفساد مهما بلغت التضحية يقول في إحدى لقاءاته: (كان الحسين عليه السلام ملهمي الأول، وقد كتبت فيه أول بيت وأول قصيدة، وللحسين وجود في مدينتي طوال أيام الحول، وعنه تقام الحفلات الحافلة بالشعر كلما هل هلال محرم من كل عام). (9)
قال من قصيدة (ما بعد الختام):
تواضعي حـيـن أهـدي جنى الهـوى والـولاءِ
تـواضـعٌ فـيــه أسـمـى مـراتـبِ الــكـبـريــاءِ
شعري حصيلةُ عمري أمضي ويبقى ورائي
سـقـيـتُـه مـن دمـوعي غـذّيـتـه بــدمــائـــــي
هذي أزاهـيرُ روضي تـجـمّـعـتْ فـي إنـائي
في كلِّ أرضٍ شــذاها يـسـري وكـلِّ سـمــاءِ
أنـفـاسُـهـا تـتـسـامــى لـسـيـدِ الأوصــيـــــاءِ
أحـيـا الـتـجــلّي أرقى مـراقــيَ الأولــيـــــاءِ
أذوبُ شـمـعــةَ عشقٍ فـداءَ هـذا الــفــدائـــي
وفـي الـقـيامـةِ حسبي تـشـيُّــعـي وانـتـمـائي
وقال من قصيدته (كربلاء .. كعبة الشهادة)
أفدي مشاةً هـجـروا أرضَــهم وهاجروا تحتَ لواءِ الـولاءْ
دمـاؤهـمْ فـوقَ أكــفِّ الـهـوى مـحـمـولـةً مـنـذورةً لـلـفداءْ
قـد عـاهـدوا اللهَ ولـنْ يـنـكثوا عـروقُـهـم نـابـضـةٌ بـالوفاءْ
سـعـوا يـحـجُّـونَ إلـى بـقـعـةٍ فيها حسينٌ صفوةُ الأصفياءْ
خامسُ أصحابِ الكسا انتخوا وخـيـرُ خلقِ اللهِ أهلُ الكساءْ
يـمـرِّغـونَ الأنـفَ فــي تربةٍ علّمتِ الإنـسـانَ معنى الإباءْ
قـالَ حـسـيـنٌ: لا، لأعــدائــهِ وفضَّلَ الموتَ على الانحناءْ
يــا ذروةً مـا بـعـدهـــا ذروةٌ يـحلو إلى أحضانِكِ الارتماءْ
وقال من قصيدة (الرجل) وتبلغ (20) بيتاً وهي في أمير المؤمنين (عليه السلام):
رمزُ الـعـدالـةِ دنـيـاهُ عـلـيـهِ بغتْ وأهـلـهـا وهـوَ مـيـزانُ الـمـساواةِ
الـجـاهـلـيـةُ قد ضاقتْ به وسعتْ تـغـتـالـه وهـوَ فـي عـزِّ الـمـناجاةِ
فكانَ خـيـرَ شـهـيـــدٍ لمْ يزلْ دمُه يـخـضِّـبُ الأفــقَ يدعو يا لثاراتي
يـعـلّـمُ الـنـاسَ يـهــديهـمْ يوجِّهُهمْ إلـى طـريـقٍ يُـــؤدي لـلـسـمـاواتِ
وظـلَّ حـيَّـاً ومـيـتـاً فــي تــفـرُّدِهِ خـلـيـفـةَ اللهِ مُـمـتـدَّ الـعـطــــاءاتِ
مِـن الـبـداوةِ مِن صـحراءِ منبتِها أطلَّ كــونُ عــطـاءٍ لـلـحـضاراتِ
قطبُ الحروبِ إذا قـامتْ وداعيةٌ للـسـلـمِ والـفـذّ فـي كــلِّ المجالاتِ
هوَ الـبطولةُ في أسمى مظاهرِها فـي بـعـدِه كـلُّ أبـعـادِ الـبـطـولاتِ
وسوفَ يـبـقـى عـلـيٌّ فـي تـألّـقِهِ أعتى من الدهرِ في سلطانِهِ العاتي
وقال من قصيدة (علّمت كل الناس):
صـلّـتْ عـلـيـكَ وسلّمتْ بـيضُ الظبا سمرُ الرمـاحِ
بـالـتـضـحـيـاتِ بـنـيـتُـه للدينِ صرحاً والأضـاحي
لولاكَ حيَّ على الصلاةِ تـعـطّـلـتْ وعــلـى الفلاحِ
وكـتـبــتَ سفرَ بـطـولـةٍ حـمـراءَ لا يــمـحـوهُ ماحِ
سـوَّدتَ وجــهَ أمـــــــيَّةٍ بوجوهِ نهضَـتِكَ الوضاحِ
واجــهتَ بالعزمِ الوقاحِ جــراءةَ الـــقـدرِ الـوقــاحِ
وسـمـا ضريحُكَ بالشها دةِ فــوقَ عرنينِ الضراحِ
عـلّـمـتَ كـلَّ الناسِ كيـ ـفَ البذلُ في سوحِ الكفاحِ
كـيـفَ الـعـقـيـدةُ بـالدما ءِ تـخـط مـلـحـمـةَ النجاحِ
وتـظـلُّ جـرحـاً نـازفــاً حـتـى الـقـيـامــةَ بالجراحِ
وتـظـلُّ تُـذكـرُ بـالمساءِ تـظـلُّ تُـشـكرُ بالـصـبـاحِ
وقال من قصيدة (لبيك يا حسين):
مِـن أيـنَ أبـدأ أو أعــــيـدُ أنتَ الـملاحمُ والـقـصـيدُ
الـصـارمُ الـقـلــــمُ الـمدلُّ وحـبرُكَ الدمُ والصـديــدُ
أعطيتَ ما لــــم يـعطَ إبـ ـراهيمَ أو موسى وهــودُ
لو كنـتَ تـمـتـــلكُ المزيدَ لكانَ لـلـبـذلِ الــمــزيـــدُ
بـالـنـفسِ جُـــدتَ وبالبنيـ ـنِ وليسَ بعدَ النفسِ جودُ
ورفعتَ قـــربانَ الرضيـ ـعِ وقـد تـفـرَّى مــنه جيدُ
وصبرتَ صبرَ الطودِ لا ريــحٌ لــوتـــه ولا رعودُ
وقال من قصيدة في الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام):
بابُ الحوائجِ موسى بن جـعفرِ توسّلْ تجدْ كـلُّ عـسـرٍ مُيسَّرْ
هـنـالـكَ قـفْ وبــذاكَ الــترابْ عـفّـرْ جـبـيـنَـكَ تزكِ وتطهرْ
وإمّـا تـلـحْ لــكَ تـلـكَ الـقـبـابْ وذاكَ الـجـنـابُ فـسـبحْ وكبِّرْ
فـأنـتَ بـوادٍ كـوادي الـكـلـيـــمْ إنْ لمْ يكن منه أزكى وأطهرْ
هـنـا قـبـسٌ مِـن جلالِ السـماءْ وجـذوةُ نـارٍ ونــفـــحةُ كوثرْ
هنا روضةٌ من رياضِ الجنانْ منها يفوحُ الجمالُ الـمُـعـطّـرْ
إمـامُ الـهـدى وارثُ الأنـبـيـاءْ تـجـسَّـدَ فـيه التقى بل تصوَّرْ
هـنـا نـفـسُ فـاطـمـةٍ وابــنــها وقلبُ الـنـبـيِّ ومـهـجةُ حيدرْ
وقال من قصيدة يدين بها الجريمة البشعة التي أقدم عليها الوهابيون بتهديم قبور أئمة البقيع (عليهم السلام):
هدمـكـمْ لـلـقـبورِ بعد قرونٍ وهيَ للناسِ موئلٌ ومنارُ
لـدلـيـلٌ بـأنّــكـمْ جـاهـلــيــو نَ جـفـاةٌ وإنــكــمْ كــفَّارُ
خـلـفـاءُ الـنـبـيِّ فيها وأبـنـا ءُ البتولِ الأئمةُ الأطـهارُ
حقدكمْ أسودُ النوايا وأعمى وبـأضـغـانـكمْ رحاهُ تُدارُ
قد هدمتمْ بهدمِ تلكَ المغاني مـا أشـادَ الـتقاةُ والأبرارُ
وستـبـقى الأطلالُ جنّةَ خُلدٍ ولـكـمْ أيُّـهـا الـبغاةُ النارُ
وقال من قصيدة (من وهج يوم الغدير) وتبلغ (31) بيتاً:
وعـلـيٌّ يـبـقـى عـلـيـــــــاً ولا يبقى سواهُ في الامتدادِ الأخيرِ
كلُّ ما شيَّدوا على كـفِّ عفريـ ـتٍ سـيــهوي بهمْ لشرِّ مصيرِ
ليسَ من نصَّتِ الـسـماءُ عليهِ وحـبـتـه بــحـكـمـةِ الـتـدبــيــرِ
كـأنـاسٍ لـلـجـاهـلـيـــةِ عاشوا وبـهـا قــد تـسـلّـقـوا لـلـسـريرِ
هـوَ يـومٌ أرادَه اللهُ لــلـــــوحـ ـدةِ عـيــداً ومـوسـمـاً لـلسرورِ
في ظلالِ القرآنِ يتّصلُ السلـ ـكُ بأصــــحـابِ آيــةِ الـتطهيرِ
وعـلـيٌّ مَـن جسَّـدَ اللهُ فيهِ الـ ـعدلَ يُـعـطـــــى قيادةَ الجمهورِ
وتعامتْ عيونُ قومٍ عـن الحـ ـقِّ فويلٌ لـكــــــلِّ عـاتٍ كـفـورِ
وقال من قصيدة (أشرق وأشرق):
أبـــــــــــــــــى الدنيَّةَ أنفٌ كلّه شمَمٌ وكانَ بالتضحيـــــــــاتِ المرَّةِ الظفرُ
مـشـى بـرجـلـيـهِ مُـشـتدَّاً لمصرعِهِ مـا ردّهُ الـجبنُ ــ حاشاهُ ــ ولا الخورُ
مـجـاهـداً فـي سـبـيـلِ اللهِ مُـنـتصراً على الردى والمضحِّي الحرُّ منتصرُ
بـآيـةِ الـدمِ ولّـى الـسـيـفُ مُـنـكسراً أمـامَـه ويــظــلُّ الـسـيـفُ يــنـكـستـرُ
على الطواغيتِ دارُ الموتِ يقبرُهمْ أحـيـاءَ فـي حـيـن يـحــيـا قـادةٌ قُبروا
عـدلُ السماواتِ عدلٌ لا مـثـيـلَ لـه يـجـري بـكـلِّ اقـتـدارِ الــرحمةِ القدرُ
لـو كـانَ لـلـدهـرِ قـلـبٌ أو لـه لـغةٌ لـراحَ مـن يـومِ عـاشــــوراءَ يـعـتــذرُ
حـيـث اسـتباحتْ بلؤمٍ خدرَ فاطمةٍ لـلـجـاهـلـيـةِ نـارٌ قـبـلـهـــــا صــخـــرُ
بـابُ الـبـتـولةِ من نيرانِهِ احـترقتْ خـيـامُ زيــنــبَ والأيـــامُ مـــــخــتــبرُ
وقال من قصيدة (ليلة الوداع):
سـيـدي يــا أبــا عــلـــيّ شــــعـــوري هوَ من طينتي ومن إكسيري
فـي عــروقــي يــجــري الــولاءُ دماءً فـتـحـيلُ الشجونَ نهرَ سرورِ
مـلـهـمـي أنـــتَ ثـــورةٌ وعـــطــــــاءٌ وستبقـى تصبُّ في قاروري
كـــلُّ طــهـرِ الـــلـــبــانِ حــــولكَ يلتـ ـفُّ مشوقاً وكلُّ حرِّ الضميرِ
صرتَ صوتَ الأحرارِ في كلِّ عصرٍ ومــكــانٍ وشــعــلـةَ التحريرِ
وقال من قصيدة (أبا الزهراء) وتبلغ (178) بيتاً:
أبا الزهراءِ مـا قـدرُ اقـتـداري وأيِّ مـدىً يــدورُ بــه مـــــداري
وهلْ إكسيرُ هذا الــطـينِ يسمو إلـى عـبـقـاتِ عـثـيـركَ الـمـثــارُ
عذارى الشعرِ موسمُـها قصيرٌ وهلْ للغيثِ هطلٌ في الصحاري
ومـهـمـا راقَ تـعـبـيــرٌ ومعنى فـأكـثـرُهـا اجـتـــرارٌ في اجترارِ
فهبْ لي من سنى القرآنِ وحياً ومِـن سُـنـنِ مُــجــــدِّدةٍ بِـــكــــارِ
ومـاذا بـعـد مـدحِ اللهِ يــأتــــي بـهِ مَـن جــاءَ مُـلـتـمـســاً لــنــارِ
وهبْ أني نظمتُ لكَ الدراري قـوافـي هـلْ تــوفِّــيــكَ الدراري
رسـولُ اللهِ يــا أمــلاً وحـلـمـاً لإنـسـانـيــةٍ ذاتِ انــكــســـــــــارِ
مُـنـى المستضعفينَ إليكَ نشكو مِـن الـظـلـمـاتِ فـي عــزِّ النهارِ
بـأهـلِ الـبـيـتِ أكّدتِ الوصايا فـقُـمْ تـرهـمْ عـلـى حـدِّ الــشــفـارِ
إلى أن يظهرَ الـمـهـديُّ فـيـهـا فـيـحـيـي الــديـنَ بـعـدَ الانـدثــارِ
يـجـدِّدُ مـا امّـحى ويعيدُ زرعاً ذوى لـيـعـودَ يـمـطـرُ بـالـثـمــارِ
وقال من قصيدة (يا كتاباً يتلو الكتاب) وتبلغ (67) بيتاً:
الحسينُ الـشـهـيـدُ في كلِّ عينٍ يـتـجـلّـى دمعاً ونبعاً وغرسا
مـاثـلاً صـرخـةً وصوتاً يدوِّي في الذي لا يحسُّ يوقظُ حسَّا
كـلُّ يـومٍ مـهـمـا تـعـاظمَ يُنسى وهوَ بـاقٍ ويومُه ليسَ يُنسى
الطواغيتُ ما أخـافـوكَ يــومـاً وستبقى تـخـيفُـهم أنتَ رِمسا
يا ذبيحاً أعطى السيوفَ فوفّى ما شكا غـصـنُـه جفافاً ويبسا
وقـفَ الـدهـرُ مـعـجـبـاً يـتملّى قارئاً وجهَكَ المبضّعَ طِـرسا
وعلى الرمحِ رأسُكَ الـمُـتعالي أسـوةً حـيَّــةً لــمَــنْ يـتـأسّى
يا كتاباً يتلو الـكتابَ ويـعـطـي قـبـسـاتٍ لـكـلِّ مَن شاءَ قبسا
أنـتَ لـلـنـاسِ كـلّـهـمْ لـغـةَ البذ لِ شملتَ الجميعَ لوناً وجنسا
خـسـئ الواقفونَ في وجهِ طودٍ مشمخرٍ يقابلُ الشمسَ شمسا
وقال من قصيدة (سيد السادات) وهي في أمير المؤمنين (عليه السلام):
عليٌّ سـيـدُ الـسـاداتِ طرَّاً وبابُ العلمِ والأسدُ الـشـجــاعُ
ولايـتُـه هيَ الإيمانُ تزهو بـهـا الـدنـيـا وتـزدهـرُ البقاعُ
متى ذُكرَ الإمامُ أبو حسينٍ تفشّى العطرُ وانتشرَ الشعاعُ
أميرُ المؤمنينَ هوَ العطايا ربـيـعُ الـدهـرِ والـدمُ واليفاعُ
وليدُ الكعبةِ ازدادتْ عُـلوَّاً بـهِ فـهـوَ الـعـلــيُّ الارتـــفاعُ
هوَ الإنسانُ فيهِ لـكلِّ واعٍ دروسٌ واقــتـبـاسٌ وانــتـفاعُ
وقال من قصيدة (البيعة) وهي في ذكرى يوم الغدير وتبلغ (42) بيتاً:
يا غديراً من كوثرِ الخلدِ فـيهِ دفـقــاتٌ ومـن شــذاهُ طباعُ
يا محكّاً به الـمـعـادنُ تُـجـلى ويـبـيــنُ الـجـوادُ والـمــنَّاعُ
أنـكـرتْ جـاهـليةُ القومِ حتى ما رأته الأبصارُ والأسماعُ
وجدتْ فيكَ حتفَها واستماتتْ سـلـكتْ كلَّ مسلكٍ يُستطاعُ
وقال من قصيدة يدين فيها جريمة الوهابيين في تهديم قبور أئمة البقيع (عليهم السلام) وتبلغ (24) بيتاً:
وبـقـيعٌ لم تراعـوا حـقّــه سوفَ يبقى لعنةً سوطاً عنيفْ
كلّما طــالـبَ بـالحقِّ فتىً جُـرِّعَ الـويـلُ أجـبتمْ بالحتوفْ
كـلُّ شـيعيٍّ هضمتمْ حقّه وشـكـا سـرتـمْ إلـيـهِ بـالألـوفْ
ليسَ للمنطقِ فيكمْ منطقٌ أومـا فـيـكـمْ كـريــمٌ أو شريفْ
وقال من قصيدة (الأمل) وهي شكوى إلى الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وتبلغ (33) بيتاً:
ما زالَ صوتُ حسيـنٍ في مسامعِها يصيحُ هلْ ناصرٌ في سيفِه الأجلُ
بـقـيَّـةُ اللهِ قُــمْ بــالـســيـفِ مُـشتعلاً فـؤادُ أمِّــكَ فـي الأضـلاعِ يشتعلُ
أمـا يـحـرِّكُـكَ الـطفـلُ الرضيعُ أما يهزُّكَ النحرُ فيهِ الـسـيـفُ يـغتسلُ
وزيــنـبٌ بـيــن أجــلافٍ مُـهـتّـكـةٌ تـصـونُ بـالـكـفِّ وجهاً كلّه خجلُ
وفوقَ وجهِ الثرى الفتيانُ قد نُثروا نثرَ الأزاهيرِ لـمْ يـقـعُـدْ بهمْ وجلُ
إلـى الــشــهــادةِ سـاروا والــدماءُ على أكفِّهمُ وإلى آجـالـهمْ عـجـلـوا
وقال من قصيدة (مع إطلالة كل محرم) وتبلغ (12) بيتاً:
تغيبُ وتبدو الشمسُ والسبطُ نحرُه على الأفقِ راياتٌ يخضِّبُها الدمُ
تـمـرُّ عـلـى الـدنـيا الرياحُ فتنحني عـروشٌ وتـيـجـانٌ بـهـا تتحطمُ
ويبقى حسينٌ في سـمـاواتِ مجـدِهِ فـمـاً يـتـغـنّى أو لواحظَ تـبـسـمُ
يـشـعُّ عـلـى الـدنـيـا هـدىً ومحبّةً كشمسٍ بها حـفّـتْ بدورٌ وأنجمُ
قتيلاً على أرضِ البطولةِ جـسـمُه وفي رأسِ رمحٍ رأسُـه يـتـكـلّـمُ
وقال من قصيدة تبلغ (55) بيتاً:
نـبـكي مصابَكَ والشجا يلدُ الـشـجـا وبـعـزِّ أرفـعِ وقــفــةٍ نــترنَّمُ
تـبـقـى جـراحُـكَ يـا حـسـيـنُ مُشعَّةً في كلِّ جرحٍ للحضارةِ مَعلمُ
ما نمتَ محزوزَ الوريدِ على الثرى إلا لـيـنـهـضَ لـلـحـياةِ النُوَّمُ
وقـضـيـتَ عـطـشـانـاً وكـلّــكَ منبعٌ يروي ويشبعُ عالماً يـتحطّمُ
وقال من قصيدة (البطولة الدرس) وتبلغ (86) بيتاً:
سـيـدي يـا حسينُ هبني بياناً في هديرِ الـدماءِ يعيا البيانُ
ألفُ جرحٍ ولمْ تمتْ وسيبقى وإن احـتُـزَّ ينبضُ الشـريانُ
ألـفُ عامٍ والموتُ شُلّتْ يداهُ تحتَ رجليكَ تسقطُ الأوثانُ
الشجاعُ الشجاعُ حيٌّ وإن ما تَ وقدَّامُه الـحِـمـامُ جـــبانُ
وقال من قصيدة (يا حسين):
سـيـدُ الـسـاداتِ رمـزُ الـحـقِّ سـبـطُ الأنـبـياءْ
هـوَ مَـنْ لـقّـنـنـا أبـلـغَ درسٍ فـــي الــعـطــاءْ
هـوَ مَـنْ عـلّــمَـنـا كـيـفَ يـمـوتُ الـشـرفــاءْ
كـيـفَ يــشــتـدُّ ضـعـيـفٌ فـيـهـدُّ الأقــويـــاءْ
كيفَ تحمي الأرضَ والعرضَ دماءُ الشهداءْ
كـيـفَ يـحـيـا مـيِّـتٌ فـي هـالـةٍ مـن كـبـرياءْ
كـيـفَ يـبـنـي وهـوَ فـي الـقـبرِ فيعلو بالبناءْ
يـتـحـدَّى مـن قـرونٍ جـبـروتَ الأدعــيـــاءْ
وسـيـبـقـى فـي الأعـالـي خـافـقـاً هذا اللواءْ
وقال من قصيدة (المؤامرة):
مـؤامـرةٌ كـبـرى بـدايـتـها انتهت بـسـلـبِ عـلــيٍّ حقَّه وبـظـلـمِـهِ
نسوا أم تناسَوا بيعةً في رقـابِـهمْ وشاهدها يومَ الـغـديـرِ ابنُ عمِّهِ
وكـانَ انـقـلابٌ وارتـدادٌ وعـودةٌ إلـى أمـسِـهـمْ فـي جاهليةِ حكمِه
ويبقى عليٌّ في الرجالاتِ أوحداً برغمِ انحرافِ المسلمين برغمِه
وقال من قصيدة (عشت المظالم كلها):
في الكورِ كانَ الرفضُ عنـ ـوانــي وكـانَ لـيَ الــهـويَّـة
وعـلـى فـراشِ ولادتــــــي بُــذرتْ بــذورُ الـرافـضـيَّـة
الـهـاشـمـيـةُ فــــي دمــــــا ئي والـتـشـيُّــعُ فـي الـخـلـيَّة
وشـربـتُ مـن ثـديــي حليـ ـبـي حـبَّ فـاطـمـةَ الـزكــيَّة
وحفظتُ ما جنتِ الـسـقــيـ ـفةُ ثـمَّ مـا ارتـكـبـتْ أمـيَّـــة
عـشـتُ الـمـظـالـمَ كـلّــهــا وعرفتُ ما مـعـنـى الـقضيَّة
مـأسـاةُ أمِّـي لـســــــتُ أنـ ـسـاهـا وقـد سـقـطتْ ضحيَّة
وأبـي الـحـسـينُ معي يعيـ ـشُ وما جرى في الغاضريَّة
أنا أرفـضُ الـتـاريـــخَ يكـ ـتُـبُــه بـغــيُّ أو بــغـــــيَّــــة
وأنا أحــاربُ واقــــعــــــاً تـمـلـيـهِ أيـــدٌ خـــارجــــيــة
يا أمَّـــةً فــتــكـــتْ بــــــآ لِ الـبـيـتِ عـقـربــةٌ وحـــيَّةْ
غـيـرُ الــمـودَّةِ ما ابـتــغى أجـراً لــه خــيـــرُ الــبــريَّة
ضـيِّــعــتِــه فــــي آلــــــهِ أدمــيـتِ أدمــعَـه الـعـصــيَّة
ما أغـمِـضـتْ عـيــناهُ إلا واســتــعــدْتِ الــجــاهـــلتـيةْ
ويقول من قصيدته المشهورة ونشيده الحسيني: (أنا الحسين بن علي):
نـزلْـتَ حـومـةَ الـوغـى بـسـابـقٍ مُــحــجَّــــلِ
فـيـا سـمـاءَ كـــبِّـــــري لـطـلـعـتـــي وهلِّـــلي
فــإنَّ فـــيَّ جــحــفــــلاً يـفـوقُ كـلَّ جـحـفـــلِ
وإنَّ فــيَّ مــــوئــــــــلاً لـلـحـقِّ أيَّ مـوئـــــلِ
فـهـلْ عـلـمـتِ مـن أنــا أنا الـحسينُ بن عــلي
فـيـا عـسـاكـرَ الــعِــدى تـراجـعـي فـي فـشـلِ
فـنـحـنُ لا نُـعـطـي يـداً وإنْ نـمُــتْ أو نُـقـتـلِ
ونـحـنُ لا نـرضـى بأن نـعـيـشَ فـي تــذلّــــلِ
فـالـمـوتُ بـالـعــزَّةِ أحـ ـرى بـالـكـمـيَّ البطلِ
فيا رحى الحرب استديـ ـري فـوق كـلِّ كـلكلِ
ويـا سـيـوفَ صـرَّعــي ويـا رمـاحَ جــنــدَّلـي
ويـا خـيـولَ حـمـحـمـي ويـا سـهـامَ ولــولـــي
ويـا بـنـودَ رفــرفـــــي ويـا رواةَ سـجِّــلــــــي
وأنـتَ يـا جـوُّ فــكــــن كـقـطـعـةٍ مـن قـسـطلِ
وابـتـلـعـي الـدمــاءَ يـا أرضَ ومـنـهـا فـامتـلي
ويـا رجـالـيَ أقــدمـــي وجـرِّحــي وقـــتِّــــلـي
لا تـرهـبـي جـمــوعهمْ فإن رهـبـتِ تـفـشـلــي
وأقـدمـي عـلـى العـدى وبـالـمـيـاديــنِ انـزلــي
شـجـاعـةُ الفتى صــعو دٌ لـلأحـبِّ الأجــمـــــلِ
كـمْ ذي سـلاحٍ يـتـهـــا وى تحتَ رِجلَيْ أعـزلِ
وشـيِّـدي لـلـمـجـدِ والـ ـرفـعـةِ أعــلــى مـنــزلِ
وبـعـد هـذا فـاشـربــي (بـالعـزِّ كـأسَ الحنظلِ)
ألا فـقـلْ لاُمَّـــتــــــــى هـبِّـي ولـلـمـجـدِ اعملي
كـونـي أجـــلَّ اُمَّــــــةٍ بـالـعـمـلِ الــمــتَّــصـــلِ
مـالـي أراكِ فــي قـيـو دٍ كـالأسـيــرِ الأعــــزلِ
مـالـي أراكِ لـيـتَ شعـ ـري في المحلِ الأسـفلِ
ألا فـكـونـــي حــــــرَّةً مـن الــطــــــرازِ الأوَّلِ
لا تـقـبـلـي الـحـيـاةَ في مـذلَّــــةٍ لا تـــقــبــلـــي
فـإنْ نـزلــتِ لـلــوغـى والـعـزُّ فـي أن تـنـزلـي
فـفـاضـلـي صــابــــرةً وبـالـمـنـايــــــا دلّــلـــي
وأقـبـلــي بـــاســـمـــةً عـلـى الـمـنـونِ أقــبــلي
لا تغمدي السيوفَ حتـ ـى تَـقـتُـلـي أو تُـقـتَــلي
فـمــن أنــا فـمــن أنــا أنـا الحـسـيـن بـن علـي
وقال من قصيدة (بطولة):
أأخضعُ؟ لا وعـوالي الـرماح وهذا حـسامي، وهـذا دمـي
إذا أنا لمْ أنـتـفضْ كـالأســـودْ فمــا أنــا بالفــارسِ المعلــمِ
وكـيــفَ يــقـرُّ قـرارَ الـعـبـيدْ من كان للـمصطفى ينتمي؟
فإن عشتُ عشتُ رفيعَ المقامِ وإن مُتُّ وُسِدتُ في الأنجـمِ
مزايا البطولةِ تأبى الخضوعِ وتـنـكــره شــيـمُ الــضـيـغـمِ
وقال من قصيدة (في لهوات الحرب):
أبـيٌّ بـه صـاحَ الإبـــاءُ فــشــــمَّــرا وأقـســمَ إلّا أن يــثــورَ مُــــحــرِّرا
وقـال لـهـا: يـا نـفــسُ كـونـي أبـيَّـة ولا تــرِدي إلا الــدمَ الــمــتــفـجِّـرا
أنا ابنُ عليٍّ أثبتَ الـناسِ في الوغى وأشـجـعَ مـن قادَ الخـميسَ المظفَّرا
سأركبُها في عزمـةِ الليــثِ صـعـبةً وقاحاً إلى حيثُ العلى تَحمدُ السرى
وحيثُ الحفاظُ الـمرُّ يـصرخُ بالفتى فـيـنـسابُ ثعباناً ويــسطو غـضنفرا
إذا أنـا لـم أنـهـضْ لـتـحـريــرِ أمَّـةٍ بـنـاهـا رســولُ اللهِ لـــن تـتــحــرَّرا
وقال من قصيدة (ماذا يقول الشعر):
للهِ يومُــكَ يــا أبــا الــشـهداءِ مــن هـــادمٍ ومـــجـــدِّدٍ بـنّـــاءِ
يومٌ تضاءلتِ الـدهـورُ أمامَه حـتـى تـخطّى هـامـةَ الجــوزاءِ
أرسلته عنوان سـفـرٍ حـافــلٍ بالتضحياتِ مـخـضَّـبَ الأجزاءِ
وبه دفعتَ إلى الكرامـة أمـةً أغضتْ على كرهٍ مـن الإغضاءِ
أعطيتها درساً كما لم يعطها بـطـلٌ وسـرتَ بـهـا إلـى العليـاءِ
علّمتهــا أن الكرامــة تبتنـى بـجـمــاجم الأبـطــالِ والــشهـداءِ
علّمتهــا أن الــضحايا شــعلةٌ تهــدي إلــى الحرِّيــةِ الحمــراءِ
وقال من قصيدة (اليوم المخضوب):
يـا أوحـــدَ الـنـاسِ لا بـلْ يـا أحـبَّـهــمُ إلـى الـنـفـوسِ الكئـيـباتِ الـمـعنَّاةِ
واســيـتَ بـــالــدمِ إنـسـانـيـةً عـبـثـتْ بـهــا ريـاحُ سـلاطـيـنٍ وقــــاداتِ
وقـلـتَ لا خـيـر فـي عـيـشٍ يـقـر بـه عـلــى الـدنـيـة أشـبـاه الرجــالاتِ
بـالـمـصـرعِ الـهادمِ البنّاءِ شـدتَ لـنـا مجـداً وألْهبـتَ روح الانتفـاضـاتِ
و(كربلاء) بـمـا فـي حـــرِّ تـربـتِـهــا من الـدمِ الـحـرِّ دربُ الانـبعـاثـاتِ
سـوطٌ عـلـى الـظـلـمِ هـدَّارٌ وأغـنـيـةٌ على فـمِ الـحـقّ تـجـري كالمناجـاةِ
قـبَّـلـتُ تـربـتَـها السمراءَ فـي شـغفٍ أستاف عطر الـدمـا بـل في مباهاةِ
أستافُ عطرَ الأغاني الحمرِ خضَّبَها دمُ الـشـهـادةِ قــدســــيُّ الإنـــاراتِ
وقـفـتُ أسـتلهمُ الـذكرى علـى جـدثٍ ضــم الإبــاء وضــم الـعـبـقريــاتِ
هـنــا تـرجَّــلَ لـلـهـيجــاءِ فــي جلــدٍ مُـرٍّ وصـارعَ جيـشاً طاغيـاً عــاتي
لـقائمِ السيفِ أعطى ــ لا لهـمْ ــ يـدَه وقالَ: هـاتِ الرَّدى فـي عـزةٍ هـاتِ
الـموتُ مِنْ أجلِ أفكارِ الفتى شـرفٌ لا خـيـرَ فـي عـيشِ ذلٍّ أو مــداجـاةِ
وقال من قصيدة (شهيد كربلاء):
هذا ضريـحُـكَ في تـحـدٍّ شـامــخٍ من ألـفِ عامٍ يـلـعـنُ الـمُـتـوكِّـلا
طافتْ به الأجيالُ تـمـسـحُ ركـنَـه وتشمُّ من زاكـي الـتـرابِ مـقبَّلا
يا مـعـطـيـاً حـقَّ الـبـطـولـةِ عِزَّةً وتـرفُّـعــاً وســمـاحـةً وتفــضُّـلا
ومـعـبِّــداً لـلـثــائـريــنَ بـروحــهِ ودمـائـه الدربَ الأشـقَّ الأطـولا
من أينَ لي لغةُ الـدمـاءِ فأحـتـفـي بــك ثــائـراً بـدمــائــه متــزمِّـلا
ولقد صبرتَ فـكنتَ أعظم صابرٍ حين ابتُليتَ وكنتَ أرضى مُبتلى
الصرعةُ البِكرُ الجسورةُ زلزلتْ حـكـمَ الـطـغـاةِ بـوقعِهـا فتزلـزلا
إن نَبكِ مصرَعَكَ الرهيبَ فإنَّمـا نـبـكـي المروءةَ والـفتـوَّةَ والعُـلا
نـبـكيكَ محتفليـنَ بالنـصرِ الـذي حـقْـقـتـه والـدمـعُ عـنـوانُ الـوِلا
وقال من قصيدة (الناس نفس الناس):
خضِّبْ كريـمـتَـكَ الـكـريمةَ بالدمِ والقَ الإلهَ بـنـحـرِكَ الـمُـتــبسِّمِ
يـا ثــائــراً تــركَ الزمـانَ وراءه متعثّرَ الأنـفاسِ مـبـحـوحَ الـفـمِ
الــثــائــرونَ وأنـــتَ أنـبـلُ رائـدٍ لـلـثـائـريـنَ وأنـتَ خـيـرُ معلّـمِ
يتضاءلونَ أمـامَ مــجـدِكَ كـلّـهــم لن يـبـلغوا عتباتِ هـذي الـسلّمِ
خضِّب وَوَعِّ النائمينَ على القذى الـقـانـعـيـنَ مـن الـشرابِ بعلقـمِ
الـخـانـعـيـنَ وفـي أعـزِّ رقـابِـهم تلهو السياطُ السودُ في يدِ مُجرمِ
أرِهمْ يديكَ خـضيـبـتـيـنِ لـعلّهـم يجدون معنى النور في لونِ الدمِ
وقال من قصيدة: (مشينا على نفس الخطى)
ويا هذهِ الـذكـرى الـتي كلمَّا دَنَتْ عـرفـنـا لـها كم نحـنُ كنَّا مَديـنـيـنـا
نـمـدُّ أكـفـاً تـطلبُ النورَ والـقِـرى فجودي علينا وارحـمينا مـسـاكـيـنا
يـريـدونَ إطـفـاءَ الـحقـيـقةِ وأدَها ونـحـنُ جـنـودُ الـحـقِّ واللهُ كـافـيـنـا
سنمشي على نفسِ الطريقِ تشدُّنا خُـطـاكَ إلـيـهِ إن أبــيـنـا وإن شـيـنـا
ومهمـا تمزَّقنــا ومهمــا تــشعَّبتْ دروبٌ ســنـبـقـى ثـائرينَ مُــضحِّينا
توحِّــدُنا ذكــراكَ حمــراءَ تلتظي تجـنّـدُ من أوهـى البغـاثِ شـواهـيـنا
إذا مــا اشــتعلنا نخــوةً وعـقيــدةً فما من قوى في هذهِ الأرضِ تطفينا
ومنها :
قوافيــكَ أولــى بــالـخـلودِ لأنَّـهــا مـن الدمِ صيغَتْ ما جـلالُ قوافـيـنــا؟
من الشهداءِ اخترتَ كلَّ حـروفِـها ومن أدمعِ الأسرى ابتكرتَ الموازينا
فيا ريشةً مـن ثـورةِ اللهِ صُـوُّرَتْ ومن ثـأرِهِ أبـدعـتَ رسـمـاً وتـلـويــنـا
تشامختَ بالأجيالِ حتى تطامـنـتْ نـواصـي الـلـيالي ترتقي بـكَ ميمونــا
أريتَ يزيـداً والطواغـيـتَ كـلّـهـمْ إلـى آخـرِ الـدنـيـا الـمـذلّــةَ والـهـونــا
يخافونَ من ذكراكَ يخشونَ نارها يـخـافـونَ نـوراً يـكـشـف الـمـسـتبدِّينا
تُـقـتّـلُ مـنـهم مـن تـشاءُ مـضرَّجاً قتيلاً كأنْ لم تمسِّ في القبرِ مــدفـونـا
وتـصرخ بالمستـضعفينَ تماسـكوا وثـوروا وكـونـوا سـادةً لا أذلّــيــنـــا
وقال من قصيدة (التراب المخيف):
يخافونَ حتى من ترابِ ابنِ فـاطـمٍ ومن رِممٍ يُـبـلـى الـزمانُ ولا تُـبـلـى
ومن قـبلِهمْ كمْ خابَ مـن مُـتـوكِّـلٍ كــأنـهـمْ مــن خيـبــةٍ قُـتِّلــــوا قــتـلا
برجليهِ من تحتِ الترابِ يـدوسُـهم ويـركـلُهمْ من أجلِ إذلالِـهـــمْ ركــلا
إذا مرَّتِ الذكرى الألـيـمـةُ جنّـدوا جنودَهمُ واستنفروا الـحَـزنَ والسَّهلا
تكـادُ دمـوعُ الـبـائــسيـن إذا بـكَـوا تــشـكِّـلُ طـوفانــاً يـمــزِّقُـهمْ شــملا
يجنُّ جنونَ الـحـاكـمـينَ إذا مـشَوا إلى قبرِه في الطفِّ أو حرَّكوا رجلا
تراهم فـتـرثـي للجنـونِ وتـزدري مـنــاظرَ من تـمثيلِهمْ تُضحكُ الثكلـى
يريـدونَ تـثـبيتـاً لأمـنٍ مـزعــزعٍ وعـدلٍ مُـضـاعٍ لـيتَهمْ عرفوا العـدلا
يــؤرِّقُـهـمْ قـبــرُ الحــسيـنِ كـأنَّــه بـهـذا الـجـلالِ الـضـخـمِ ألبـسهمْ ذُلا
كأنَّ حسيناً قـامَ حـيـاً مـن الـثـرى وفي وجهِهِـمْ مـن بـأسِه سلَّ ما سـلّا
وحــرَّكَ مِـنْ زوَّارِهِ لاجـتـيـاحِهم بـراكـيـنَ لا تبقي لأشـخـاصِهـمْ ظـلا
ومنها:
تـرى الـنـاسَ آلافـاً إلـيـهِ تــوجَّـــهــوا حـفـاةً يجـرُّونَ الأويـــلادَ والأهـــلا
وقـد وضـعـوا فـوقَ الأكـفِّ دمـاءهـم يُـلـبِّـونَ صوتَ الحقِّ لم يخفـروا إلّا
يـقـولـونَ: جِـئـنـا نـاذريـنَ نـفـوسَـنــا لـخــيــرِ ولــيٍّ صــامَ للهِ أو صــلّــى
أمـا صـاحَ: هـلْ مِن ناصرٍ نحنُ كلُنا فِــداءٌ لـه مـهـمـا غـلونا هـوَ الأغلـى
فـيـا كـومـةً مـن أعـظُــمٍ يقـفُ البِلـى بـكـلِّ خـشـوعٍ عـنـدها يـسألُ القتلـى:
رمـادَكِ هـذا مـا الـذي قـــد أحــالَـــه جـحـيـمـاً ومـن أحـيا ليـاليكِ الحبلـى؟
وهلْ (كربلاءُ) الأمـسِ قامتْ جديـدةً وقـامَ الأُلـى كانـوا يـعــدُّون لـلجلّـى؟
وهـلْ نـشـرَ الـعـبـاسُ للـنـصرِ رايـةً وجـرَّدَ سـيفـاً يـنـشـرِ اليـتمِ والـثكلا؟
وزيـنـبُ هـلْ فـيـهــا بـقـيـةُ صـرخةٍ إذا ارتـفـعتْ مـادَ الـسـريـرُ لـينــثّلا؟
أجلْ إنَّ ثأرَ اللهِ في الأرضِ لم يمتْ وذكرى حـسـينٍ تـأنـفُ القيدَ والـغُـلا
سـيبقى على رأسِ الطواغيتِ سـيفُه يروِّعهمْ ترويعَـه مـن مـضـوا قَــبـلا
ويـبـقى على مرِّ العصورِ ضـريحُه تَـحجُّ إلـيهِ الـناسُ تـستمطرُ الفـضـلا
يـعـزُّ بـهِ مـن قـدْ تـذلّـلَ ضــارِعــاً وتضربُ بـالـذلِّ السماءُ من اسـتعـلى
وقال من قصيدة: (زينب):
ومـهـزومـةٌ سُـبِـيـتْ كـالإمــاءِ هـا هـيَ سـابـيـةٌ هـــازمَــــه
وحـسـبُـكِ روعـةُ هـذا الـجلالِ قـبـراً سـفـيـنـتُـه عــائــمَــــه
يطوفُ السكارى وخمرُ الولاءِ مـنـهـا لـهـمْ عصمةٌ عاصمَه
ودنـيـاً أبـوكِ قــلاهـــا وصــدَّ عـنـهـا وطـلَّــقــهـــا آثـمَـــــه
أراهـا عـلـى قـدمـيـكِ ارتـمتْ تُـصـلِّـي وتـضـرعُ كالخادمَه
تـشـاهـدُ كـيـفَ سـرايا الزمانِ والـنـاسِ عـائـدةً قــادمَــــــــه
رغـامُ ضـريـحِكِ شُمُّ الأنـوفِ فـي عـزِّ أقـداسِـهِ راغــمَـــــه
فـأيـنَ الـشـمـاتـةُ والـشـامتون وأيـنَ الـشـتـيـمـةُ والـشـاتــمَه؟
دعي اللومَ واستسلمي لـلخلودِ فـمَـا عـادَ لـــومٌ ولائـــمَـــــــه
لقد قصمتْ أظهرَ الـحـاقـدينْ عليكم بني المصطفى القاصمَة
وعـادتْ حـقـائـقُ قـد أجمعوا عـلـيـهـا كـأخـيـلـةٍ واهـــمَـــــه
.........................................................
1 ــ مقدمة لبعض من قصائد الحيدري في الإمام الحسين (عليه السلام) نشرت سنة 1952
2 ــ مقدمة ديوان من وحي آل الوحي للحيدري
3 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 3 ص 328
4 ــ نفس المصدر ص 327
5 ــ نفس المصدر ص 329
6 ــ نفس المصدر والصفحة
7 ــ عمود للحنفي في جريدة العراق تحت عنوان: (رؤوس أقلام أسبوعية)
8 ــ موسوعة الشعراء الكاظميين ج 3 ص 329
9 ــ مقدمة ديوان من وحي آل الوحي
كما ترجم له وكتب عنه:
عبد المنعم ناصر العيساوي ــ شعر طالب الحيدري ــ دراسة فنية
شذى الحلي ــ ديوان طالب الحيدري: من وحي آل الوحي في أجزائه الأربعة
حيدر هادي سلمان ــ دلالة ألفاظ الرثاء في شعر طالب الحيدري ملحمة كربلاء أنموذجا
إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ج 2 ص 587
كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 3 ص 4
اترك تعليق