260 ــ طاهر السوداني: (1260 ــ 1333 هـ / 1844 ــ 1914 م)

طاهر السوداني: (1260 ــ 1333 هـ / 1844 ــ 1914 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (11) بيتاً:

أسـفـاً عـلـى تـلكَ الـوجـوهِ كـأنّـها الـ     أقـمـارُ قـد تُربِّـنَّ فـي البـوغـاءِ

مـن كـلِّ وضَّـاحِ الـجــبــيـنِ لـهـاشـمٍ     يُـنـمـى لـرأسِ الـفـخرِ والعلياءِ

حشدوا على وردِ الردى في (كربلا)     حيث العطاشُ على غديرِ الماءِ (1)

الشاعر

الشيخ طاهر بن حسن بن بندر بن سباهي الكندي السوداني. عالم وأديب وشاعر، ولد في النجف الأشرف وهو ينتمي في أصله إلى عشيرة السودان التي تسكن العمارة والمتفرعة من القبيلة الأم كندة.

تلقى السوداني الفقه والأصول في النجف على يد علمائها الأفاضل الكبار أمثال: الشيخ حسن المامقاني، والشيخ محمد طه نجف وغيرهم، ثم سافر إلى العمارة عالماً دينياً ومرجعاً عليها، وكان له مقام مرموق فيها واقتدى به الكثير منهم وأقام بها حتى وفاته فيها فحمل جثمانه إلى النجف الأشرف ودفن في وادي السلام. (2)

قالوا فيه:

قال السيد محسن الأمين: (كان عالماً فاضلاً مؤرِّخاً عذب اللسان حلو الكلام شاعراً أديبا) (3)

وقال الشيخ جعفر النقدي: (كان من أهل الفضل والأدب، جميل اللفظ حسن المحاورة بديهي النظم) (4)

وقال السيد جواد شبر: (وكانت عشيرة السودان في لواء ميسان تعتز به وتفتخر بعلمه وأدبه) (5)

وقال ولده الشيخ كاظم: (أما فضله فقد وصل فيه الى درجة عالية غبطه عليها الكثيرون) (6)

شعره

قال الخاقاني: (حدثني نجله ــ أي نجل الشيخ طاهر السوداني ــ الشيخ كاظم فقال: جمع شعره والدي في ديوان ضم أكثر من ستة آلاف بيت غير أنه تلف منه في أسفاره ولم أقف له من شعره إلا على سبع قصائد في رثاء الإمام الحسين عليه السلام وأكثر شعره كان عند أخي موسى)

وقال السيد جواد شبر: (ورأيت في مخطوطة بمكتبة حسينية الشوشترية رقم 132 خزانة 131 جملة من المراثي الحسينية من نظم الشاعر المترجم له وهذه أوائل القصائد:

أمـن دمنتي نجـران عيناكَ تهملُ     لكَ الخير لا يذهـب بحلمِكَ منزلُ

فيا ثاويـاً والـذل لـم يلـو جيده     وردت الردى كالشهد عذب المواردِ

لا غمـضتْ هـاشـم أجفـانَهـا     إن لـم تسـلْ بالطعـنِ إنسانَهـا

إليكَ الوغى يا بنَ الوغى تعلنُ الندبا     فلبّ النـدا منها فيا خير مَن لبّى) (8)

أما ما تبقى من شعره فقال في أمير المؤمنين (عليه السلام):

إن أذابَ السقامُ يا صاحُ جسمي     فـشـفـائـي مـنـه بـذكـرِ عليِّ

وأنـا لـم أزلْ إذا اشـتـدَّ كــربـي     كـان تـفـريـحُـه بـآلِ الـنـبـيِّ

سـادةٌ ســادَ مـجـدُهـم وعُـلاهـم     فـسـمـا كـلُّ ذي مـشـيدٍ عليِّ

نـافـذاً أمـرُهـم عـلـى كـلِّ عـبدٍ     من ذوي الـعـزَّةِ الإلـهِ العليِّ

يا غياثَ الصريخِ أنتمْ رجـائي     ما لقلبي سوى الولا مِن وليِّ

وبـه لـذتُ مـن فـواحـشِ ذنبي     لـذتُ فيه أقصى مكانِ قصيِّ (9)

وقال فيه (عليه السلام) أيضاً:

سما رفعةً يعلو السماكَ ضياؤه     إلـى الأفـقِ الأعـلـى إلـى هامةِ النسرِ

فقلتُ أنارَ الطورِ شبَّ ضياؤها     لـعـيـنـيَّ أمْ هـذا الـضـياءُ مـن الـبـدرِ

أمِ الـفـلـكُ الـدوَّارِ أجَّـجَ شـهـبه     أمِ النورُ من مثوى الوصيِّ على القبرِ (10)

قال من قصيدته التي قدمناها في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) والتي تبلغ (11) بيتاً:

هـلَّ الـمـحـرَّمُ فـاسـتـهـلَّ بُــكــائــي     فـيـهِ لـمـصـرعِ سـيّدِ الشهداءِ

مـا عـدتَ يـا عـاشـورَ إلّا عـادَ بـي     كمدي وهجتَ لواعجَ البرحاءِ

يـا يـومَ عـاشـوراءَ كـمْ لـكَ لــوعـةٌ     تهـمي لها كبدي بفيضِ دمائي

لهفي على تلكَ الجسومِ على الثرى     تُـصـلى بحرِّ حرارةِ الرمضاءِ

وقال يندب الإمام الحجة ابن الحسن (عليهما السلام):

إليكَ الوغى يا ابن الوغى تعلنُ الندبا     فـلـبِّـي الـنـدا مـنـهـا فـيـا خـيرَ من لبّى

تـرجِّـيـكَ مـحـجـوبـاً أطلتَ انتظارَها     فكادتْ لطولِ الحجبِ أن تخرقَ الحُجبا

ومـا فـتـحـتْ فـي غـيرِ عـينِكَ عينَها     ولا عـقـدتْ فـي غـيـرِ طـلـعـتِـكَ الهدبا

إلى كمْ عِراب الـخـيـلِ عندكَ ضُمَّراً     تـجـولُ ولـم تــدركْ طـراداً ولا وثــبــا (11)

وقال يندبه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) أيضاً ويرثي الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (41) بيتاً:

فـيـا أيُّـهـا الـغـائـبُ المرتجى     فـديـنـاكَ عــجِّـلْ فـمـاذا المهلْ

نـرجِّـيـكَ يـا سـيـدي أعصراً     وطـالَ تــعـلّـلـنـا فــي لــعــــلْ

إلـيـكَ ظـمـئـنا ظماءَ العطاشْ     فـرّويْ ظـمـانا ولو مِن وَشَـلْ

فـيـا غـائـبـاً عـنـدنـا حـاضـرٌ     يـرى كـلَّ أمــرٍ بـنـا قـد نـزلْ

فـمـا بـدرُ هـذا الـسـمـا نـافـعٌ     إذا كـان بــــدرُكَ عـــنَّـــا أفـلْ

ولا طـابَ بـعـدَكَ عـيـشٌ لـنا     ولـو شِـيـبَ مـطـعـمُنا بالعسلْ

أعزمُكَ وهوَ الحسامُ الصقيلْ     ألانَ وعـلـيـاكَ حـاشـا وكَــــلْ

وسـيـفُـكَ قـد فُـلَّ وهـوَ الفقارْ     فـلستُ أقـولُ اعـتـراهُ الـعَـلـلْ

فلا تعذلنْه عـن الـمـشـركـيـن     وقـلْ سـبقَ السيفُ منها العذلْ

أصـبـراً ونـحـنُ عـلـى حـالةٍ     نرى الصبرَ بعد السما لم تحلْ

أصبراً ولا البيضُ مـسـلـولةً     فـسـلَّ بـها الروحَ مـهـمـا تسلْ

أصـبـراً ولا الـخـيـلُ معنونة     فـتـمـطـرُ فـيـها عـداكَ الأسـلْ

عـلـيـها بنو غالبٍ في الكفاحْ     يرونَ حـديثَ المـنـونِ الـهزلْ

بـكـلِّ ابنِ حربٍ إذا سُـعِّـرتْ     بـنـثـرةِ عــزمتـهِ مُــشـــتـمــلْ

إلى أينَ عن دمِـكمْ بالطفوفْ     وتـأبـى حــمـيَّـتـكـمْ أن يــطـلْ

أنـومـاً عـلـى رغـمِ آنــافِـكـمْ     وهـيـهـاتَ مـنـكـمْ تنامُ الـمُـقـلْ

فلم يبقَ في القوسِ من منزعٍ     فقوموا عجالاً ونادوا الـعـجـلْ

فـهذي بنو حربِ قد أصبحتْ     تـحـاولُ فـي عـزِّكـمْ أن يُــذلْ

بـيومٍ تـجـمَّـعَ شـمـلُ الظـلالْ     فـفـرَّقَ جـمعَ الـهـدى إذ رفـلْ

أفابـنُ زيـادٍ يـضــيـمُ الحسينْ     لأمِّـكَ يـا بـن زيــادِ الـهــبــلْ

أبى خـطّةَ الضيمِ وهوَ الأبيّ     وشـمَّـرَ لـلـمـوتِ حـتـى نـكـلْ

يـصـولُ فما الليثُ في خدرِهِ     ويـروي الرماحَ دمـاً قـد نـهلْ

إلـيـهـمْ حـديثُ الوغى مسنداً     صحيحاً وعن غيرهمْ ما نـقلْ

وألـقـحَـهـا شـعـلـةً لـلـسـمـاءْ     ومـن شـعـلٍ قلـبُـه فـي شـعـلْ

يـحـلُّ إذا شــدَّ مـا أوثــقـــوا     وقـد أعـيـتْ القـومَ منه الحيـلْ

إذا مـا دجـى الـنـقعُ في فيلق     جـلاهُ بـأبـيـضِـــه إذ حــمـــلْ

على القلبِ يقلبُ منه الجناحْ     فـطـاروا بأجــنحـةٍ مـن وجـلْ

يـلوذونَ مـنـه لـواذ الــقــطا     فـكـلٌّ يـقـولُ بي الـمــوتُ حلْ

إلـى أن ثـوى غـايـة لـلـقـنـا     تـريـبَ الـمـحـيَّـا سليبَ الحُللْ

وسِـيـقـتْ نـسـاهُ عـلى هُزَّلٍ     سـبـايـا فـأعـظـمُ خــطبٍ جَللْ

تنوحُ فما الودقُ في دوحِـها     ولـو كـان يـدري بـهـا ما هدلْ

وتـدعـو سـراةَ بـنـي هـاشمٍ     بـصـوتٍ لـزلـزالِـه الـطودُ زلْ

تـقـولُ ومـنـهـلُ أجـفـانِـهــا     كـمـنـدفـقِ الـعـارضِ المـستهلْ

صُـرعـتـمْ ولـكـنها صَرعةٌ     صَرعتمْ بها الموتَ قبلَ الأجلْ

أمـيّـةَ دونَـكِ ثـوبَ الـخـنــا     يــطــرَّزُ لـــكـــنـه بـالــفــشــلْ

بــنــاةُ الـنـبـوَّةِ مـهـتـوكـــةٌ     وهـذي بـنـاتُـكـمُ فــي الــكُــلـلْ

فـقـد عُـقـمَ الدهرُ من بعدِها     ومـن قـبـلِـها في السنينِ الأوَلْ (12)

وقال:

لتـــــــــــــــنشرْ لويٌّ للكفاحِ لواها      ألا قد طوى طيّ السجلِ عُلاها

وإن لم تقدها في المضامرِ ضمَّراً      فلا ســــــــــوَّمتها شُزّباً لعداها (13)

وقال:

لا غمضتْ هــــــــــاشمُ أجفانَها      إن لم تسل بالطفِّ إنسانَها

ولا سرتْ في كلِّ مـــــــــلمومةٍ      أصــواتُها يرجفُ ثهلانَها

إن لن تقدها لـــــــــلعدى ضمَّراً      تجرُّ لــــــلهيجاءِ أرسانَها

قومي فخــــفضُ النفسِ في ذلّها      يرخصُ عند السومِ أثمانَها

في فتيةٍ منها أكفُّ الـــــــــردى     قد شمَّرتْ لــلطعنِ أردانَها

فبكّرتْ تـــــــــــــحتَ القنا للقنا     تهزّ للأعداءِ خـــــرصانَها

غنَّت لـــها الأسيافُ تحتَ اللوا     فأطربتْ للموتِ ندمــــانَها

حتى ثوتْ ما خاصمـتها الوغى     إلّا أقامَ السيفُ برهانَـــــها

موتـــــي بثغرِ العزِّ تـحتَ القنا      فهوَ العلى أو فاتركي شانها (14)

......................................................................

1 ــ شعراء الغري ج 4 ص 407 / ذكر منها (5) أبيات في أدب الطف ج 8 ص 277

2 ــ شعراء الغري ج 4 ص 407 ــ 408

3 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص ٣٩٥ 

4 ــ أدب الطف ج 8 ص 277 عن الروض النضير للسماوي

5 ــ أدب الطف ج 8 ص 277 

6 ــ شعراء الغري ج 4 ص 407

7 ــ نفس المصدر ص 406 ــ 407

8 ــ أدب الطف ج 8 ص 277 

9 ــ شعراء الغري ج 4 ص 418

10 ــ نفس المصدر ص 411

11 ــ نفس المصدر ص 408

12 ــ نفس المصدر ص 412 ــ 414

13 ــ نفس المصدر ص 409

14 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص ٣٩٥ / شعراء الغري ج 4 ص 409

كما ترجم له

جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 358

محمد حرز الدين / معارف الرجال ج 3 ص 19

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 691

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 3 ص 7

حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 2 ص 126

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار