الموعظة في القرآن

ان الله أنزل القرآن المجيد على قلبي النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه واله) ووصفه بصفات كثيرة، ومن هذه الاوصاف وصفه بانه موعظة فقال﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾، ثم قال ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، فالوعظ والموعظة جاءت في القرآن كما جاءت من مهمات النبوة ونَفَر من المؤمنين.

انطلاقا من ذلك ، ان الله تعالى قد خلق الانسان ، ورسم له طريق الحق والصواب وأرسل الهداة وحذر من الولوج في طريق الظلالة و الخسران، فأقام الحجة على الخلق اجمعين، ﴿ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ فمن عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها، واعد الله للصالحين مغانم كثيرة في الدنيا والاخرة وللعاصين الحسرة والعذاب، فضلا عن ارسال الهداة جعل الله الهداية والوعظ والإرشاد من موجبات الدين لإنقاذ بني البشر بعضهم البعض من براثن الجهل والظلال، ووصف الأمة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر وتامر بالعدل والإحسان بخير الأمم، وبينت الاحاديث اهمية الموعظة واثرها وعاقبة من لم يعمل بها.

اضف الى ذلك أن هداية شخصا واحد لطريق الحق والصواب كهداية الناس أجمعين وعمل النبي الاكرم محمد  واهل بيته الأطهار بهذه الفريضة وقد نقل لنا التاريخ اروع الصور والقصص من اثارهم صلوات الله وسلامه عليهم ، ومنها ما قاله الإمام الحسن بن علي ( عليه السلام) لجنادة حين طلب النصح وهو في أصعب حالاته وفي اللحظات الأخيرة للأمام ، فقال عضني بابن رسول الله ، فقال (عليه السلام): " نعم ، استعد لسفرك ،وحصل زادك قبل حلول اكلك،  واعلم انك تطلب الدنيا والموت يطلبك،  ولا تحمل هم يومك الذي لم يأت على يومك الذي انت فيه ، واعلم انك لا تكسب من مال شيئا فوق قوتك إلا كنت فيه خازنا لغيرك ، واعلم أن في حلالها حساب ، وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب  ، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة ، خذ منها ما يكفيك...".

وعلى الإنسان أن يعي دوره في هذه الحياة فهو خليفة الله في الأرض ، وان يكون له واعظ من نفسه ، وينمي  قدراته الذاتية لتكون عمله الذي يتقرب به الى الله ومن صنع منهج الحق القويم ، وان لا يتعالى الإنسان على الموعظة الصحيحة ، وان إشاعتها وتقبلها تجعل للامة المسلمة مكانة مرموقة.

يمكن القول ان هناك مجموعة من العناصر تساهم بشكل كبير في بلوغ الموعظة على سبيل المثال لا الحصر "اللين في الخطاب والشفقة في النصح" وبذلك أن يكون الواعظ ليناً في الخطاب، فقد كان النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله) لين الكلام بشوش الوجه،﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ ، وكذلك عندما ارسل الله  النبي موسى وهارون( عليهم السلام) إلى فرعون ، ويأمرهما باللين معه فيقول: ﴿فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾. نستنتج من ذلك حينما نمر على أي آية في القرآن الكريم يجب ان ننفتح عليها، فهي تخاطب الضمير والوجدان، وترجعك إلى حقيقتك وتضعك أمام مسؤوليتك، هذا ما يجب أن ننتبه إليه في قراءتنا للقرآن الكريم.

م.م علي  فليح الفتلاوي

المرفقات