165 ــ ديك الجن الحمصي: (161 ــ 235 هـ / 777 ــ 849 م)

ديك الجن الحمصي: (161 ــ 235 هـ / 777 ــ 849 م)

 قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين ورثاء سيد الشهداء (عليهما السلام) تبلغ (50) بيتاً:

يا عينُ في (كربلاءِ) مقابرُ قد     تركنَ قـلبي مقابرَ الكربِ

مـقـابـرُ تــــــحتها منـابـرُ مِن     علمٍ وحـلمٍ ومنظرٍ عجـبِ

مـن البــهالـيــــــلِ آلِ فاطـمةٍ     أهلِ المعالي السادةِ النجبِ (1)

وله من قطعة في رثاء الحسين تبلغ (8) أبيات:

ونظـــرتُ سبط محمدٍ في (كـربلا)     فرداً يعاني حزنه المـكـظــــــوما

تــــــــنحو أضـالعَه سـيــوفُ أمـيـةٍ     فتراهمُ الصمصوم فالصمــصوما

فالجسمُ أضحى في الصعيدِ موزَّعاً      والرأسُ أمسى في الصعادِ كريما (2)

الشاعر

أبو محمد عبد السلام بن رغبان بن عبد السلام بن حبيب بن عبد الله بن رغبان بن يزيد بن تميم الحمصي السلماني الكلبي، ولد في حي باب الدريّب في حمص (3) من كبار شعراء العربية تميّز بأسلوبه الشعري المتين البناء والسبك، مع رقة المعاني، ودقة النسج، وصدق الصورة، والجزالة في الألفاظ، وقد تعددت الأغراض في شعره فخاض كل فنونه وأبدع فيها وتجلّى الإبداع في تصوير الخصوبة في صبغته.

نشأ ديك الجن في بيئة أدبية، يقول ابن عبدوس الجهشياري: (إنّ حبيب بن عبد الله بن رغبان ــ الجدّ الأكبر لديك الجنِّ ــ كان كاتباً في أيّام الخليفة المنصور، وكان يتقلّد الإعطاء، وكان موجوداً في سنة ثلاث وأربعين ومائة، وأنّ ديك الجنِّ الشاعر من ولده، وإليه ينسب مسجد ابن رغبان بمدينة السلام) (4)

وكان جده الأعلى تميم من مؤتة في الأردن وهو أول من أسلم (5) ثم انتقلت أسرته إلى السلمية ومنها إلى حمص (6)

أما لقب الشاعر (ديك الجن) فقد تعددت الروايات بشأنه فقيل: سُمّي بـ (ديك الجن) لأن عينيه كانتا خضراوين (7) وقيل سمي ديك الجن لإنه رثى ديكاً لأبي عمرو ذُبح وأقام منه مائدة دعا إليها أصدقاءه وفي ذلك يقول ديك الجن:

دَعَانا أَبُو عَمْرو عُمَيرُ بنُ جَعْفر     عَلى لَحْمِ دِيك دَعوةً بَعْدَ مَوْعِدِ

فَقَدَّمَ دِيـــــــــــكَاً غَدّ دَهْراً ذَمْلّقاً     مُـــــــؤنِسَ أبياتِ مُؤَذّنَ مَسْجِدِ (8)

وقيل: كان يخرج إلى البساتين في ظاهر حمص متنزّهاً، وهذا ما يشبه الديكة عندما تستيقظ مبكّرة إلى المزارع وهو الرأي الذي رجحه مظهر الحجي (9) وقيل لغرابة أطواره (10)

وقيل غير ذلك في روايات كثيرة تركناها لإغراق الأهواء فيها.

لم يبرح ديك الجن مدينته حمص حتى توفي فيها كما أشارت إلى ذلك كل المصادر التي ترجمت له، ولكن يفاجئنا الشيخ عبد الرسول الغفاري بوجود شاعرين آخرين حملا هذا اللقب (ديك الجن) ويروي قصة لكل واحد منهما مع الرشيد والمتوكل (11) وهما: الحسن الكركدان المعروف (بديك الجنّ) مع المتوكّل العباسي في العراق. (12) وإسحاق بن إبراهيم، الملقّب بـ(ديك الجنِّ أيضاً)، مع الرشيد (13)

ثم يقول بعد أن يورد قصتيهما: (وفي ما يبدو هناك أكثر من شاعر يُعرف بديك الجنِّ، إذاً فهو لقب مشترك بين ثلاث من الشعراء، وقد خلط المؤرّخون بين نتاج هؤلاء الثلاثة والجميع ممّن يتشيّع في ولائه لأهل البيت عليهم‌ السلام....

ثم يقول بعد أن يورد قصتيهما: فالقصّتان إن كانتا لهما شيء من الصحّة فلا تَصْدُقان على شاعرنا عبـد السلام بن رغبان، لأنّك عرفت ممّا تقدّم من النصوص، وبإجماع أهل السير والتراجم: إنّ عبد السلام لم يخرج من الشام، ولم يغادر وطنه إلى وطن آخر) (14)

أما بالنسبة لسيرته وحياته فقد عبثت بها يد الأهواء والسياسة ولوَّثتها فنُسبت إليه قصص وأحداث هي بعيدة كل البعد عن شخصيته الفذة، فقد أولع المؤرخون في التماهي مع خيالهم في نسج القصص حوله والزيادة فيها حتى أغرقوا في أحداثها إلى حد الأسطورة والخيال.

وقد فتح باب الخيال لهم أبو الفرج الأصفهاني في كتابه المليء بالمتناقضات: الأغاني فمهّد لنواة قصة نسبها لديك الجن تقول:

(وكانت له جارية يهواها، فاتّهمها بغلام له فقتلها، واستنفد شعره بعد ذلك في مراثيها) (15)

ثم يقفز إلى شخصية أبي وهب الحمصيّ وهو ابن أخٍ لديك الجن فينقل عنه الأصفهاني قوله: (كان عمّي خليعاً ماجناً معتكفاً، على القصف واللهو، متلافاً لما ورث عن آبائه، واكتسب بشعره من أحمد وجعفر ابني عليّ الهاشميّين، وكان له ابن عم يُكنى أبا الطّيّب يعظه وينهاه عمّا يفعله، ويحول بينه وبين ما يؤثره ويركبه من لذّاته وربما هجم عليه وعنده قوم من السفهاء والمجّان وأهل الخلاعة، فيستخفّ بهم وبه) (16)

ولكن هذا ابن العم (الناصح الأمين الواعظ) ينقلب إلى مفترٍ أفّاك فجأة عند الأصفهاني حيث يقول: تحت عنوان: (قصته مع زوجه ورد): (وكان عبد السلام قد اشتهر بجارية نصرانية من أهل حمص هويها وتمادى به الأمر حتى غلبت عليه‌، وذهبت به. فلمّا اشتهر بها دعاها إلى الإسلام ليتزوّج بها، فأجابته لعلمها برغبته فيها، وأسلمت على يده، فتزوّجها، وكان اسمها ورداً ففي ذلك يقول..) ثم يذكر أبياتاً ليستأنف قصته فيقول:

(وكان قد أعسر واختلّت حاله، فرحل إلى سلمية قاصداً لأحمد بن عليّ الهاشميّ، فأقام عنده مدّة طويلة، وحمل ابن عمّه بغضه إيّاه بعد مودّته له وإشفاقه عليه بسبب هجائه له على أن أذاع على تلك المرأة الّتي تزوّجها عبد السلام أنها تهوى غلاما له، وقرّر ذلك عند جماعة من أهل بيته وجيرانه وإخوانه، وشاع ذلك الخبر حتى أتى عبد السلام، فكتب إلى أحمد بن عليّ شعراً يستأذنه في الرجوع إلى حمص ويعلمه ما بلّغه من خبر المرأة ومدح أحمد بعد هذا، فيذكر قصبدة طويلة.....

فأذن له فعاد إلى حمص، وقدّر ابن عمّه وقت قدومه، فأرصد له قوماً يعلمونه بموافاته باب حمص. فلمّا وافاه خرج إليه مستقبلاً ومعنّفاً على تمسّكه بهذه المرأة بعد ما شاع من ذكرها بالفساد، وأشار عليه بطلاقها، وأعلمه أنّها قد أحدثت في مغيبه حادثة لا يجمل به معها المقام عليها، ودسّ الرجل الّذي رماها به، وقال له: إذا قدم عبد السلام ودخل منزله فقف على بابه كأنّك لم تعلم بقدومه، وناد باسم ورد، فإذا قال: من أنت؟ فقل: أنا فلان. فلمّا نزل عبد السلام منزله وألقى ثيابه، سألها عن الخبر وأغلظ عليها، فأجابته جواب من لم يعرف من القصّة شيئاً. فبينما هو في ذلك إذ قرع الرجل الباب فقال: من هذا؟ فقال: أنا فلان. فقال لها عبد السلام: يا زانية، زعمت أنّك لا تعرفين من هذا الأمر شيئا! ثم اخترط سيفه فضربها به حتى قتلها قال: وبلغ السلطان الخبر فطلبه، فخرج إلى دمشق فأقام بها أياما. وكتب أحمد بن عليّ إلى أمير دمشق أن يؤمّنه، وتحمّل عليه بإخوانه حتى يستوهبوا جنايته فقدم حمص وبلغه الخبر على حقيقته وصحّته، واستيقنه فندم، ومكث شهرا لا يستفيق من البكاء ولا يطعم من الطعام إلا ما يقيم رمقه) (17)

وهذه الرواية تشبه روايات ألف ليلة وليلة الخيالية فكيف ينهاه ابن عمه عن الفجور والفسوق ثم يأتي بما هو أشد منهما وهو الافتراء على امرأة شريفة والتسبب في قتلها ألم يقرأ هذا ابن العم الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر قوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون) (18)

ثم كيف لم يتحقق ديك الجن من الأمر قبل قتلها وهو من عرف بأدبه وعقله!

ولم يتوقف من جاء بعد الأصفهاني عن هذا الحد بل نسجوا حول هذه القصة بما شاءت مخيلتهم وأفرزت أهواؤهم ولم يحتكموا إلى العقل وكأن كتاب الأغاني هو معصوم عن الزلل، رغم أنه غير موثق (19) واجتمع فيه الغث والسمين وقد روى الخطيب البغدادي: (كان أبو الفرج الأصفهاني أكذب الناس، كان يشتري شيئاً كثيراً من الصحف: ثم تكون روايتهُ منها). (20)

وقال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (أبو الفرج كتابه كتاب لهو وقد يأخذ عن الكذابين) (21)

ولكن بدلا من التحقيق في هذه الرواية فقد تفرعت وتشعبت وأضاف كل مؤلف أو كاتب ما تهواه نفسه، وإن الاختلاف الكبير في أحداثها وأسماء شخصياتها يكشف زيفها حيث سمّى أبو الفرج زوجة ديك الجن أو جاريته ورداً (22) وسماها ابن خلكان: دنيا (23)

ويحول عمر رضا كحالة زوجة ديك الجن إلى (مغنية) ونصرانية أيضاً (24)

ويأتي ابن عساكر ليجعل ديك الجن (مغنياً) إضافة إلى كونه شاعراً وليضيف شخصاً إلى أحداث القصة فيقول:

(كان عبد السلام بن رغبان الملقب بديك الجن شاعراً أديباً ذا نغمة حسنة، وكان له غلام كالشمس، وجارية كالقمر، وكان يهواهما جميعاً، فدخل يوماً منزله، فوجد الجارية معانقة للغلام تقبّله، فشدّ عليهما فقتلهما ثم جلس عند رأس الجارية فبكاها طويلا..) (25)

ويضيف ابن خلكان شخصية أخرى إلى القصة وهي أخت الغلام التي كانت تهجو ديك الجن وهي (شاعرة) لا يذكر التاريخ عنها شيئاً ولا حتى اسمها رغم شعرها الرصين المتماسك! (26)

ولا تقف هذه القصة عند هذا الحد فيأتي داود الأنطاكي لينسب إلى ديك الجن بما لا يتصف به إلا المجنون السادي فيقول: (أنه عشق جارية وغلاماً واشتد بهما كلفه وتهالك في حبهما حتى حان تلفه فاشتراهما وكان يجعل الجارية عن يمينه والغلام عن شماله ويجلس للشرب فيلثمهما ويشرب من يدها تارة والغلام أخرى ولم يزل كذلك إلى أن أحسّ نفسه من شدة الحب أنه سيموت ويصيران إلى غيره فذبحهما وحرقهما وعمل من رمادهما برنيتين فكان يشرب فيهما ويقبلهما عند الاشتياق وينشد لكل منهما) (27)

وهذه الروايات والقصص الموضوعة كلها تتنافى تماماً مع شخصية ديك الجن ولا يقوم بهذا العمل سوى من كان مريضاً نفسياً أو مجنوناً أصيب بنوبة عصبية شديدة فأقدم على هذا العمل الشنيع.

ويكفي دليلاً على بطلانها أن أول من قال بها هو أبو الفرج الأصفهاني

وقد ذكر السيد الأمين هذه القصص وفنّدها ثم قال: (الظاهر أنه مكذوب عليه فمثله فيما تقدم من عقله الوافر وسيرته الحسنة وتعففه عن قصد الملوك مع انتفاع الناس بشعره لا يمكن أن يصدر منه مثل هذا السخف) (28)

كما اتُّهمَ ديك الجن بالزندقة والإلحاد (29) ويوضح الشيخ عبد الرسول الغفاري السبب في قذفه بهذه التهم فيقول: (إنّ تشيّع ديك الجنِّ أصبح سبباً في قذفه بشتّى التهم ورميه بالإلحاد) (30)

ديك الجن في عيون التاريخ

قبل أن نصحب هذا الشاعر في شعره الولائي ورحلة حياته والكشف عن جوانبها وما رافقها من أحداث، وقبل الخوض في دراسة خصائص أدبه وتوجّهاته وما تركه أدبه من تأثير في محيط مجتمعه، نرى من المهم النظر إليه من نافذة التاريخ وما رسمه المؤرخون من صورة له وما شكّله شعره من تأثير في زمنه:

قال عنه ابن رشيق القيرواني: (وأبو تمام من المعدودين في إجادة الرثاء، ومثله عبد السلام بن رغبان ديك الجن، وهو أشهر في هذا من حبيب، وله فيه طريق انفرد بها) (31)

وقال أيضاً: (ديك الجن، وهو شاعر الشام، لم يذكر مع أبي تمام إلا مجازاً، وهو أقدم منه، وقد كان أبو تمام أخذ عنه) (32)

وقال ابن خلكان: (لم يفارق الشام ولا رحل إلى العراق ولا إلى غيره منتجعاً بشعر، ولا متصدياً لأحد، وكان يتشيع تشيعاً حسناً، وله مراثٍ في الحسين، رضي الله عنه) (33)

وقال ابن شهرآشوب: (شاعر الدنيا وصاحب الشهرة بالأدب فاق شعراء عصره وطار ذكره وشعره في الأمصار حتى صاروا يبذلون الأموال للقطعة من شعره. افتتن بشعره الناس في العراق وهو في الشام حتى أنه اعطى أبا تمام قطعة من شعره وقال له يا فتى اكتسب بهذا واستعن به على قولك فنفعه في العلم والمعاش) (34)  

وقال الثعالبي: (شاعر مفلّق في المحدثين) (35)

وقال عنه السيد جواد شبر: (يعد الشاعر ديك الجن في طليعة شعراء القرن الثالث الهجري ومن أبرزهم في الرثاء، ولم يجاره في مدح آل البيت ورثائهم إلا السيد الحميري وشعره يقوم دليلاً قوياً على أنه شاعر مطبوع ترتاح له النفس وتتذوقه الأسماع والقلوب، وولاؤه لأهل البيت ظاهر على شعره). (36)

وروى ابن خلكان: (عن عبد الله بن محمد بن عبد الملك الزبيدي قال: كنت جالساً عند ديك الجن، فدخل عليه حدث فأنشده شعراً عمله، فأخرج ديك الجن من تحت مصلاه درجاً كبيراً فيه كثير من شعره فسلمه إليه وقال: يا فتى تكسب بهذا واستعن به على قولك. فلما خرج سألته عنه فقال: هذا فتى من أهل جاسم، يذكر أنه من طيء، يكنى أبا تمام، واسمه حبيب بن أوس، وفيه أدب وذكاء وله قريحة وطبع) (37)

ويعقب الشيخ عبد الرسول الغفاري على هذه الرواية بالقول: (إنّ الشاعر ديك الجنِّ كان كريماً سخيّاً حتّى في شعره، وهذا على العكس من بقية الشعراء إذ أنّهم كانوا يحرصون كلّ الحرص أن لا يفوقهم أحد عليهم وأن لا يتكسّبوا شعرهم) (38)

وروى الدميري: (أن أبا نؤاس لما اجتاز بحمص قاصداً مصر لامتداح الخصيب بن عبد الحميد سمع ديك الجن بوصوله، فاستخفى منه خوفاً أن يظهر لأبي نواس أنه قاصر بالنسبة إليه، فقصده أبو نواس في داره وهو بها، فطرق الباب واستأذن عليه، فقالت الجارية: ليس هو ها هنا، فعرف مقصده فقال لها: قولي له اخرج فقد فتنت أهل العراق بقولك:

موردة من كف ظبي كأنما     تناولها من خده فأدارها

فلما سمع ديك الجن ذلك خرج إليه واجتمع به وأضافه) (39)

ورى ابن رشيق القيرواني نفس الحادثة ولكن مع دعبل فقال: (ورد دعبل حمص فقصد دار عبد السلام بن رغبان، ديك الجن فكتم نفسه عنه، خوفاً من قوارصه ومشارته، فقال: ما له يستتر وهو أشعر الجن والإنس؟) (40) 

ويعقب مظهر الحجي على هذين القولين قائلاً: (إن شهادة هذين الشاعرين الكبيرين هي شهادة خطيرة لأنها صادرة عن منافسين من الشعر لأنهما من أربابه وصاحب البيت أدرى بما فيه وإن في هذه الشهادة دلالة كبيرة على مكانة الديك بين شعراء عصره وافتتانهم بشعره) (41)

وهذه شهادة أخرى تضاف لسجل ديك الجن في التاريخ وهو وصف ابن فضل العمري له بشاعر الشام حيث قال: (كان إذا قيل شاعر الشام لا يراد غيره ولا يستفاد إلا خبره ولم يكن من شعراء زمانه إلا من ينافسه في عزه ويناوئه، ولا يحسن أن يأتي بمثل طرزه) (42)

وقال الصنعاني: (فاضل، أعار النجوم قلادة فكره، وكاد يحرق حاسده ذكاه بجمره، فالطاووس إلى رونق محسنه يَجُنّ، ويتمنّى لو أُلبس ديباجة شعر ديك الجنّ) (43)

وقال مظهر الحجي: (أكاد أجزم أن الناقد ابن وكيع التنيسي كان يضع أمامه نسخة من ديوان ديك الجن عندما ألف كتابه: المنصف في نقد الشعر الذي درس فيه شعر المتنبي وتتبع سرقاته الشعرية وأعادها إلى مواطنها، ولقد كان شعر ديك الجن من أهم المواطن التي سطا عليها المتنبي) (44)

تهميش الشاعر وتضييع شعره

والآن بعد أن اطلعنا على المكانة المتميزة التي احتلها ديك الجن في كتب التاريخ ألا يقتضينا الإنصاف أن نستجوب التاريخ والمؤرخين عن سبب التعتيم والتهميش الذي كان نصيبه في حياته وبعد مماته؟

أليس من العجيب إن شاعراً مجيداً على مذهب أبي تمام والشاميين، ومن المعدودين في إجادة الرثاء، وهو أشهر فيه من أبي تمام نفسه، وله فيه طريق انفرد بها، ثم لا تجد من المؤرخين والكتاب والدارسين من أولاه اهتمامه وعُني بدراسة حياته وبيئته وآثاره وما تميّز به شعره من خصائص

أليس عجيباً أن شاعراً قصده أشهر شاعرين في عصرهما وقالا له أنت: (أشعر الجن والإنس) و(فتنت أهل العراق بشعرك) ثم لا تجد من يتناول هذا الشعر الذي فتن أهل الشعر وهم أهل العراق بالدراسة والبحث؟

أليس من العجيب أن عصراً ضجّ بالمؤرخين والمؤلفين واللغويين والنحويين والشعراء والأدباء، وراجت فيه صناعة الورق، وأخذ الناس يتنافسون في اقتناء الكتب واتخاذ المكتبات، وتغلغلت الثقافة في جميع الأوساط حتى أوساط العامة، ثم لم ينل شاعر يعدّ في طليعة شعراء ذلك العصر ما هو أهل له من العناية والاهتمام. فتجد العبارة التي طالما رددها محققو ديوان هذا الشاعر وغيره ممن على شاكلته وهي: (ضاع، مع ما ضاع من تراثنا) (45)

ويعزو الأستاذ محمد الدش سبب هذا التهميش إلى تقوقع ديك الجن في الشام وعدم خروجه منها إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية وغيرها من البلاد فيقول: (وليس من شك في أن إقامة عبد السلام الدائمة في الشام حرمته من الشهرة كما حرمت شعره من الذيوع والشيوع بين الناس، اي ان انحصار هذه الإقامة وحبسه نفسه في هذا الإقليم كان سبباً مهماً في ضيق المجال الذي ذهب فيه ذكره وشعره. وفي قلة الفنون والأغراض التي تناولها هذا الشعر، كما كان سبباً في توفير خصائص معينة وسمات خاصة له في المعنى والمبنى يمكن ان توصف عامة بالشامية. وعلى الرغم من أن القليل من شعره الذي بين أيدينا يدلنا على شعره جيد، كما أن الرواة، والنقاد يرون فيما كتبوه عنه انه شاعر مجيد، فان شعره لم يحظ بالبقاء، ولم يصل إلينا منه الا النزر القليل، فكانه هو وشعره، كانا غريبين في ذلك العصر، وظلا غريبين في ذلك العصر، وفي كتب الأدب والتاريخ التي أرخت للشعراء وجمعت شعرهم، وأغلب الظن انه سيظل غريبا على قراء العربية غير المتخصصين.

ومن وجوه الغرابة في حياته وشعره ان هذا الشعر، كما ذكرته لم تتعدد له الأغراض ولم تتنوع به طرائق الإنشاء، لأننا نعرف ان معظم شعره اقتصر سوى بعض المدائح على فنين من فنون الشعر هما الغزل والرثاء، والكثرة للرثاء، وهذا الرثاء يصور الفاجعة أو المأساة في حياة ديك الجن) (46)

غير أن هذا السبب أصاب نصف الحقيقة فهناك أمر آخر أدى إلى تغاضي الكتاب والمحققين عن الشاعر وهو تشيعه

فبما أن ديك الجن كان (متعففّاً عن قصد الملوك متفرّداً عن شعراء عصره حتى إنه لم يفارق الشام مع أن خلفاء بني العباس في عصره ببغداد فلا رحل إلى العراق ولا إلى غيره متّجراً بشعره، وكان يتشيّع تشيّعاً حسناً) كما وصفه ابن خلكان، و(شديد التشيّع) كما وصفه الأصفهاني في الأغاني.

فيمكننا أن نعزو السبب في ضياع شعر ديك الجن إلى هذه الصفة (يتشيّع تشيّعاً حسناً) و(شديد التشيّع)، بل نجزم إن تشيّعه كان السبب ليس في إهمال شعره فقط، بل والتهجّم عليه وإلصاق ما لم يكن به كما قال الشاعر:

وعينُ الرضا عن كل سوءٍ كليلةٌ     ولكن عينَ السوءِ تُبدي المساويا

فتشيّع ديك الجن وحده كان كافياً لاتهامه بالشعوبية رغم أنه عربي أصيل، من قبيلة عربية عريقة، ولد في أعرق البلاد العربية، كما كان تشيّعه كافياً لـ (ضياع شعره)

قال الشيخ عبد الرسول الغفاري: (عاش ديك الجن فترة نضوج المعارف الإسلامية والفنون الأدبية وكثرة العلماء والأدباء والشعراء، وعاصر زمن تدوين هذه العلوم والأخبار والأشعار، وهذا ما لا يخفى على الجميع من روّاد الأدب والمعرفة.

لكن مع هذا الاهتمام في تدوين النصوص الأدبية وأخبار الشعراء في هذا العصر، والذي يعدّ العصر الذهبي نسبة لبقية العصور، تكاد تخلو الموسوعات الأدبية القديمة من ترجمة مفصّلة لحياة شاعرنا وما له من أخبار ونوادر إلاّ ما جاء في محاضرات الأدباء والأغاني لأبي الفرج، لذا يقف السائل متحيّراً عندما يستفهم عن شعر ديك الجنّ، وهل كان له ديوان من الشعر؟!

ولِمْ لا يبرز إذا كان مجموعاً؟!

ولماذا افتقرت المكتبة الأدبية إلى دراسة مفصّلة عن حياة الشاعر ومذهبه، وسبب خموله من بين شعراء عصره؟!

هذه أسئلة وغيرها كثيرة تُراود كلّ محقّق ..) (47)

إن المطالع للتاريخ الأدبي العربي ليجد أن شعراء كانوا دون ديك الجن في جميع الخصائص الفنية قد نالوا أكثر مما يستحقون من الاهتمام وخُصّوا بكتابة الدراسات والبحوث عنهم ثم يهمل شعر من فتن أهل العراق بشعره!!

وربما سيستشف القارئ الإجابة الواضحة في سبب ذلك من المؤرخين أنفسهم، فقد كان للبلاط العباسي ومجالس لهو الخليفة دور كبير في شهرة الشعراء فهذه هي سوقهم التي يبيعون فيها شعرهم وضمائرهم.

كما كان للنزعة المذهبية والصراع الفكري والايديولوجي أكبر الأثر في إسدال ستار الإهمال والإشاحة عن هذا الشاعر الكبير من قبل المؤرخين.

فهذا الشاعر مع ما له من مكانة كبيرة في الشعر، لم يمدح أحداً من الخلفاء أو الولاة أو القادة أو حتى من له أدنى صلة بالبلاط العباسي، ولم يبع شعره على تجار نخاسة الشعر من السلاطين والأمراء، ولم يتزلّف بشعره لأحد على غير عادة أغلب شعراء ذلك العصر الذين يأتون من أقاصي البلاد فتمتلئ بهم مجالس الخلفاء والولاة وهم يتسابقون لاكتساب الجوائز والهبات.

يقول الغفاري: (في اعتقادي أنّ هناك جملة من الأسباب اشتركت في ضياع هذا الرجل، حتّى جعلته غريباً في وجوده وشعره، ويلخصها بقوله: (إنّ انتماء الشاعر المذهبي ـ سواء كان شيعياً أم اسماعيلياً ـ هو الذي حسر عنه تمجيد الأُدباء له، ومن ثمّ عدم اهتمام المصنّفين به وبشعره إلى أن أهمله التاريخ وعدّه من شعراء المعارضين للدولة والسلطة الحاكمة.

فإذا كان الشاعر شيعيّاً، فيعني أنّه ينتمي إلى حزب يعارض سياسة الدولة العباسية، بل وأنّ المجتمع هو كذلك على دين الملك.

إذن كان الشاعر يعيش العزلة من جانبين: من جانب السلطة، ومن جانب المجتمع) (48)

لقد عاصر ديك الجن أربعة خلفاء من بني العباس هم: المهدي والهادي والرشيد والمأمون وهم أشد حكام بني العباس عداءً لأهل البيت وشيعتهم، وأكثرهم إجراماً بحق الشيعة وتعد فترة حكمهم من أقسى الفترات التي مر بها شعراء الشيعة. فقد مارس هؤلاء الطغاة الأربعة كل أنواع البطش والتنكيل ضد شعراء أهل البيت فحُورب الشعراء، وطُوردوا، وقتّلوا وعذّبوا بأشد أنواع العذاب من أجل عقيدتهم ومبدأهم.

في تلك الفترة الدموية التي سادها الإرهاب ووجهت السلطة فيها كل قوّتها وسخّرت كل وسائلها لقمع الشيعة والتشيع ومحق كل ما يمت بصلة بأهل البيت نجد ديك الجن يقول:

جاءوا برأسِكَ يا بنَ بنتِ محمدٍ     مـترمّــــــلاً بـدمـائه ترميلا

وكأنما بـــــكَ يا بنَ بنتِ محمدٍ     قتلوا جهاراً عامدينَ رسولا

قتلوكَ عطشــــــاناً ولمّا يرقبوا     في قتـلـكَ التنزيلَ والتأويلا

و يكبّرون بأن قُتـــــــلتَ وإنما     قـتلـوا بكَ الـتكبيرَ والتهليلا (49)

ويقول:

أصبحتُ ملقىً في الــــــفراشِ سقيما     أجـدُ النسيـــمَ من السقامِ سـمـوما

ماءٌ من العبراتِ حرّى أرضـــــــــه     لـو كـان مـن مطرٍ لكان هـزيـما

وبـلابـلٌ لـو أنــــــــــــــــهـنَّ مـآكـلٌ     لم تُخطىء الغسـلـيـنَ والـزقـوما

وكرىً يـــــــرى عنّي سـرى لو أنه     ظِـلٌ لـكـانَ الــحــرَّ والـيـحـموما

مرّت بقلبــــــي ذكرياتُ بني الهدى     فــنسيتُ مـنـهـا الروحَ والتهويما

ونظــــــــرتُ سبطَ محمدٍ في كربلا     فــرداً يــعـانـي حـزنَه المكظوما

تــــــــنحـو أضـالـعَـه سـيـوفُ أميةٍ     فتراهم الصمصومَ فالصمـصوما

فالجسمُ أضحى في الصعيدِ موزَّعاً      والرأسُ أمسى في الصعادِ كريما (50)

وهذا الشعر وغيره الكثير الذي يحمل نفس النَفس الحسيني لم يقله شاعره في زمن لا يشفع لمن يقول مثله عند السلطة من القتل أو التعرض لأقسى أنواع التغييب في غياهب السجون، فقد عاش شاعره في أكثر مراحل الدولة العباسية بطشاً وقسوة وطغياناً وعاصر أعتى طواغيت بني العباس وأكثرهم دموية وإرهاباً.

ففي ذلك العصر يسمع الرشيد أن الشاعر منصور النمري قال قصيدة في الحسين فغضب الرشيد وأعطى لمن يأتي برأسه ألف دينار، فهرب وتبعه رجل من بني فزارة إلى رأس عين فوجده وأتى برأسه إلى الرشيد (51)

الصوت الهادر

ولكن كل وسائل الإرهاب التي مارسها العباسيون بحق أهل البيت وشيعتهم ومواليهم لم تمنع ديك الجن الحمصي من الجهر بالحق، ولم تستطع أجهزة تكميم الأفواه ومصادرة الحريات وهدر الدماء من إسكات صوت هذا الشاعر وإخماد نفسه الولائي الصادح بحب أهل البيت (عليهم السلام) والمجاهر بمظلوميتهم وإثارة النفوس ضد ظالميهم من الأمويين والعباسيين ولا سيما التنديد بالجريمة البشعة التي ارتكبها الأمويون بقتلهم سبط النبي (صلى الله عليه وآله) الإمام الحسين في كربلاء، ومما قاله وهو يستذكر واقعة الطف ويستحضر صورها في ذلك الجو المشحون بالإرهاب ووسائل القمع العباسية:

أين الحسينُ، وقتلى من بني حسنٍ؟     وجـعفرٍ وعقيلٍ؟ غـالــــــــــــــــــهمْ عـمرُ

قتلى يـحـنُّ إلـيـها البـيتُ والحـجـرُ     شوقاً، وتبكيـــــــــــــــهمُ الآيــاتُ والـسورُ

ماتَ الحسينُ بأيدٍ فــي مـغـائـظـها     طولٌ عـلـيـه وفـي إشفـــــــــــــــاقِها قِصَرُ

لا درَّ درُّ الأعادي عــنـدما وتروا     ودرَّ درُّكِ مــــــــــــــــــا تـحـويـنَ يـا حُفَرُ

لما رأوا طرقاتِ الــصبرِ معرضةً      إلـى لــقـاءٍ ولقيا رحمةٍ صـــــــــــــــــبروا

قـالـوا لأنـفـسـهـم: يـا حـبـذا نــهـلٌ     مــحـمـدٌ وعــــــــــــــــــلـيٌّ بـعــده صـدرُ

رِدُوا هنيئاً مريئاً آلَ فـــــــــــاطمةٍ      حوضَ الردى فارتضوا بالقتلِ واصطبروا

الحوضُ حوضُكم والـجدُّ جـــــدُّكمُ     وعــــــــــــــــنـد ربّـكـم فـي خــلـقـةٍ غِـيَـرُ

أبكيكمُ يا بني التقـــــــوى وأعولكمْ     وأشـــــــربُ الصبرَ وهو الصابُ والصبرُ

فـي كلِ يـــــــومٍ لقلبي من تذكركم     تــــــــغـريـبـةٌ ولــــــــــــدمـعـي فيكمُ سفرُ

مـوتاً وقـــــــتلاً بهـــــاماتٍ مغلقـةٍ     مــــــــن هاشمٍ غابَ عنـها النـصرُ والظفرُ

أنـسـى عـلــــــــيـاً وتفنيدَ الغواةِ له     وفـــــــــــــــــي غدٍ يعرفُ الأفّاكُ والأشرُ

من ذا الــــذي كـلمته البيدُ والشجرُ     وســـــــــــــــــلّمَ التربُ إذ نــاداهُ والحجرُ

أم من حوى قـصباتِ السبقِ دونهمُ     يـــــــــــــــومَ القليبِ وفي أعــناقِهم زَوَرُ

ألـــــــــيسَ قامَ رسولُ اللهِ يخطبُهم     وقال: مــــــــــــــــولاكمُ ذا أيّــها الـبـشـرُ (52)

يقول مظهر الحجي: (لقد وقف ديك الجن إلى جانب أهل البيت مناصرا بلسانه وشعره فكان واحدا من شعرائهم المخلصين) (53)

فخر القبيلة بالإسلام

ينتمي ديك الجن إلى قبيلة (كلب) العربية التي كان منها البطل الشهيد يوم الطف وهب بن الحباب الكلبي، والشهيد عبد الله بن عمير الكلبي (رضوان الله عليهما) اللذين استشهدا بين يدي الحسين (عليه السلام) والشاعر عندما يفتخر بقبيلته، فهو يفتخر بما قدمت من تضحيات في سبيل إعلاء كلمة الإسلام ومناصرة الحق في معارك أُحد ومؤتة وصفين وكربلاء فيقول معدداً أمجاد قبيلته في نصرة الإسلام:

غداة مـؤتـــة والـشـراكُ مُـكـتـهـلٌ     والديـنُ أمـــــــردَ لـم يـفـعْ فـيـحـتلمُ

وعـيّـرتـنـــــا ومـا أن طُلّ في أحدِ     وطـلّ فــــــي مـؤتـةٍ والدينُ لم يرمِ

ويوم صفيـــن من بعد الخريبةِ كم     دم أطــــــلّ لـنـصـرِ الـديـنِ إثـر دمِ

وفي الفراتِ فداءُ السبطِ قد تركتْ      أشلاؤنا في الوغى لحماً على وضمِ (54)

فقبيلته حمت الإسلام بدماء رجالها في ميادين الحروب مع النبي (صلى الله عليه وآله)، والوصي، وسيد الشهداء (عليهما السلام):

إن تعبسي لدمٍ منا هريق بها     فقد حقّنا دمَ الإسلامِ فابتسمي

ديوانه

يقول مظهر الحجي: (لم يصل إلينا مخطوط كامل لديوان ديك الجن، وإنما ورد شعره مفرّقا في كتب الأدب والنقد والتراجم، ونحن لم نعثر فيما وصلنا إلا على عدد قليل من القصائد المتكاملة، وأما ما تبقى فمقطوعات أو أبيات مفردة يدل سياقها على أنها منتزعة من القصائد الأم، لتكون شواهد على موضوعات الكتاب التي أوردها

ثم يقول: لقد تقصيت طويلا أثر هذا المخطوط الضائع، ولكنني لم أستطع الوصول إليه حتى الآن مما يدفعني إلى الاعتقاد بأنه ضاع مع ما ضاع من تراثنا وإن كنت يخامرني الظن، أحياناً، أنه يرقد في مكتبة من المكتبات منتظرا اليد التي تنفض عنه غبار السنين) (55)

ويشير الحجي في عدة إشارات إلى من اعتنى بشعره من الأقدمين (56) فينقل عن اليافعي قوله: إن ابن الأثير له مجموع أخبار فيه شعر أبي تمام والبحتري وديك الجن والمتنبي في مجلد واحد (57)

ثم ينقل عن محقق كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار أن من ضمن مؤلفات الشمشاطي جمع لشعر ديك الجن (58)

وينقل عن الحموي قوله: إن الحافظ الدارقطني كان يحفظ ديوان ديك الجن (59)

أما بالنسبة لديوان ديك الجن المطبوع، ففي سنة (1960) كان هناك من التفت إلى شعره المتناثر في بطون الكتب طوال (1111) سنة وهي الفترة بين وفاة الشاعر ديك الجن (849 م) وذلك التاريخ (1960)، فعُني بجمعه الأستاذان عبد المعين الملوحي، ومحيي الدين الدرويش الحمصيان فاجتمع عندهما من بطون الكتب (109) نماذج بين قصيدة وقطعة في (417) بيتاً تم جمعها في ديوان سمّي بـ (ديوان ديك الجن الحمصي) وطبع في مئة وثلاثين صفحة. (60)

ولكن هذا الديوان خلا من أي بيت في حق أهل البيت (عليهم السلام) من مدح ورثاء، حتى كأن الشاعر قد عاش في زمن الجاهلية ولم يدرك الإسلام ولم يعرف أهل البيت (عليهم السلام)

ولكن كان هناك من يحمل هذه الأمانة الأدبية والتاريخية على أتم وجه ويبرز الحقائق ناصعة بعيداً عن التعصّب، إذ قام الدكتور أحمد مطلوب والأستاذ عبد الله الجبوري بجمع كل ما وجداه من شعر ديك الجن ومن ضمنه قصائد الشاعر في حق أهل البيت (عليهم السلام) والتي لم يستطع الملوحي والدرويش أن يتحملاها، وقد اعتمد مطلوب والجبوري على نسخة من ديوان ديك الجن جمعها بعناية وأمانة أدبية الشيخ محمد السماوي بنفسه وكتبها بخط يده وقد أرسلها إليهما الشيخ محمد علي اليعقوبي بعد أن اشتراها من السماوي، وكان الشيخ السماوي قد جعل هذه النسخة في فصلين: الأول ما قاله ديك الجن في أهل البيت (عليهم السلام) ويضم تسع عشرة قصيدة في (156) بيتاً، والثاني ما قاله في فنون مختلفة ويضم (39) قصيدة في (278) بيتاً (61)

ويقول الغفاري بعد أن يذكر الجمعين: (ثمّ بمساعدة دار الثقافة البيروتية أضيف ثلاثون بيتاً لمحقّق شاء أن يكتم اسمه، وقد طبع الجميع من قبل الدار المذكورة سنة ١٩٨1 م، وتزامناً مع هذا العمل، يطالعنا الأستاذ هلال ناجي فيستدرك على المجموع فيضيف (٣٢) مقطوعة وقصيدة تقع في (١١١) بيتاً، طبعها في مجلّة الكتاب العدد الخامس آيار ١٩٧٤ م، ثمّ استلّ هذا المستدرك وطبع في مطبعة العبايجي ـ بغداد.

ثمّ يطالعنا الأخ الأستاذ عبـد الله المهنّا فيجمع ديوان ديك الجنّ، ويشرح مفرداته، وكان عمله هذا يَضمّ بين دفّتيه (١٦٢) مقطوعة، والجديد فيه (٢٨) بيتاً موزّعة على (١١) مقطوعة، نقلها عن كتاب المحبّ والمحبوب والمشموم والمشروب للسريّ الرّفاء، وقد صدر عمل (المهنّا) عن دار الفكر اللبناني بيروت ١٩٩٠ م.

والآن بين أيدينا ـ وآخر ما صدر ـ هو عمل الأستاذ انطوان مُحسن القوّال، إذ جمع شعر الديك مع شرح وتحقيق لطيف، معتمداً في عمله هذا على من سبقه.

ضمَّ الديوان (١٨٩) قطعة وقصيدة، ونشر عن دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة الثانية سنة ١٩٩٤ م.) (62)

أما مظهر الحجي فقد بلغ ما جمعه من شعر ديك الجن (988) بيتاً موزعة على (213) نصاً ما بين قصيدة ومقطوعة ونتفة وبيت منفرد

شعره

شعره طفح عليه العبق الولائي لأهل البيت (عليهم السلام) يقول من قصيدته  في رثاء سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام والتي ذكرناها وتبلغ (50) بيتاً، ــ وقد قدمناها ــ:

يا عين لا للـغـــــضا ولا للكتبِ     بكا الـرزايا ســـــــوى بكا الأدبِ

جودي وجـدّي بـــملء جفنكِ ثـ     ـمّ احتفلي بالدموعِ وانـــــــــسكبي

يا عـيـن في (كــربلا) مقابر قد     تـــــركنَ قلبي مقابــــرَ الكـــــربِ

مقابرٌ تـحــــتـــــهـا مـنـابـرُ من     عـلـمٍ وحـلـمٍ ومـنــــظرٍ عــــجبِ

مِن الــــــــــــــبهاليلِ آلِ فاطمةٍ      أهلِ المعالي والســــادةِ النــــجبِ

كـــم شرقتْ منهمُ السيوفُ وكمْ      روِّيتْ الأرضُ مِــن دمٍ ســـــربِ

لابـدَّ أن يُـحـشـرَ القتيـــــلُ وأن     يُـــسـألُ ذو قــتـلِـه عــــن السببِ

فـالـويلُ والنارُ والثبورُ لِــــــمَن     قــد أســلـمـوهُ لــــلـجمرِ واللهبِ

يا صـفـوةَ اللهِ في خـلائــــــــقِـه     وأكــرمُ الأعـــــجمـيـنَ والـعربِ

أنـتـمْ بـدورُ الـهـدى وأنـــــجمُه     ودوحــــــةُ الـمكـرماتِ والحسبِ

وسـاسـةُ الحوضِ يــــومَ لانهلٌ     لـــــمــوردِيـــكـم مـواردَ الـعطبِ

فكرتُ فيكمْ وفي المــصابِ فما     انــفـكَ قــودي يعومُ في عــــجبِ

مـا زلـتـمُ فـي الـحيـــــاةِ بـينهمُ     بـــيـن قـتـيـلٍ وبـيـنَ مـــــسـتـلـبِ

قد كان في هجركمْ رضى بكمُ     وكم رضى مشرجٍ عــــلى غضبِ

حتى إذا أودعَ النبـــــــــيُّ شجا     قيد لهاة القصـــــــــاقصِ الحربِ

مع بعيدين أحرزا نـســـــــــــباً     مع بعد دارٍ عن ذلك النســـــــــبِ

ما كـان تــيـمٌ لهاشــــــــمٍ بـأخٍ     ولا عــديٍ لأحـــمــد بـــــــــــــأبِ

لكن حـديـثَ عـــــــــداوةٍ وقلى     تـهـوُّراً فـي غـيـابةِ الـشـــــــــقبِ

قاما بـدعوى فــي الظــلمِ غالبةٍ     وحجةٍ جــــزلةٍ مــــــــــن الـكذبِ

من ثمّ أوصـــــــى به نــبـيـكـمُ     نصَّاً فأبدى عــــــــــداوة الـــكـلبِ

ومن هناك انبـرى الزمـانُ لهم     بعد التيــــــــــــاطٍ بغاربٍ جـشبِ

لا تسلقـــــــــوني بحدِّ ألــسـنـةٍ     مـــــــــا أرب الظالمين من أربـي

يا سيدَ الأوصيـــاءِ والعـاليَ الـ     ـحجّة والمرتضى وذا الــــــــرتبِ

إن يسر جيشُ الهمومِ مـنكَ إلى     شمسِ منى والمقـــــــــامِ والحجبِ

فربـمـا تـقْـعَـصُ الكـمـاةُ بـإقدا     مك قعصاً يُـــــــجـثى على الركبِ

وربَّ مـقـورّةٍ مـــــــــلـمـلـمـةٍ     فـي عــــــــارضٍ لـلحمـامِ منسكبِ

فللت أرجاءها وجـحـفـــــــلـها     بـــــــــذي صقالٍ كوامضِ الشهبِ

أو أسمرَ الصدرِ أصفــــــرَ أز     رق الـرأسِ وإن كان أحمرَ الحلبِ

أودى عـلـيٌ صـلّـى عـلـى رو     حـــــــه الله صـلاة طـويـلـةِ الدأبِ

وقال في الزهراء (صلوات الله عليها):

يــــــــــا قبرَ فاطمةَ الذي ما مثله      قـــبرٌ بطيبةَ طابَ فيه مبيتا

إذا فيكَ حلّت بـضعةُ الهادي التي      تجلى محاسن وجهِها حليتا

إن تنأ عـــــــــنه فما نأيتَ تباعدا      أو لــــم تبن بدراً فما أخفيتا (63)

وفي علي (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (15) بيتاً:

شرفي محبةُ مــــعشرٍ     شرفوا بسـورةِ هل أتى

وولايَ فيمــــن فــتـكه     لـذوي الـضـلالة أخبتا

وإذا تكلَّــــمَ في الهدى     جــحّ الـغـويَّ وأسـكـتا

فـلـفـتـكـهِ ولـهــــــديـهِ     سماهُ ذو العرشِ الفتى

ثبتٌ إذا قـدمــــا سـواه     فــي الـمـهـاوي زُلّــتـا

لم يـعـبـدِ الأصنامَ قـط     ولا أرابَ ولا عـــــتـا

صـنوانِ هـــذا مـنـذرٌ     وافـى، وذا هـــادٍ أتـى

يهدي لـــمـا أوفـى به     حـكـمَ الكـتـــابِ وأثـبتا

فهوَ القرينُ له وما افـ     ـتـرقـا بـصـيف أو شتا

لـــكـنّـمـا الأعـداءُ لـم     يـدعـــــوه أن يـتـلـفـتـا

ثقـلُ الـهـدى وكـتـابه     بـعـدَ الـنــــبـيِّ تـشــتـتا

واحـسرتا من غصبهِ     وسكـوتـه، واحــــسرتا

طـــــالت حياةُ عدوِّه     حـتى متى، وإلـى متى؟ (64)

وقال من قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) تبلغ (15) بيتاً:

طلبَ النبيُّ صـــــــــحيفةً لهم      يملي لــــيأمنهمْ مِن الغدرِ

فأبوا عليه وقالَ قائــــــــــــلهمْ      قومــوا بنا قد فاهَ بالهجرِ

ومضوا إلى عقدِ الخلافِ وما      حـــضروهُ إلا داخلَ القبرِ

جعلوكَ رابـــــــعَهم أبا حسنٍ      ظلموا وربِّ الشفعِ والوترِ

وعلى الخلافةِ ســـابقوكَ وما      سبقوكَ فــــي أحدٍ ولا بدرِ (65)

وقال من قصيدة في أمير المؤمنين عليه السلام) أيضاً تبلغ (12) بيتاً:

ومن كـعـليٍ إذا ما دعوا     نـــزالاً وقد قلّ من ينزلُ

تراه يقدّ جسـومَ الـرجال     فـــــينـدحـرُ الأوّل الأوّلُ

وكم ضربةٍ واصلت كفه     لفيصله فاحتوى الفيصلُ

سطا يومَ بدرٍ بـقرضابهِ     وفـــي اُحدٍ لم يزل يحملُ

ومن بأسه فُتحـت خيبرٌ     ولم يــــنـجِها بابها المقفلُ

دحا أربعين ذراعــاً بها     هـزبــــرٌ له دانت الأشبلُ (66)

ويقول من أرجوزة في أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (24) بيتاً:

إن الرسولَ لم يزلْ يــقول      والـــــــخيرُ ما قالَ به الرسولُ

إنّكَ مني يا عليٌّ الأبــــــي      بحيثُ من موساهُ هارونَ النبي

لكنّه ليسَ نـــــــــبيٌّ بعدي      فأنتَ خــــــــيرُ العالمين عندي

وأنتَ لي أخٌّ وأنتَ الصهرُ      زوّجكَ الذي إلــــــــــيه الأمرُ

ربُّ الـعلى بفاطمِ الزهراءِ      ذاتَ الهدى سيِّدةُ النــــــــــساءِ

وقالَ قد قـضى إلهكَ العلي      بأن تُزوِّجَ البتولَ بعـــــــــــلي (67)

توفي ديك الجن الحمصي في حمص ودفن بها، وكما كان يفرض وجوده وشاعريته بهدوء ومقدرة بعيداً عن مزاحمة الشعراء ومنافستهم في تكسبهم، فهم في راحة منه بجريه في غير حلبتهم وغير ميدانهم فلم يعنهم أمره، فقد رحل دون أن يكون لرحيله تأثير على منهجهم فلم يهمهم رحيله أيضاً، وكما لم يمدحه أو يهجه أحد منهم، فلم يرثه أيضاً أي أحد منهم.

...............................................................

1 ــ ديوان ديك الجن جمع وتحقيق ودراسة مظهر الحجي من منشورات إتحاد الكتاب العرب ــ 2004 ص 85 ــ 88

2 ــ نفس المصدر 215 ــ 216

3 ــ نفس المصدر ص 25

4 ــ أخبار الوزراء ص 102

5 ــ وفيات الأعيان ج 3 ص 184

6 ــ ديوان ديك الجن جمع وتحقيق ودراسة مظهر الحجي ص 23

7 ــ تاريخ دمشق لابن عساكر ج 42 ص 239 / الأعلام للزركلي ج 4 ص 128

8 ــ ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي ٦٩ / سرور النفس للتيفاشي ص 116 / مقدمة ديوان ديك الجن تحقيق الشيخ محمد السماوي ص 6

9 ــ ديوان ديك الجن جمع وتحقيق ودراسة مظهر الحجي ص 19

10 ــ أعلام الأدب والفن لأدهم الجندي ج 1 ص 19

11 ــ ديك الجنِّ.. وفنُّ الرثاء مجلة تراثنا الصادرة عن مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم، العددان 85 ــ 86 ص 158 ــ 160

12 ــ عن كشكول الشيخ يوسف البحراني ص ٢٩ ــ ٣٢

13 ــ عن الكنى والألقاب ج ٢ ص ٢١٢

14 ــ ديك الجنِّ.. وفنُّ الرثاء مجلة تراثنا الصادرة عن مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم العددان 85 ــ 86 ص 161

15 ــ الأغاني ج 14 ص 287

16 ــ نفس المصدر ص 288

17 ــ نفس المصدر ص 290

18 ــ سورة النور الآية 4

19 ــ المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي ج 14 ص 185

20 ــ تاريخ بغداد ج 11 ص 398

21 ــ جنة المأوى ص 232

22 ــ الأغاني ج 14 ص 287

23 ــ وفيات الأعيان ج 3 ص 186

24 ــ أعلام النساء ج 5 ص 277

25 ــ تاريخ دمشق ج 42 ص 241

26 ــ وفيات الأعيان ج 3 ص 186

27 ــ تزيين الأسواق ج 1 ص 292 ــ 293

28 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٢

29 ــ ديوان المعاني لأبي هلال العسكري ج 2 ص 251

30 ــ ديك الجنِّ.. وفنُّ الرثاء مجلة تراثنا الصادرة عن مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم العددان 85 ــ 86 ص 158

31 ــ العمدة في محاسن الشعر وآدابه ص 149

32 ــ نفس المصدر ص 56

33 ــ وفيات الأعيان ج 3 ص 184

34 ــ تكملة أمل الآمل للسيد حسن الصدر ص ٢٦٠ / أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين ج ٨ ص ١٢

35 ــ ثمار القلوب في المضاف والمنسوب ص ٦٩

36 ــ أدب الطف ج 1 ص 291

37 ــ وفيات الأعيان ج 3 ص 184 ــ 185 

38 ــ ديك الجنِّ.. وفنُّ الرثاء مجلة تراثنا الصادرة عن مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم، العددان 85 ــ 86 ص 156

39 ــ حياة الحيوان ج 1 ص ٣٤٩

40 ــ العمدة في محاسن الشعر وآدابه ص 219 ــ 220

41 ــ ديوان ديك الجن جمع وتحقيق ودراسة مظهر الحجي ص 53 ــ 54

42 ــ مسالك الأبصار ج 14 ص 13

43 ــ نسمة السحر ص 356

44 ــ مقدمة الديوان ص 7

45 ــ نفس المصدر والصفحة

46 ــ أعيان الشيعة ج ٨ ص ١٥

47 ــ ديك الجنِّ.. وفنُّ الرثاء مجلة تراثنا الصادرة عن مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم، العددان 85 ــ 86 ص 170 ــ 171

48 ــ نفس المصدر ص 171

49 ــ ديوانه ص 188

50 ــ نفس المصدر 215 ــ 216

51 ــ زهر الآداب وثمر الألباب للحصري القيرواني ج 2 ص 61 ــ 62

52 ــ ديوان ديك الجن جمع وتحقيق ودراسة مظهر الحجي ص 133 ــ 134 من قصيدة تبلغ (27) بيتاً

53 ــ نفس المصدر ص 39

54 ــ نفس المصدر ص 222 ــ 223

55 ــ نفس المصدر ص 7

56 ــ نفس المصدر ص 9

57 ــ مرآة الجنان ج 4 ص 108

58 ــ كتاب الأنوار ومحاسن الأشعار للشمشاطي تحقيق السيد محمد يوسف ج 1 ص 9

59 ــ معجم الأدباء ج 1 ص 108

60 ــ طبع بمطابع الفجر - حمص ١٩٦٠

61 ــ نشر هذا الديوان في مطبعة دار الثقافة ببيروت عام ١٩٦٤م

62 ــ ديك الجنِّ.. وفنُّ الرثاء مجلة تراثنا الصادرة عن مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم، العددان 85 ــ 86 ص 174 ــ 175

63 ــ ديوانه ص 93

64 ــ نفس المصدر ص 94 ــ 95

65 ــ نفس المصدر ص 145 ــ 146

66 ــ نفس المصدر ص 197 ــ 198

67 ــ نفس المصدر ص 191 ــ 192

كما ترجم له وكتب عنه:

النويري / نهاية الأرب ج 3 ص 98

ابن عبد ربه الأندلسي / العقد الفريد ج 8 ص 116

الصفدي / الوافي بالوفيات ج 18 ص ٢٥٧

الذهبي / سير أعلام النبلاء ج 11 ص 163

مراد بن فردية ــ ديك الجن الحمصي ــ دراسة في حياته وشعره

إلياس الفاضل ــ ديك الجن الحمصي شاعر لم ينصفه التاريخ

أنطوان محسن القوال ــ ديوان ديك الجن الحمصي / تحقيق

جواد غلام علي زادة، هادي عبد النبي محمد التميمي ــ ديك الجن الحمصي الشاعر المتَّهم

فيصل حسين طحيمر الغوادرة ــ الأمر والنهي في ديوان ديك الجن الحمصي

خالد الحلبوني ــ سيرة ديك الجن الحمصي

عبد الرزاق احمد ذياب علاوي العبيدي ــ اللون في شعر ديك الجن الحِمصي

ميرفت أبو صلاح، شعر ديك الحمصي دراسة نفسية

يوسف السيد احمد ــ دراسة ديك الجن الحمصي

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار