94- الحسن بن علي الهبل (1048 ــ 1079 هـ / 1639 ــ 1668 م)

الحسن بن علي الهبل (1048 ــ 1079 هـ / 1639 ــ 1668 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (44) بيتاً:

وما أنْسَ لا أنْـسَ الشّهيدَ بِـ(كَرْبلا)     وهَيهـــاتَ إنّي ما حييتُ لَنَادِبُه

سَبَوْا بَعْدَ قَتْلِ ابنِ النبــــــيّ حريمَهُ     وَمَا بُــلِيتْ تَحتَ التُّرابِ تَرائبُهْ

وباتَ يزيدٌ في سرورٍ ولَــــوْ دَرى     بما قَدْ جَرَى قامَتْ عليهِ نوادبُهْ (1)

وقال من قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام) تبلغ (141) بيتاً:

وقُلِ التحيـة مِـنْ سـمــيِّكَ مَـن غدا     بـكــــــــمُ يُرجَي ذنبَهُ أن يُغْفرا

وبـ(كَرْبلا) عَـــرّجْ فـإنّ بِـ(كَربلا)      رِمَماً منعْنَ عيونَنا طَعْمَ الكَرى

حيث الذي حزنَتْ لمصرعِه السَّما     وبكَتْ لــــــمقتلِه نجيعاً أحمرا (2)

الشاعر

القاضي شرف الدين الحسن بن القاضي علي بن جابر بن صلاح بن أحمد بن صلاح بن أحمد بن ناجي بن أحمد بن عمر بن حنظل بن المطهر بن علي الهبلي الخولاني اليمني الصنعاني. أحد أعلام اليمن وأعيانها الأدباء، كان عالماً كاتباً شاعراً (3) وأضاف الصنعاني: القضاعي السحامي الحربي، نسبة لجدّ له أعلى اسمه حرب، نقلت نسبه من خطّه، إلّا لفظ القضاعي، والوجه أن خولان بن مالك بن عمرو بن قضاعة بن حمير الزيدي الجارودي اليمني الصنعاني المولد والوفاة، الشاعر المشهور الكاتب (4)

ولد من أسرة علمية لها تاريخ عريق مع العلم والأدب والقضاء، فورث عنها هذه الصفات، كما ورث عنها حب أهل البيت (عليهم السلام) فنذر نفسه لمدحهم ورثائهم وإظهار مظلوميتهم

لقب بـ(الهبل) نسبة إلى قرية (بني هبل) التي ولد فيها وهي في صنعاء باليمن، ولقب بـ(أمير شعراء اليمن)، له ديوان كبير رغم أنه لم يكمل العقد الثالث من عمره، ويكاد يكون شعره كله في مدح ورثاء أهل البيت (عليهم السلام) سمّاه (قلائد الجواهر) ومن أشهر شعره بيتيه الذين بلغا شهرة واسعة وحفظتهما القلوب ونقشا في ذاكرة الأجيال:

لي خمسةٌ أطــــفئ بهمْ     نارَ الجحيمِ الحاطمة

المصطفی والمرتضی     وابنيــــهما وفــاطمة (5)

وقد نقشا في الحضرة العلوية المقدسة (6) يقول عنهما الشامي وربما أنهما كان أول ما تهجاهما (7)

قال عنه شيخه أحمد بن صالح بن أبي الرجال: (نشأ على مودة آل محمد صلى الله عليه وآله ىلا يلويه عن ذلك لاو) (8)

قال عنه الشوكاني: (الشاعر المفلق الفائق المكثر المجيد، شعره يكاد يسيل رقّة ولطافة وجودة سبك وحسن معاني وغالبة الجودة وله ديوان شعر موجود بأيدي الناس...) (9)

وقال عنه الأستاذ حسين الشاكري: (شاعر فاضل محبّ لال بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومما يوصف به أنه عابد زاهد بارع في نظم الشعر). (10)

وقال عنه الصنعاني: (إن اليمن لم تلد أشعر منه من أول الدهر إلى وقته) (11)

شعره

قوة شعره كمكانته بين الشعراء، فهو في الطراز الأول من الشعر ولا يحسب لمن يقرأ شعره أنه يقرأ لشاعر لم يبلغ العقد الثالث من عمره وطغت شاعريته على جميع شعراء عصره، وقد زاد من قوته أنه سخره لقضية عظيمة وهدف رسالي وهو قضية أهل البيت والدفاع عن حقوقهم المغتصبة.

قال في سيد الكونين محمد (صلى الله عليه وآله):

ماذا أقولُ مادحــــاً في مرسلٍ      قد أفحمتْ أوصافُه مدًّاحَه

من كانَ جبريـــلٌ إذا ما جاءه     يخفـضُ تعظيماً له جناحَه

من جاءَ والشركُ ظلامٌ دامسٌ     فحينَ وافى بالهدى أزاحَه

فما حكى برقُ السـماءِ عزمَه     ولا حـكتْ أنواءَها سماحَه (12)

أما في أمير المؤمنين فللشاعر قصائد كثيرة تكفي لكي تكون ديواناً وحدها وقد ضمّنها كثيراً من أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) في حقه (عليهم السلام) كما ضمّنها كثيراً من فضائله ومناقبه ومآثره، فهي تعبق بالولاء العلوي وتشرق بالبهاء الحيدري، يقول من إحدى قصائده وتبلغ (63) بيتاً:

هَل مِنّةٌ في حَمْــلِ جــسْمٍ حَلّ في     أرضِ الْغَـريّ فؤادُه الـــــخفّاق

أَسْمَعتُهُمْ ذكرَ الغَــريِّ وقَد سَرت     بـعقولِهمْ خَمرُ السُّــــرَى فأَفَاقوا

حُبَّاً لِمَنْ يَسْقي الأَنــــامَ غداً ومَنْ     تُشْفــى بتُرْبِ نعالِـــــه الأَحداقُ

لِمَنِ اسْتَقـامَـــتْ مِلّةُ الـبـاري بـهِ     وعَلَتْ وقامَـــــتْ لـلعُلى أسواقُ

ولمن إليهِ حديثُ كـلِّ فــــــضيلةٍ     من بَعْدِ خـــيرِ الـمرسلين يُساقُ

لمحطِّم الرّدْنِ الرّماح وقـــد غَدا     لِلنّقعِ مِــــن فوق الـرّماحِ رُواقُ

لِفتىً تَحِـيّـتُـهُ لِعْظــــــــــمِ جَلاَلِـهِ     مِنْ زَائريه الصِّمتُ والإِطـراقُ

صِهرُ النبيّ وصنِـــــــوهُ يا حَبَّذا     صِنوانِ قَدْ وَشَــجَتْهما الأَعْراقُ

وأَبو الأُولى فَاقُوا وراقُوا والأُلَى     بمـديــــــــحهِـمْ تتزيّنُ الأوراقُ

انْظرْ إلـى غـايـــاتِ كـلِّ سـيـادةٍ     أَسـواهُ كـانَ جـــــوادَها الـسبّاقُ (13)

ومنها في يوم الغدير:

ولَّاه أحـمـدُ في الغـديــرِ ولايـةً     أَضـحتْ مطوَّقةً بـــــها الأعناقُ

حتّى إذا أَجْرَى إليــــــها طِرفَهُ     حادُوهُ عَنْ سنَنِ الطَّريقِ وعاقوا

ما كانَ أسرعَ ما تَنـاسـوا عَهْدَه     ظُلماً وحُـــــــلَّـتْ تِلكُمُ الأطواقُ

شَهِدوا بها يَـومَ الـغَـديرِ لـحيدَرٍ     إذْ عمَّ من أنــــــوارِها الإشراقُ

ومنها:

وأصابَ بنتي من دفائِنِ غدرِكم     وجــفـائكم دهـياءُ لَيسَ تُطاقُ

وسَـنَنْـتمُ مـن ظُـلم أَهْـلي ســنّـةً     بـكـمُ اقْتَدى فـي فِعْلها الفُسَّاق

وبسَعْيـكمُ رُمـي الـحُسَينِ وأهلِه     بـكـتـائـبٍ غَـصَّتْ بها الآفاقُ

وقال من قصيدة تبلغ (12) بيتاً:

إنْ قيل مَنْ خَيْــــرُ الورَى     بعدَ النَّبيّ المُــــــرْسَــــلِ

ومنِ المـــواســـي والمـؤا     خِي والمُوالـي والــــوليْ

ومَنِ الذي فـي الرّوْع عَنْ     أعـدائـهِ لَــــــمْ يـنْــــــكلِ

إن قيلَ مَنْ ذا حــــــازَ هَـ     ـذِي المكرماتِ فَقُلْ علي

خَيـــرُ الـبــــــريّـةِ والإمـا     مُ الـبـرُّ بـالـنـصِّ الجـلي

قَدْ نَصَّـهــــــا فـيـــه رسـو     لُ اللهِ عن أَمـرِ الـعَـلـي

يـومَ الغديــــــــــرِ بـمحفلٍ     أعظـمْ بـهِ مــــن مَـحْفلِ

فثَنَتْهُ عَنْـهــــــــا عُـصْـبَـةٌ     جـاءَتْ بـــــأَمْرٍ مُعْضلِ (14)

وقال:

إمـــامُـنا حـيدرةٌ أفضَلُ الـ     أمّـــــــةِ أُخْـراهـا وأُوْلاَهَـا

أحقُّها من بَعدِ خيرِ الورى     بالسَّبق في الفَضْل وأَوْلاَها

وآله أكــــــرمْ بـهـمْ عِـترةً     شـرَّفَـهــــا اللهُ وأعـــــلاها

يا لائِـمي لا تَلْحُ في زُمرةٍ     مـــــــن الهـدى أن أتولاّها

مَحَبَّةُ الآلِ حَـيـاتـــــي فَما     أَلَـذَّهـا عـــنــدي وأَحْـلاهـا

فضــلٌ مِـن الله حَـبَاني بِهِ     فَـلا تَـلُـمْـــــــــــنِي ولُمِ اللهَ (15)

وقال من قصيدة تبلغ (14) بيتاً:

حَدِّثاني عـــــــــــــــن عليٍّ حَـــدثاني     ودَعَـــــانـي عَـنْ فـــــلانٍ وفلانِ

وانظــــــــرا هَلْ تَرَيا مَا عِشْتـــــــما      غيرَه لِلْمصْطَفى المخـتـــــارِ ثاني

كيفَ أُخفي حبَّهُ وهـــــــــــــــو الّـذي     قـرنَ الـــباري تعالَــــــى بالقُرانِ

إنّ دِينـــــــي واعْتقـــــــــادي حُــــبُّه     ونَجَاتي يـــومَ حَـــــشْري وأماني

أيّـــــــها السَّائِــــــــلُ عَــنّـي جاهِــلاً     أنا مَنْ قد عَـــــــــلِمَ الناسُ مكاني

قَسَماً لو لــــــــم يــــــــكنْ لي مَفْخَرٌ     غـيـر حُـبّــــــي لِـــــــعَـليٍّ لَكَفاني

مَـــــــــــــعَ أنّـي في أَعَــــالي ذروةٍ     كلَّ عَن غـــــاياتها مَــرْمَى العِيان

أَنَـــــــا مَنْ أخـــوالُــــــــه مِنْ هاشِمِ     ضُـمَّـــــرِ الْحَلْبَةِ في يــومِ الرِّهانِ

أنجبتْهُ ســـــــادةٌ مِــنْ حِـــــــــمـيـرٍ     يَــــــنثَني عن فخْرِهم كلُّ مُـــداني

أهلَ بيتِ المصْطــــــــفى ودِّي لكُم      دونَ أهلِ الأرضِ من قاصٍ وداني

لاَمَني قومٌ عـــــــــــلى مَدْحي لـكم      وبــــــــــــه أحوي فراديسَ الجِنان

إن يـــــــــــــــكنْ مدحُ عليٍّ مُنكِراً     فَـمَـنِ الأَوْلـــــــــى بأبـكارِ المعاني

سوفَ أرعَى ما اسْتطالَ العُمر مِن     حُبّهِ ما أَبوايَ اســــــــــــــتودعاني

سَأُوَالي مِدَحـتي فـيـه وفــــــــــــي     آلــــــــــــه ما مَـلـك الـنّـطْقَ لِساني (16)

وقال من قصيدته التي تبلغ (141) وقد قدمناها:

أضحَى حديثُ غديرِ دَمعِكَ شــهرةً     يحكي حَديثَ غديــــرِ خُمٍّ في الورى

أكــــــرمْ بهِ من مَـنـزلٍ فــي ظــلِّه     نَــصَـبَ الـمـهـيمــــنُ للإمامةِ حَيْدَرا

نصَّ الــنبيُّ بـهـا إذاً عــن أمـــــرِه     فــــي حَـيـدرٍ نــــــصَّاً جَـلـيّـاً نـيّــرا

إذْ قام فــي لَفْحِ الـهـجــيـرةِ رافـعـاً     يــدَه لأمْــــرٍ مـــــــا أقــامَ وهَــجَّــرا

صِنوُ النبيِّ مــحــمــــدٍ ووصــيُّــه     وأبـــو سَـلـيـــــــــلـيْهِ شَــبـيرَ وشبَّرا

مَن ذا ســواهُ مِــن الــبـريّةِ كـلّـهـا     زكّــى بــــــخاتـمِـه ومَــــدَّ الخنْصُرا

مَنْ غيرُه رُدّتْ لَه شمسُ الضّحَى     وكفاهُ فـــــــــضلاً فـي الأَنامِ ومَفخرا

مَنْ قَامَ في ذات الإلــهِ مُـجَـاهــداً     ولِــــــــــحَـــصْدِ أعـداءِ الإلـهِ مُشمِّراً

مَنْ نـامَ فـوقَ فــراشِ طـــه غيرُه     مُـــــــزْمِّــــــــلاً فـــي بــرْدِهِ مُــدَّثِّرا

مَنْ قطَّ في بَدْرٍ رؤوسَ حُـمـاتِـهـا     حَتّى عـــــــلا بـدرَ الــــيَقينِ وأسفرا

مَنْ قَـدَّ فـي أُحـدٍ ورودَ كُـمـــاتِـها     إذ قَــــــهْـقَــرَ الأســـدُ الكميُّ وأدبـرا

مَنْ في حُنَينِ كــــــانَ ليثَ نِزالِها      والصَّيدُ قد رَجَعتْ هناكَ إلى الورى

مَنْ كان فـاتـحَ خـيـبـرٍ إذ أدْبـرتْ     عَـنْـهـــــــــا الثلاثةُ سَلْ بـذلك خيبرا

مَنْ ذا بها المـخـتـارُ أعَطَاه اللّـوا     هَلْ كـانَ ذلـك حيـــــــــدراً أم حَبترا

أفَهَلْ بَقي عُذرٌ لِمَنْ عَرفَ الهدى     ثُـم انْثَنَى عَـنْ نَـهـجـهِ وتغيّــــــــــرا

لاَ يُبعدِ الرَّحـمـنُ إلاّ عــــصـبـةً     ضـلّـتْ وأخـطأتِ السَّبـيلَ الأنــــورا

نبذُوا كتابَ اللهِ خلْـفَ ظهورِهـم     لِـــــــــيخالفُوا النَصَّ الجـليَّ الأَظْهرا

واللهِ لو تـركُـوا الإمـامـةَ حـيثما     جُـعِـلَـــــــــتْ لما فَرَعَتْ أمـيّةُ منْبَرا

جعلــوهُ رابـعَـهُـم وكـانَ مُـقَدّماً     فـيـهـمْ ومــــــــــأمـوراً وكـانَ مُؤمَّرا

وتَعمَّدوا مِن غَصْب نِحْلةِ فَاطمِ     وَسِهَامِــــــــها الموروث أمــراً مُنكَرا

وقال من قصيدة تبلغ (23) بيتاً:

لحيدرةِ الفضــــلَ دونَ الورى     على أقربِ الناسِ والأبعدِ

فـدِنْ بمــــــــحبَّــتـــهِ إنَّ مَــن     يَـــدُنْ بــمـحـبـتـهِ يـرشـدِ

أخو المصطفى وخدينُ الهدى      وهادي البـريَّةِ والمهتدي (17)

وقال من قصيدة تبلغ (60) بيتاً:

مَنْ نَامَ في مَرْقدِ النبيِّ دُجـىً     وأعيْنُ المشركــــــينَ لم تَنَمِ

فداهُ بالنّفـــسِ لَم يَخَـفْ أبــداً     ما دبَّروا مِـــن عَظيمِ كيدِهمِ

يا سيّد الأَوْصيـاءِ دَعْوةُ مَـنْ     إن هَــــــامَ شوقاً إليكَ لَم يُلَمِ

أنتَ ملاَذِي في كلِّ نــــــائبةٍ     أنتَ عياذي وأنتَ مُعْتَصَمِي

بكَ اسْتقــامَ الـهُدى وقَام ولَوْ     لاَ أنـــــــتَ لم يَستقِمْ ولم يَقُمِ

وسَابقُ العـالَـمـيـنَ أنتَ فَمَنْ     مِـثـــــــلكَ في العَالمينَ كلّهمِ

ونفسُ خيرِ الأَنامِ أنت فَـمَـنْ     مِـثلـــــــكَ في العَالمين كلّهمِ

كم رُتبةٍ فـي الـفخـارِ سَاميةٍ     بَـلـغـتَــــــــها قبلَ مَبْلغِ الحُلم (18)

وقال من قصيدة تبلغ (12) بيتاً:

مَنْ ترَى غـيرَ عـلـيٍّ     كانَ صِنواً لِلنَّبــــــــــــيِّ

مَن ترى من بعد خيـ     ـرِ الأنـــــبيا خيرَ وصِيِّ

مَنْ تُرى ولاّه خـــــيـ     ـرُ الرُّسْلِ عنْ أمرِ العليِّ

مَنْ ترى السَّــابق في     دينِ القَديــــــــــمِ الأزليِّ

مَنْ ترى قـــاتِلَ عَمْـ     ـروٍ ذي الثباتِ الـعامِريِّ

مَنْ ترى آسرُ عـــمـ     ـرو عِـندَ إحجامِ الكـــميّ

مَنْ ترى رُدَّت لَه الـ     ـشَّمْسُ فـــــتىً غير عَليّ

مَنْ تراهُ حــــاط بديـ     ـنَ المصْـطفى بالمشرفيِّ

أَبهِ الـمــــلّـة حيطَتْ     أم بـتَـيْـــــــــــمٍ وعــديِّ؟

قُلْ لَـنـا فـالأمْـــرُ إنْ      أَنْـصـــــــفـتَـنَا غيرُ خَفيِّ (19)

وقال

إنّي رضيتُ عَليّاً     دونَ البــــرايا إماما

الحمــــــد للهِ أنّي     ما كنتُ ممَّنْ تَعامَى (20)

وقال في أهل البيت (عليهم السلام) من قصيدته الني تبلغ (44) بيتاً وقد قدمناها:

كفَى بالنبيّ المصطــــــــفَى وبآلِه     فهَلْ بعدهم تَصفـو لحُرِّ مشاربُهْ

دَعا كلُّ باغٍ في الأَنـــــــامِ ومُعتدٍ     إلى حَرْبهم والــدَّهر جمٌّ عَجَائبُهْ

فمنْ غادرٍ أبدَى السَّخائمُ واغتدت     تنوشُــــــــــــهمُ أظْفارُه ومَخالِبُهْ

سيلقُون يومَ الحشْرِ غِبَّ فِــــعالِهم     وكُلُّ امرءٍ يُجْزَى بما هُو كاسِبُهْ

ومنها:

ولم يُرْجعوا ميراثَ بنــتِ محمَّدٍ      وقد يُرجعُ المغصوبَ مَنْ هُو غاصبُهْ

فما كَأنَ أَدْنَى ما أَذَوْهـا بأخـذِ مَا     أَبُـوهـا لَـــــــــــــها دُونَ البرّيةِ واهبُهْ

أما لو دَرَى يومَ السقيفةِ مَا جَنى     لَشابَتْ من الأمرِ الْـــــــــفَظيعِ ذَوائبُهْ!

أغيــرَ عليٍّ كـانَ بـعْـدَ مـــحـمَّـدٍ     لَهُ كـاهِـلُ الـمـجـدِ الأثيلِ وغــــاربُهْ؟

ومَن بعدِ طهَ كانَ أوْلـى بــإرثِـه     أَأَصـحـابُـه قـــــــولـوا لـنـا أم أقاربُهْ؟

وشتّان بَين البَيْـعَـتيـــنِ لِمنْصِفٍ     إذا أُعْطيَ الإِنصـــــافَ مَنْ هو طالبُهْ

فبيعةُ هذا أَحْـكــــمَ اللهُ عـقـدَهــا     وبـيــــــعـةُ ذاكُـمْ فَـلْـتَـةٌ قـالَ صـاحـبُه

ومنها:

وقامَ ابنُ حربٍ بعدهم فَتَضَعَضعتْ     قُوى الدّينِ وانهّدتْ لِذاكَ جوانبُهْ

فقــــــادَ إلـى حَـرْب الوصيّ كتائباً     ولـــم تُـغْـنــهِ عـنـدَ النِّزالِ كتائبُهْ

وما زالَ حتّى جرَّعَ الحسنَ الرَّدَى     ودَبّــــــــتْ إلـيه بالسّمومِ عقاربُه

ويقول بعد أن يعدد الشهداء الثوار من العلويين الذين قاموا ضد الأمويين والعباسيين:

وكم قَـــــــتلُوا مِـن آلِ أحـمـدَ سـيّـداً     إمــامـاً زَكـتْ أعـراقُهُ ومَناقبُهْ

فَلِمْ لاَ تَمُورُ الأَرض حُزْناً وكَيْفَ لا      مِن الفَلكِ الدوَّارِ تهوي كَواكبُهْ

وكلُّ مُصَــــــــــابٍ نَـالَ آلَ مـحـمَّـدٍ     فَليسَ سـوى يَوم السَّقيفةِ جالِبُهْ

وقال:

يا آلَ طـــــــــــه أنـتُـمُ     أهـلُ الـسِّـيـادةِ والزّعامَهْ

يـهـنـيكمُ شــرفُ الـنبوَّ     ةِ والوصـــايةِ والأمـامَـهْ

جَمَعَتْ لكمْ هَذي الـثَلاَ     ثُ الغُرُّ أطـرافَ الكرامَهْ

بِودادِكـم أرجو النّـجـا     والأَمْــــنَ فـي يومِ القيامَهْ (21)

وقال:

لكُـمْ آلَ الرَّسولِ جعلتُ ودّي     وذاكَ أجــــلُّ أسْبابِ الـسَّعادَهْ

وَلَوْ أَنّي اسْتَطعتُ لَزِدْتُ حُبّاً      ولــــكِنْ لاَ سَبيلَ إلى الـزِّيادَهْ

أعـيشُ وحبُّكُمْ فَرضِي ونَفلي     وأُحْشَرُ وهو في عُنقِي قِلادَهْ

أنَاضِـــلُ عَنْ مكارِمِكمْ لأَنّي      كريمُ الأَصْلِ مـيمونُ الولادهْ

أظلُّ مــجـاهداً لحَليفِ نَصْبٍ     أَضَـلّ بِبغْضِكم أبـــداً رَشَادَهْ

فإن أَسْلَـــم فَأجْــرٌ لَـمْ يَـفـتْنِي     وَإنْ أُقْتَـلْ فتُهْنُيني الـــشَّهادَهْ (22)

وقال من قصيدة تبلغ (33) بيتاً:

فـــيا عاذلي في حـــــبِّ آلِ محـمـدٍ     رويــــدكَ إنّــــــي عـنـهـمُ قط لا أسلو

أأسلو هوى قومٍ قـضى بـــاجتبائهم      وتفضيلهم بيـــــن الورى العقلُ والنقلُ

أولـئـكَ أبـنـاءُ الــنـبــــــــــيِّ محمدٍ     فـقـلْ مـــــــا تـشـا فـيـهـمْ فإنكَ لا تغلو

فروعٌ تسامتْ أصـــلُها سيدُ الورى     وحـيــــــــدرةٌ يا حبَّذا الفرعُ والأصلُ

تفانوا على إظـــهارِ ديــــنِ أبـيـهـمُ     كــــــرامـــــاً ولا جبنٌ لديهمْ ولا بخلُ

إلى اللهِ أشـــكو عصبةً قد تحـاملوا     عليهمْ ودانــــوا بالأبـاطيلِ واعـــــتلّوا

يرومـــونَ إطفاءً لأنــوارِ فضـلـهمْ     ومــــــا بـرحتْ أنوارُ فضــــــلهمُ تعلو

وهـــمْ أنكروا في شأنِـــه بعد أحمدٍ     مـــن النصِّ أمراً لـــــيسَ ينكرُه العقلُ

وقـد نوَّهَ الـــمختارُ طهَ بـذكــــــرِه     وقـــالَ لـهـمْ هــــــذا الـخـلـيفةُ والأهلُ

وولّاهُ فــي يومِ الـغـديـــــرِ ولايـةً     على الخلـــــــــقِ طرَّاً مـا له أبداً عزلُ

ونــصَّ عليـهِ بالإمــــامـةِ دونــهـمْ     ولـو لـــــــــم يـكـنْ نصَّاً لـقدَّمه الفضلُ

ألــيسَ أخاهُ والمواســـــــي بـنفسِهِ     إذا ما التقى يومَ الـوغى الخيلُ والرجلُ

أما كـــان أدنـــــاهـم إلـيـه قــرابةً     وأكـثـرهـمْ عـلـــــــماً إذا عـــظمَ الجهلُ

أما كــان أوفـاهـــــمْ إذا قــالَ ذمَّة     وأعـظـمـهـم حلـــــــــماً إذا زُلّتِ النعلُ

وأفـصـحهمْ عند التلاحي وخيرهم     نــــــوالا إذا مــا شِيمَ نـــــــائلَه الجزلُ

يـحجُّـونَ أنصـارَ ؤالإلـــــــهِ بـأنـنـا     قـرابـــتـه مـنّـا بـه اتّـصـلَ الــــــــحبلُ

وهل كانتِ الأصحابُ أدنى قرابةً      وأقــــربُ رحمـــــــاً لو عقلتمْ أمِ الأهلُ

وهمْ أخــذوا بـعـد الـنـــــبيِّ محمدٍ     مـــــن ابـنـتـه مـا كــــــــان أنحلها قبلُ

تمالوا عليها غاصبيـــــــنَ لـحـقِّها     وقــالوا معـــــــاذَ اللهِ أن تورثَ الرسلُ

وحكمهمُ لا شـــــكَّ في ذاكَ باطلٌ     وكيفَ يصحُّ الفـــــــرعُ والأصلُ مختلُ (23)

..............................................

1 ــ ديوان الهبل أمير شعراء اليمن تحقيق أحمد بن محمد الشامي، الدار اليمنية للنشر والتوزيع ط 1 /1404 / 1983 ــ ط 2 1407 / 1987 ص 117 ــ 119 / أدب المحنة ص 140 ــ 145 / ذكر منها الكرباسي في ديوان القرن الحادي عشر ج 1 ص 59، 3 أبيات فيما يخص الإمام الحسين عليه السلام

2 ــ ديوان الهبل ص 129 ــ 136

3 ــ الغدير ج 11 ص 402

4 ــ نسمة السحر ج 1 ص 171

5 ــ ديوانه ص 16

6 ــ مشهد الإمام أو مدينة لمحمد علي جعفر التميمي النجف ج 1 ص 271

7 ــ ديوانه ص 16

8 ــ ديوانه ص 17

9 ــ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ج 1 ص 199

10 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب - الحاج حسين الشاكري ج ٤ - ص ٣٠٠

11 ــ الغدير ج ١١ ص ٣٠٤ عن نسمة السحر للصنعاني

12 ــ ديوان الهبل ص 108

13 ــ ديوان الهبل ص 113 ــ 116 / نسمة السحر فيمن تشيّع وشعر ج ١ / ١٧٢ / الغدير ج 11 ص 401 ــ 402

14 ــ ديوان الهبل ص 147

15 ــ نفس المصدر ص 149

16 ــ نفس المصدر ص 142

17 ــ نفس المصدر ص 127 ــ 128

18 ــ نفس المصدر ص 120 ــ 123

19 ــ ديوانه ص 143

20 ــ ديوانه ص 175

21 ــ ديوانه ص 148

22 ــ ديوانه ص 150

23 ــ ديوانه ص 110 ــ 112

كما ترجم له:

محمد الشامي (ترجمة وافية) مقدمة ديوان الهبل ص 5 ــ 61

الزركلي / الأعلام ج 2 ص 205

رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 1 ص 334 ــ 335

السيد محسن الأمين / أعيان الشيعة ج 5 ص 170

المحبي / خلاصة الأثر ج 2 ص 30 ــ 34

البغدادي / هدية العارفين ج 1 ص 294

ناجي جبران يحيى سعيد ــ شعر الحسن بن علي بن جابر الهبل موضوعاته وقضاياه الفنية / رسالة ماجستير ــ جامعة عدن

المرفقات

: محمد طاهر الصفار