75 ــ الحُرّ العاملي (1033 ــ 1104 هـ / 1624 ــ 1693 م)

الحُرّ العاملي (1033 ــ 1104 هـ / 1624 ــ 1693 م)

قال من قصيدة وهو في طريقه إلى الحج:

ركبنا متونَ البحرِ في لجَّةِ الأسرا     يروِّي صـــــدى الأشواقِ من مكّةِ الغرّا

وطيبة قصدي والـغريّ و(كربلا)     ومن بـــــــعدِها الزورا وطوس وسامرا

وسرنا فــــــــزرنا بالغريِّ إمامَنا     وفي (كربلا) والشوقُ لي بالسـرى أغرا (1)

وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (46) بيتاً:

واكربتاهُ لمن ثــوى في (كربلا)     فرداً وحيداً ماله من ناصرِ

كتبوا إليه وازمعـوا مـن بعــدِها     غـــدراً فتبّـــاً للشقيِّ الغادرِ

وافى ليرشدهمْ إلى طرقِ الهدى     ويـزيلُ عنهم كلَّ غمٍّ غامرِ (2)

وقال من قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام):

و اهتدينا بالمرتضى وبنيه‌     حين لاحت أنوارهمْ كالشموسِ‌

في بقيعٍ و(كربلا) وغـريٍّ     وبــــــزورا وعسكرٍ وبطوسِ

غرفاتُ الجنــانِ مالَ إليهـ     ـنَّ فــــؤادي وعافَ كلَّ نفيسِ (3)

وقال من قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام):

طابتْ نواحـــــي طـيبةٍ بهمُ وطـ     ـابتْ مكّة بـهمُ وطــابَ ثـــراها

وكذا الغري و(كـربلاء) وعسكرٍ     مع طوسِ والزوراءَ زادَ عُلاها

والمصطفى والمرتضى وبنوهما     بلغوا وقد ملكوا العلى أقصاها (4)          

وقال أيضاً من قصيدة:

فالهوى مهلكٌ سوى حبِّ قومٍ      بـــرعوا في العلى سنىً وسناءَ

النبيُّ المختارُ و العترةُ الأطـ     ـهارُ أزكى الورى علاً وارتقاءَ

شرَّفوا سائرَ البطاحِ عمـوماً     و خصوصاً قد شرَّفوا البطحاءَ

وبقيعاً وطيبةً ومــــنىَ مــع‌ْ     عرفــــــــــــــــاتٍ ومكةَ الغراءَ

وغرياً و(كربلاء) وطـــوساً      ثمَّ بغدادَ ثم ســـــــــــــــامراءَ (5)

وقال من قصيدة أخرى:

وأبناؤه الــــــغرُّ سفنُ النجاةِ     بحورُ الندى و بدورُ الهدى‌

فمنـــــهمْ شبيهُ النبيِّ الزكيِّ     ألا بــــــأبي السيدَ المجتبى‌

ومنهمْ أبو التسعةِ الأكرمينَ‌     إمامٌ بــــــه شرِّفتْ (كربلا) (6)

وقال من قصيدة طويلة في رثاء والده الشيخ حسن بن علي وكان عالماً محدّثاً من كبار علماء الشيعة وقد سمع خبر وفاته وهو في منى وكان في موسم الحج:

فمِنى (كربلاء) عندي وعيد الـ     ـنحرِ كــــــــــيومِ عاشوراءِ

ليــس شيءٌ من الجواهرِ أغلى     ثمنــــاً من جواهرِ الفضلاءِ

فلهـــــــــــــــــــذا همُ أقلُّ بقاءً     ليتهمْ خصِّصوا بطولِ البقاءِ (7)

وقال من قصيدة في أهل البيت:

بطيبةٍ وبطـــــوسٍ والغريِّ وسا     مــــــراءَ و الطفِّ أو زوراءَ بغدادِ

قلبي ثوى وهوى يبغي شفاعتهم‌     والقلب لي حيث يهوى خيرُ مرتادِ

بـــــحورُ علمٍ ركبنا في سفينتِها     لـــــم نخشَ مِن لجَّةٍ تطغى ولا وادِ (8)

الشاعر

الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الحسين المعروف بـ (الحر العاملي) (المشغري)، أحد أفذاذ العلماء وكبار الفقهاء، وأعلام الأدباء، لقب بـ (المشغري) نسبة إلى قريته مشغرة في جبل عامل والتي ولد فيها (9)، وعُرف بـ(صاحب الوسائل) نسبة إلى كتابه (وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة).

نشأ الحر العاملي في أسرة لها تاريخ عريق مع العلم والأدب وقد نزح كثير منها إلى إيران وكان لها دور في تنشيط الحركة العلمية هناك، فوالده الحسن بن علي: كان من كبار العلماء وصفه ابنه الحر بالقول: كان عالماً فاضلاً صالحاً ماهراً أديباً فقيهاً ثقةً حافظاً عارفاً بفنون العربية والفقه والأدب مرجوعا إليه في الفقه خصوصاً المواريث قرأت عليه جملة من كتب العربية والفقه وغيرها. (10)

كما كان عمه محمد بن علي من العلماء المحققين ترجم له الحر وذكر من تآليفه الرحلة المدرسية (11) وتعرف هذه الأسرة بأسرة (آل الحر) ويرجع نسب هذه الأسرة إلى الشهيد الحر بن يزيد الرياحي (رضوان الله عليه)، (12) فالحسين ــ الجد الثالث للحر العاملي ــ والذي تلتقي عنده فروع الأسرة في لبنان وإيران هو:

الحسين بن عبد السلام بن عبد المطلب بن علي بن عبد الرسول بن جعفر بن عبد ربه بن عبد الله بن مرتضى بن صدر الدين بن نور الدين بن صادق بن حجازي بن عبد الواحد ابن الميرزا شمس الدين ابن الميرزا حبيب الله بن علي بن معصوم بن موسى بن جعفر بن حسن بن فخر الدين بن عبد السلام بن حسين بن نور الدين بن محمد بن علي بن يوسف بن المرتضى بن حجازي بن محمد بن باكير بن الحر بن يزيد بن يربوع الرياحي (13)

وكان لهذه الأسرة فخر نصرة أهل البيت على طول تاريخها، فكما وقف جدها الأعلى البطل الحر الرياحي يدافع عن آل الرسول في كربلاء وأبلى بلاءً عظيماً في الذبّ عنهم حتى سقط شهيداً على نهجهم وحبهم، فقد ورث أولاده وأحفاده هذا الحب والولاء فبزغت من هذه الأسرة أقمار أشرقت بنور الولاء وبرز منها فرسان القلم والبيان فأكملوا مسيرة جدهم في السير على منهج الحق وصراط النجاة.

وقد ذكرت الكتب الرجالية كثير من أعلام هذه الأسرة، كما ذكر الحر العاملي في أمل الآمل أسماء البعض منهم من العلماء والفقهاء والأدباء، منهم: جداه لأمه وأبيه علي وعبد السلام، وجد والده محمد، وأخوته الثلاثة علي وأحمد وزين العابدين، وعمه محمد، وابن عمه حسن، وخال أبيه علي، وابن أخته أحمد، وابنه حسن، وغيرهم كما استمرت هذه الأسرة في مسيرة العلم وبرز بعده الكثير من أحفاده من العلماء الكبار. وقد ترجم المحقق الكرباسي لستة عشر علماً من أعلام هذه الأسرة (14)

كما اجتمعت لهذه الأسرة إضافة إلى خاصية العلم المزايا النبيلة والصفات الكريمة، يقول السيد محسن الأمين: (وآل الحر بيت علم قديم نبغ فيه جماعات ولا يزال العلم في هذا البيت إلى اليوم، ويمتازون بالكرم والسخاء وبشاشة الوجه وحسن الأخلاق). (15)

في ظل هذه الأجواء العلمية تدرّج الحر العاملي وهو يغرس في ذاكرته دروس ومحاضرات أبيه وغيره من علماء جبل عامل، وفي عام (1073 هـ) سافر إلى الديار المقدسة لإداء فريضة الحج وزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ثم زار المراقد المقدسة في العراق ومنها توجه إلى إيران لزيارة مرقد الإمام الرضا (عليه السلام) لكنه بقي هناك يدرس العلوم الدينية وكانت حلقته تضم مئات الطلاب.

وفي عام (1088) سافر إلى الحج ومنه إلى اليمن ومن اليمن سافر إلى العراق. وبقي الحر في العراق لفترة ثم توجه إلى خراسان وهناك التقى بالشيخ محمد باقر المجلسي، وأجاز كل منهما صاحبه ثم عُيِّنَ قاضياً للقضاة ولقب بـ(شيخ الإسلام) (16)

وكان ذلك في زمن الشاه سليمان الصفوي، وبقي في منصبه حتى وفاته في مشهد فدفن في الحرم المطهر للإمام الرضا (عليه السلام) ولا زال قبره يُزار ويُتبرك به (17)

وينقل السيد الأمين حادثة وقعت له أثناء وجوده في مكة وهو في الحج كادت أن تودي بحياته حيث يقول: (قال المحبي في خلاصة الأثر قدم مكة ــ أي الحر ــ في سنة 1087 أو 1088 وفي الثانية منها قتلت الأتراك بمكة جماعة من الفرس لما اتهموهم بتلويث البيت الشريف حين وجد ملوثاً وكان صاحب الترجمة قد أنذرهم قبل الواقعة بيومين وأمرهم بلزوم بيوتهم فلما حصلت المقتلة فيهم خاف على نفسه فالتجأ إلى السيد موسى بن سليمان أحد أشراف مكة الحسنيين وسأله ان يخرجه من مكة إلى نواحي اليمن فأخرجه مع أحد رجاله إليها فنجا.. ثم يقول الأمين: وهكذا كان أهل مكة وخدمة البيت الشريف يأتون بطبيخ العدس الجريش بعد أن يترك في حر الحجاز حتى ينتن ويضعونه على جدار الكعبة المعظمة أو في المسجد ويتهمون به الفرس المسلمين القادمين لحج بيت الله الحرام من البلاد الشاسعة المعتقدين لحرمة البيت والمسجد وحرمة تنجيسهما ويعتدون عليهم بالقتل وأنواع الأذى ويحرشون عليهم الأتراك وعساكرهم ليس إلا لأنهم شيعة من اتباع أهل البيت الطاهر جرأة على الله تعالى وعناداً للحق نابذين كتاب الله تعالى وراء ظهورهم حيث يقول ومن دخله كان آمنا) (18)

مؤلفاته

لم يشغله منصبه الكبير وهو أعلى منصب ديني في الدولة ولا حلقات التدريس الكبيرة في المسجد عن التأليف بل كان مكثراً، وقد ألف أمّات الكتب الشيعية والتي بقي الاعتماد عليها إلى الآن. كان مؤمناً بالعلم إلى أبعد الحدود لا يثنيه عنه منصب ولا تلهيه عنه دنيا فبلغ به شأواً عظيماً، فالعلم هو أشرف الصفات كما يقول الحر: (لا شك أن العلم أشرف الصفات وأفضلها، وأعظمها مزية وأكملها، إذ هو الهادي من ظلمات الجهالة، المنقذ من لجج الضلالة، الذي توضع لطالبه أجنحة الملائكة الأبرار، ويستغفر له الطير في الهواء والحيتان في البحار، ويفضل نوم حامله على عبادة العباد، ومداده على دماء الشهداء يوم المعاد ...) (19)

ومن مؤلفاته:

1 ــ وسائل الشيعة إلى تحصيل الشريعة المعروف ب‍ـ (وسائل الشيعة) قال عنه السيد الأمين: (عليه معول مجتهدي الشيعة من عصر مؤلفه إلى اليوم وما ذاك الا لحسن ترتيبه وتبويبه) (20)

2 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات.

3 - الفصول المهمة في أصول الأئمة عليهم السلام.

5 - الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة

6 - الجواهر السنية في الأحاديث القدسية

7 - أمل الآمل

8 - الصحيفة الثانية

9 - الفوائد الطوسية

10 - أحوال الصحابة

11 - هداية الأمة إلى أحكام الأئمة عليهم السلام

12 - الرد على الصوفية

13 - خلق الكافر وما يناسبه

14 - كشف التعمية في حكم التسمية رسالة في تسمية المهدي

15 ــ مقتل الحسين (عليه السلام)

فهرست وسائل الشيعة

رسالة نزعة الاسماع في حكم الاجماع

رسالة تواتر القرآن

رسالة الرجال

رسالة أحوال الصحابة

رسالة تنزيه المعصوم من السهو والنسيان

بداية الهداية في الواجبات والمحرمات

العربية العلوية واللغة المروية: ذكر فيه ما يتعلق بالعربية من النحو والصرف والمعاني والبيان وما يتعلق باللغة من تفسير الألفاظ الواردة في القرآن وغير القرآن

ديوان شعر يقارب عشرين ألف بيت أكثره في مدح النبي ص والأئمة ع

منظومة في المواريث

منظومة في الزكاة

منظومة في الهندسة

منظومة في تاريخ النبي ص والأئمة ع ووفياتهم وعدد أزواجهم وأولادهم ومدة خلافتهم واعمارهم ومعجزاتهم وفضائلهم تبلغ نحو ألف ومائتي بيت (21)

أساتذته وتلاميذه

تعددت مراحل دراسة الحر العاملي ما بين جبل عامل والعراق وإيران ودرس في كل منها على يد كبار العلماء كما كانت حلقاته دروسه عظيمة وكان يفد عليه كثير من طلاب العلم وقد توسعت المصادر في ذكر أسماء الكثير من أساتذته وتلاميذه وسنقتصر على البعض منهم، فمن أساتذته:

1 - والده حسن بن علي بن محمد الحر العاملي

2 - عمه محمد بن علي

3 - الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن بن زين الدين (الشهيد الثاني)

4 - الشيخ حسين بن الحسن بن يونس الظهيري العاملي العيناثي.

5 - جده لأمه الشيخ عبد السلام بن محمد الحر العاملي

6 - خال والده الشيخ علي بن محمود العاملي

7 - السيد حسن الحسيني العاملي.

8 - الشيخ عبد الله الحرفوشي.

9 ــ محمد باقر المجلسي صاحب كتاب بحار الأنوار

10 ــ الفيض الكاشاني صاحب كتاب الوافي

11 ــ المولى محمد طاهر بن محمد الحسين الشيرازي النجفي القمي

12 ــ السيد محمد بن علي بن نعمة الله الموسوي الجزائري المشهور ب‍ " السيد ميرزا الجزائري النجفي

13 ــ الشيخ علي حفيد الشهيد الثاني وصاحب كتاب: الدر المنثور

 السيد علي بن علي الموسوي العاملي

المحقق الخونساري آقا حسين شارح الدروس

السيد هاشم التوبلي البحراني صاحب تفسير البرهان

المولى محمد كاشي نزيل قم (22)

وكان الحر العاملي يدير حلقة علمية يحضرها عدد كبير من الطلبة من سائر الأقطار للاخذ عنه والحضور عنده وكان من المدرسين البارزين في مشهد الإمام الرضا عليه السلام (23) يقول السيد الأمين في ضمن ترجمة الشيخ الحر: (مما يلفت النظر في حياة المترجم ما ورد في كتاب روح الجنان للشيخ محمد الجزائري، فقد ذكر في هامشه أنه رأى المترجم في شيراز سنة ألف ونيف وتسعين. قال: ثم جاور المشهد فزرته بها سنة 1099 وله حلقة عظيمة للتدريس في كتابه وسائل الشيعة، وكنت أحضره مدة إقامتي في المشهد) (24)

أما تلاميذه فمنهم:

1 - الشيخ مصطفى بن عبد الواحد بن سيار الحويز نزيل مشهد الرضا 2 - ابن المترجم الشيخ محمد رضا، قرأ عليه وروى عنه.

3 - ابنه الآخر الشيخ حسن، قرأ عليه وروى عنه.

4 - السيد محمد بن محمد باقر الحسيني الأعرجي المختاري النائيني.

5 - السيد محمد بن محمد بديع الرضوي المشهدي.

6 - المولى محمد فاضل بن محمد مهدي المشهدي.

7 - السيد محمد بن علي بن محيي الدين الموسوي العاملي.

8 - المولى محمد صالح بن محمد باقر القزويني الشهير ب‍ " الروغني ".

9 - المولى محمد تقي بن عبد الوهاب الاسترآبادي المشهدي المتوفى سنة 1158 ه‍.

10 - المولى محمد تقي الدهخوارقاني القزويني.

11 - السيد محمد بن أحمد الحسيني الجيلاني.

12 - المولى محسن بن محمد طاهر القزويني الطالقاني.

13 - السيد نور الدين الجزائري المتوفى سنة 1158 ه‍.

14 - المحدث المولى محمد صالح الهروي.

15 - الحاج محمود الميمندي.

16 - الشيخ محمود بن عبد السلام المعني.

17 - العلامة المجلسي صاحب البحار.

18 - الشيخ أبو الحسن بن محمد النباطي العاملي.

19 - السيد محمد بن زين العابدين الموسوي العاملي.

20 - المولى محمد فاضل بن المولى مهدي المشهدي.

21 - المولى محمد صادق بن الحاج قربانعلي المشهدي.

22 - المولى محمد حسين البغمجي المشهدي.

23 - المؤرخ المير محمد إبراهيم الحسيني القزويني. (25)

قالوا عنه

كثيرة هي الأقوال التي زخرت بها المصادر حول الحر العاملي ومكانته العلمية نترك لبعض أصحابها الحديث عنه:

قال فيه السيد علي خان المدني: (علم علم لا تباريه الأعلام، وهضبة فضل لا يفصح عن وصفها الكلام) (26)

وقال عنه السيد أحمد الحسيني: (في الطليعة من علمائنا الذين حازوا المرتبة الأولى من العلم والفضل والثقافات الإسلامية التي كانت منتشرة في أيامهم.

كما كان لشيخنا المترجم حظ وافر في مؤلفاته القيمة الكثيرة، حيث أصبحت مرجعاً هاماً من المراجع التي يستند إليها في أخذ الأحكام الفقهية وغيرها.

وإلى جانب إكثاره في التأليف والتصنيف كان أيضاً مجيداً في الترتيب والتنسيق وترصيف الأبواب والفصول واختيار المواضيع الهامة المحتاج إليها) (27)

وقال المحدث الشيخ عباس القمي: (شيخ المحدثين وأفضل المتبحّرين، العالم الفقيه النبيه المحدّث المتبحّر الورع الثقة الجليل، أبو المكارم والفضائل صاحب المصنفات المفيدة، منها الوسائل الذي من على المسلمين بتأليف هذا الجامع الذي هو كالبحر لا يساحل، ومنها كتاب أمل الآمل الذي نقلنا منه كثيرا في هذا الكتاب، جزاه الله تعالى خير الجزاء لخدمته بالشريعة الغراء) (28)

وقال عنه العلامة الشيخ عبد الحسين الأميني: (هو مجدد شرف بيته الغابر من أعلام المذهب وزعماء الشيعة، تقلد شيخوخة الإسلام على العهد الصفوي، أختصّه المولى بتوفيق باهر قل من ضاهاه فيه، فنشر أحاديث أئمة الدين صلوات الله عليهم). (29)

وقال فيه السيد محمد باقر الموسوي الخونساري: (الشيخ المحدث الفقيه والعين المقدس الوجيه  صاحب كتاب وسائل الشيعة، وأحد المحمّدين الثلاثة المتأخرين الجامعين لأحاديث هذه الشريعة). (30)

وقال العلامة النوري: (العالم المتبحر الجليل الشيخ محمد بن الحسن بن علي بن الحسين الحر العاملي المشغري.. صاحب التصانيف الرائقة التي منها كتاب الوسائل الذي هو كالبحر الذي ليس له ساحل) (31)

وقال فيه الشيخ محمد علي الأردبيلي: (الشيخ الإمام العلاّمة، المحقّق المدقّق، جليل القدر، رفيع المنزلة، عظيم الشأن، عالم فاضل، كامل متبحّر في العلوم، لا تحصى فضائله ومناقبه) (32)

وقال فيه شهاب الدين المرعشي: (العلامة الحبر المتبحر، خريت علمي الفقه والحديث، نابغة الرواية، مركز الإجازة وقطب رحاها، علم الفضل وعليمه، النجم المضئ من القطر العاملي، أبو بجدة الآثار، يتيمة عقد النقل، جوهرة التقوى والعدالة) (33)

وقال عنه الشيخ حسن بن عباس البلاغي: (ثقة عين، صحيح الحديث، ثبت الطريقة في الأخبار نقي الكلام جيد التصانيف..) (34)

وقال عنه عبد الله المامقاني: (هو من أجلة المحدثين...) (35)

وقال فيه عمر كحالة: (مؤرّخ، فقيه، أُصوليّ، محدِّث متكلّم، مشارك في أنواع من العلوم) (10)

وقال فيه جرجي زيدان: (من كبار المجتهدين، والأعلام الخالدين) (37)

شعره

للحر العاملي ديوان يربو على عشرين ألف بيت (38) وهو ديوان ضخم قلما اجتمع لشاعر اختص بالشعر وحده ولم يدخل مجال التأليف، وقد جمع ديوانه ابنه محمد رضا الذي حل محل أبيه في دروسه وتوجد نسخة خطية من الديوان في مكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف قسم المخطوطات رقم ٢٧٦ ويضم هذا الديوان عدداً كبيراً من القصائد في النبي وأهل بيته وأراجيز في مواليدهم ووفياتهم فكان الحر لا يدع فضيلة لهم إلا ووثقها شعراً ونثراً.

ومن ذلك أنه كتب (29) قصيدة في أهل البيت (عليهم السلام) على عدد حروف الهجاء إضافة إلى الهمزة كل قصيدة على حرف منها ويبدأ كل بيت من القصيدة بنفس الحرف (39). أمل الآمل - الحر العاملي - ج ١ - الصفحة كلمة المحقق ٣٤ وله غديرية تبلغ (172) بيتاً

يقول السيد أحمد الحسيني: (وهو بالإضافة إلى ذلك - من الشعراء المكثرين، حيث يبلغ ديوان شعره عشرين ألف بيت كما يذكره هو في ترجمته، ولكن الشعر الموجود الآن في الديوان الموجود منه نسخة نفيسة في مكتبة آية الله الحكيم العامة في النجف الأشرف لا يزيد على عشرة آلاف بيت تقريبا، وأما بقية شعره فقد ضاع، وأكثر شعره يختص بمدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة المعصومين عليهم السلام ورثائهم، ثم الوعظ وبقية الأغراض الشعرية المختلفة) (40)

ومن أبرز شعره قصيدة في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) والتي تبلغ أكثر من ثمانين بيتاً خلت من حرف الألف يقول منها:

وليي عليٌّ حيــثُ كنــــــــتُ ولــيَّه     ومخلصَــه بلْ عبـــدُ عـبدٍ لعبدِهِ

لعمركَ قــلبي مُغــــــــرمٌ بمحبَّــتي     له طولَ عمــــري ثـمّ بعدُ لولدِهِ

وهمْ مهجتي هُمْ منيتي هُمْ ذخيرتي     وقلبي بحبّيـهـــم مـصيبٌ لرشدِهِ

وكلُّ كبيـــرٍ منهمُ شمـسُ مــــــنبرٍ     وكلُّ صغيــرٍ مـنهـمُ شمسُ مهدِهِ

وكلُّ كـميٍّ منهــمُ ليــــثُ حربِــــهِ     وكلُّ كــريمٍ منهــــــمُ غيثُ وهدِهِ

بذلــتُ لهُ جُهــدي بمـــــدحٍ مهذّبٍ     بليغٍ ومثلي حسبُـــــــه بذلُ جهدِه

وكلّفتُ فكري حذفَ حرفٍ مقــدّمٍ     على كلِّ حرفٍ عند مدحي لمجدِهِ (41)

ومن شعره الذي أورد في أمل الآمل قوله من قصيدة تزيد على أربعمائة بيت في مدح النبي ص والأئمة  ومن شعره قوله من قصيدة طويلة:

بنبيٍّ فـــــــــاقَ الخــلائـقَ فضلاً     وعـليٍّ ووُلْـــــــــــــدهِ الأوصـيـاءِ

مَفزعِ الـنـاسِ مَرجعِ الخَلق طُرّاً     مَنبــــــعِ الفضلِ مَجمعِ العــــــلياءِ

بَــــــــحرُ علمٍ، وطودُ حلمٍ رَزيـ     ـنٍة معدنُ الجودِ، مــــــنهلٌ للظِّماءِ

إن تشكّكْ في فضلِ مجدِهمُ فاسـ     ـأل جميعَ الأعــــــــــداءِ والأولياءِ

يشهدوا كلّـــــــــهم فأكرمْ بفضلٍ     أثبـــــــــــــــــــــتته شهادةُ الأعداءِ

حبَّذا حبَّذا ونـــــــــــــاهيكَ ناهيـ     ـك فـــــــــــــــــخرٌ وسؤددٌ وعلاءُ

مدحتهمْ أهلُ السمـــــاواتِ والأر     ضِ وفي الأرضِ شاعً بعدَ السماءِ

سِل ثقاتَ الرواةِ إن شئتَ أن تسـ     ـمعَ عنــــــــــــــهم غرائبَ الأنباءِ

ومجالُ المديحِ فيـــــــــــهمْ فسيحٌ     طالَ فيه تســـــــــــــابقُ الفصحاءِ

غير أنَّ الاعدادَ تقصــــــــرُ عنه     إن أرادوا ميـــــــلاً إلى الإحصاءِ

كلما قلت فيهمُ فهوَ صـــــــــــدقٌ     مِـــــــــــــــن جميلٍ ومدحةٍ غرَّاءِ (42)

وفي أمير المؤمنين (عليه السلام):

كراماتُ مولايَ الــوصيِّ وولــــــــدِهِ     أنارتْ فـــلا يَخفي سنـاها المشكِّكُ

كلامُ النبيِّ المصطفى حــــــــجَّة فهل     أجلُّ وأعلى منه في الشـرعِ مُدركُ

كفى قوله يومَ الــــــــغديــــــــــرِ بأنّه     لكلِّ الورى مولىً فيُنسـى ويُتــركُ

كما جاءَ فــــــــي التنزيلِ لـيسَ وليّكمْ     ســـواهُ ومــنْ ذا بعــــد ذاكَ يُشككُ

كواكبُ فضلِ المرتضى حين أشرقتْ      لــــها المجدُ أفقٌ فيه تسري وتسلكُ (43)

وقال في النبي (صلى الله عليه وآله) ووصيه أمير المؤمنين (عليه السلام):

هدايةُ ربِّ العــــــــــــــالمينَ قلـوبُنا     إلى حبِّ من لمْ يخلقِ الخلقَ لولاهُ

هوَ الجوهرُ الفردُ الـذي ليسَ يرتقي      لأعـــــــلى مقاماتِ النبيينَ إلا هو

هلالٌ نـــــــــما فارتدَّ بدراً فأشرقتْ     جوانبُ آفــــــــاقِ العلا بمُحيَّــــاه

هُما علّةٌ للخلـــــــــقِ أعني محمــداً     وأولَ من لمَّا دعــــــــا الخلقَ لبَّاهُ

هلِ أختارَ خيرُ المرســــلينَ مؤاخياً     سواهُ فــــــــــــأولاه الكمالَ وآخاهُ

هلِ اختارَ في يومِ الغديرِ خــــــليفةً      سواهُ له حتى عـــــلى الخلقِ ولّاهُ

هـــــــدىً لاحَ من قولِ النبيِّ وليّكمْ      عـــليّ ومولى كلِّ من كنتُ مولاهُ

هناكَ أتــــــاهُ الوحيُ بلّغْ ولا تخفْ      ومن كــــلِّ ما تخشاهُ يعصمكَ اللهُ (44)

ومن قصيدة في الغدير أيضاً:

عمَّ الفضائلَ حينَ خُصَّ برفعةٍ      من ذروةِ العليا أجلُّ وأرفعُ

عـــجباً لـمنْ فيهِ يُشكّ وقدْ أتى     خبـرُ الغديرِ ونصُّه لم يدفعِ

عهدَ الــنـبيُّ إلى الأنامِ بفضـلِهِ     ويلٌ لمنــكرِ فضلِهِ ومُضيِّعِ

ولا ينسى الشاعر يوم الطف وما جرى فيه على آل الرسول فيقول من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (46) بيتاً:

حتى إذا وافى الطفــوفَ تواثبوا     بعــــــواملٍ خـــطيّةٍ وبواترِ

ظهرتْ له أحــــــــقادُ بدرٍ منهمُ     وثنوا عنــانَ مناجزٍ ومبادرِ

ويلاهُ والأعداءُ قد مـلأوا الفضا     بعساكرٍ قـــد اتبعتْ بعساكرِ

فتواثبوا بسهامهِمْ ورمــــــاحِهمْ      ويلاهُ من خطبٍ عظيمٍ جائرِ

صرعوهُ ظلماً بالدماءِ ومــــاله      من غــاسلٍ أو ساترٍ أو قابرِ

.............................

1 ــ إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات، للحر العاملي / مؤسسة الأعلمي ــ قدم له السيد شهاب الدين المرعشي النجفي ج 2 ص 344

2 ــ أدب الطف ج 5 ص 161 / ديوان القرن الثاني عشر ج 2 ص 74 ــ 77

3 ــ إثبات الهداة ج 2 ص 344

4 ــ إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات جزء 2 ص 346 ــ 347

5 ــ إثبات الهداة ج 2 ص 340 ــ 341

6 ــ إثبات الهداة ج 2 ص 339

7 ــ أمل الآمل ج 1 ص 66 / أعيان الشيعة ج 5 ص 212

8 ــ إثبات الهداة ج 2 ص 342

9 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٦٧

10 ــ أمل الآمل ج 1 ص 65

11 ــ أمل الآمل ج 1 ص 107

12 ــ مقدمة إثبات الهداة ج 1 ص 5

13 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ٤٩٤ / مع الحر العاملي في مسيرته العلمية للشيخ محمد صادق الكرباسي، دار العلم للنابهين ــ بيروت 1440 ــ 2019 ص 30 عن وسائل الشيعة ج 1 ص 73 / مقدمة أمل الآمل للحر العاملي ــ‍ تحقيق السيد احمد الحسيني القسم الأول مكتبة الأندلس شارع المتنبي بغداد ص 9 ــ 10 / الغدير ج ١١ ص ٣٣٥

14 ــ مع الحر العاملي في مسيرته العلمية ص 32 ــ 53

15 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 494

16 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٦٨

17 ــ نفس المصدر ص 167

18 ــ نفس المصدر والصفحة

19 ــ وسائل الشيعة ج 1 ص 2

20 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٦٨

21 ــ نفس المصدر ص 168 ــ 169

22 ــ مقدمة أمل الآمل للحر العاملي ــ‍ تحقيق السيد احمد الحسيني ص 14 ــ 15

23 ــ نفس المصدر ص 16

24 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص 171

25 ــ مقدمة أمل الآمل للحر العاملي كلمة المحقق ص 17

26 ــ سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر ج 1 ص 212

27 ــ مقدمة أمل الآمل للحر العاملي كلمة المحقق ص 21

28 ــ الكنى والألقاب ج ٢ ص 158 / سفينة البحار ج ١ ص ٢٤١ / الفوائد الرضوية ص 473

29 ــ شهداء الفضيلة ص 216

30 ــ روضات الجنات ص ٦٤٤       

31 ــ مستدرك الوسائل ج ٣ ص 390

32 ــ جامع الرواة ج 2 ص 90

33 ــ مقدمة كتاب أمل الآمل للحر العاملي ج ١ ص 20 كلمة المحقق ــ تحقيق السيد أحمد الحسيني

34 ــ سجع البلابل في ترجمة صاحب الوسائل مقدمة لكتاب أمل الآمل ج 1 ص 19 

35 ــ مقباس الهداية في علم الدراية ج 2 ص 390

36 ــ معجم المؤلفين ج 9 ص 204

37 ــ أعلام العرب ج 3 ص 121

38 ــ الغدير ج ١١ ص ٣٣٦ / أعيان الشيعة ج ٩ ص ١٦٩

39 ــ مقدمة أمل الآمل كلمة المحقق ص ٣٤

40 ــ مقدمة أمل الآمل ــ تحقيق السيد أحمد الحسيني ص 33 ــ 34

41 ــ مقدمة كتاب الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة للحر العاملي / تحقيق مشتاق المظفر ج 1 ص 22

42 ــ مقدمة الفصول المهمة في أصول الأئمة، للحر العاملي ــ تحقيق وإشراف محمد بن محمد الحسين القائيني ج ١ ص ٣٠

43 ــ الغدير ج ١١ ص ٣٣٤ ــ 335

44 ــ نفس المصدر ص 334

45 ــ نفس المصدر ص 335

كما ترجم له:

محمد أمين المحبي / خلاصة الأثر ج 3 ص 332 – 335

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 6 ص 321.

يوسف البحراني / لؤلؤة البحرين ص ٦١ - ٦٤.

السيد جواد شبر / أدب الطف ج 5 ص 162 ــ 169

المرفقات

: محمد طاهر الصفار