58 ــ إدوار مرقص (1297 ــ 1368 هـ / 1878ـــ‍ 1948 م)

إدوار مرقص (1297 ــ 1368 هـ / 1878ـــ‍ 1948 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (15) بيتاً:

حسبُ الفتى مـــن قـوةٍ إيمانُه     ولـ (كربلاءَ) عليهِ أصدقُ شاهدِ

ولئنْ قضى بينَ الأسنةِ ظامئاً     فلــــســـوفَ يلقى اللهَ أكرمَ وافدِ

ولسوفَ يسقيه النـبـــيُّ محمدٌ      كأســـاً تفيضُ من المعينِ الباردِ (1)

الشاعر

إدوار نقولا إلياس مرقص، شاعر وباحث ومترجم سوري مسيحي أرثوذوكسي، ولد في مدينة اللاذقية ودرس في مدارسها، وأصبح مدرساً للغة العربية وكان يتقن الفرنسية، تنقل في عمله التدريسي بين مدينته، وطرابلس، وشمال لبنان، ثم مصر التي هاجر إليها عام (1902)، وعمل مدرساً بأسيوط كما عمل محرراً في عدة صحف مصرية منها: الجوائب، والأهرام، والظاهر، والمحروسة، والبصير، والمقطم، والوادي، كما نشر مقالاته بعد عودته إلى بلاده في الصحف السورية واللبنانية منها: البصير، والمؤيد، واللواء، والمقتطف، والمنار، والضياء، والرابطة العربية، والبيرق، والبشير، والمشرق، والأماني، ومجلة المجمع العلمي العربي.

عاد إلى مدينته اللاذقية عام ١٩٠٩م ليعمل فيها مدرساً، ولكنه لم ينقطع عن النشر في الصحف التي كان يعمل بها فكان يرسل نتاجه الأدبي من شعر ونثر إليها، وقد أصدر في مدينته جريدة (المنتخب) الأسبوعية عام (١٩١٠)، ثم جريدة (النهضة الجديدة).

شغف مرقص باللغة العربية وأولع بها فخاض في علومها وفقهها وخصائصها، ولنشاطه العلمي والأدبي انتُخب عضواً في المجمع العلمي العربي (مجمع اللغة العربية) بدمشق عام (1923)، ثم عضواً في المجلس الأعلى لمعارف اللاذقية عام ١٩٢٨. وهذه الفترة كانت قمة نشاطه الأدبي، فعمل على تحرير المقالات وكتابة الأبحاث التاريخية والأدبية واللغوية، وإلقاء المحاضرات في المجالس والجمعيات العلمية والأدبية.

وقد تميز إدوار في الترجمة عن الفرنسية التي عُرف بدقته في التعبير عن مفرداتها وإلمامه بقواعدها وخصائصها، وإضافة إلى تميزه البارز وأثره في مجال التربية والتعليم، فقد اشتهر بمقدرته اللغوية الكبيرة وتبسيطها للناشئة.

مؤلفاته

لم يقتصر نشاط مرقص الأدبي على المقالات فقد ألف العديد من الكتب الأدبية التي تدل عناوينها على تضلعه في اللغة والأدب منها:

١ - الأدب العربي ما له وما عليه.ــ 1939

٢ - نحن ولغتنا في هذا العصر.

٣ - ذخيرة المتأدب ــ 1930

٤ - فن التعريب عن اللغة الفرنسية ــ 1932

٥ - في سبيل العربية.

٦ - كفيل الاملاء.

٧ - كفيل البيان والشعر.

٨ - كفيل العروض والقافية.

٩ - ديوان شعر ــ 1935

10 ــ الغرر

11 ــ سنة في الصحافة

12 ــ كفيل الإنشاء

أما في مجال الترجمة فقد ترجم مرقص للعربية كتباً وروايات كثيرة عن الفرنسية منها:

1 ــ غيرة النساء

2 ــ بطل المروءة والسيف

3 ــ قلب الخطيئة

4 ــ المقامر

5 ــ الحقيقة المهددة

6 ــ في ظل الموت

7 ــ بين الصحو والهذيان

8 ــ المدائح الكنسيّة للعذراء مريم

وبقي مرقص يرفد المكتبة العربية بنتاجه الأدبي الرصين حتى وفاته باللاذقية (2)

شعره

قال عبد العزيز البابطين: (تدل طريقة تقسيم ديوانه والعناوين التي تصدرت الأقسام على مفهوم الشعر عنده، ووظيفته، فهو شعر مناسبات، يجري في موضوعات تحددت معالمها سلفًا كما حددت أقسامها، وهذا يؤدي - عادة - إلى كبح جماح الإبداع، وتضييق مجال الاختيار. يذكر الشاعر في مقدمة ديوانه أن لغته - مع مراعاتها شروط الصحة والمتانة - سهلة رشيقة، بعيدة عن التوعر، بحيث يفهمها المتوسط في العلم. مع هذا اضطر إلى التدخل بالشرح اللغوي والبلاغي، وهذا مؤشر على تسلل الصنعة إلى هذا الشعر... ويضم ديوانه 506 صفحة (3)

في قصيدته عن الإمام الحسين (عليه السلام) نجد من خصائص الشعر ومميزاته ما يدل على شاعرية كبيرة، فهو يتخطى حدود السرد، حيث يشرف الشاعر على يوم الطف برؤى ذات أبعاد وجدانية عميقة، فيتحدث عن الإمام الحسين من خلال النهج الذي اختطه في مقارعة الظالمين وعدم الركون للضيم، وقد آثر الشهادة على حياة يسود فيها الجور والظلم، فقدم (عليه السلام) نفسه وأصحابه وأهل بيته من أجل حرية الإنسان وتحقيق العدالة، فهام الشاعر بهذا الكمال الإنساني والذروة من الصفات البشرية يقول مرقص في قصيدته:

ركبَ الحسينُ إلى الفخارِ الخـــالدِ     بيضَ الصفاحِ فكانَ أكــرمَ رائدِ

حشدَ الطغاةُ عليهِ كـــــلَّ قواهـــمُ     وحموا عــــليهِ ورودَ مــاءٍ باردِ

وتخيَّلوهُ يستجيــــــــــــبُ إليـــهمُ     أمّا أحـــسَّ من الـظمــــا بالرافدِ

تأبى البطولةُ أن يـــــذلَّ لبـــغيهمْ     مَنْ لم يكـنْ لسـوى الإلـهِ بساجدِ

أيهابهمْ سبطُ النبــــيِّ وعـــــــنده     جيشُ من الإيمـــــانِ ليسَ بنافدِ؟

حسبُ الفتى من قـوةٍ إيـــمـــــانُه     ولـ (كربلاءَ) عليهِ أصدقُ شاهدِ

ولئنْ قضى بينَ الأســـنــةِ ظامئاً     فلســـوفَ يلقى اللهَ أكـــــرمَ وافدِ

ولسوفَ يسقيهِ النـــبـــيُّ محـــمدٌ      كأساً تفيضُ من المعينِ الـــباردِ

قِدمُ الزمانِ وذكـــــــــــرُه متجدِّدٌ     في كلِّ قلبٍ بالفضيــــــلةِ حاشدُ

وخلودُ كلُّ فـــضيـــلةٍ بخلودِ مَنْ     لولاهُ لم يكــــنِ الزمــــانُ بـخالدِ

ايهٍ دمُ الشهـــــــداءِ سِلْ مُـــتدفِّقاً     واسقِ القـــلوبَ ببارقٍ وبــراعدِ

إنَّ القلوبَ الممحلاتِ إذا ارتوتْ     منه زهـــــــتْ بمكـارمٍ ومحامدِ

يا غرَّةَ الشهـداءِ من عليــــــائِها      لـــــوحي عـليهمْ كالضياءِ العاقدِ

موسومةً بدمِ الشهـــــادةِ فهيَ لا     تنفكُّ تـــــدمــي مثلَ زندِ الفاصدِ

كيما يسيروا في الحيـــاةِ بنهجِهِ     لا يخضــــعـونَ لغاصبٍ ومعاندِ

.....................................

 1 ــ أدب الطّف ج 10 ص 43

2 ــ أدب الطف ج 10 ص 43 ــ 45 عن كتاب: مصادر الدراسة الأدبية ليوسف أسعد داغر ج 2 ص 699 ــ 702 / معجم الشعراء الناظمين في الحسين ج 4 ص 298 ــ 305

3 ــ معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين ج 1 ص 887

كما ترجم له:

خير الدين الزركلي / الأعلام ج 1 ص 283

سليمان سليم بواب / موسوعة أعلام سوريا في القرن العشرين ج 4 ص 231

عمر رضا كحالة / معجم المؤلفين ج 2 ص 220

عبد القادر عياش / معجم المؤلفين السوريين في القرن العشرين ص 481

إميل يعقوب / معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة ج 1 ص 145

كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 1 ص 320

المرفقات

: محمد طاهر الصفار