الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 16/جمادي الآخرة/1440هـ الموافق 22 /2 /2019م

اخوتي اخواتي.. قد تقدّم فيما مضى وذكرنا بعض المشاكل الاجتماعية التي بدأت تضرب بلدنا ومجتمعنا بقوة وصنفّنا الادوار التي يمكن ان ينهض بها المجتمع وقُلنا نبدأ من الاسرة وبيّنا بعض ما يتعلق بالأسرة بشيء سريع ثم ذكرنا ايضاً المدرسة وما يتعلق بالجانب التربوي ثم ذكرنا الجو العام الذي يتحول من حالة حرية الى حالة فوضى والآثار السلبية المترتبة على ذلك.

قبل ان أشرع بخدمتكم إتماماً للموضوع اُحب ان انوّه الى ان هذه الاشياء التي ذكرناها ما هي الا بداية لمشروع يُفترض ان يكون مشروعاً طويلا ً وشائكاً..، لأن هذه الأدواء عندما تدخل الى مجتمع قطعاً تحتاج الى جهد كبير وواسع من أجل الحصول على حالة مجتمعية راقية ومن حقنا ان نطمح بذلك ونحاول ان نوجد هذه الحالة المجتمعية التي نريدها باعتبار الأثر السلبي سيكون على الجميع وكلنا نعاني من هذه المشاكل يعني الاسرة تعاني المدرسة تعاني الجو العام يُعاني.. لكن عندما نُحمل المسؤولية للجميع لا يُعفى احد من المسؤولية.

عندما نستشعر هذه المسؤولية سنبدأ نبحث عن الحل أما إذا كُنا لا نستشعر المسؤولية بل لعلّ البعض مِنّا لا يستشعر المُشكلة وهذا أخطر فإذا لم نستشعر المشكلة ولم نستشعر المسؤولية فلا شك ان الحل يبقى بلا قائم به يبقى الحل مركوناً وينتظر من يسعى لهُ.

نحنُ في الواقع نؤمن بأن بعض القضايا تحتاج الى تكاتف مستمر وعندما نذكر بعض المشاكل لا نريد ان نذكر المشكلة بما هي مشكلة وانما نريد ان نشخّص بدءاً لحلّها وقطعاً الكلام الذي تقدّم يحتاج بعد ذلك الى أكثر مما ذكرنا بلا شك ولا ريب وليست في مسألة خطبة بل لابد ان يكون هناك حالة من الجو العام لحل هذه المشاكل.

هل توجد حلول لبعض مشاكلنا؟!! نعم توجد حلول.

غالباً كُل مشكلة لها حل لكن هناك حلول تحتاج الى نهضة من الجميع، تارة نُعالج شخصاً مريضاً يبقى المرض بحدوده وتارة نعالج اثنين ايضاً يبقى بحدودهما لكن عندما تتفشى القضية ونعاني واقعاً من مشاكل كبيرة زحفت إلينا بدأت تضرب بمجتمعنا بقسوة والاستسلام لهذه المشاكل نحنُ سندفع الثمن، بدأت هذه المشاكل تضرب الاسرة وتضرب الشارع وتضرب السوق بدأت تفتت هذا البناء المهم الذي تسعى اليه جميع المجتمعات البشرية.. بعض المشاكل بدأت تُفتت هذا الوجود المبارك الوجود الأُسري، بعض الاشياء بدأت تفتت هذا الوجود المقدّس الوجود التعليمي هذه الحُرمة حُرمة التعليم بدأت تفقد بعض الآثار..، الجو العام بدأ لا يُراعى كبيراً او صغيراً أن لا يُراعي هناك مسائل لا ينبغي ان تظهر الى الشارع كل هذه الاشياء ان تصبح مُباحة بدأنا في حالة الفوضى والفوضى اذا بدأت لا تنتهي الا بتقنين والتقنين يحتاج الى جُهد..

لعلّه نقطة مهمة قضية الإدراك والوعي اخواني هذا الوعي والادراك حقيقة يحتاج الى تنمية، ليس كل شخص يقول انا امتلك الوعي يعني فعلاً هو واعي معنى الوعي هو ادراك الظرف الذي نحن نعيش به.. الانسان مُلتفت الى خطورة بعض الاشياء او ليس ملتفتاً، الانسان مدرك حجم تداعيات الاجتماعية او غير مُدرك، الانسان الواعي قد ليس لهُ علاقة في بعض الحالات حتى بالشهادة الاكاديمية الوعي حالة من الإدراك وحالة من التحضّر وحالة من ان الانسان يفهم كيف يعالج المشاكل الاجتماعية قبل ان تنفتح بشكل مُرعب..

عندما نقول الوعي هذا ما وراءه شيء، الانسان مُدرك ثم هذا الادراك يحتاج الى عمل.

الجانب الثقافي ليس الجانب الثقافي ان يكون هو جزء من المشكلة بعض الحالات هناك ثقافة هي جزء من المشكلة.. نعم من حق الانسان ان يُبيّن ومن حق الانسان ان يُشارك ولكن في نفس الوقت هناك مسائل فيها خطر والمجتمع هو عبارة عن مكوّن لابد ان يحرص الجميع عليهِ..

من المسؤول عن ذلك؟؟!

طبعاً اخواني لاحظوا لابد من وجود رادعية لأي فوضى لابد من وجود رادعية.. الرادعية في بعض الحالات رادعية الانسان ذاته.. الآن الابن لا يجرأ ان يتكلم مع ابيه كلاماً سيئاً لماذا؟! لوجود رادعية يرى ان مقام الاب لابد ان يُحظى باحترام مقام المعلم لابد ان يُحظى باحترام الاخ الأكبر لابد ان يُحظى باحترام الأُم لابد ان تُحظى باحترام.. هذه رادعية ان الشخص لا يتجرأ ان يتكلم مع ابيه مع امه مع اخيه مع معلمه بكلام قد يتكلمه مثلا ً مع صديقه.. ما الذي يمنع ذلك؟! ..

هذه الرادعية ارجو ان يلتفت الاخوة تارة تكون رادعية دينية وتارة تكون رادعية قانونية وتارة تكون رادعية عُرفية ان هناك حالة من الوضع العام.. ولذلك هناك مصطلحات يعبرون عنها الآداب العامة، ما معنى الآداب العامة؟ ان المجتمع لا يرغب ولا يريد ويعترض اذا وجد سلوكاً يمكن ان يكون في البيت هذا السلوك يخرج من البيت الى عامة الناس أمام مرأى ومسمع الناس يقولون هذا سلوك مخالف للآداب العامة، المجتمعات لا ترضى..

 تقول بعض السلوكيات لها زمان ولها مكان.. معنى الكلام بعض السلوكيات لها مكان ولها زمان.. عندما نجرّد المكان من هذا السلوك وعندما نجرّد الزمان من هذا السلوك تحدث الفوضى.. ان الانسان في البيت لهُ حريّة هذه الحريّة لا يمكن بنفسها ان يمارسها في الشارع هذا لا انا اقول بل كل المجتمعات تقول ولذلك الآداب العامة اذا لم نحافظ عليها هذا الكلام الذي قُلناه هو عبارة عن فوضى..

الرادعية تارة رادعية دينية الانسان مُتربي دينياً ان يعرف ما لهُ وما عليه يعرف الحقوق التي لهُ ويعرف الواجبات التي عليه وهذا لا يمكن ان يخالف معتقده الديني ونعلم هذه رادعية دينية وهذه من افضل واقوى الرادعية لو الانسان يتديّن بها..

دينهُ لا يسمح ان يتجاوز على الجار لا يسمح ان يتصرّف تصرفاً فيه شائبة أمام الآخرين عندهُ حياء..

تارة هناك رادعية قانونية القانون لا يسمح والمُقنن رأى ان بعض التصرّفات إذا لم تُقنن تتحول الحريّة الى فوضى فعليه ان يُقنن وهناك رادعية والقانون لا يسمح ان تتجاوز وان تأخذ المال كيف شئت وان تعتدي على الاخرين القانون لا يسمح وهذا عموم العقلاء تبانوا فيما بينهم ان يضعوا حدوداً لا يسمحون بالتجاوز بها..

وهُناك رادعية عُرفية ان الانسان عُرفه العام يقول هذا أمر معيب ليس امراً دينياً لكن يقول هذا أمر مُعيب ان اتصرف بهِ انا اتصرّف مع اخي في البيت شيء ولكن هذا التصرّف أمام الاخرين عيب..

تعال الى ما نحنُ فيه.. ناس أهل دين ناس أهل قانون ناس أهل عُرف.. نتحدث عن واقعنا التاريخي..، هل يستطيع احد الآن ان يعترض يقول أنتم لستم أهل دين ولستم أهل قانون ولستم أهل عُرف؟ إذاً ما الذي حصل..

هذه الامور عندنا موجودة ما الذي حصل؟!  

الانسان يتخلى عن دينه يضرب القانون عُرض الحائط العُرف بدأ يستهين بهِ ماذا تكون النتيجة؟! النتيجة ضياع وفوضى..

اخواني المسألة ارجو ان تتقبلوا كلامي القانون عندما يغيب تبدأ الفوضى..

كلام عام انا اتحدث اذا كانت شخصية قانونية تخالف القانون اذا كانت شخصية عُرفية تخالف العُرف شخصية دينية تُخالف الدين.. هذا غير صحيح..

التفتوا كل مجتمع لابد ان تكون لهُ حاضنة تمنع تدهور المجتمع ..لا نستطيع ان ندخل في عمق الاشياء والله بعض الشواهد الانسان لو يستعين بها يعني لا اعتقد مناسبة وهي غير غائبة كثير من الشواهد غير غائبة عنكم لكن اقول هذه المسؤولية جميعنا يتحملها..

لابد ان نتماسك اخواني ولابد ان نجعل المجتمع متماسكاً لابد ان نرجع الى القيم لا يوجد لنا حل الا ان نرجع الى القِيم الدينية والقيم القانونية والقيم العُرفية بمقدار لا تتعارض فيما بينها أما ان نتخلى عن كل شيء فهذا يُعطي نتائج في مُنتهى الخطورة والنتائج لا ننتظر المستقبل الآن النتائج بائنة.. العُرف الآن لا نمسك شيء من العُرف أيهما عيب أيهما لا يجوز المسألة تتداخل.. ما الشيء المُباح ما الشيء غير المُباح؟ أين القانون في مسائل أحوج ما يكون لها القانون؟ سلطة القانون غائبة فماذا يحصل..؟

الحالة الاجتماعية اخواني تستأهل الجميع ان يتعب من اجلها..

قطعاً انا قلت لا نكتفي بخطبة ولا بخطبتين وقد الخطبة لا تصلح الاشياء وانما تحتاج الى تظافر انا انبّه فقط.. المسألة مسألة خطرة المجتمع وفدت اليه اشياء في منتهى الغرابة وفي منتهى الخطورة..

اُعيد على الجميع ان يتحمل مسؤوليتهُ كاملة في سبيل الحفاظ على المجتمع وكان الله يُحب المحسنين..

اقول قولي هذا واستغفر الله سائلا ً الله تبارك وتعالى لمن نحن بجواره ان يرينا في بلدنا كل خير وان يحفظكم جميعاً وان نرى هذا البلد بلد القيم نراه دائماً ينبض بالقيم وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

حيدر عدنان

الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة

 

 

المرفقات