آن لها ان تغفو، بعد ثلاث سنوات ونيف كانت نظراتها الثاقبة كفيلة بهلاك العناصر الإرهابية، ضاربة بدقتها واقتناصها للمتسللين مضربا للأمثال، حتى لقبت بعين الصقر.
اذ اغلق ياسين الصالحي المكنى بـ(أبوتحسين) أخيرا بعد ان اطمئن على سلامة بلده العراق، سيما وان الحرب على الإرهاب باتت محسومة والنصر المؤزر بفتوى المرجعية الدينية العليا وسواعد المتطوعين والقوات الأمنية أصبح قاب قوسين او أدنى.
أسدل أبو تحسين جفونه معلنا النصر، مطمئنا ان رسالته انتهت، وعطائه أثمر أمنا وسلاما على العراق، وأمسى الطريق سالكا له على درب الشهداء الاحرار، ممن سقطوا قبله في حرب الدفاع المقدس.
فصياد الدواعش ذو الشعر الاشيب والعمر الستيني، اقتنع أخيرا انه كفى ووفى لوطنه ولمرجعيته ولأهله، شاهرا صدره بفخر لرصاص الإرهاب الاعمى، ملوحا بغبطة براية لواء علي الأكبر عليه السلام بيد، وقابضا على تراب العراق المقدس بيده الأخرى، مرددا، (تلاكيني لو ضامك ضيم).
رحل عنا أبو تحسين الصالحي، عين الصقر وصياد الدواعش كما كان يلقب، رحل بشرف من ارض المعركة وهي على وشك الانتهاء، خلال عمليات تحرير الحويجة، ليزف شهيدا محتسبا عند الله لينال الفوز العظيم، تاركا بصمة خالدة في الحرب التي خاضها العراق مع تنظيم داعش الإرهابي.
فالشهيد المغوار اشترك في معظم معارك تحرير الأرض والعرض من براثن الإرهاب الغاشم، بعد التحاقه بلواء علي الأكبر احد تشكيلات الحشد الشعبي التابعة للعتبة الحسينية المقدسة.
وعلى الرغم من الفاجعة التي المت برفاقه وابنائه في اللواء الذي ينتمي اليه، كان استشهاد أبو تحسين الصالحي دافعا وحافزا لمقاتلي اللواء اثناء تطهير تلال حمرين من الدواعش.
تلك المشاعر الجياشة لرحيل أبو تحسين انعكست بشكل جلي خلال التشييع المهيب لجثمانه الطاهر في كربلاء المقدسة، فعلى الأصابع وليس الاكتاف، طيف بجنازته في منطقة بين الحرمين المقدسين.
فقبل ان يعود أبو تحسين الى مسقط راسه في مدينة البصرة الفيحاء، أبى الا يوارى الثرى قبل ان يلقي السلام على الامام الحسين عليه السلام، يحدوه الامل ان يكون قد حظى بشفاعته عليه السلام.
هنيئا لك ايها المغوار، وانت ترتقي السماء بهذا الزهو.
محمد الصواف
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
اترك تعليق