من قائد في جيش بني أمية إلى شهيد بين يدي الحسين (عليه السلام)

من قائد في جيش بني أمية إلى شهيد بين يدي الحسين (عليه السلام)

في وسط صحراء تغرب فيها الشمس وتضيء فيها الوجوه بنورٍ لا يُشبه نور الأرض، نُشاهد رجلاً جاثياً على ركبتيه، يضع يده على صدره، وسيفه مُلقى على الرمال، أمامه رجلٌ بنورٍ يفيض من وجهه، قد مدّ يده إليه رحمةً واحتضاناً، خلفه فارس شامخ، وسيف معقود، هذا ليس مشهداً خيالياً، بل لوحة تختصر تحوُّلاً تاريخياً خالداً: توبة الحُر بن يزيد الرياحي، واستقباله من قِبل الإمام الحسين (عليه السلام).

الحرّ بن يزيد الرياحي كان أحد قادة جيش الكوفة، وهو من أوائل من اعترض موكب الإمام الحسين (عليه السلام) ومنعهم من دخول الكوفة، وكان له دور مباشر في تضييق الطريق على الإمام، لكنه في يوم عاشوراء، وقف يسمع نداء الحسين: «ألا من ناصرٍ ينصرنا؟».

فأيقن أن الطريق الذي سلكه يقوده إلى نارٍ لا يُريدها، وأن من واجبه أن يختار موقفاً يُرضي الله لا السلطان، فاقترب من الإمام، نادماً تائباً، باكياً خائفاً، وقال: "جعلتُ فداك يا ابن رسول الله، أنا الذي حبستك عن الرجوع، وسرتُ بك إلى هذا المكان، وما ظننت أن القوم يردّون عليك ما عرضتَ عليهم… فهل لي من توبة؟" فقال له الحسين (ع): "نعم، تاب الله عليك، انزل".

- تأمل في العناصر الرمزية للصورة:

١ - الحُر جاثياً:

يُمثّل ذروة التواضع والانكسار أمام الحق، بعد عزّة وهميّة في طاعة الطغيان، إنه رمز الإنسان حين ينهار كبرياؤه أمام الحقيقة.

٢ - السيف المُلقى على الأرض:

ليس مجرّد سلاح، بل هو تخلٍ عن القوة الظالمة، عن الدماء، عن الولاء لغير الله، وكأنه يقول: "سيفي لا يساوي شيئاً إذا لم يكن في خدمة العدل".

٣ - الإمام الحسين مادّاً يده:

فيها رسالة عظيمة: أن الحسين لم يكن قائد معركة فحسب، بل كان أبو الرحمة، إمام التوبة، حامل رسالة جدّه النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في احتضان التائبين، يد الحسين هنا لا تُدين، بل تُنقذ.

٤ - النور على وجوه الثلاثة:

وجه الحسين مشعٌّ بنور الإيمان والنبوة، والحُر بدأ يشعّ بنور التوبة واليقين، بينما الشخصية الواقفة خلف الحسين (قد تكون العباس أو أحد الأصحاب) ترمز للثبات والقوة، تحرس هذا المشهد الروحي الجليل.

٥ - الغروب:

الخلفية تُوحي بغروب الدنيا وإشراق الآخرة، حيث تغرب شمس الحرب لتشرق شمس المغفرة.

- التحوّل الجوهري:

هذه اللحظة التي توثقها الصورة ليست مجرد توبة فرد، بل هي لحظة تعلن أن طريق التوبة لا يُغلق، مهما بلغ الإنسان من البعد، وأن الحسين (عليه السلام) لم يأتِ ليُقاتل، بل ليُهدي، فكان الحُر أولى ثمرات هذه الهداية، وسُمّي بعدها بـ: "الحرّ… الذي كان حرّاً في الدنيا والآخرة".

- نداء شخصي:

تُجسّد الصورة نداءً لنا نحن، بعد أكثر من (1400) سنة: هل تظن أن الحسين أغلق باب التوبة بعد عاشوراء؟

هل تظن أن قلبه لم يَعُد يتّسع لتائبٍ جديد؟

إذا كنت تشعر بأنك بعيد… فتذكّر:

"يا قابلَ الحُرّ… اقبلني".

ملاحظة : هذا النص تم توليده عبر الذكاء الاصطناعي

تصميم : اسامة الشمري إعداد : علي رحال