قال الله تعالى في كتابه الكريم: {فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى} طه،121.
لا تخفى مكانة الأنبياء عند الله تعالى، فهم خيَرة خلق الله تعالى، ووسائل الله سبحانه التبليغية لهداية الناس إلى سُبل الله تعالى واتباع أحكامه والابتعاد عن غضبه والتقرُّب من رحمته؛ لذلك فهم أكمل العباد، وأفضل الخلق، ولا يكون في زمانهم من هو أفضل منهم، فكيف لنا أنْ نتصوَّر النقصَ فيهم وجرأتهم على معصية الله تعالى كما الناس الآخرين على وفق ما فهمه بعض المفسرين من الخطاب القرآني.
إذا رجعنا إلى عقيدتنا في أنبياء الله تعالى نفهم حقيقة الخطاب وتوجيه دلالته؛ فجميع الأنبياء(عليهم السلام) في عقيدتنا هم من أهل العصمة، فلا ينسون ولا يخطئون ولا يزلُّون، وإلاَّ فكيف نتصور الرجوع إليهم مع توقع صدور الخطأ عنهم.
وأمَّا ما نُسِبَ إلى بعضهم من الخطأ كما في قوله تعالى: {وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى}، فيمكن تأويله بأمور عدَّة وعلى النحو الآتي:
1- التكليف يكون عادة في عالم الدنيا، وآدم (عليه السلام)، كان في الجنَّة حينما توجَّه الخطاب إليه، ومن هنا يتبَّن أنَّ الأمر الذي توجَّه إليه، كان إرشاديّاً ولم يكن مولويّاً، فكأنَّ آدم (عليه السلام) كان مختارًا بين أمرين فتوجَّه إلى أحدهما وترك الآخر، وكان من باب أولى أنْ يتوجه إلى الثاني، لذلك لا يمكن أن نتصوَّره معصية.
2- جواز ترك الأولى بالنسبة إلى الأنبياء(عليهم السلام) من غير أولي العزم لا إشكال فيه ومن ذلك أكل آدم (عليه السلام) من الشجرة، فلم يترتَّب على ترك أولى معصية كما فهم بعضهم.
اترك تعليق