دعا الامين العام للعتبة الحسينية المقدسة الاستاذ حسن رشيد العبايجي، الاعلام المنصف والموضوعي في هذا العصر بأن يكون على درجة كبيرة من الوعي والايمان بالله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهل بيته (عليهم السلام)، وأن يمتلك الحجج الدامغة لإعلاء كلمة الحق ونشر رسالة السماء والدفاع عنها، جاء ذلك خلال كلمة له في المؤتمر السنوي الثالث للخطة الإعلامية للزيارة الأربعينية الذي اقامته هيئة الإعلام والاتصالات بالتعاون مع العتبة الحسينة المقدسة.
وقال الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة، إن "الدور الإعلامي كان له حضور فاعل وحيز في منظومة النهضة الحسينية ونشر أهدافها حتى أصبحت الصرخة المدوية التي زلزلت عرش الطغاة التي تقض مضاجع الظالمين على مدى العصور والأزمان"، مبينا أن "للإعلام تأثيرا واضحا في نقل الصورة والمعنى إلى الآخر".
وأضاف، أن "نقل القضية الحسينية وما حملته من مبادئ وأهداف تتطلب أسلوبا إعلاميا يضم مختلف الجوانب العلمية والفكرية والفنية والثقافية، لتعريف العالم بها بتعدد لغاتهم واختلاف انتماءاتهم ومشاربهم وتسليط الضوء على تلك المبادئ ليستنير بها كل مفكر ومتحرر ومثقف وأديب وكل تواق للحرية والانعتاق من العبودية".
ولفت إلى أن "المعركة الأولى التي انتصر فيها الإمام الحسين (عليه السلام) منذ أولى ساعات يوم الطف وإلى يومنا هذا هي المعركة الإعلامية، لأنه خاطبهم بطريقة متفوقة على مستوى الحدث بعدما جاؤوا بتلك الجيوش الجرارة من أجل قتلة".
وزاد، "لقد تحولت القضية الحسينية بعد انتهاء واقعة الطف عسكريا إلى معركة إعلامية حامية الوطيس بامتياز بين طرف سخرت له كل إمكانات الدولة وطاقاتها ولكن تنقصه الحجة والمنطق، وطرف آخر لا يملك من الإمكانات سوى الحجة والمنطق والإيمان بالله والتوكل عليه، وهذا ما يجب أن يتصف به ويحمله الإعلام المنصف والموضوعي في هذا العصر"، داعيا الإعلام المنصف والموضوعي في هذا العصر بأن "يكون على درجة كبيرة من الوعي والإيمان بالله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآلة وسلم)، وأهل بيته (عليهم السلام)، وأن يمتلك الحجج الدامغة لإعلاء كلمة الحق ونشر رسالة السماء والدفاع عنها".
وأشار إلى، أنه "كما كانت زينب (عليها السلام) هي انطلاقة الإعلام الحسيني الأولى بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، حيث وظفت بشكل فعال نشر أحداث واقعة الطف وتوضيح الحقائق بما تمتلك من فصاحة اللسان وبلاغة في الكلام وقد وصفها المؤرخون في خطبتها في الكوفة كأنها تفرغ عن لسان أبيها أمير المؤمنين (عليه اللام) وانطلاقا من هذا الإرث الحسيني الإعلامي الأصيل، علينا تسليط الأضواء على جوانب كثيرة من حياة الإمام الحسين (ع) العالمية الإصلاحية الكبرى، وأن تتعرف شعوب العالم وعلى اختلاف مشاربها ومذاهبها وأديانها على شخصية الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته ومظلوميتهم وكفاحهم ضد الظلم والفساد، ومشروعية نهضته، وأن تسهم في إيصال القضية الحسينية بكل ما فيها من أبعاد إنسانية ورسالية، وتحقيق الحرية، ورفض منطق الظلم والطغيان والدكتاتورية، ودعوة صادقة إلى العدالة الاجتماعية، واحترام إرادة الشعوب، وحقوق الإنسان وقبول الآخر، وضمان حق العيش والحياة للجميع، بما يسهم في تشكيل رأي عام عالمي يتقبل نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) ويتفاعل معها ويدرك دوافعها وأبعادها الشرعية، وهذا ما نلمسه اليوم من أصداء هذه النهضة الحسينية الكبيرة حتى بات إحياء مراسم عزاء الحسين (عليه السلام)، وزيارته، ولا سيما زيارة الأربعين المليونية، تزداد اتساعا من حيث العدد، ومن حيث الانتشار الجغرافي، كل ذلك يعود في جوانب مهمة منه الى نجاح الإعلام في إيصال صوت الحسين (عليه السلام)، وصدى نهضته التضحوية الخالدة، إلى بقاع الدنيا، وإلى كل الأحرار والمنصفين في العالم وهذا ما نطمح إليه من أهداف سامية ونبيلة من وسائل الإعلام الأمينة والموثوقة التي ستشارك في نقل وقائع مراسيم زيارة الأربعين".
وتابع، "لقد كسر الإعلام حواجز التعليم والتكميم التي مورست ضد النهضة الحسينية على مدى سنين طويلة، وأتاح للعالم أجمع فرصة الإطلال بشكل مباشر على أسباب النهضة ودوافعها وأهدافها ونتائجها، حتى بدأنا نشاهد أعدادا كبيرة من غير المسلمين، ومن غير اتباع أهل البيت (عليهم السلام)، يحيون مراسم الإمام الحسين (عليه السلام)، بصور وأشكال مختلفة، لكنها تتفق في أنها تنهل من معين عاشوراء الصافي دروس العزة والشرف والآباء، كل ذلك بفضل وسائل الإعلام والاتصال المختلفة التي باتت في متناول الجميع دون حدود أو قيود".
وأوضح، أن "دور الإعلام الفاعل ونقله للقضية الحسينية قد نجح نجاحا باهرا، لكنه ولبلوغ هدفه وتوضيح غاياته يحتاج إلى تعدد الوسائل والانتقال إلى الجانب الثقافي مثل إقامة المهرجانات والمسرحيات، وإقامة معارض للرسم والفن التشكيلي وتجسيد قضية الطف على شكل لوحات فنية، فاللوحة والفن التشكيلي بحد ذاته لغة عابرة للغات، ثم إنَّنا نحتاج إلى أن نترجم النصوص الشعرية والنثرية التي تناولت القضية الحسينية إلى لغات أخرى عالمية، وإلى أعمال كبير وبمستوى البانوراما، بأن نجعل في كل عاصمة من عواصم العالم بانوراما الحسين (عليه السلام)، وهذه لا تحتاج إلى لغة فالصورة واللوحة والفن والظلال هذا كله يكفي في الخطاب مع الآخر بأفصح اللغات، أذن نحن لا نريد أن تكون الوسيلة الإعلامية وسيلة تتكئ على متبنيات فكرية هشة، وأنما وسيلة فكر وحكمة تحاكي معاني الحق، وتجعل من النوح والرثاء والبكاء رمزا للإباء ورفض الذل والخنوع".
وبين "فوسائل الإعلام وواجبها في نقل القضية الحسينية يعود إلى المقدرة الفكرية لكل مؤسسة إعلامية، وأيضا لتصدح حناجر الشعراء والرواديد وتعلو أصواتهم حول هذه القضية الحسينية لتكون مكملة للدور الإعلامي، فكان الشعراء والأدباء وقراء المنابر هم الأصوات الإعلامية التي جابهت وواجهت دولة الباطل، لتفضحها وتكون سببا في كثير من الثورات والانتفاضات على مدى التاريخ بعد واقعة الطف، ولتسهم على نحو فاعل في ديمومة هذه الثورة وانتصارها".
ونوه إلى، أنه "في هذه المناسبة، ومن هذا المقام المقدس، ومن خلال مؤسساتكم الإعلامية بجميع صنوفها نخاطب جميع الضمائر الحية ألا تقف مكتوفة الأيدي ومتفرجة على ما يجري من ماسي والآلام لأطفال ونساء غزة وهم يذبحون ويتضورون جوعا وعطشا والما من الجراحات، لا أرض تقلهم ولأسماء تظلهم إلا رحمة الله سبحانه وتعالى، وكذلك الضمير العالمي والإسلامي أجمع، ومن مدينة الآباء وقلعة المستضعفين والثوار وقبلة الأحرار مثوى سيد الشهداء وريحانة الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وسيد شباب أهل الجنة لتعلو صرختهم ولاءاتهم بوجه هذه الهمجية والسادية المتعطشة لدماء المسلمين، وفي مقدمتها المنظومة الإعلامية بكل إمكانياتها وأبعادها وبجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، وان نستثمر هذا الحدث العظيم، وهذه التظاهرة المليونية لنعبر عن ولائنا وتضامننا مع صرخة الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء".
واستطرد "ونقول لهم (والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفر فرار العبيد وهيهات من الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنين، وحجور طابت وحجور طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام) فهذه الصرخة الكبيرة التي أعلنها الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء ستبقى جذوتها متوقدة ومدوية تنتشر في كل بقعة من بقاع العالم، لأنها صرخة الحق ضد الباطل وضد الطغيان والاستعباد والغطرسة، فهي من مبادئ وقيم السماء التي حملها الحسين (عليه السلام) نيابة عن جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ".
اترك تعليق