68 ــ أحمد قفطان (1217 ــ 1293 هـ / 1802 ــ 1876 م)

أحمد قفطان (1217 ــ 1293 هـ / 1802 ــ 1876 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (22) بيتاً:

وأنتَ بما فيهِ أتى يومُ (كربلا)      وما قد جرى مهمٌ عليكمْ به أدرى

فللهِ من يومٍ تقـــــــــادمَ عـهدُه     على الـدهرِ لا تُنسى لحادثةٍ ذِكرا

تجدِّدُه الأيــامُ فـي كــــلِّ حجةٍ     مآتــمُه تــــبــني وأخـبـارُه تُـقــرا (1)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (50) بيتاً:

يومَ الحسينُ بـ (كربلاءَ) وصحبُه      ضربوا القبابَ على البلاءِ وخيَّموا

فتقـــلّدوا بيضَ السيوفِ وأفرغوا     حلقَ الـدروعِ على القلوبِ وأقدموا

من كـــلِّ خوَّاضِ الـمنـايا عـابسٍ     لو قـطبـــــتْ صيـدُ الـوغى يتبسَّمُ (2)

الشاعر

الشيخ أحمد بن حسن بن علي بن نجم السعدي الرباحي المعروف بـ (قفطان)، (3) وهي أسرة نجفية برز منها كثير من العلماء والأدباء والأعلام منهم أبوه حسن قفطان وأخوه الشاعر إبراهيم قفطان.

قال السيد الأمين: (وآل قفطان بيت علم قديم من البيوت العربية في النجف خرج منهم عدة علماء وشعراء وأدباء وعرفوا بحسن الخط وتوجد بخطوطهم كتب كثيرة علمية) (4)

ولد أحمد قفطان في النجف ودرس في مدارسها العلمية على يد والده حسن قفطان، وغيره من الأعلام في النجف الأشرف حتى وتخرج علماً من أعلام اللغة والتاريخ والفقه والأصول.

قال عنه الشيخ كاشف الغطاء: (كان أديباً شاعراً، آية في الذكاء والحفظ، وكان أصم ولكنه يفهم المراد لأول وهلة من المتكلم، يفهم حركات شفتيه حتى أن المنشد قد يقرأ البيت فيسبقه إلى قافيته..) (5)

قال عنه الشيخ محمد السماوي بعد ما وصفه بالعلم والكمال: (كان غاية في الذكاء والحفظ وجودة الخط، خفيف الروح سريع البديهة، درس على الشيخ صاحب الجواهر والشيخ الانصاري، له القوافي الشبلية والصنايع البابلية وله المجالس والمراثي) (6)

وقال الأستاذ علي الخاقاني: (كان من أولئك الأفذاذ الذين ساهموا في حفظ الأدب يوم أن أشرف على الاحتضار فقد موّج كثيراً من المجالس وأشغل عدة حلبات وامتزج بأرفع الأسر واتصل بمجموعة من زعماء الأدب فكان الرجل المرموق عند الجميع بكل احترام وإكبار) (7)

وقال عنه الشبيبي: (كان من النحاة والملمين باللغة والتاريخ والفقه والاصول ينظم الشعر ويترسل، ونثره خير من نظمه وله موال كثير ورق بصره أخيرا....) (8)

وقال الشيخ الطهراني: (كان ماهراً في النحو والعروض واللغة والتاريخ والفقه والأصول) (9)

شعره

قال السيد جواد شبر: (له شعر كثير في مدح الأئمة من أهل البيت ورثائهم ... وشعره تغلب على أكثره الجودة) (10)

وقال السيد الأمين: (قرأ في النجف وعانى صناعة الأدب حتى أصبح من مشاهير أدبائها وله شعر ونثر كثير مبثوث في المجاميع لو جمع لكان ديوانا كبيرا وكان ماهرا في علمي النحو والعروض وكان اصم يخاطب بالكتابة أو الإشارة) (11)

تميّز شعر قفطان بالرقة الممزوجة بفخامة المعنى وخاصة في رثائياته الحسينية، فعدسته الشعرية تطوف على أحداث ذلك اليوم بكل تفاصيله، وهو يوم الحزن الخالد الذي لا يخمد أواره يقول من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (48) بيتاً:

ولا مثلَ يومِ الطــــــفِّ يومٌ فإنّه      قضى للورى حزناً مدى الدهرِ خالدا

غداةَ حسيــــنٍ والرماحُ شوارعٌ      وجــــانبتِ البيض المواضي المغامدا

هنــــــــالكَ ذادتْ دونه هاشميةً     وصيدٌ غــــدوا في الروعِ كفّاً وساعدا

لقد أفرغوا فوقَ الدروعِ قلوبَهم     فكانتْ على صـــــــدقِ الوفاءِ شواهدا (12)

وقال من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (50) بيتا:

لولا المحرَّمُ ما سفكتُ مدامعاً     لسوى المحـــــرَّمِ سفكهنَّ محرَّمُ

أهلالُ شهرِ محـرَّمٍ مالي أرى     طعـــــــمَ الرقادِ عليَّ فيكَ يُحرَّمُ

آليت لا ترقى لعيـــــني عبرةً      أجرى مدامعَها المصابُ الأعظمُ

ومنها في أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام):

والنقعُ ينبي والوغى قد أعربت     صـحفُ المنايا والصفـــاحُ تترجمُ

فتقلّدوا بيضَ السيوفِ وافرغوا     حلقَ الدروعِ على القلوبِ وأقدموا

وتسنَّموا قــــبَّ البـطونِ كـأنّها     صرٌّ بأصـواتِ الصــــواعقِ تكدمُ

من كلِّ خوَّاضِ الملاحمِ عابسٍ     إن كشّرتْ نابُ الـــــــوغى يتبسَّمُ

تقتادُهم للـعزِّ عـزمـــــةُ أصيـدٍ     يجدُ المـنيَّةِ خـيـــرَ شــيءٍ يُـطـعمُ

تنقضُّ في ليلِ القتامِ سيــــوفُهم     كالشهبِ تخطفُ ما رديـنَ وترجمُ

حفظوا وصيةَ أحمـدٍ في سبطِهِ     ووقــــــــــــاهُ بالأرواحِ كـلٌّ منهمُ

ومنها يستنهض الإمام الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف):

للَهِ رزؤكَ يا ابنَ بــنــتِ محمدٍ     في قـلـبِ كــــلِّ موحِّدٍ لــكَ مأتمُ

لا تنجلي عنا غـيـاهبُ حــزنِهِ     حــتى يجـــــــلّيها المغيَّــبُ منكمُ

يا حجَّةَ الرحمنِ هلْ من وثبةٍ     تقتــــــــادني فيها وهلْ ليَ موسمُ

فمتى ترى عيني لواءَكَ خافقاً      يزهو به وادي الحصيبِ وزمزمُ

ومتى أراني صارماً لنفوسِهمْ     في صارمٍ مـن غــــمــدِه يتـظـلّـمُ

فلقــد قضيــــتُ بأنّةٍ وبعبــرةٍ     وبحســـرةٍ وبزفــرةٍ تــــــتـضرَّمُ

صلى الإلهُ عـليكمُ ما أشرقتْ     لهداكمُ شمــسٌ ولاحتْ أنـــــــجمُ

..........................................................

1 ــ شعراء الغري ج 1 ص 182 ــ 183

2 ــ شعراء الغري ج 1 ص 199 ــ 201 / ذكر منها في أدب الطف ج 7 ص 239، 7 أبيات

3 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ٤٩٥ / شعراء الغري ج 1 ص 170

4 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ٤٩٥

5 ــ الحصون المنيعة ج 9 ص 193

6 ــ الطليعة ج 1 ص 99

7 ــ شعراء الغري ج 1 ص 172

8 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 497 عن مجلة الحضارة

9 ــ الكرام البررة ج 1 ص 81

10 ــ أدب الطف ج 7 ص 240

11 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 495

12 ــ شعراء الغري ج 1 ص 177 ــ 179

كما ترجم له

الشيخ جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها لجعفر محبوبة ج 3 ص 100

الشيخ عباس القمي / الكنى والألقاب للشيخ عباس القمي ج 3 ص 79

الشيخ محمد حرز الدين / معارف الرجال للشيخ محمد حرز الدين ج 1 ص 74

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 3 ص 1003 ــ 1004

الزركلي / الأعلام ج 1 ص 112 ــ 113

الشيخ محمد صادق الكرباسي / معجم الشعراء الناظمين في الحسين ج 2 ص 284 ــ 293

gate.attachment

: محمد طاهر الصفار