عقمت الحروف ان تلد كلمة ترقى لوصفك يابنت المرتضى ..فانت صوت الحسين وصولته ودم الحسين وديموميته وشخص الحسين وشخصيته وبصر الحسين وبصيرته ، قتلوه ليسكتوه فنطـَقتِ عن لسانه وما استطاعوا اسكات صوت الحق وصرخته إلى يوم يبعثون ، فسلام عليك يابنت الدلآئل الوآضحآت والآيآت البينآت والمعجزآت البآهرآت والبرآهين الظآهرآت .
منبسطة فيحاء .. هي الارض التي شُرفت بقبر العقيلة زينب بنت علي " عليهما السلام " فعلى مقربة من احد مداخل الشام الجنوبية القديمة وفي الجهة الغربية من احدى قراها ، يلوح في الافق البعيد مشهد يشع ليملأ السماء بأنوار علوية تنبثق من منارتان عاليتان بينهما قبة ذهبية ترتفع بشموخ على قبر جسد رضيعة الرسالة والعصمة وربيبة الوحي والقرآن سيدة نساء العالمين بعد أمها الحوراء زينب بنت علي بن أبي طالب "عليهما السلام " .
الصورة اعلاه تمثل القبة الذهبية الشريفة للمشهد الزينبي المطهر في سوريا ، وهي جزء من مشهد معماري مقدس اقبل على بناءه المحبين الموالين لأهل البيت " عليهم السلام " ، ليكون قبلة للعاشقين المريدين ممن يهزهم الشوق لآل بيت النبوة الاطهار سلام الله عليهم ومن شتى بقاع الارض .
من المعروف لدينا ان للقباب الاسلامية تأريخ يرتبط بفترة ماقبل الحضارة الاسلامية ، فتاريخ انشاء القباب الأولى يرجع إلى العهد الآشوري في بلاد مابين النهرين ، والتي وصلتنا على شكل رسوم مبسطة مسجلة على جدران اطلال ابنيتهم . أما الأمثلة الباقية منها فيعود بها التأريخ إلى العصر الروماني حيث انتشار القباب بشكل واسع انذاك ، إلى أن أصبحت عنصرا رئيسيا في الطراز البيزنطي فيما بعد ، فأقتبسها الفنان المسلم ووظفها بهويته الدينية المميزة لتلعب دورا بارزا في العمارة العربية الإسلامية ، مميزا بها الأضرحة الدينية والمساجد وبعض من المدارس والبيوتات القديمة .
لم تكن القباب في العمارة الإسلامية حلا بيئيا ومناخيا وزخرفيا يكمل جمالية المبنى فحسب، بل هي أيضا تعتبر هدفا رمزيا مهما في حياة الانسان المسلم ، حيث ترمز إلى السماء وتحسس المصلي بعدم الانفصال عنها وعن الخالق جل وعلا ، خاصة في المناطق المسقوفة من المسجد " باطن القبة " ، والقباب تختلف في العالم الإسلامي ، فمنها المخروطي ومنها المضلع والبصلي الهيئة ، والنصف الدائري والهرمي وغيرها .
اما المراقد المقدسة لأهل البيت "عليهم السلام " فهي ذات قباب متشابهة الاشكال ما بين بيضوية وبصلية ونصف اهليجية ترتكز بشكل عام على جزء اسطواني غير عريض ، وفي الغالب تكون القبة من جزأين من البناء بينهما سلم للصعود الى اعلى القبة ، فضلا عن وجود باب او اكثر في كل قبة وبعض من الشبابيك للانارة والتهوءة كما في قبة السيدة زينب عليها السلام واحاطتها بشبابيك متجاورة متماثلة الشكل والحجم تحيط بعنق القبة اسفل الاية القرانية .
اما الجزء الاعلى المدبب فيوجد عادة على شكل اقرب للكرة المعدنية ، وقد يكون ذا كؤوس متراصفة فوق بعضها البعض ، وهي اما من الذهب او غيره من المعادن الثمينة ، والقبة بشكل عام اما ان تكون مطلية بمادة معينة كالاسمنت والجص في المراقد البسيطة العمارة، أو مغلفة بالكاشي الكربلائي المزخرف ازرق اللون في المراقد المتوسطة العمارة ، أو مغلفة بصفائح من الذهب في المراقد الضخمة العمارة ، كمراقد الائمة " سلام الله عليهم " ومرقد سيدتي زينب الكبرى " عليها السلام " الذي كسيت سطوحه الخارجية ( القبة على وجه الخصوص ) بالذهب مما جعل من هذا الصرح المعماري يتلألأ ليلاً ونهاراً ، مضفيا على المنطقة جمالاً جذاباً ومتميزاً .
اما الجزء الاسطواني من القباب فقد جرت العادة عند الفنان المسلم ان يكون فيه حزام من الخط الجميل المنقوش على صفائح الكاشي الكربلائي ذي الارضية الزرقاء ، والمتكون من ايات قرآنية او ابيات شعرية معينة ، وهذا ما نلاحظه في الشريط الخطي ازرق اللون المزين لمحيط قبة السيدة زينب " عليها السلام " في الجزء الاسطواني منها والذي يحمل في ثناياه مخطوطة جميلة من الذهب على ارضية زرقاء لبعض من ايات مباركات من سورة الانسان " هل اتى على الانسان ......" ، مما يزيد من فخامة المكان فوق فخامته واجواءه الروحانية المقدسة ، مكونا بذلك محطة يلجأ اليها الموالين ، ليعيشوا اللحظات في كنف هذا الحرم المقدس بقلوب مؤمنة طاهرة شديدة العلاقة بأهل البيت ، ليشعر المرء وكأنه في محراب عبادة دائم يكون فيه المرء أقرب إلى ربه وتكون فيه الصلاة أكثر قبولاً ، وهو يلجأ الى جبل الصبر" عليها السلام " مستغيثا مستشفعا بها الى الله ، لتذليل ما استعصى عليه من امور الدين والدنيا .
نعم ... هذه بنت علي المرتضى فإنها دون أدنى ريب شفيعة ومشفعة ، فالسلام عليك يا بنت خير خلق الله وأول العدد قبل ايجاد أرضه وسماواته وآخر الأبد بعد فناء الدنيا وأهلها الذي روحه نسخة اللاهوت وصورته نسخةالملك والملكوت وقلبه خزانة الحي الذي لا يموت ورحمة الله وبركاته .
سامر قحطان القيسي
المرفقات
اترك تعليق