للخط علامة فارقة ... يفتتن من يرى لمساتها

رموز وتلميحات لمعان وأفكار روحية عميقة .. أحدثها الخط العربي كعلامة فارقة في تاريخ الفنون عبرالعصور المختلفة ، فهو يعد الأكثر فرادة في الابداع على صعيد الفنون البصرية بشكل عام ، أكد من خلاله الفنان المسلم أهمية الحضور الجمالي و القيمة الجمالية المطلقة للحرف العربي لأرتباطه المباشر بدلالته اللغوية المقدسة من كلام الله المنزل في القرأن الكريم .

أدرك الفنان المسلم اهمية العلاقة بين اللغة البصرية والانسان ، فعمد لصياغة لغة خاصة بالفن الاسلامي تستطيع العين البشرية  قراءتها ، من خلال التمسك بالمنهج والعقيدة الاسلامية التي تأخذ بيد البصيرة الانسانية الى الحق والخير والجمال .

هذه اللغة ذات لكنة هندسية تجريدية رمزية اتخذت من النقطة والخط والشكل واللون اساسا لها بمعايير خاصة " بأجتماعها تكشف عن مضمون العمل الفني " قائمة على اساس ان " النقطة والشكل متجاور ومكرر و الخط مستقيماً أو منحنياً ثم لون الى جانب اخر.. موزعة الأشكال برتابة ودقة متناهية تتواشج فيما بينها على سطح اللوحة بنظام خفي من خلق الفنان المسلم خطاطا كان ام رساما " .

 فالخط العربي كفن ارتبط  بالجمالية المقدسة بعيدا عن تأريخ الفنون الاخرى ، كونه حالة متفردة تستند إلى ثلاثة أركان مميزة عن باقي الفنون الاخرى ، هي اللغة، والتكوين الجمالي والقدسية التي استمدها من القران الكريم والاحاديث النبوية الشريفة واقوال العظماء من ال بيت النبوة الاطهار والتي انكشف فيها الخط بصورة جلية كحالة جمالية لها إطار وظيفي متسق متجاور البنى مع الزخارف الاسلامية لتزيين جدران الاضرحة الدينية المقدسة ودور العبادة ، فضلا عن كتابة النصوص المقدسة .

كان الخط العربي ومازال وسيلة لأنتشار العلم والمعرفة ، فأصبح مظهراً من مظاهر الجمال الاخاذ في الحضارة العربية الإسلامية وفنونها ، وما فتئ ينمو ويتطور ويزدهر ويتعدد الانواع والاشكال ، وبالخصوص حينما حرك الفنان المسلم الخطوط وازال جفافها لتصبح مطواعة لينة مضيفا إليها ومنتجا منها الزخارف لتغدو لوحات فنية تثير شجون المتلقي حين تعرضه لها .

استخدم الفنان المسلم  الكتابة  بقوالب زخرفية لتحل محل الصورة المستنسخة من الطبيعة ، عاكسا بذلك نوعاً من التعبير له خصائص جمالية من شانها الكشف عن قيم جمالية استثنائية ترتبط بقيم عقائدية وخلقية اصيلة ، فضلا عن احترام النظام والطبيعة من خلال الخطوط المتصلة والمتنوعة التي يغلب عليها طابع القياس الرياضي والدقة المتناهية ، حتى أصبح الحرف وحدة زخرفية بحد ذاته وبرز كعمل فني متزن .

في مخطوطات وزخارف العصر الحديث وما طرأ عليها من مستجدات الحداثة الفنية التي طالت كل انواع الفنون ، استخدم الفنان المسلم  السمة الروحية الكامنة في الخط العربي" مستخلفا ذلك من تراث ابناء جلدته من الفنانين المسلمين " ، فعلى الرغم من وظيفة الحرف العربي في إيصال المفاهيم والتعبير المبتغاة كهدف لغوي بحت ، إلا أن هناك هدفاً باطنياً وروحانياً ينبض من وراءه يسمو على معناه اللغوي ، كحالة لا مرئية مطبوعة بداخل نفس الفرد المسلم " فنانا او متلقيا " ، مؤكدة ومثبتة على مر العصور وهو الاطار الروحي المتمثل بالاتصال بالله سبحانه وتعالى ، ليصل بالمتلقي " روحاً " الى الجمال المثالي ، ذلك الجمال الالهي الذي بدونه لا يمكن الاحساس بوجود الجمال ، وهذا ما يسمى بالتزاوج الواضح بين المرئي كفعل مستقل بدلالته اللغوية " الحروف والكلمات المخطوطة " واللامرئي كفعل مرتبط بالمعنى والدلالة الفنية والجمالية " روحانية العمل " .

سامر قحطان القيسي

المرفقات