حشد الطفوف ...نوافذ على ذاكرة الطف

لكل معاوية علي ولكل يزيد حسين وعلى مر العصور والازمان ، وللتاريخ صولات وجولات وعبر و ها هو يعيد الاحداث من جديد في اظهار عداوة وبغضاء احفاد بني أمية لرسول الله ( صلى الله عليه واله ) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام ) واتباعهم من الموالين ، ولعلها تكون رسالة من الخالق عز وجل لقادم الايام والاجيال ليعرفوا   من هم ورثة الحسين (عليه السلام ) ومن هم ورثة يزيد لعنة الله عليه.

ولعل فكرة "بانوراما حشد الطفوف" ماهي إلا محاولة لدمج الماضي بالحاضر، إذ بزغت من صدى فتوى المرجعية العليا بالجهاد الكفائي المقدس ، ليسطر أبناء العراق أروع الملاحم التي أصبحت اليوم الامتداد الحقيقي لواقعة الطف الاليمة ، وهذا ما ظهر جلياً في ( فكرة العمل ) عبر معرض خاص اقيم في مدينة كربلاء المقدسة بمنطقة مابين الحرمين الشريفين .

العمل يمثل انصار الحسين في معركة الطف الخالدة والثابتين لنصرة الحسين في عصرنا الحاضر على السواتر في مواجهة عصابات الكفر والرذيلة داعش الارهابية من احفاد يزيد لعنة الله عليه .

نُفذ العمل بهيئة بانورامية لها خصوصياتها الفردية في إطار العمل الجماعي على يد مجموعة من التشكيليين العراقيين كالفنان التشكيلي ( ضرغام كاظم الكرادي والتشكيلي عايد ميران وماهر الحبوبي ) فضلا عن ( الفنان انور كمر والتشكيلي رسول المالكي وعادل خالد )  وهذا بدوره طرح خصوصيات جديدة في التعبير والتشكيل التي تميز بها هذا المنجز الفني .

يستمد العمل الفني أهميته من الجمع بين الفني والمعاصر والتجديد في الرؤية ، فقد كان من المعتاد لدى المتلقي رؤية اللوحة معروضةً في صالات العرض الفنية وفي المتاحف والاماكن المغلقة وباشكالها المعروفة لدينا ، لكن فكرة هذا المنجز فرضت شكلاً جديداً على المتلقي ، يتجاوز فيه عملية الوقوف أمام العمل والمشاهدة الصامتة له ، فقد ابتعد الفنانون في هذا العمل البانورامي عن ما ندعوه باللوحة المحمولة التي لطالما استمرالإعجاب بها  لفترات طويلة حتى تحول الفن من الحالة الحداثوية إلى الحالة المعاصرة التي هو عليها الان ، والتي مهدت لخروج اللوحة من الصالة لتصبح حالة تركيبية في فضاء حر قد لا يكون محدد بحدود الاطار الفني المعروف سابقا ، هذا المتغير البصري الحسي يفرض سطوته على هذا العمل البانورامي  كحالة ثقافية جديدة وفق رؤى وطرائق تفكير مستحدثة ومبتكرة .

نفذت اللوحة بشقين الاول منها يمثل لوحة جدارية نفذت بطريقة الفلكس ( المطبوعات الحرارية ) على خامة خاصة بالطباعة وبابعاد 10 * 2.5  متر اما الشق الاخر فهو يمثل ارضية افقية من الرمال الكربلائية الصفراء فضلا عن بعض الخامات المتداخلة مع الارضية كالقماش والمعادن وبعض الاشواك والخشب بابعاد 10*2 متر وهي تمثل جزءا من ارض المعركة  مضيفة للعمل الفني بعدا ثالثا يدفع بالمتلقي الى البحث عن واقعية المشهد والاحساس به .

 تبدأ احداث اللوحة من اليمين متمثلة بانصار الحسين ( عليه السلام ) في الماضي والحاضر وهم تابعين خاضعين لراية الحق متوجهين باجسادهم واسلحتهم نحو شخصه (سلام الله عليه) في وسط اللوحة والذي يمثل مركزسيادة اللوحة والمحور المحرك لاحداثها  ، اما الجزء الايسرمن الجدارية فيتمثل بجيش يزيد واحفاده من داعش الكفر والارهاب وهم يرفعون اسلحتهم المحملة بحقدهم وافكارهم المسمومة نحو الحسين عليه السلام واتباعه ، فضلا عن ترك الفنان فراغا في وسط الجدارية يفصل بين يمينها ويسارها ويبدو للعيان انه الحد الفاصل بين الحق والباطل المتمثل بفتوى الجهاد الكفائي في حاضرنا والايذان ببدء ساعة الصفر للقتال ودحر اعداء الله والانسانية  .

ارضية اللوحة الافقية الرملية كانت بمحورين ايضا ، فالمحور الايمن منها يعتبر مكملا للجزء الايمن من الجدارية وهو يمثل ارض المعركة المرتوية بدماء الابطال من انصار الحسين (عليه السلام ) وفيها شواخص اجساد لرجال من الحشد المقدس   مُسجات تغطيها الرمال المصطبغة بحمرة دماءهم الزكية  يقابلها الى يسار الارضية بقايا اجساد اعداء الله تفترش الاشواك مطعونة برماح ونبال الحق الحسينية .

اضاف المنفذون لهذا العمل مجموعة من المؤثرات الصوتية لتكون احتكاكاً بصرياً وصوتياً تفاعليا ، جمع بين صليل السيوف وصهيل الخيل مرورا بأعلان فتوى الجهاد الكفائي وصولا الى ارض المعركة في وقتنا الحاضرواصوات الاسلحة الحديثة ، مما اكسب العمل الفني تاثيرا واضحا على نفس المتلقي .

الجدارية بتشكيلها البانورامي قد أضافت الكثير من المفردات المختلفة لتتخذ هذه الصيغة النهائية ، فهي قدمت بتأثيراتها الحسية والروحية تنوعا بانوراميا جديدا، وهكذا فعلت في انتماءات الشكل وإيقاعاته في ذات الوقت ، لتكون اللوحة التي تختزن الذاكرة وتطلق الخيال وتثيرالمشاعرالوجدانية للمشاهد .

سامر قحطان القيسي

المرفقات