التطبيق الإجرائي للصورة الحسية في الشعر الحسيني

الدكتور صباح عباس عنوز 

ظل الشعر الحسيني قيثارة الوجد النابضة بقدسية الموقف النبيل وموال المشاعر المتدفقة في شرايين التاريخ المنصف، ينز حنينه كلما مست كف الظلم والجبروت ظهر الإنسانية، أو لوى العنت عنق الحقيقة إذ لما يزل الحسين (عليه السلام) رمزاً قدسياً تجثو عند قدميه عناءات الإنسانية وتستريح في ظله أوجاع المحرومين الناجين من إخطبوط القهر، وبقى هذا الرمز المقدس يختزل مساحات البوح ويضيء فضاءات التاريخ بالعبرة والصلابة، مرتكزاً بموقفه على صفاء اليقين وانبلاج سطوعه.

ولهذا زاحم هذا الرمز الشمس الأزلية في سطوعها منذ أن قال الحسين (عليه السلام) قولته الصادقة المعبرة عن حبه لله سبحانه، "إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ومفسدا ولا ظالما إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد صلى الله عليه واله وسلم"[1]، ويقيناً ان الله تعالى قد أحبه فجعل ذكراه مقدسة في النفوس الصافية وقاهرة لمن لا يريد للحقيقة ان تبزغ من سماء مكانتها السامية، لأنه مثّل موقف الحق إذ يقول "فاني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين الا برما"[2].

ولهذا انتصر الشعر للحقيقة فامتدت القصيدة الحسينية امتداداً طويلاً في نسيج الزمن وكأنها أرادت ان تبقى أزلية هي الأخرى، منذ عصر (المخبآت) حين أودع محبو الحسين (عليه السلام) قصائدهم في حنايا الزمن فحافظ عليها من الضياع، يوم شعر التوابون بفداحة أمر استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وآل بيته الأطهار وصحبه الأبرار، حين ألْجِمَت أفواه القصائد بالسكوت ورعب الخوف الأموي – أقول – بقيت هذه القصائد تسري في عروق الزمن وتتفرع في دروبه وتزهر في محطاته، فكانت تنساب إلينا حزناً شفيفاً كأنه خيط متصل يلم حلقات الأزمان المتعاقبة، وكلما لامست تلك القصيدة بيئة خالية من عيون الشيطان، ومن سوط الظلم والغرور السلطوي، كلما نمت وأورقت فأزهرت ثمار الإبداع، وهذا ديدنها في كل عصر ومصر.

لذلك أعد القصيدة الحسينية عمراً مكتنزاً بالخبرة والدربة الفنية والمران اللغوي، وعمق البناء الفني واتساع التجربة، والغريب ان فنية هذه القصيدة تتسامى نمواً وتزاد تجديداً عند كلّ جيل يلحق بأخيه السابق، فأصبحت ملامح هذه الصورة الحسينية ذات سمة خاصة بها لا تغادر بناءها المعماري، ولاسيما في انساقها المختلفة، ومن تلك الصور الصورة الحسية الحسينية التي تميزت بالنضوج والتنوع على وفق صيرورة التجارب الشعرية ومسايرتها للإبداع الشعري.

والمتأمل في الشعر العربي الذي قيل في الإمام الحسين (عليه السلام) وآل بيته الكرام، يراه يتسم بطاقة ايحائية تمكّن المتلقي من الانشداد مع الفكرة، وتثير فيه لحظة زمنية تنتقل خلالها الفكرة والعاطفة بقوّة فائقة وقادرة على اشعار المتلقي بالاستمتاع والارتياح من جانب فنية الصورة، ومن الجانب الفكري فأنها تجرّ المتلقي إليها من خلال التفاعل والانفعال مع ما مرّ بآل البيت (عليهم السلام) من غصص، فأخذت القصيدة الحسينية مدى واسعاً " فالشعراء الذين وقفوا على مصرع الحسين (عليه السلام)، والشعراء الذين ندبوه وثاروا من أجله، والشعراء الذين وقفوا بين يدي الأئمة (عليهم السلام) كان لهم جميعاً فضل السبق في وضع اللبنات الفنية لقصيدة الرثاء الحسيني المعاصر"[3].

وسيقوم التطبيق الإجرائي برصد الصورة الحسية بأنواعها وهي تدخل نسيج الشعر الحسيني وتفضي إلى دلالات توخاها الشعراء، وارتضوا هذه الصور الحسية سبيلاً لإيصال مبتغاهم، ولم نفرد لكلِّ نوع دراسة وإنما ستكون الأنواع متداخلة؛ لأن من ميزات الصورة الحسية الحسينية هي أن تتداخل الأنواع فيما بينها وربما كانت في الصورة الجزئية الواحدة أو الصورة العضوية أو المركبة صور حسية كثيرة.

ولنتأمل الصورة الرمزية الحسية في الشعر الحسيني وهي تجمع بين أنواع الصور الحسية وبين ما يتجه اليه الشعر الحديث الحرّوقصيدة النثر في بناء النص، سنجد إتجاهاً آخر في الشعر الحسيني فهو يقف مرّةً بين الصورة المباشرة الواضحة المعلنةِ من موقف الشاعرتجاه الوجود، ومرة بين الصورة التي تحتاج إلى تأويل، ففي هذه الصورة الرمزية الحسية التي يحاول الشاعر أن يقف خلفها ناقداً من خلالها الواقع، تصبح القصيدة مقطوعةً تدور حول فكرة واحدة إذ يصبح الرأس والأرض والشمعة رموزاً تعكس رفض الشاعر لواقع أحيط بالحسين وآله الكرام (عليهم السلام) فنبذ مَنْ لم ينصر الإمام (عليه السلام) وآل بيته (عليه السلام).

يقول عبد المنعم القريشي في قصيدة (الرأس يبحث عن جسد الطفل)[4].

سلامٌ عليك، سلامٌ عليك.

سلامٌ على الأرض إذ تخجلُ الآن من مقلتيك.

سلامٌ على كلِّ دربٍ يؤدي إليك.

سلامٌ على شمعةٍ تذرفُ الدمع وقت الغروب.

وتبكي (محمداً) وتبكي سماءً طواها الشحوب.

كان السلامُ مفتاحاً لحالة الشاعر الانفعالية، ونجد استجابة مرتكزة على دور الانفعال المتبادل بين مشاعر الذات وقواه المتدفقة عبر معاني الكلمات، في محاولة الشاعر لجذب انفعال المتلقي إليه ومشاركته له.

فيرتمي الشاعر في أحضان الانفعال المتبادل، فتأتي الصورة الاولى عبر التشخيص (سلام على الأرض إذ تخجل الآن من مقلتيك)، وبذا جعل الشاعر الأرض أكثر احساساً من أولئك الذين امتطوا الرذيلة، وأداروا الظهر عن قيم الفضيلة، وبمثل ذلك شخّص الشاعرُ الأرض والشمعة وجعل لهما الاحساس (سلام على شمعة تذرفُ الدمع وقت الغروب).

فما بال أولئك الذين لا يهزُّهم واعزُ ضمير، فيؤكد الشاعر باستعارةٍ رفضه لأولئك والتخلي عن مخاطبتهم؛ لأنهم لا يملكون الهاجس الانساني، فيعمد إلى مخاطبة الجمادات، فهي أكثر مروءة من اخوان الشيطان على رأيه بحسب الدلالة الايحائية للنص، إذ يقول:

سلامٌ على غصن زيتونةٍ راعفة، بأيامها النازفة.

بصيحة طفل حزين، بأحلامها والجبين.

سلامٌ على عيشةٍ تستفيق.

تفتش في السرِّ عن قاتلي.

ثم يصل الاستذكار بالشاعر، حين يصل الأفق الوجداني إلى أعلى مراحله حيث يحصل الجمع بين انفعال الحسرة على الماضي وروح التهكم على تلك النفس المملوءة بالدنس، يوم لم تعر شيئاً لحرمة آل البيت (عليهم السلام) فيقول الشاعر مختتماً نصه بعد أن أحاط به الانفعال فقطع عليه التعبير...

سلامٌ.. ودعني لشأني.

فختام الشاعر ينبئ عن سخطه ولومه للواقع، فأراد أن يكون منعزلا عنه.

ونجد الصورة الرمزية تتألق بحسيتها في نص شاعر آخر إذ يقول[5]:

سلام عليك

على دمع تعثر في وجنتيك

على تمتمة بلا أجنحة رفرفت في شفتيك

على نظرة حيرى تبسمت في مقلتيك

فالصورة الحسية اعتمدت الرمز فتنقلت من حسية حركية (تعثر, رفرفت) الى صورة حسية بصرية (تبسمت في مقلتيك)، ثم بقي الشاعر يركز على حركية الصورة الحسية الملونة بالحمرة، انسجاماً مع ما تعرض له الإمام الحسين (عليه السلام) كما في النص الآتي:

سلام عليك

على سر تجذر في السنين

على دمع ينبع في اليقين

على صوت تورد بالحسين

ثم تاتي الصور الحسية اللاحقة عاجةً بالتشخيص والتجسيم لتتناسب مع هول الحدث الذي مرَّ به الحسين وآلِ بيته (عليهم السلام)، كما في النص الآتي:

سلام عليك

على وجع في كل آنٍ يورق بالأنين

سلام عليك

على الخلود استطال علواً في ساحتيك

على جسد تعاورته الضبا والذئاب

على لحظة غرقى بثوب الضباب

على العيون الجائعة، على الدموع الذابلة يكبلها سوط الاغتراب

على الغيرة تهش أرتال الذئاب

ونجد الصور الحسية قد اكتسبت صفتها تناسباً مع انفعال الشاعر ومراعاة لمقتضى حال واقعة الطف، فكانت الرموز (الذئاب، الطفل، الصلاة، الفلاة، الطغاة) تحمل معها دلالات ايقاعية، فضلا عن معانيها التي أنارت فضاء النص كما في قوله:

سلام عليك

على طفل تبسم للرماة

مدت عباءتها عليه الصلاة

سلام عليك

على شمل تشظى في الفلاة

فاستدارت عليه غيوم الطغاة

وراح يرنو اليك

ويبقى الإيقاع محافظا على علاقته بالصورة الحسية، فهو يتنوع معها طبقا للدلالة وحركية النص، واعتمادا على هيمنة الرمز في الصورة الحسية، فاصبح الايقاع ونوع الصورة الحسية ودلالة الرمز وطاقته الايحائية في النص كلها عوامل مساعدة في تقديم صور حسية اكثر تماسا مع وجدان المتلقي، كما في الرموز (شمل التقى، نسل الهدى، الربى، المدى، أنياب الدجى، رقية، غول، تلول، مقلتيك، منكبيك، معصميك، راحتيك، الخلود،التاريخ)، وأنهى الشاعر هذه العلاقات الدلالية بان الخلود يطأطأ رأسه للحسين(عليه السلام) لفعله الانساني المجيد, وقد ساعدت الصورة الرمزية مقرونة بحسيتها على ذلك كما في قوله:

سلام عليك

على نظر يتابع خطوك مشدوداً اليك

سلام عليك

سلام على شمل التقى. على نسل الهدى تناثر في الربى

على رقية هامت في المدى

تعقبها الخوف وأنياب الدجى

سلام عليك..عليها

وقد لاحق خطوها فزع وغول

أوجاعها، كرب، تلول

فظلت تحوم،تدور،تدور وترنو إليك

فتهوي نجمة عطشى تقبل مرفقيك

وفي الملكوت صوت يضج.. يصيح

سلام عليك

على سيف تمدد حاسراً في معصميك

على فرات تبلل من مقلتيك

على عطش تفجر نهراً من منكبيك

على تمتمة ضائعة في شفتيك

سلام عليك

على يوم توضأ من راحتيك

إليك.....إليك

كل الخلود يطأطأ رأساً إليك

وذا التاريخ متكسراً ترجل في ساحتيك

يجثو، يقبل خاشعاً

طف الأسى، قدميك

سلام عليك......سلام عليك.....

فكان هذا السيل من الصور الحسية بشتى انواعها عاملا مساعدا على ايجاد علاقة بين النص والمتلقي وكل صورة حسية هنا اصبحت رمزا ودالا تاريخيا في آن واحد، فانعكس ذلك على تصوير مشاهد مختلفة من واقعة الطف، يستشفها القارئ او السامع بنفسه وهي لا تحتاج الى تعليق، تأمل الشاعر عبد الحسين الاعسم، وهو يصور بأساليب البيان صوره الحسية الحسينية حين يقف في رحاب الذكرى للإمام الحسين (عليه السلام) فيقول[6]:

قد أوهنت جَلَدي الديار الخاليه *** من أهلها ما للديار وما ليه

ومتى سألت الدار عن أربابها *** يُعد الصدى منها سؤالي ثانيه

ولقد دعوه للعنا فأجابهم  *** ودعاهمو لهدىً فردّوا داعيه

ما ذاق طعم فراتهم حتى قضى *** عطشاً فغسل بالدماء القانيه

يا ابن النبي المصطفى ووصيه *** وأخا الزكي ابن البتول الزاكيه

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة *** لكنما عيني لأجلك باكيه

فالصور الحسية هنا امتلكت الاضاءة الفكرية والمعاينة الروحية معا، إذ طوع الشاعر صوره الحسية معتمداً أساليب بيانية (أوهنت جَلَدي الديار الخاليه)، و(سألت الدار عن أربابها)، والمتأمل هنا يجد الشاعر يستعمل المجاز في هذا البيت، ثم تأتي الكناية مكملة للصورة الكلية، فأصبحت أساليب البيان صوراً جزئية تلتحم مع بعضها لتكوّن صورة مجازية كلية، وبذلك أصبحت هذه الظاهرة متوافرة في النص الحسيني، فبجمع الادائين البيانين تلتئم الدلالة الفكرية، ويضىء فحوى الدلالة، وعبرّ هذا النص عن إيضاح دوال تاريخية تمثلت بوقوفه على الديار الخالية، وفي دعوة الذين تنصلوا عن دعوتهم فردوا مسلما (عليه السلام) فقتلوه، وفي موقف العطش الذي مرّ به هو وآله وصحبه، وختم صوره الحسية بدال تاريخي هو تركهم لابن بنت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مضرجا بدمائه، وانتهت الصور الحسية بفكرة فلسفية مفادها ان الشاعر لم يبك من اجل المثوبة وانما تبكي عيناه بسبب ما مر به الحسين (عليه السلام) في فاجعة الطف.

ولنقف عند صور حسية اخرى، اذ يقول السيد محمد سعيد الحبوبي في عاطفة جياشة[7]:

نزعتك من يدها (قريش) صقيلاً *** وطوتك فذاً بل طوتك قبيلا

فكأن جسمك جسمه لكنه  *** كان العفير، وكنت أنت غسيلا

وكأن رأسك رأسه لو لم يكن *** عن منكبيه مميزاً مفصولا

وحُملت أنت مُشَرِفاً ايدي الورى *** وثوى بنعش لم يكن محمولا

لقد أتكأ الشاعر على الصورة الحسية لايصال غاية قوله فختمها بمفارقة، أسهمت الصورة الحسية في انتاجها، فعملية المقارنة حققت دلالة ايحائية أجاد الشاعر إيصالها إلى المتلقي وهذه قدرة فنية يتميّز بها الشعراء المبدعون، إذ إن هذه السمة وضحت في النص أعلاه وهي، هي من نتاج الصورة الحسية التي وسمت مشاهد النص المذكور فالنجف مدينة الشعر ومنبت الثقافة، وصورهم ملونة بدماء كربلاء، معبأة بدموع الولاء، تفننت قابلياتهم في صنع الصورة، وأكدت انتماءهم إلى مدرسة النجف المدرسة الشعرية العربية التي زخرت بالكبار، وغدّت العربية بالانتماء الأدبي، فكان حرفها صافياً سليماً نابعاً من صحو الضمير المتوقد بحب الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل البيت (عليهم السلام).

فالصورة الحسينية أخذت طابعاً مميزاً، ولعل التميّز متأتٍ من تمثّل الشاعر للموقف، وعودة الذاكرة إلى أطواء التأريخ عَبْرَ الزمن النفسي.

فالشاعرُ أيُّ شاعرٍ يهمهُ أن يقتنع أولاً بعمله، وقناعتُه تعني صدقه الفني، فيختار المفردة الدالة، وينتقي مسالك التعبير لتتحقق عنده وحدة موضوعية، فالوحدة تمتد تحت اطار المشهد الصوري، وعبر هذا المشهد يقدّم الشاعر مادتَه، غرضَه، دلالتهُ، لنتأمل لشعر الدكتور محمد حسين علي الصغير وهو يخاطب المتلقي معارضاً قصيدة (أحمد شوقي) في بني أميّة فيقول[8]:

قِفْ في رُبى الطفِّ وأنْشُدْ رسْمَ من بانوا

فأنها في جبينِ الدهرِ عنوانُ

ويركز على الصورة الحسيّة الملونة فيقول:

وآسْتَلهِمِ التربةَ الحمراءَ ناطقةً  *** بها الدماءُ الزواكي فهي تبيانُ

ثم تتألّقُ قابليته التعبيريةُ وتجود الذاكرة، عبر شبكات قائمة على مبدأ الاحتمال والتوّقع حتى في الصورة، أي سحب المتلقي للمشاركة في الكلام، تأمل قوله في نزول آل البيت (عليهم السلام) إلى أرض كربلاء[9]:

حتى إذا نزلوا في (كربلاء) سرت *** للحرب فيهم مغاويرٌ وفرسانُ

تذرعوا الصبرَ، فالأبدانُ أُضْحِيَةٌ *** واستشعروا الموت، فالأرواح قربانُ

ويعمد إلى الاستعارة المجردة، وصولاً إلى رسم صورته الحسية حين يريد أن يصف أفعال آل البيت العظيمة وشمائلهم الكريمة، فيقول[10]:

بيضُ الوجوهِ، فما انحازوا ولا انتكسوا

شُمُّ العرانينِ، ما هانوا وما لانوا

يستشرفون سيوفَ الهندِ لاهبةً

ويمتطون العوالي وهي مُرّانُ

لقد كثرت الصور الحسية بانواعها في هذا النص وان كثرة لصور الحسية في الشعر دليل على احتدام الانفعال الوجداني لدى الشاعر فكان المجاز والتشخيص في (وانشد رسم من بانوا)، قد حقق والصورة البصرية التي ابدع الشاعر، فيها حين اضاف المحسوس الى المعقول (جبين الدهر عنوان)، وتألق التشخيص عنده مرة اخرى حين جعل الدماء ناطقة مفصحة عن يوم الطف فكانت الصورة الحسية حاضرة عبر (ناطقة بها الدماء)، ثم جاءت الصور الحسية الحركية والبصرية متساوقة مع انفعال الشاعر (نزلوا في كربلاء) و(مغاوير وفرسان) (فالابدان اضحية)، ثم يتفاعل الشاعرُ كثيراً مع نمو الصورة فيمنحها الحسية عبر الحركة، لينقل لنا مشهداً صورياً تلتقطهُ ذاكرتُه المتوحدّة مع الحدث في ساحة الطف، فيقول في صورته الوصفية[11]:

البيدُ بالخيلِ.. والبطحاءُ حافلةٌ *** بالمشرفيةِ..والأفاق حُسبْانُ

والأرضُ ترمّلُ بالأبطال زاحفةً *** إلى المنايا.. ووادي الطفِّ ميدانُ

فالصورة سمة ظاهرةٌ تميزالأسلوب، وللأسلوب خصائص تتعلق بمفردات الشاعر، فلنشاهد صورتين حسيتين للشاعر، وقد تحدثتا تاريخياً عبر حسيتهما، فانكمش مجال التعدد للمعنى، ولا يقبل التأويل الصوري هنا، إذ يقول[12]:

لولا الحسينُ لقامَ الأفقُ واندلعتْ *** شرارةٌ.. وطغى للغيِّ طوفانُ

والناسُ عادتْ إليهم جاهليتهُم *** وقُدِّسَّتْ بَعْدُ أصنامٌ وأوثانُ

والدينُ عادَ غريباً بعدَ حدّتهِ *** والحقُ عاثَ به بغيٌ ونكرانُ

ما كان غيرُ أبي الأحرار منقذها *** بصرخةٍ هي للتغيير عنوانُ

لقد تعاونت كل أساليب البيان مع تثوير اللغة في السياقات التركيبية، لإظهار هذا المشهد الصوري الحسي المقنع بالحجة، فكان المقطع الصوري حسيّاً منسوجاً بدقةٍ، مبينا هنا فضل ثورة الحسين (عليه السلام) على الإسلام والمسلمين.

أما في الصورة الحسية الثانية فيؤكد الشاعر بقاء وشموخ القباب، وبالاستعارة، والمجاز، والكناية، يتحقق هذا المشهد الصوري الحسي المزجج بلون القباب الذهبية، وتحمد للشاعر قدرته التعبيرية الرائعة في إظهار هذا المشهد فيقول[13]:

هذي (القبابُ) سراجٌ لا انطفاءَ له

وكيف يُطفئُ نورَ اللهِ طغيانُ

تهدي السماءَ نجوماً من أشعتها

ويستضيءُ بها في الليل حيرانُ

وتُحْشدُ الأرضُ فيها الشهب سابحةً

وتستطيلُ إليها وهي أكوانُ

ما زال فيها نشيدُ الحقِّ مُنطلقاً

يصحو به الدهرُ حيثُ الدهرُ سكرانُ

فالشاعر بصوره الحسية عبر عن مكنونات فكرته وما يعتقده مؤكدا علاقة القباب بالايمان فكانت الكناية بالتعريض تنفي انطفاء سراج هذه القباب، لانه (وكيف يطفيء نور الله طغيان)، ثم انها معلم للهداية ريثما تعثر الدهر او سكر فهي لما تزل (نشيد الحق منطلقا)، إذْ إنّ قضية الإمام الحسين (عليه السلام) مثلما تخطت حدود الزمان والمكان، فأنها تخطت حدود التقييد، فاصبحت مثالاً للإنسانية، وقد حرص الشاعرالحسيني على تلوين صوره الحسية الحسينية باللون الأحمر، كما هي الحال عند الشيخ عبد المنعم الفرطوسي الذي يقول[14]:

بني مضرالحمراء فاتكم الوتر *** فضاع لكم في كل ارض دم حر

أو قول الجواهري ([15]):

كأن يداً من وراء الضريح  *** حمراء (مبتورة الأصبع)

أو قول الشيخ أحمد الوائلي[16]:

فأكبرت فيك الدّمَ أسرجَ شعلةً *** بقلب ظلام الليل حتى تبددا

فالشاعر الحسيني يحرص دوماً على إعطاء الصورة الحسية الحركية المشاهدة لكي يقتنع المتلقي بالفكرة، تأمل قول السيد محمود الحبوبي يرسم بلوحته التاريخ والواقعة معاً عبر صورالحسية، فتؤكد الصور مضامين كثيرة، فهو يقول[17]:

ودعتْك كوفانٌ ومذ وافيتها  *** وافاك جيشٌ كالجبالِ لهامُ

وهذه صورة أخرى متحركة مرسومة بالاستعارة عبر التجسيد يقول فيها[18]:

تمشي الحتوفُ أمامه ووراءهُ  *** وبه تغصُّ البيدُ والأكمامُ

الأرضُ تملؤها الفوارسُ كالدُبى *** والجوُّ تلطمُ وجههُ الأعلامُ

فوقفْتَ تذكرهم ذِمامهم الذي *** أعطوا، وهل للخائنين ذمامُ

فهذه الصور الحسية متكئة على صورة ذهنية (تمش الحتوف) وهي ناطقة عن مشهد تاريخي جمع بين دعوة الحسين بالقدوم الى العراق وبين رسم مشاهد الجيش الذي اعترض الحسين واله وصحبه (عليهم السلام)، فكانت المشاهد الحسية البصرية والمتحركة والصوتية كلها شاهد عيان على نقل دال تاريخي لا يحتاج السامع الى شاشة عرض كي يراه، وانما كانت هذه الصور كفيلة بنقل الواقعة بأدق جزئياتها اليه، فالصور الحسية الحركية في الشعر الحسيني اتخذت مساراً ابداعياً فنياً، ينبئ عن حرفة ودربة متلازمتين عند الشعراء.

 ومنهم عبد الإله جعفر فمثلما تمكن الشعراء من براعة النسج لصورهم الحسية الحركية، وقدرتهم في التقاط دلالاتها, فان الشاعر عبد الإله قد عرف الخصيصة، فإذا كان نمو الانفعالات يرافقه هبوط في فنية النص والأخذ بها إلى المباشرة فقد وجدت الشاعر جعفر، قد انفلت من هذا التقييد، وطوعه لصالح منجزه الشعري, فكلما زاد انفعاله كلما خاض غمار البناء الفني الدقيق للصور الحسية التي أرتقت درجات في اظهار قدرته على صياغة الواقع صياغة تقنع المتلقي، وتجر شعوره نحو مشاعر الشاعر, أياً كان موضوع النص.

فتأخذ الصورة الحسية الحركية حيزاً مهماً في هذا التكوين البنائي للصورة الفنية الحسينية نفسها، ولدلالاتها عنده الشاعر، اذ تتضافر بنيات الشكل مع أفكار المضمون... يقول في قصيدته لأبي الفضل (عليه السلام)[19]:

بعزمك هذا المـدى مفعـم  *** وحب الحسين لك المغنم

وصبر الكرام ومجد العظام  *** يتوقان خطوك يا ضيغـم

لقد كبرت تجربة الشاعر وتنامى المضمون في صوره الحسية بشكل لا تستطيع القافية الواحدة ان تضم الى دفتيها نوازعه المضمونية, فجاء الشاعر بميزة حسية حين وازن بين المضمون والقافية, وبقى هذا التوازن يسير على وفق ملاءمة المضمون للشكل في كل فكرة تتوطن بناء القصيدة, فثمة موضوع جزئي وثمة بناء لوحدة موضوع كلية, وهنا بدأ الانطلاق الابداعي يؤشر نحو ملامح جديدة في بناء الصورة الحسية في تجربته, تأمل قوله[20]:

يا ابا الفضل أي طرف اجيل *** ولأي الجراح منـك اميـل

أي بأس هذا الذي قد تفرى  *** بين جنبيك واصطفته النصـول

أي شهم تناوشته المنايا  *** فغدا حوله يمـوج الصليـ

لقد اختار الشاعر للفن الشعري المختوم قفلاً يتماشى مع تلوينه الشعوري الذي بدأ مهيمناً على مواضيعه المطروقة في جسد القصيدة الواحدة, لذلك مال الى الربط بين بناء الصورة الحسية الحركية وبين ذلك القفل او الخاتمة التي فرضها على ذاكرته الشعرية (الوعي الجمعي) أي ركونه الى (الردات الحسينية) كما في قوله[21]:

هتفَ الناعي فضجّت كل أفلاك السماء

قد هوى سبط النبيّن خضيباً بالدماء

فكان التطعيم ينم عن قدرةٍ ابداعية جيدة وسعي الى رسم ملامح الصورة الحسية على وفق تجربة خاصة به, هذا من جانب, ومن جانب آخر وجدت الشاعر له القدرة على رسم الصورة الحركية التي لها القابلية القصوى في بث الايحاءات عند المتلقي والإسهام في تفعيل روافد التلقي, ولعل هذه الخصيصة تنبئ عن قلق مزمن ولا استقرار مرضٍ عند الشاعر, فاستطاع ان يطوع الصورة الحسية الحركية مع تموج مشاعره فيحمد له امساكه بناصية البناء الفني أيضاً وهذه تسجل له لا عليه, تأمل قوله في يوم الطف[22]:

طرق الكرامة في رحابك تمرعُ *** وضحى الفداء بهدي نهجك يُرفعُ

يا ملهمُ الثوار لحناً مبدعاً  *** للعنفوان وليس مثلك مُبدعُ

غذّتك احضانُ الرسالة بوحها *** حتى سموت فأنت فينا الأروعُ

فالصورة الحسية الكبرى كانت مزيجاً من صور حسية جزئية ضمّها التلوين الشعوري الذي كان سمة بارزة في قصائد الشاعر، وتبقى صورته الفنية الحسينية ينبوع محبة وولاء يتدفق في الوجدان القدسي وينبئ عن عميق حب الشاعر للحسين وآله (عليهم السلام) وصحبه الأبرار (رضي الله عنهم)، وتتحدث عن صفاء ولائه, وحقيقة طاعته, وصحيح انتمائه لقضية الحسين (عليه السلام) التي هي قضية الضمير الإنساني ما مر وقت أو تلاحقت أجيال او تبدلت أماكن.

ولنقف عند الشاعر العراقي عبد الباقي العمري الموصلي، إذ لم تكن الصورة الحسية الحسينية لديه الا وجداً ملتهباً بحب آل البيت (عليهم السلام).

فهو لا ينقل الشعور الصادق فحسب بصوره، وإنما يحثها على أن تكتسي بالحسية عبر الحركة واللون، فتصبح الصور الحسينية عنده ليس بحسب شكلها المقنع، وإنما بما يُمَلُّكها من دلالات فنية تفوق تأمل هذه الصورة الحسية الملونة بالحمرة والانفعال الصادق، فقد رسمتها أساليب البيان كافة متعاونةً مع الدلالة اللغوية بأسلوبها الفخم، اذ يقول[23]:

نَدْبٌ له الدنيا أقامَتْ مأتماً  *** حتى به الدينُ عليه نَدَبا

سيدُ شبانِ الجنانِ طالما  *** تشريَفُه أهلُ الجنانِ ارتقبا

كان أبوه سيّداً كجّدِه  *** للانبيا والأوصيا قد نُصبا

فانتخبته الشُهدا حتى غدا  *** للشهداء سيداً مُنتخـبا

لقد أسهمت الصورة الحسية في اظهار استنكار الشاعر لما حدث للحسين (عليه السلام)، ومن ثم فأن الصورة الحسية اتصفت بالحزن وتأكيد مكانة الحسين (عليه السلام) عند المسلمين، انطلاقاً من الحديث الشريف بحق الحسن والحسين (عليهما السلام) " الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة"[24].

ونلحظ هذا الشاعر المسلم وهو ينتفض على أولئك الذين لم يضعوا حرمةً لآل البيت (عليهم السلام)، فيصف لنا مشهداً تاريخياً استنكره الشاعر، يقول بالصورة الحسية الملونة:

ذَبْحٌ عظيمٌ أبْعَدَ الرحمنُ عن *** رحمته الذي به تقرَّبا

تَبّتْ يَدا مَنْ فضَّ خَيْزوره  *** ثَغْرٌ أعارَ الدين ثغراً أشنبا

ثغرٌ شريفٌ طالما قبّلَهُ  *** أبو الميامين النبي المجتبى

قد عزلوا عن الوجودِ رأسَ مَنْ *** لا يرتضي سوى المعالي منصبا

ويستنكر الشاعر مشهداً تاريخياً آخر عبرت عنه صوره الحسية حين تُعلق الرؤوس ويُسار بها من الشرق إلى الغرب.. لاحظ هذه الصورة الحسية المتحركة المرسومة بالكناية والاستعارة إذْ حقق التشخيص فيها دلالة كبرى:

ورأسُهُ الشريفُ شمسُها التي *** تخيّرَتْ من كربلاءَ مَغْربا

للشرقِ منْ غَرْبٍ قد آرتدّوا به *** فقيلَ وعْدُ ذي الجلال اقتربا

تبكي السما والأرضُ والأمْلاكُ *** والجنّةُ والإنسُ عليه سُحُبا

فيلتحم الشاعر انفعالياً مع تلك المشاهد فيضعف امام حبّه للحسين (عليه السلام). فيقول ان حزنه يجول في حناياه، لا ينتفي، تأمل هذه الصورة الحسية الحركية:

لو أنَّ دَمْعي كان مُسْتَمَدَّه  *** من كلِّ بحرٍ كلُّ بحرٍ نَضَبا

حُزني عليه دَوْرُهُ مُسَلْسَلٌ  *** مَهْما انتهى إلى النفاذِ انقلبا

فأن ذكرتُ بالطفوف ما جرى *** على السَّحابِ ذيلُ دمعي انسحبا

بماء عيني ونبار لوعتي *** أكادُ أن أغْرَقَ أو ألتهِبا

إنّ اعتناء الشاعر بالصورة الحسية التجسمية، ليس لتبيان الحسية فحسب، وإنما لإظهار الشعور الذي تحمله أفكاره ورؤاه المنبعثة من أعماقه، لان الصور الحسية تسهم في إظهار الفكرة العامة؛ ولأن الفكرة تتواجد عند كل الناس، ولكن الأهم كيف تُقَدّم وبأي إناء، بإناء تعبيري مذهّب، أم بإناء فضي أم بإناء عادي، هنا تظهر براعة الشاعر في طريقة التقديم وما يختزنه من ثراء لغوي وفني؛ لأن الشاعر حين يتحدث عن قضية حسينية فهي معروفة، ولكن المهم كيف يتعامل مع الفكرة وكيف يُقدّمها بطرق مختلفة، لابد أن يأنس المتلقي لواحدة من دون سواها، وهنا جاء تأثير الشاعر في المتلقي وهو يرصدُ شعرياً حال الفواطم الحزينة وعظم الموقف الذي مررت به، تأمل الصور الحسية للشاعر عبد الباقي العمري وهو يتحدث عن يوم الطفوف:

يومٌ به ضَرْعُ فواطِمِ الهُدى  *** منه سوى دُرِّ الأسى ما حلبا

ثم يصف غضب الشمس كما تذكر الروايات لحظة احتضان الحسين (عليه السلام) الأرض حين هوى من فرسه، فيعبّر الشاعر بصوره الحسينية المرئية الحسية عن الانفعال الصادق الذي انبثق من وجانه فيقول:

ومادَتِ الأرضُ ومادَتِ السما *** وانهالتِ الاطوادُ فيه كُثبَا

والشمسُ قد أودى بها كَسُوفُها *** تحكي بكفِّ ابن النبي اليَلَبا

ومُذْ رداء الأفقِ من أطرافه  *** بحُمْرَةٍ من دمهِ تَلهّبا

دمٌ كسا خدّ الطفوفِ رونقاً  *** يلوحُ في تَوْريدِه مُشربّا

يومٌ به الاسلامُ تُلَّ عرشُهُ  *** وانهدّ منه رُكنُه وأنثلبا

ثم يصور العلاقة الاخوية الروحية بين الحسين وزينب (عليهما السلام) بصورة حسية كنائية، يُظهر فيها غباء الاعداء حينما توهموا أنهم منعوا الحسين (عليه السلام) من الماء.. لنرى الشاعر عبر التوقع والاحتمال كيف يرد على ذلك.. تأمل هذه الصور الحسية التي رسمتها الكناية مع المجاز العقلي:

للحربِ ناراً اوقدوها فاغتدوا *** ويلٌ لهم لنارِ ربّي حطبا

لا بكتِ السماءُ أجداث الأُولى *** أبكوا على فَقْدِ الحسين زينبا

صدّوه عن ماءِ الفراتِ ضاميا *** فاختار من حوضِ أبيه مشربا

ويختم الشاعر صوره الحسية أيضا بانتصار الحسين عليه السلام، فمثلما رأى الشعراء السابقون بدء خلود الحسين (عليه السلام) وبدء الحياة باستشهاده، فانه يراه قد ارتوى من حوض ابيه عند استشهاده.

ويحقق الشيخ ضياء الدين الخاقاني عبر صوره الحسية انتصار الكلمة على السيف فهو يقول[25]:

يا زهوة الفتح تسمو فيه طائفة

لها الفخار إذا جد العلى وثبوا

لله نهجك والاخلاق منبثقٌ

من ناظريك سماء ملؤها شهبُ

يا ملهم النفس معناها فكان لها

بما وهبت إلى اوج العلى سببُ

علمتها كيف تسمو في حقيقتها

فلا تذل ولا يوهي بها النصبُ

فصوره الحسية دلت على سمو معاني ثورة الامام الحسين (عليه السلام)، وعلمت الباحثين عن وجه الشمس كيف يتخطون الصعاب بوهب اعز شيء من اجل ان تبقى الحقيقة ظاهرة سامية لا تذل ولا تضعف، ويقول الشاعرمحمود الحبوبي[26]:

فقضيتَ تحت البيض أسمى مَنْ نضا

سيفاً وأحمى من علاه قتـامُ

وتركته يوماً يمر بقدسـهِ

فتخر ساجدة له الأيـامُ

لقد بينت صوره الحسية البصرية (فقضيت تحت البيض) والحركية (فتخر ساجدة له الأيام)، المكانة الرفيعة للمستشهد وهو الإمام الحسين (عليه السلام)، فكان عالياً في موته، ولأجل هذه المكانة الرفيعة تنحني، وتسجد له الأيام في كل زمان احتراماً لفدائيته من أجل الاسلام.

وتأتي قصائد الشيخ عبد المنعم الفرطوسي معبأة بالبلاغة ودلالاتها الفنية، ومشحونة بالاحساس الفياض ومما يحمد له أنه يلجم التداعي ويسمح بتمدد المدى البياني تحت قبضة الوحدة الموضوعية، وتظهر قدرته على كبح جماح التداعي واخضاعه إلى المدى البياني الذي نعني به تناسل الصور داخل سدى النص عبر صور حسية تمثلت بالسمعية والشمية والحركية والبصرية واللونية التي اكتسبت الصبغة الحمراء، فكان النص وحدة عضوية جسدتة الصورة الحسية بأنواعها معاً فهو يقول[27]:

يا مصرع الشمس حدّثنا فأنت فم

يجيد تمثيل فصلِ الحزن والالم

يا منقذ الدين حقاً وابن منقذه

وباعث الروح روح الحق في الرمم

تضوّع المجد من علياك في شيمٍ

عبّاقة بأريج المجد والشيم

وكُرّم الحق إذ توجّت مفرقَةُ

من الجهادِ باكليل الدماِ السجم

فالشاعر جمع اللغة الى البيان في موهبة فريدة فاستطاع أن يُكوّن صورا حسية اشترك فيها اسلوب النداء من جانب والتشخيص من جانب اخركما في قوله:

(يا مصرع الشمس حدّثنا فأنت فم

يجيد تمثيل فصلِ الحزن والالم)

فصوره الحسية بينت ان الامام (عليه السلام) هو الذي بث روح الدين في الرمم الذي تكون نتيجة افعال بني امية، وأفصحت صوره الحسية الشميّة ان رائحة المجد وعبقه انما جاء من موقف الحسين النبيل، وبصورة حسية اخرى جعل اكليل الشهادة الحسينية تاجا لمفرق الجهاد، وهكذا تدلي الصور الحسية على مضامين يختزنها الشاعر ثم يبوح بها مبنية بصور محسومة، ويتألق الشيخ محمد الهجري في صور حسية متناسلة ضمن حدود مدى بياني يمسكها السياق المنتظم الحامل للمدلول، مقوياً رغبة المتلقي في الانصات إلى بوحه إذ يقول[28]:

اخطري يا بيد فالوحي على *** خدك الاسمر يشدو ويشيعُ

لأذيب الشمسَ في قافيةٍ *** فاح من أعطافها الحب الرفيعُ

ركدت فيها الأماني فمتى *** زأرُ الدهر اجابته الدموعُ

كانت الصورة الحسية متمثلة باللونية والبصرية والشمية وختمت بالصوتية، فقدعبّرت عن انفعال الشاعر العميق وتعلقه بقضية الحسين (عليه السلام)؛ لأن الصورة الحسية مقياس ما يطبع في المخيلة من تصورات يأنس لها القائل.

 وتؤكد الصورة الحسية الحسينية أن للحسين (عليه السلام) حضوراً ابدياً، إذ إن الكلمات تصغر في حضرته؛ لأنه سطوع دائم فاعتمد الشاعر الاستعارة المكنية في رسم صورته الحسية مجسداً ومشخصاً وملوناً اياها بنقاء الوجدان، ومثل ذلك يقول الشاعر محمود الحبوبي[29]:

تمضي العصور وتنطوي الاعوام *** ولمجد يومك تنحي الايامُ

فَخُر الزمان به وتاه، وأنه  *** أبداً على صدر الزمان وسامُ

هُدَّتْ صروح الظالمين ودُكدُكَتْ *** أُثارهم في الارض فهي حطـامُ

وأتَتْ على تاريخهم حتى انتهت *** دنياهم وكأنها اوهـام

فالصورة الوجدانية التي حاول الشاعر أن يضعها مشاهدة مرئية ليجعل المتلقي متوحداً مع نصه، مثلما توحد هو مع قضية آل البيت (عليهم السلام) فجعل الخلود موقوفا على الحسين (عليه السلام)، لأنه المجد الذي تنحني له الأيام دوما ولأنه وسام الزمان وفخره، ولأنه الوحيد الذي ظل واقفا على هامة التاريخ أمّا هم فهدت صروحهم ودكدكت أثارهم واضحت حطاما للرائي، وبذلك تألق الشاعر في نقل أفكاره عبر صوره الحسية التي استوعبت التشخيص والتجسيم والانتقال من المعقول إلى المحسوس، فضلا عن أساليب البيان الأخرى.

وهذه الحال وصلت إلى درجة متقدمة من البناء الفني الذي ظهرت فيه الوظائف الاسلوبية والبلاغية والفنية متحدة عند الشعراء الحسينيين، فكانت العلاقة في شعرهم متمخضة عن تركيب خاص لا يمكن لغيرهم ان ينظم الكلمات ويرتبها بموازاة مع الحال النفسية، فقد قدمت الصورة خدمةً للدلالة التي أرادها الشاعر الحسيني، ومن أجلها أنشئت القصيدة فهذا الجواهري عملاق الشعر العربي الذي له القابلية في أن يَدُوفَ طينة الدلالة بهندسة معمارية قلّ أن نجد لها نظيراً في الادب العربي إلا عند قلةٍ مبدعة، فهو يحقق الوحدة الموضوعية والوحدة العضوية ووحدة الشعور ووحدة الصراع على الرغم من قابليته في تمديد الصور البيانية في النص.

وعلى الرغم من ذهابه الى أعماق الماضي والعودة إلى الحاضر والتطلع إلى المستقبل إلا، أن ذلك كلَّهُ لا يؤثّرُ في نسيج نصهِ. يقول الجواهري[30]:

ورعياً ليومك يوم الطفوفِ  *** وسقياً لأرضك من مصرعِ

فيا أيها الوتر في الخالدين  *** فذّاً إلى الآن لم يشفعِ

تعاليت من مفزعٍ للحتوف  *** وبورك قبرُك من مفزعِ

تلوذُ الدهور فمن سُجّدٍ  *** على جانبيه ومن رُكّعِ

فإذا تأملنا هذه الصور المرئية المليئة بالدلالة والوجدان والمعبرة عن شعورٍ فياض مصحوب بانفراجة روحية، نجد الشاعر وقده استطاع أن ينقل السامع معه عبر تناسل الصور المبدعة والحاضنة للدلالة ووحدة الموضوع فيقول:

شممتُ ثراك فهبّ النسيمُ  *** نسيمُ الكرامة من بلقعِ

وعفرت خدي بحيث استراح *** خدٌّ تفرى ولم يضرعِ

وحيث سنابك خيل الطغاة  *** جالت عليه ولم يخشعِ

وطفت بقبرك طوف الخيال  *** بصومعة الملهم المبدعِ

وخلت وقد طارت الذكريات *** بروحي إلى عالم أرفعِ

كأنّ يداً من وراء الضريح  *** حمراء مبتورة الأصبعِ

تمدُّ إلى عالم بالخنوع  *** والضيم ذي شرقٍ مترعِ

كانت الصورة الحسية قطعة من مشهد منسوج بوجدان شاعر هام في حب الحسين (عليه السلام)، وكانت الحركات مصورة لوثبات نفسية، وقد آبت لوناً أحمر يظلل اديم هذه الصور، الأمر الذي جعل الشاعر يمد نسيج صوره ليصل الى نقطة أراحته وأوقفته على شاطئ الايمان ليستريح من عناءاته، إذ أصبحت قضية الحسين (عليه السلام) حقيقة لأولي الالباب حين يتدبرون كنهها، فيقول:

أريدُ الحقيقة في ذاتها  *** بغير الطبيعة لم تطبعِ

وماذا أروع من أن يكون  *** لحمك وقفاً على المبضعِ

وأن تطعم الموت خير البنين  *** من الأكهلين إلى الرضعِ

وخير بني الام من هاشم  *** وخير بني الأب من تبعِ

وخير الصحاب بخير الصدور *** كانوا وقاءك والاذرعِ

فيطفح الوجدان القدسي عند الشاعر لتصرح صوره الفنية الحسية بما يجيش في صدره من صدق تجاه الحسين (عليه السلام)، الذي اصبح مذبحه دليلاً لأيمان الشاعر، يقول:

وقدّستُ ذكراك ولم انتحل  *** ثياب التقاة ولم أدعِ

تقحّمت صدري وريب الشكوك *** يضج بجدارنه الأربعِ

فنورت ما أظلم من فكرتي  *** وقوّمت ما اعوجّ من اضلعي

وامنتُ ايمان من لا يُرى  *** سوى العقل في الشك من مرجعِ

بأن الاباء ووحي السماء  *** وفيض النبوة من منبعِ

تجمعّ في جوهرٍ خالص  *** تنزّه عن عرض المطمعِ

ان الصور الحسية التي عجت بها هذه القصيدة كانت دليلا على ان الشاعر قد كتبها مقتنعا ولم يقل الشعر هنا رغبة او رهبة، وانما كان ايمانه بقضية الحسين قد دفعه للقول، فهو أكْبَر فعل الحسين (عليه السلام) وهذا ما أنبأت به صوره الحسية البصرية:

(وماذا أروع من أن يكون  *** لحمك وقفاً على المبضعِ).

أو قوله:

(وأن تطعم الموت خير البنين *** من الأكهلين إلى الرضعِ)

او قوله وهو يرى الحسين قد قدم للشهادة وللموقف النبيل خير الصحاب الذين كانوا وقاءه واذرعه، فالجواهري جمع بين الموقف العظيم للامام الحسين (عليه السلام) وبين مدحه وبين مخاطبة الواقع، فكان موقفه واضحا من وحدة الوجود، فاصبح الحسين طريق هداية ونبراسا دل الشاعر على حقيقة ذلك الوجود:

(تقحّمت صدري وريب الشكوك  *** يضج بجدارنه الأربعِ

فنورت ما أظلم من فكرتي  *** وقوّمت ما اعوجّ من اضلعي

وامنتُ ايمان من لا يُرى *** سوى العقل في الشك من مرجعِ)

فصوره حسية حركية جمعت وحدة الصراع ووحدة الشعور ووحدة التداعي، وهيأها للربط التاريخي، فكانت قافيته متعاونة مع الصور الحسية في إظهار الدفقة الشعورية، وهذا ما هيأ الاثارة الانفعالية، وبقدرته الشعرية جمع إليهما الخيال الأمر الذي جعل النص ينفتح على لغة شعرية مكثفة، جمعت الصور الحسية بأنواعها وأفادت أغراضا متنوعة في النص، فهو ينتقل بدقة من غرض الى غرض ورابطه في ذلك الصورة الحسية فانتهى غرضه إلى أن الاباء ووحي السماء وفيض النبوة من منبع واحد تجمع في جوهر تنزه عن مطامع الحياة، وهذا الأمر كشف خبايا الشاعر الجواهري الذي انتهى به المطاف الى الايمان بقضية الحسين (عليه السلام).

ويتألق الشاعر رضا الهندي كثيراً في أعطاء الصورة المرئية الحسية لينقل لنا بانفعال صادق وشعور جياش حال الحسين (عليه السلام) وسط كم من العتاة وفاقدي المشاعر، ويرسم بالاستعارة والكناية لنا هذا المشهد الصوري الذي ادت فيه الصورة الحسية وظيفة تاريخية كشفت عن حقد المارقين، اذ يقول[31]:

ومضى لهيفاً لم يجد غير القنا *** ظلّاً ولا غير النجيع شرابا

فبالصورة الحسية هذه عبر الشاعر تاريخيا عما تعرض له الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء، ثم يعمد إلى الصورة المرئية الحمراء أيضاً شأنه شأن شعراء الصورة الحسينية، بغية ايصال المتلقي الى مشهد حسي مرسوم، ولكي يتم التفاعل بين نص الشاعر واحاسيس المتلقي، او ربما يعمد الشاعر الى ذلك كي يبيح ما يجيش في اعماقه من افكار مصورا لها تصويرا حسيا، فيقول:

لهفي لجسمك في الصعيد مجرّداً *** عريان تكسوه الدماءُ ثيابا

تَرِبُ الجبين وعَيْنُ كل موحدٍ *** ودّت لجسمك لو تكون ترابا

وهنا أعطى الشاعر عالمية قضية الحسين (عليه السلام) في قوله (وعَيْنُ كل موحدٍ)، فافادت الصورة وظيفة اجتماعية كناية عن ميل الانسانية للفعل النبيل الذي أداه الحسين (عليه السلام) في سبيل الحق.

ثم يصف بصورة حسية رأس الحسين (عليه السلام) وهو يتلو الكتاب، اذ حقق تلك الصورة الحسية عبر الكناية فيقول:

لهفي لرأسك فوق مسلوب القنا *** يكسوه من أنواره جلبابا

يتلو الكتاب على السنان وإنما *** رفعوا به فوق السنان كتابا

وبذلك حقق الشاعر صورة أدت وظيفتها الدينية والاجتماعية والتاريخية، وهو يومئ إلى تعلق الحسين (عليه السلام) بالقرآن العظيم وعلاقتهما ببعضهما.

ويأتي الشيخ محمد علي اليعقوبي ليرسم صورته الشعرية الحسينية بدفء الوجدان مؤكداً بقاء الموقف الحسيني النبيل، ويوم فجيعته، حيث أصيب الاسلام بفقده وآل بيته (عليهم السلام)، فهو يرسم صور معتمداً اللغة والاسلوب للنهوض بها، وكانت الكناية أقرب الاساليب البيانية لديه، يقول[32]:

بكيت على ربعكم قاحلا *** فأخصب من ادمعي ممرعا

غداة ابو الفضل لف الصفوف *** وفل الظبى والقنا شرعًا

أذا ركع السيف في كفًه *** هوتْ هامهم سجدا ركعا

فالصورة الحسية تنقلت بين الحركة البطيئة (الخصب الممرع) إلى الصورة الحسية الحركية السريعة التي تصور شجاعة العباس (عليه السلام) فبين ركوع السيف وسقوط الهام كانت الحركة عبر الصورة الحسية معبرة، فالصورة الحسية رسالة المنشيء المعبرة عما تختلجه من احاسيس وعواطف وافكار، وقد اكد الشاعر هنا هذه الفكرة حين جعل الصورة الحسية تنطق عما يدور بخلده فاستطاع ايصالها الى السامع.

فكانت مناجاته حزينة ضمنها مفارقة اعتمد اللغة فيها لبيان الطاقة الايحائية القصوى لدلالات صوره الحسية، وكان التضاد حاضرا (قاحلا، ممرعا)، والجناس متواجدا (لف، فل)، وهيأ ذلك الى ظهور صورة حسية حركية أبان الشاعر فيها بصورة حركية شجاعة الامام العباس (عليه السلام)، فإذا ماركع سيفه هوت هامات الاعداء ركعا، فالعلاقة تتناسب طرديا في حركتها من حيث حركة السيف وحركة الهامات المتساقطة، والعلاقة عكسية في ان واحد، فأذا ركع سيف الامام وزادت ضرباته كان حتفهم ونقصانا في حياتهم، ومثلما حضرت اللغة، واستثمر الشاعر المكونات البلاغية في انتاج صوره الحسية، فقد استثمر الحوار الذاتي بأسلوب الخطاب الاستفهامي لانتاج صورته الحسية فهو يقول:

أبدر العشيرة من هاشم  *** أفلت وهيهات أن تطلعا

لقد هجعت أعين الشامتين  *** وأخرى لفقدك لن تهجعا

فكانت عواطفه تنساب مع دلالات الصورة الحسية، معبرة عن تضامن الشاعر مع المشهد الحسي، بوصفه واصفا وراسما لمشهد الوفاء الذي مثله العباس(عليه السلام).

ويأتي الشاعر السيد محمد بحر العلوم ليمثل شعره انفجاراً وجدانيا، وانبثاقا عاطفيا تلتحم فيه قوة الانتماء للحسين (عليه السلام) مع شلال عواطفه التي جاءت معبأة في صور حسية تواجدت فيها وحدة الصراع، أي موقف الشاعر من الوجود، فالشاعر قد عاش مغتربا فانعكس ذلك على شعره ليلون صوره الحسينية الحسية بالوان الحزن والتأسي على واقعه الذي ظل محمولا في ذاكرته، وكلما مست أنامل الشعر ذلك الواقع، كلما دمعت قصائده ألما لنتأمل نصه وهو يخاطب الحسين (عليه السلام) قائلا[33]:

تذوي الدهور وذكر يومك يكبر *** وحديث مجدك للقيامة ينشر

ويعيش في ظمأ العيون وشوقها *** للقاك حبا في الولاية معشر

ويمر تلفحه المآسي جذوة *** حمراء من مهج الكرامة تسعر

أأبا البطولة، والحديث مسهَد *** والجرح ينزف، والمآسي تنخر

بدأ الشاعر نصه بالاستهلال المقصود، والأخير له دور في جذب انتباه السامع، لأنه منطلق رسالة التلقي، ومكنون ما يريد ان يبثه المنشيء إلى السامع، فكانت الصورة الحسية حاضرة في الاستهلال عبر التجسيم، ومن ثم عول الشاعر على خلط المحسوس بالذهني (تذوي الدهور، ظمأ العيون، مهج الكرامة)، وهكذا تنبثق الحياة ويكبر الذكر وينتشر حديث المجد في استهلال الشاعر، غير ان مسار الصور الحسية يتغير، وتبدأ وحدة الصراع مبينة موقف الشاعر من الواقع فيقول:

هذا العراق يغص في مر الضنى *** تقسو عليه الحادثات وتسخر

فعلى ضريحك الف اهة مثقل *** بالهم من ضنك الفجيعة يزفر

ونجد القصيدة الحسينية دائما منفذا سالكا يدخل منه الشعراء لنقد الواقع، وقد أدت الصورة الحسية الحسينية وظائفها تجاه رسم مشاهد الواقع وتلوينه، فيقول الشاعر:

وعلى ربى النجف المضرج بالدما  *** شهقات محزون العقيدة تنفر

ثم يعود الشاعربعد ان ياخذ التلوين الشعوري أي التداعي مأخذا في انتاج صوره الحسية، الى الختام ليعبرعن قوة الانتماء الروحي للحسين (عليه السلام) فيقول:

حسب المحبة للحسين هوية  *** ترد الخلودبها ومنها تصدر

وبذلك استطاع الشاعر أن يحقق بفعله الإبداعي صورا حسية حملت وظائف اجتماعية، بينت قوة انتمائه إلى القضية الحسينية، وحددت موقفه من واقعه المعيش، فرصد وأومأ، ودلى وأرشد، فضلا عن الوظائف الابلاغية والوظائف الفنية التي نهدت بها هذه الصور الحسية الحسينية فكانت خير معبر عما يختلج في اطواء الشاعر ومما ساعد على إيصال الدلالات انتقال الصور من الذهني إلى الحسّي ومن الحسّي إلى الحسّي لتخرج مرئية ملونة مسموعة كما في (النجف المضرج بالدما) و(شهقات محزون)، فأضحت الصور الحسية عنده لسان الفكرة والوثبات النفسية التي رافقت بناء نصه الشعري، وهذا ما تؤديه الصورة الحسية الحسينية من وظائف دلالية تسهم في إقناع المتلقي وجذبه إلى النص.

[1] المناقب 4/88.

[2] حلية الاولياء 2/39.

[3] الإمام الحسين عليه السلام عملاق الفكر الثوري، د. محمد حسين الصغير/360.

[4] مهرجان الطف الشعري الثاني: 19

[5] عندما تتمتم عيون المغفرة: 34

[6] من لا يحضره الخطيب /210.

[7] ديوان محمد سعيد الحبوبي /423ـ425.

[8] ديوان أهل البيت، د.محمد حسين الصغير/187.

[9] ديوان أهل البيت/187.

[10] المصدر نفسه /187.

[11] المصدر نفسه /187.

[12] ديو.ان أهل البيت، 183.

[13] المصدر نفسه، 187.

[14] ديوان الفرطوسي، 85

([15]) ديوان الجواهري:3/231.

[16] ديوان الوائلي، الوائلي /113.

[17] مجلة الرابطة /89ـ91.

[18] مجلة الرابطة /89ـ91.

[19] الطف /19.

[20] ديوان الطف مجموعة شعرية /18ـ19.

[21] الطف مجموعة شرعية، 1

: الدكتور صباح عباس عنوز