ان الانسان قد خلق في دار الدنيا وراء غاية وحكمة الهية مقصودة المصالح لبني الانسان وان هذه الدار قد حفت بالابتلائات والاختبارات منذ ان وضع الانسان قدمه على ترابها والى اخر رمق من حياته وان هذه الاختبارات لاتنفك عن وجود الانسان الدنيوي سواء في ذلك الرجل ام المرأة العالم ام الجاهل فالكل تحت مجهر الاختبار حتى الانبياء والاوصياء شرع في ذلك قال تعالى (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) العنكبوت: ٢
ان هذه الاختبارات تختلف فقد تكون بالمرض او نقص الاموال اونقص الغذاء او غير ذلك حسب ما تقتضيه الارادة الالهية قال تعالى(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ) البقرة: ١٥٥ كما ان هذه الاختبارات تختلف من شخص الى اخر حسب درجة الايمان وقوته ومدى احتساب العبد لقضاء الله فنجد ان الانسان كلما زاد ايمانا كلما زاد ابتلاءا ولذا نجد الانبياء والاولياء قد مروا بابتلاءات وامتحانات يعجز سائر البشر عن تحملها والصبر عليها فعندما نمر على حياة النبي ايوب على نحو المصداق نجد ان حياته مليئة بأشد المحن فقد ابتلي بالمرض لسنين طوال وكان صابرا محتسبا حتى عد مثالا للصبر قال تعالى (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) ص: ٤٤ ، وخذ في ذلك فيما ابتلي به الامام الحسين في واقعة كربلاء في مصيبة ما اعظمها واعظم رزيتها في السماوات والارض فكان يرى مصرعه ومصرع اهل بيته واصحابه ومقتل طفله الرضيع بين يديه وسبي نساءه وغير ذلك مما يعجز وصفه قبال ذلك كله نجد الامام الحسين ينتظر الساعة التي يقدم فيها نفسة قربان للدين الاسلامي ولشريعة جده المصطفى هذا الموقف يلفت انظارنا الى مقام المعصوم عند الله تعالى وعمق الايمان ونفاذ البصيرة وفي الحقيقة ان هذه هي محطة تامل من محطات سيرة الاولياء والاوصياء اللازم الوقوف عليها والاخذ منها والاعتبار بها فهذا هو شان القران في ذكر قصص الانبياء والصالحين لكي يعتبر الناس من ايمانهم وصبرهم واحتسابهم قال تعالى (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) هود: ١٢٠ ، فعلى الانسان المؤمن ان ينظر الى الدنيا على انها طريق ياخذ باقدام الانسان الى دار المستقر كما قال الامام علي ( الدنيا دار ممر والاخرة دار مستقر فخذوا من ممركم لمستقركم ..) غرر الحكم /3898
فلا بد للانسان المؤمن ان يدرك بان الدنيا هي طريق لسفر الاخرة محفوفة بجميع الوان البلاء كل فرد ذائق منها ولايصير المؤمن مؤمنا حتى يجتاز تلك الاختبارات من غير ارتياب او جزع بل لابد ان يصبر ويحتسب فان له في ذلك المقام العظيم عند الله قال تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (*) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة: ١٥٦ – ١٥٧
الكاتب: احمد الميالي
اترك تعليق