إن الحياة العصرية اليوم تعاني عدة خناقات و هجمات و على كافة المستويات و لاسيما على المستوى الفكري الهادف الى تشويه معالم الأنظمة الحاكمة للمنطقة على كافة الأصعدة خاصة السياسية منها ليكون مدخلاً في زعزعة الوضع المستتب فيها، ولعلّ أغلب هذه الأحداث تصبّ في مصب واحد و هو حرف الشباب عن معتقداتهم التي تربطهم برابط مشترك مع المجتمع الصغير و الكبير، و بذلك تتمكن أعداء الوحدة من تفكيك تلك القوة الصلبة إلى عناصر هزيلة ضعيفة لا تفكر إلا بإملاء غرائزها ونزواتها .
إنّ خير شاهد على ذلك هو ما يوجهه الغرب اليوم بكل ما يملك من قوة فكرية منحرفة يضرب بها كيان الوحدة الإسلامية من خلال زرع الطائفية بين أبناء الدين الواحد و المذهب الواحد من جهة، و بث السلع الفاسدة التي تهيمن على نفوس الشباب بالدرجة الأولى من جهة أخرى، من أجل إسقاطهم في أودية الغرائز و الملذّات، وهذا ما يسعى إليه الغرب بكل قدم وساق مستهدف طائفة الشباب، لكون الشباب هم الحصن المتين للأمة والوتد الأساسي فيها فإن صلحوا صلحت الأمة و كانت أكثر قوة ، و إن فسدوا فسدت الأمة و سقطت معتقداتها وبالتالي تكن فريسة جاهزة للغرب و كلّ من يريد الأذى بالإسلام و الفتك بمعتقداته .
إنّ ما يدمي القلب إن الغرب استطاع بنسبة كبيرة أن يحقق مآربه الشريرة من خلال خطف عقول شبابنا الساذج الضعاف الإيمان الذين أصبحوا يلعقون أيادي الفكر المنحرف، لذا نلاحظ إن الغرب اليوم يتفنن في بث إصداراته بسبب الطلب المتزايد و الملّح من قبل الشباب المسلوب العقل و الإرادة .
إنّ الأسباب التي أدت إلى تفشّي هذه الأمراض الخطيرة و الخبيثة في آن واحد بين طيّات المجتمع الإسلامي و التي راح ضحيّتها الكثير تعود إلى عدة اسباب منها :
· قلّة الواعز الديني .
لا شكّ إنّ هناك الكثير من الجهود الماديّة و المعنوية المصروفة في سبيل إيصال الرسالة الإسلامية ألا إنها قليلة مقايسة مع ما يبذله الغرب من أموال طائلة و أفكار خبيثة في سبيل تشويه معالم الدين الإسلامي و بشتى الطرق و التي لا يصمد أمامها إلّا من تحلّى قلبه بنور الإيمان .
إنّ الضربات الفكرية التي نتلقاها اليوم و الحملات الشرسة التي تهجم على الأمة الإسلامية بالخصوص مذهب أهل البيت (عليهم السلام ) من قبل التكفيريين و الإرهابيين قد أثمرت وأينعت بسبب وجود أرضية خصبة في نفوس الشباب تنقصها الثقافة الدينية و الوعي الفكري بشكل رئيسي، لذا استطاع الغرب أن يثبت قواعده و بشكل سهل المنال .
· تفشي الفساد و عدم وجود الرادع .
إنّ السلعة الإسلامية أصبحت قديمة في نظر الغربي، لذا تتطلب الحاجة إلى تبديلها بالسلع الغربية المناسبة و للتطلعات الحضارية لإنقاذ المسلم من الحصّار، كما إنّ المسلم لا ينبغي أن يبقى متشبثاً بأفكار العقيدة الإسلامية التي تحدد و تعيق من تطلعاته الحضارية المنسجمة مع العالم المتقدّم، كما لا ينبغي للمرأة المسلمة أن تسجن نفسها تحت حجاب الإسلام، إنّ هذه و غيرها من الأفكار السمّية التي يتعاطاها الشباب المسلم و يتناسى أو يتغافل آثارها المسرطنة و المدمّرة للذات و للأسرة و للمجتمع قد دمرت الروح المعنوية للمجتمع وللنفس .
إنّ هذه الأمواج المدّمرة أخذت تستشري في المنطقة الإسلامية و تجرف معها الكثير بسبب عدم وجود حصانة فكريّة تؤمن صاحبها من الانجراف تجاه هذه التيارات مضافأً إلى ذلك عدم وجود رادع قانوني يمنع استشراء الفساد فضلا عن استئصال جذوره .
ولو تنبهنا قليلا لوجدنا ان ذروة الهجمة الشرسة على الاسلام تكمن في شهر رمضان المبارك وذلك لأن شهر رمضان هو واحد من أعظم المواطن والمحطات الايمانية في إصلاح الذات فهناك الأبواب الإلهية تتفتح لكل شاب يريد تغير ذاته ويريد إطلاق فكره من اسر الغرب وادي الغرائز والملذات، ففي هذا الشهر العظيم تتكلل كل الشياطين وبه تنشرح النفس لتعيد حسابها في تغير واقع خطير مظلم يريد بها كل سوء وهو الفكر الغربي بكل الوانه وزخارفه الموهونة فهنا يجدر بالشاب المؤمن ان يكون على حذر وان يسلح نفسه بالثقافة الإسلامية ما امكن وان يمعن النظر في أفعاله ليكون مثالا للمؤمن القوي الذي لا ينفعل بأكاذيب الغرب وتهمه للإسلام .
ولنستعن بالدعاء في هذا الشهر الكريم الذي هو سلاح المؤمن وقوته على الأعداء وان الله ناصر عباده من كيد الظلمة. وعلينا أن نستثمر ايام شهر الفضيلة شهر رمضان المبارك في التضرع الى الله تعالى في الثبات على ملة الإسلام وعدم الزيغ عن جادة الحق وان يكفينا شر الأشرار ونستشفع إليه بأحبّ الخلق إليه محمد واله الطاهرين .
الكاتب: السيد أحمد الميالي
اترك تعليق