وجوب حفظ الدين:
من المعروف أن حفظ الدين من أهم الواجبات في الإسلام وهي من وظائف النبي صلى الله عليه وآله والإمام عليه السلام ولكن هل هي مختصة بهما سلام الله عليهما وآلهما , كلا , فوظيفة كل مسلم حفظ الدين , فيقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في إحدى خطبه " أما وصيتي : فالله فلا تشركوا به ومحمداً صلى الله عليه وآله فلا تضيعوا سنته , أقيموا هذين العمودين – أي التوحيد والنبوة – وأوقدوا هذين المصباحين – أي ابقوا لهما ضوئهما والمراد الاستنارة الدائمة منهما – وخلاكم ذم ما لم تشردوا – أي ليس عليكم ذم ما لم تفروا من هذين الأمرين - ... فإقامة الدين وإيقاده لا يتم إلا بحفظه والدفاع عنه ورد شبه المبطلين ومن امتثل هذا الأمر ليس عليه ذم ومفهومه أن من لم يمتثل هذا الأمر فهو مذموم ..فحفظ الدين لا يختص برجل الدين أو طالب الحوزة فكل حسب موقعه وبمقدار طاقته فالعالم والطالب والطبيب والمهندس والحرفي وغيرهم كل مكلف بذلك .
وجوه حفظ الدين:
أولا:نشر الدين بصورته الصحيحة من خلال تعليمه للناس وأجلى مثال لذلك إمامنا الصادق صلوات الله عليه فأقام عليه السلام جامعة إسلامية لتعليم الناس الدين الحق وما يهم أمور دينهم ودنياهم . ثانيا:دفع الشبهات الواردة بالأدلة الواضحة , وأجلى مثال لذلك مولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه فكان عليه السلام يعقد المناظرات والجلسات لرد شبه المنحرفين والمبطلين . ثالثا:إحياء وتعظيم الشعائر الدينية بمختلف أشكالها وأنواعها فالشعائر هي مظاهر الدين فبأحيائها يتم حفظ الدين واجلى مثال لذلك مولانا الإمام الحسن المجتبى عليه السلام فأحيا شعيرة الحج مشياً على الأقدام أكثر من 20 مرة . رابعا:السيف , إشارة إلى الدفاع بالقوة والسلاح , وأجلى مثال لذلك مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه فلولا سيفه وشجاعته لم يتم الدين , فحفظ الدين بسيفه .وجوه البذل في حفظ الدين:
اولا:بذل الوقت : فكل مكلف يبذل وقته كله أو جزءه في حفظ الدين بأحد وجوه الحفظ المتقدمة إما بالتعليم أو رد الشبه أو القتال . ثانيا:بذل المال : من خلال دعم كل ما يؤدي لحفظ الدين كمدارس تعليم الدين والمراكز العقائدية التي تهتم بدفع الشبهات والمجاهدين والمرابطين لحفظ بلاد المسلمين , وأجلى مثال لذلك مولاتنا السيدة خديجة الكبرى عليها السلام فبذلت كل ما مالها من اجل حفظ الدين فلولا مال خديجة لم يقم الإسلام . ثالثا:بذل الروح : فإذا توقف حفظ الدين على بذل الروح فيجب بذلها , فمثلا إذا كان في بذل المال المتوقف عليه حفظ الدين معرضاً للقتل بسبب ذلك , او كان الدفاع عن بلاد المسلمين .. واوضح مثال لذلك هو الإمام الحسين الشهيد عليه السلام فكان سبب خروجه واستشهاده هو حفظ الدين فقال عليه السلام : " إن كان دين جدي لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني" , فعلمنا الإمام عليه السلام من هذا الموقف أن حفظ الدين إذا توقف على بذل الروح فيجب بذلها .حفظ الدين لا يختص بالرجال:
فهذا الحكم لا ينفرد به الرجل فكذلك يشمل المرأة وخير شاهد على ذلك هي مولاتنا الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فكانت تعقد مجالس الوعظ والإرشاد للنساء وبذلت نفسها من اجل حفظ الدين وتحملت الضرب والاهانة واسقاط جنينها وكسر ضلعها كل ذلك من أجل حفظ الدين , وأيضاً مولاتنا السيدة زينب الكبرى سلام الله عليها فتحملت السبي والضرب وشتى انواع المصائب كل ذلك من إجل حفظ الدين , فيتضح من ذلك أن لا فرق بين الرجل والمرأة في وجوب حفظ الدين ولعل في المرأة يكون أكثر تأكيداً من جانب التربية فكما في الحديث " أن الأنسان يولد على الفطرة فأبواه إما يهودانه أو ينصرانه " والأم هي المعني الأول في تربية الابن او البنت فيكون عليها اكثر لزاماً في حفظ دين الابناء فيتوارثه جيل عن جيل .
نماذج حفظ الدين في زماننا:
أولا:الحوزات العلمية وما تضم من علماء ومتعلمين ومبلغين . ثانيا:المراكز الثقافية التي تهتم بشؤون الشباب أو الأسرة أو الطفل . ثالثا:المراكز القرآنية والعقائدية التي تهتم بحفظهما والدفاع عنهما ودفع الشبهات الواردة . رابعا:المراكز والقنوات والإذاعات الإعلامية التي تهتم بنشر العلوم الدينية . خامسا:الكتابة والتأليف سواء كتب أو أبحاث أو مقالات أو اصدار مجلات أو انشاء مكتبات اسلامية تحتفظ بالتراث الديني سادسا:اصحاب العطاء المالي والدعم لطلبة العلم أو المشاريع الخيرية او المجاهدين وغيرها . سابعا:المواكب الحسينية التي تحيي الشعائر الدينية والمسيرات المليونية التي تقصد أضرحة الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم . ثامنا:الحشد الشعبي المقدس الذي غايته الدفاع عن الاسلام والمسلمين الذين بوجودهم يتحقق حفظ الدين .الكاتب / الشيخ ابراهيم السنجري
اترك تعليق