الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب المجتبى، ثاني أئمة أهل البيتعليه السلام الذين اوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وآله ، وسيّد شباب أهل الجنة بإجماع المحدّثين، وأحد اثنين انحصرت بهما ذريّة رسول الله، وأحد الأربعة الذين باهى بهم رسول الله صلى الله عليه وآله نصارى نجران، ومن المطهّرين الذين أذهب الله عنهم الرجس، ومن القربى الذين أمر الله بموّدتهم، وأحد الثقلين الذين من تمسّك بهما نجا ومن تخلّف عنهما ضلّ وغوى .
ولد بالمدينة في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وعقّ رسول الله صلى الله عليه وآله بيده عن الحسن بكبش في اليوم السابع من ولادته.
نشأ في أحضان جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وتغذّى من معين رسالته وأخلاقه ويسره وسماحته، وظلّ معه في رعايته حتى اختار الله لنبيه دار خلده، بعد أن ورّثه هديه وأدبه وهيبته وسؤدده، وأهّله للإمامة التي كانت تنتظره بعد أبيه، وقد صرّح بها جدّه في أكثر من مناسبة حينما قال :"الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا، اللهمّ إنّي أحبهما فأحبّ من يحبّهما" .
شهادة الامام الحسن عليه لسلام :
تعرض الامام الحسن عليه السلام الى ثلاث محاولات اغتيات بعد ان تولى منصب الامامة واستمر بعد أبيه في تولي هذه القيادة الربانية حتى السابع من شهر صفر سنة ٥٠ هجرية، وله يومئذ ثمان وأربعون سنة .
استشهد صلوات الله عليه بتوجيه من معاوية الى مروان بن الحكم في تكليفه بمهمة اقناع جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي وكانت من زوجات الإمام الحسن حيث اقنعها بسم الامام الحسن عليه السلام و واعدها بالزواج من يزيد بن معاوية لعنهما الله، وبالفعل قامت جعدة بنت الاشعث بتنفيذ الجريمة المبرمة و سقته العسل المدسوس بالسم و مضى سلام الله عليه شهيدا مسموما.
معارضة دفنه سلام الله عليه قرب جده صلى الله عليه واله:
اخذ الامام الحسين عليه السلام في تجهيز اخيه الامام الحسن عليه السلام وعاونه اخواه محمد بن الحنفية وأبو الفضل العباس، وبعد الفراغ من تجهيزه أمرعليه السلام بحمل الجثمان المقدّس إلى مسجد الرسول لأجل الصلاة عليه، وتوجهوا الى عند رسول الله ليجددوا به عهدا فعارضهم مروان بن الحكم ومعه مجموعة من بني امية ولحقتهم عائشة على بغل وهي تقول: ما لي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب، وجعل مروان يقول : يا رُبَّ هيجا هي خير مِن دَعَة، أَيُدْفَنُ عثمانُ في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبيّ؟! لا يكون ذلك أبداً وأنا أحمل السيف.
و ارتفعت الاصوات و وزادت المشادات الى ان رمى بني امية نعش الامام الحسن عليه السلام بالسهام و جرد بني هاشم سيوفهم فقال الامام الحسين عليه السلام: "الله الله لا تضيّعوا وصيّة أخي فانه أقسم عليّ أن لا أخاصم فيه أحدا وأن أدفنه في البقيع مع أمه اعدلوا به إلى البقيع".
فعدلوا به ودفنوه في البقيع مع جدّته فاطمة بنت أسد".
وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم وبني أمية فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له : ارجع يا مروان من حيث جئت فإنّا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله لكنّا نريد أن نجدّد به عهداً بزيارته ثم نردّه إلى جدّته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيته بذلك، ولو كان أوصى بدفنه مع النبي صلى الل هعلي هو آله لعلمت أنّك أقصر باعاً من ردّنا عن ذلك ، لكنّه عليه السلام كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدماً ، كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير إذنه.
ثم أقبل على عائشة وقال لها: وا سوأتاه! يوماً على بغل ويوماً على جمل، تريدين أن تطفِئي نور الله وتقاتلي أولياء الله، ارجعي فقد كُفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لأهل البيت ولو بعد حين .
وقال الحسين عليه السلام :"والله لو لا عهد الحسن بحقن الدماء وأن لا أُهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا" .
ومضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف (رضي الله عنها) .
اعداد / قيس العامري
اترك تعليق