كما تنظر لوجهك في المرآة كل يوم لترى حسن خلق الله، وجمال صنعه تأمل ولو لدقائق معدودة معالم شخصيتك لتعرف هل أنها مصاغة وفق مكارم الأخلاق ومحاسنها، أم وفق مذام الأخلاق ومساوئها.
هذه الخطوة تبين لك أين أنت على خارطة الأخلاق كما تعرفك على ما أنت عليه من مستوى ومنزلة.
غير أن كثيراً من الناس يتحاشون ذلك لأنهم لا يريدون أن يواجهوا حقيقتهم، فيصطدموا بواقعهم الذي يحمل في طياته كثير من الشوائب والأدران لذا تجدهم يتغاضون عما هم عليه، مبررين ذلك بما لا يرضونه هم لأنفسهم.
ولكن هذا لا يدعونا أن نستسلم لهذه الحالة، وأن ننخرط معهم في هذا النفق المظلم بل يجدر بكل واحد منا أن يوفر في نفسه الشجاعة الكافية ليكتشف مساوئه، ويقف على عيوبه حتى يرى - بتوفيق الله تعالى - موقع قدميه على خارطة الأخلاق من أجل أن يبدأ مسيرة التغيير والإصلاح.
ومما لا شك فيه أنه لا يقوم على هذا التغيير إلاّ من عرف ما للأخلاق الحسنة من معطيات وفيرة، وخيرات عظام لذا نلفت الانتباه إلى شيء من ذلك.
قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- : "من سعادة المرء حسن الخلق، ومن شقاوته سوء الخلق". (1)
وقال -صلى الله عليه وآله وسلم- : "إن الخلق الحسن يذيب الذنوب كما تذيب الشمس الجمد وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل". (2)
وقال -صلى الله عليه وآله وسلم-: "خياركم أحسنكم أخلاقاً الذين يألفون ويؤلفون". (3)
وقال -صلى الله عليه وآله وسلم- : "أفضلكم إيماناً أحسنكم أخلاقاً". (4)
وقال -صلى الله عليه وآله وسلم- : "حسن الخلق يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم فقيل له: ما أفضل ما أعطي العبد؟ قال: حسن الخلق". (5)
وقال الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- : "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله- يقول: ليس شيء أثقل في الميزان من الخلق الحسن". (6)
وقال الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- : "حسن الخلق خير قرين، وعنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه". (7)
وقال الإمام الحسن المجتبى -عليه السلام- : "إن أحسن الحسن الخلق الحسن". (8)
وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- : "أقربكم مني مجلساً في الجنة أحسنكم أخلاقاً في الدنيا الموطئون أكنافهم الذين يألفون ويؤلفون". (9)
بعد هذا البيان الموجز بخصوص الأخلاق هل يمكن للإنسان أن يتساهل في أخلاقه السيئة، أم يزداد عزماً وإصراراً على تغييرها بالذي هو أحسن؟
وهنا لابد من الإشارة إلى أن أهم شاخص لبيان شخصية الإنسان هو الأخلاق وبما أن الإنسان بطبعه مركب من العقل والشهوة ومن الروح والبدن فالعقل يدعوه إلى العلم والحكمة والرشاد بينما الشهوة تدعوه إلى اللعب واللهو والفساد والروح تسمو بالإنسان إلى معارج السماء حيث الطهر والنقاء بينما البدن ينجذب نحو الأرض حيث طغيان المادة وهيمنة الأنانيات وبين هذا وذاك يتماوج الإنسان دون أن يستقر حتى يثقل ميزان أحدهما على الآخر فمن رجحت كفة الأخلاق الحسنة عنده كان في أعماله موفقاً، وبين الناس محبوباً، وعند الله مرضياً بينما الذي رجحت كفة الأخلاق السيئة عنده كان في أعماله فاشلاً، وبين الناس مكروهاً، وعند الله مغضوباً عليه.
وفي كل ذلك يبقى الأمر بيدك وليعلم جميع الناس أنه لا عيب أن يبحث الإنسان عن عيوبه حتى يصلحها بل العيب كل العيب أن يبقى عليها.
السيد تقي المدرسي / مع التصرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مستدرك الوسائل، ج8، ص447-448.
(2) المصدر، ص445.
(3) تحف العقول، ص38.
(4) المصدر، ص38.
(5) المصدر، ص38.
(6) مستدرك الوسائل، ج8، ص442.
(7) تحف العقول، ج141.
(8) مستدرك الوسائل، ج8، ص443.
(9) المصدر نفسه ، ص450.
اترك تعليق