جملة من حقوق الجوار

إعلم أن الجوار يقتضي حقاً وراء ما يقتضيه أخوة الإسلام، فيستحق الجار من الحقوق ما يستحق كل مسلم وزيادة لما روي عن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: الجيران ثلاثة: جار له حق واحد، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق. فالجار الذي له ثلاثة حقوق الجار المسلم ذو الرحم، فله حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم، وأما الذي له حقان فالجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام وأما الذي له حق واحد فالجار المشرك.

وجملة حق الجار أن يبدأه بالسلام، ولا يطيل معه الكلام، ولا يكثر عن حاله السؤال، ويعوده في المرض، ويعزيه في المصيبة، ويقوم معه في العزاء، ويهنئه في الفرح، ويظهر الشركة في السرور معه، ويصفح عن زلاته، ولا يتطلع من السطح على عوراته، ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره، ولا في صب الماء من ميزابه، ولا في مطرح التراب من فنائه، ولا يضيق طريقه إلى الدار، ولا يتبعه النظر في ما يحمله إلى داره، ويستر ما ينكشف له من عوراته، وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة[1]، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته، ولا يتسمع عليه كلامه، ويغض بصره عن حرمته، ولا يديم النظر إلى خادمته، ويتلطف لولده في كلمته، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.

هذا كله مضافاً إلى حقوق الإسلام المتقدمة، ففي الحديث النبوي: أتدرون ما حق الجار؟ إن استعان بك أعنته، وإن استقرضك أقرضته، وإن افتقد عدت إليه، وإن مرض عدته، وإن مات اتبعت جنازته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فاهد منها له، فإن لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار[2] قدرك إلا أن تغرف له منها.

وفي الصادقي[3]: حسن الجوار يزيد في الرزق.

وعن الامام الصادق (عليه السلام): إن يعقوب لما ذهب منه بنيامين نادى: يا رب أما ترحمني أذهبت عيني وأذهبت ابني؟! فأوحى الله تعالى: لو أمتُّهما لأحييتهما لك حتى أجمع بينك وبينهما، ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت وفلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئاً.

وفي رواية أخرى: وكان بعد ذلك يعقوب ينادي مناديه كل غداة من منزله على فرسخ: ألا من أراد الغداة[4] فليأت إلى يعقوب، وإذا أمسى نادى: ألا من أراد العشاء فليأت إلى يعقوب.

وعن الامام الصادق(عليه السلام): حسن الجوار زيادة في الأعمار وعمارة في الديار.

وعنه (عليه السلام): ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره.

وعن الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع قال: وما من أهل قرية يبيت فيهم جائع ينظر الله إليهم يوم القيامة.

وقال الامام الباقر عليه السلام: من القواصم الفواقر التي تقصم الظهر جار السوء، إن أي حسنة أخفاها، وإن رأي سيئة أفشاها.

عن الباقر عليه السلام: كل أربعين داراً جيران من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله.

بقلم: السيد عبد الله شبر

ــــــــــــــــ

[1] النوائب جمع نائبة، وهي ما ينوب الإنسان، أي: ما ينزل به من المهمات والحوادث ونابتهم نوائب الدهر.

تاج العروس، الزبيدي: 1/ 496.

[2] "لاتؤذ جارك بقتار قدرك"، هو: ريح القدر والشواء ونحوهما.

[3] أي: في الخبر الصادقي، ونعني: الحديث المروي عن الإمام الصادق عليه السلام.

 [4] في الكافي: "الغداء".