يعتبر الجار من الاسس التي يبتني عليها المجتمع الصالح فان الدائرة التي يكون الجار ضمنها تعد من مرتكزات الرعاية الاجتماعية ، فالاهتمام بالجار بمثابة حجر الاساس في بناء تلك القاعدة الصلبة التي من شأنها ان تجعل التكافل الاجتماعي في ميزان النجاح و الديمومية ، حيث قال (صلى الله عليه وآله) : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى والسهر» المحجة البيضاء 3 : 357,.
هذا هو البناء المجتمعي عن النبي (صلى الله عليه وآله) , ومن هنا نرى ان القرآن قد جعل الجار في ضمن قائمة الفئات القريبة المطلوب أن يُحسن إليها ، قال تعالى : «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى والْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ».
فيلاحظ من خلال هذا التقريب في القرآن الى أشارة لصنفين من أصناف الجار ، وهما : الجار ذو القربى والجار الجُنُب ، ومعناهما : الجار القريب في النسب ، والجار الأجنبي الذي ليس بينك وبينه قرابة، الذي اراد القرآن بذلك الذكر ان يرشدنا لبناء اواصر المحبة و التعاون من خلال عدة امور : التواضع له, والسعي في قضاء حوائجه ، وتقديم النصح والمشورة له ، وكتمان سره ، وغض الطرف عن عثراته وعوراته ، وعدم إشاعة السيئات عنه ، وإعارته أدوات المنزل, وعيادته اذا مرض .
ولذلك اشار النبي باهمية معرفة الجار والإحسان اليه في وصاياه (صلى الله عليه وآله) وكذلك نهج اهل البيت (عليهم السلام) ذلك المنهج بالتربية بمراعت حقوق الجار: من وصايا اللّه تعالى له ، قال (صلى الله عليه و آله) : «مازال جبرئيل (عليه السلام) يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه» بحار الانوار 74 : 94. وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «...و اللّه اللّه في جيرانكم ، فإنّهم وصية نبيكم ، مازال يوصي بهم حتى ظنّنا أنه سيورّثهم» نهج البلاغة : 422 ، كتاب : 47.
وأما حق الجار في رسالة الامام علي زين العابدين المسماة برسالة الحقوق قال فيها: ”وأما حقّ جارك فحفظه غائبا وإكرامه شاهدا ونصرته إذا كان مظلوما ، ولا تتّبع له عورة فان علمت عليه سوء سترته عليه ، وإن علمت أنّه يقبل نصيحتك نصحته في ما بينك وبينه ، ولا تسلمه عند شدائده وتقيل عثرته وتغفر ذنبه وتعاشره معاشرة كريمة ". بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ج6ص439.
استحباب حسن الجوار: رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أحسن مجاورة من جاورك، تكن مؤمنا" أمالي الصدوق: 168 / 13. الإمام علي (عليه السلام): "من حسن الجوار تفقد الجار" . الإمام الصادق (عليه السلام): "عليكم بحسن الجوار فإن الله أمر بذلك" أمالي الصدوق: 294 / 10. عنه (عليه السلام): "حسن الجوار يزيد في الرزق" الزهد للحسين بن سعيد: 43 / 115. عنه (عليه السلام): "حسن الجوار يعمر الديار، ويزيد في الأعمار". الكافي: 2 / 667 / 8.
النهي عن ترك الاعانة لجار: قال (صلى الله عليه وآله) : « ما آمن بي من بات شبعانَ وجاره المسلم جائع ، وقال : وما من أهل قرية يبيت فيهم جائع ينظر اللّه إليهم يوم القيامة » اُصول الكافي 2 : 668 / 14 باب حقّ الجوار من كتاب العشرة.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، عن رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) بتفصيل أكثر ، وفيه : « ما آمن باللّه واليوم الآخر من بات شبعان وجاره جائع ، فقلنا : هلكنا يا رسول اللّه ، فقال (صلى الله عليه و آله) : من فضل طعامكم ، ومن فضل تمركم وورقكم وخلقكم وخرقكم ، تطفئون بها غضب الربّ » وسائل الشيعة 17 : 209 / 1.
المصدر / منتدى الوارث من العتبة الحسينية المقدسة.
اترك تعليق