احتوى الكون على الكثير من عجائب وغرائب المخلوقات في الأرض وفي البحار وفي الفضاء مما يدلّ على إبداع المبدع وعظمة الخالق لتلك المخلوقات ، ومن بين هذه المخلوقات العظيمة هو كوكب الشمس والذي هو عبارة عن كتلة ملتهبة من الغازات المحترقة والتي تغذي الكون والمخلوقات بالحرارة التي يحتاجها وتضيء لسكان كوكب الارض وحيث قال تعالى في ذكرها : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ).
وقد ذكر القرآن الكريم أن الله تعالى يسخر ما يشاء من مخلوقاته لمن يشاء من أوليائه ولاسيما الانبياء و أوصيائهم ، وعلى سبيل المثال فقد ذكر القرآن الكريم أن الله تعالى سخر الجبال لنبيه داود عليه السلام بنص القرآن الكريم حيث قال تعالى : {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (*) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (*) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ}، وكذلك فإن الله تعالى سخّر الرياح لنبيه سليمان على نبينا واله وعليه السلام حيث قال تعالى {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ(*)وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ}.
وفي عهد الاسلام ردّ الله تعالى الشمس مرتين لوصي رسول الله الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام والذي هو وليُّ من أولياء الله العظماء الصالحين وهو نفس رسول الله تعالى على حد تعبير القرآن الكريم ، فمرة رد الله تعالى له الشمس في حياة الرسول ومرة آخرى بعد رحيل الرسول الى جوار الله تعالى في عهد خلافة الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام ، ولم يذكر التأريخ أو الرايات أن الشمس رُدت الى غيره ماعدا وصي نبي الله موسى يوشع بن نون ، فقد تظافرت الروايات وتلاحمت الأدلة النقلية على تأكيد وتوثيق معجزة ردّ الشمس في عهد الاسلام للإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال الإمام علي(عليه السلام) يوم الشورى: «أنشدكم بالله، هل فيكم من ردّت عليه الشمس غيري؟ حين نام رسول الله(صلى الله عليه وآله) وجعل رأسه في حجري حتّى غابت الشمس، فانتبه فقال: يا علي صلّيت العصر؟ قلت: اللّهمّ لا، فقال: اللّهمّ ارددها عليه، فإنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك»؟ / رسائل في حديث رد الشمس: 106.7.
وروي عن الإمام علي(عليه السلام) أنه قال : «إنّ الله تبارك وتعالى ردّ عليَّ الشمس مرّتين، ولم يردّها على أحد من أُمّة محمّد(صلى الله عليه وآله) غيري»/(الخصال: 580.2)
وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنه قال : «صلّى رسول الله(صلى الله عليه و آله) العصر، فجاء علي(عليه السلام) ولم يكن صلاّها، فأوحى الله إلى رسوله(صلى الله عليه و آله) عند ذلك، فوضع رأسه في حجر علي(عليه السلام)، فقام رسول الله(صلى الله عليه و آله) عن حجره حين قام وقد غربت الشمس، فقال: يا علي، أما صلّيت العصر؟ فقال: لا يا رسول الله، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): اللّهمّ إنّ علياً كان في طاعتك، فاردد عليه الشمس، فردّت عليه الشمس عند ذلك »/(قرب الإسناد: 175.5).
وقيل لابن عباس: ما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال: «ذكرت والله أحد الثقلين، سبق بالشهادتين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وأُعطي السبطين، وهو أبو السبطين الحسن والحسين، وردّت عليه الشمس مرّتين، بعدما غابت عن القبلتين، وجرّد السيف تارتين، وهو صاحب الكرّتين، فمثله في الأُمّة مثل ذي القرنين، ذاك مولاي علي بن أبي طالب(عليه السلام)»/ (مائة منقبة: 144.3).
وقالت أسماء بنت عُميس: «أقبل علي بن أبي طالب ذات يوم وهو يريد أن يصلّي العصر مع رسول الله(صلى الله عليه و آله )، فوافق رسول الله(صلى الله عليه و آله ) قد انصرف، ونزل عليه الوحي، فأسنده إلى صدره، فلم يزل مسنده إلى صدره حتّى أفاق رسول الله(صلى الله عليه و آله )، فقال: "أصلّيت العصر يا علي"؟ قال: "جئت والوحي ينزل عليك، فلم أزل مسندك إلى صدري حتّى الساعة"، فاستقبل رسول الله(صلى الله عليه و آله) القبلة ـ وقد غربت الشمس ـ وقال: "اللّهمّ إنّ علياً كان في طاعتك فارددها عليه". قالت أسماء: فأقبلت الشمس ولها صرير كصرير الرحى، حتّى كانت في موضعها وقت العصر، فقام علي متمكّناً فصلّى، فلمّا فرغ رجعت الشمس، ولها صرير كصرير الرحى، فلمّا غابت اختلط الظلام وبدت النجوم» / (البداية والنهاية 6/91.6).
قال جويرية بن مسهر: «أقبلنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) من قتل الخوارج، حتّى إذا قطعنا في أرض بابل حضرت صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين(عليه السلام) ونزل الناس، فقال علي(عليه السلام): "أيّها الناس، إنّ هذه أرض ملعونة قد عذّبت في الدهر ثلاث مرّات، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أوّل أرض عُبد فيها وثن، إنّه لا يحلّ لنبيّ ولا لوصيّ نبيّ أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي فليصلِّ"، فمال الناس عن جنبي الطريق يصلّون، وركب هو(عليه السلام) بغلة رسول الله(صلى الله عليه وآله) ومضى. قال جويرية: فقلت والله لأتبعنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) ولأقلدنّه صلاتي اليوم، فمضيت خلفه، فوالله ما جزنا جسر سوراء حتّى غابت الشمس، فشككت، فالتفت إليَّ وقال: "يا جويرية أشككت"؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، فنزل(عليه السلام) عن ناحية فتوضّأ ثمّ قام، فنطق بكلام لا أحسنه إلّا كأنّه بالعبراني، ثمّ نادى: "الصلاة"، فنظرت والله إلى الشمس قد خرجت من بين جبلين لها صرير، فصلّى العصر وصلّيت معه، فلمّا فرغنا من صلاتنا عاد الليل كما كان، فالتفت إليَّ وقال: "يا جويرية بن مسهر، الله عزّ وجلّ يقول: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ)، وإنّي سألت الله عزّ وجلّ باسمه العظيم فردّ عليَّ الشمس". وروي أنّ جويرية لمّا رأى ذلك قال: أنت وصيّ نبيّ وربّ الكعبة» / (من لا يحضره الفقيه 1/203.
وقال الشيخ المفيد(قدس سره): «وممّا أظهره الله تعالى من الأعلام الباهرة على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) ما استفاضت به الأخبار، ورواه علماء السير والآثار، ونظمت فيه الشعراء الأشعار: رجوع الشمس له(عليه السلام) مرّتين، في حياة النبي(صلى الله عليه وآله) مرّة، وبعد وفاته أُخرى» / (الإرشاد 1/345.4).
وقال الشاعر حسان بن ثابت في تخليد تلك الحادثة الرهيبة /(بشارة المصطفى: 234.9) :
لا تقبل التوبة من تائب إلّا بحبّ ابن أبي طالب
أخو رسول الله بل صهره والصهر لا يعدل بالصاحب
ومن يكن مثل علي وقد رُدّت له الشمس من المغرب
ردّت عليه الشمس في ضوئها بيضاً كأنّ الشمس لم تغرب
الكاتب : مهند سلمان آل حسين
اترك تعليق