الكلام في معرفة صاحب الزمان..ومسؤولية العباد تجاهه..

إن من المسالم عليه عند جميع المسلمين على اختلاف نحلهم وأمكنتهم وعاداتهم وتقاليدهم بأنّ الحديث الوارد عن النّبي(صلى الله عليه وآله):(من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)(1) مستفيظ ولا نبالغ اذا قلنا بتواتره، ولو معنويا، فهو يدّل على أن معرفة إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه" واجبة، وبانظمان ما جاء في صحيح البخاري: حدَّثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبد الملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: " يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: انه يقول:" كلهم من قريش". (2)

 يثبت على أن الامامية ملتزمون على ان امام آخر ألزمان  هو الحجة محمد بن الحسن المهدي "عجّل الله فرجه الشريف" ولا اريد ان اطنب، فالروايات الواردة بهذا المضمار واضحة كالشمس في رابعة النهار.

حاصل الكلام في معرفة امام الزّمان، ومسؤولية العباد تجاهه، فعلى جميع المسلمين خصوصاً المؤمنين منهم، معرفه امام زمانهم، فيجب معرفته بصفته بأنه امام مفترض الطّاعة من الله وانّه من ولد الحسين عليه السّلام حيٌّ يرزق وهو ثابت بالتواتر، وذلك يعد من اصول الاسلام، ومن يتكلم خلاف هذا انما يتكلم في شبهة مقابل بديهة لان انكار هذه القضية يعد انكار للوجدانيات.

ولايشترط معرفة علامات ظهوره كما عند بعض المغرضين والمدّعين للمهدوية فقاموا يتاجرون بعلامات ظهوره ويطبقونها على مصاديق واهية فمعرفة الامام عجّل الله فرجه هي الاصل الاصيل وذلك مانطقت به الأخبار فعن الفضيل بن يسار قال:

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك و تعالى: " يوم ندعو كل أناس بإمامهم "؟

فقال: يا فضيل اعرف إمامك فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل ان يقوم صاحب هذا الامر، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه

قال: وقال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله.(3)

لماذا تحثّنا الاخبار عن الاطهار عليهم السّلام بان نعرف امام الزمان ونرتبط به؟ وهل في ذلك فوائد مادية ومعنوية ؟

لاشكّ في ذلك ابدا ساختصر النّقل عن تلك:

من الفوائد المادية هو الرزق فقد ورد انه بيمنه رزق الورى، وبوجوده ثبتت الأرض والسماء )

 ومن الفوائد المعنوية انه مسدد  من السّماء،  قال (عليه السلام): أنا خاتم الأوصياء وبي يدفع البلاء عن أهلي وشيعتي. كمال الدين(54)

فما اعظمها من فوائد!!

 فحريٌّ بالمؤمنين لاسيما الشباب الابتعاد عن كل مايسخط الامام قولا وفعلا بأمور قد اصبح المسلمون فيها مقلدين للغرب في قوانينهم وفي ثقافتهم تقليدا اعمى من المأكل والملبس بل في العادات والاخلاق المحرّمة  التي لايرضى بها الامام فقد ورد عن اسماعيل بن مسلم، عن الصادق(عليه السّلام) انّه أوحى الله تعالى إلى نبيّ من أنبيائه ، قل للمؤمنين : لا تلبسوا لباس أعدائي ، ولا تطعموا مطاعم أعدائي ، ولا تسلكوا مسالك أعدائي ، فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي (4).فهي مسؤليتنا جميعا

 وعلى الشّباب التّحلي بالاخلاق الفاضلة التي تسرُّ الامام، وهل الدين الا الاخلاق التي بعث الرسول لاتمامها فالامام  عجّل الله تعالى فرجه كما ينظر الى قلوبنا ونياتنا ينظر الى اقوالنا وافعالنا واجسامنا ومايصدر منّا فلاينبغي احياء ولادته عليه السّلام بافعال غير لائقة، فانه يرى اعمالنا التي صرّحت بذلك، ففي الاخبار: ان الإمام مؤيد بروح القدس وبينه وبين الله عز وجل عمود من نور يرى فيه أعمال العباد، وانه عين الله الناظرة، ويده الباسطة، وأذنه الواعية)، اذن المطلوب منّا هو الاعمال التي تسرُّ الامام وفي مقدمتها اعداد النّفس وانتظار ظهوره وهو من افضل الاعمال، والجهاد في سبيل الله التي قوّض الله تعالى ثُلة من المؤمنين للدفاع عن بيضة الاسلام ومقدساته، كما هو الان مع البغاة الخوارج الذين شوهوا صورة الاسلام، والدّعاء بتعجيل فرجه كما جاءت به الاثار عن الائمة الاطهار ان في ذلك فرجكم واعمال مطلق البر، منها مساعدة الفقراء والايتام، ومنها تعريف القضية المهدوية و المنقذ العالمي للعالم، وانه يسير بسيره النبي صلى الله عليه وآله، وجده امير المؤمنين عليه السلام، ولكي لانكون مصداقا لقول الامام علي عليه السلام( انكم في زمان القائل فيه بالحق قليل واللسان بالصدق كليل فاللازم للحق ذليل أهله معكفون على العصيان، مصطلحون على الاذهان فتاهم عارم وشابهم آثم وعالمهم منافقم..  ولايعول غنيهم فقيرهم الى ان قال: اين خياركم وصلحائكم؟ واين احراركم وسمحائكم؟ وقال عليه السّلام، ظهر الفساء فلا منكر متغير، ولازاجر منزجر.

 فلسان حالنا هذا:

يا صاحبَ الأمر قد ضاقت بنا السُّبُل

و الدين   في  کُربة  يدعو  و يبتهل

ادرك مُحبِّيكَ قد ضاقت صدورُهم

من البلايا  عراها  الوجدُ و الوجَل

في لُجّة الشوق تجري فُلكُ وُدِّکُمُ

فيها  القلوب الی رؤياك و المُقَل

عجّل -فديتُك- إن الأرض قد  مُلأت

بالظلم والجور ضاق السَّهلُ والجبلُ

و المسلمون غدوا في فتنةٍ عصفت

قد ساسها الغرب فيه الکفر والدَجلُ

باسم التقدم قد جاءت و باطنُها

فيه السُّموم و لکن ظاهراً عَسَلُ

و المسلمون لقد  لبَّوا  رعايتَها

قد غرَّهم فتنة الدينار و الأمَل

رمز الخلاعة حلی للنساء و قد

عزَّ الغيور فبئسَ النهج و العملُ

خلعَ الحجاب فلا فرعون يقبله

هيهات کلّا و ماجاءت به الاُوَلُ

نصَّ الکتاب  وجوبَ  الستر  آيتُه

في سورة النور، هل للأمر مُمتثِل؟

هل  کان  خطّة   أوروبا  و مذهبُها

خيراً من الدين؟ قد ضلّوا وما عقلوا

هذا جزاء رسول الله حيث أتی

بالرشد للناس عن إرشاده عَدَلوا؟

قد قلَّدوا الغربَ في کُلٍّ وقد علموا

ما استبدلوه  فبئس  الرأيُ و البدَلُ

حادوا عن الدين لمّا أنهم فُتنوا

بالسامريّ  کأن  لم تأتهم  رُسُل

باعوا علی الغرب دين الله ويلهُمُ

بالإختيار  جهاراً  بئس ما حملوا

ان الدنانير  قد  أعمت  قلوبَهم

لم ينفع الوعظ والإرشاد والمَثَلُ

قد نفَّذوا خُطَطاً جاء العدوُّ به

و طبّقوها عناداً  بئسما  فعلوا

يا صاحب العصر ادرکنا فقد هُدمت

قواعد  الدين ،  عمَّ  الظلم و الزلَلُ

صلّی الاله علی الهادي وعترتهِ

و آله دائماً  حَلُّوا  أو   ارتحلوا(6)

الكاتب: السيد رعد عبد زيد العلوي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) ينابيع المودة ج:3 ص:372. طبقات الحنفية ص:457.

(2)صحيح البخاري

(3) سورة الإسراء: ٧١

كتاب الكافي الشريف ج: ١ - ص: ٣٧١

(4) (وسائل الشيعه) ج279/3.

(5)نهج البلاغة.

(6)آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله درجاته.